بقلم جورج بشير

 بعض الذين زاروا جناح لبنان في <معرض ميلانو الدولي للغذاء> <Expo Milano> قالوا للوهلة الأولى: ليت لبنان لم يشارك في مثل هذا المنتدى الاقتصادي العالمي الذي زاره حتى نهاية شهر أيلول/ سبتمبر الفائت عشرون مليون زائر من جميع أنحاء العالم وخاصة من البلدان الأوروبية وإيطاليا بالتحديد، وقد ضمّ 140 جناحاً يمثلون 140 دولة، وقد امتلأت تلك الأجنحة بالمعروضات التي تعدّها وتنتجها وتصنّعها وتصدّرها الدول المشاركة وخاصة المواد الغذائية والمنتوجات الزراعية... وحجة هؤلاء كانت ان الجناح اللبناني متواضع جداً إذا ما قيس بأجنحة الدول الأخرى الضخمة التي تراوح ما أُنفق على كل منها ما بين خمسة ملايين الى ثلاثين مليون دولار أميركي، وكان كل جناح بمنزلة محطة لائقة بالبلد وبإنتاج شعبه وفاعلياته الاقتصادية والصناعية والزراعية والفنية، لا بل صورة لهذا البلد، فيما جناح لبنان خصّصت له الحكومة اللبنانية فقط ثلاثمئة وخمسين ألف ليرة لبنانية، وغابت عنه وعن معروضاته وحتى عن المشاركة فيه الصناعة اللبنانية والهيئات الاقتصادية، ما عدا ممثل عن مجموعة صناعة النبيذ اللبناني هو السيد ظافر الشاوي الذي تولى عرض كيفية زراعة العنب المخصّص لصناعة النبيذ والمناخ المؤاتي لها وتاريخ هذه الصناعة التي يتميّز بها لبنان، وكان العرض موفقاً شارك فيه معظم أولئك الذين يمثلون صناعة النبيذ في العالم المشاركين في المعرض، وخاصة الإيطاليين والفرنسيين منهم.

 الجميع كانوا يتمنّون لو أن معظم الصناعات اللبنانية شاركت في <معرض ميلانو للغذاء>، إذ لوحظ بأن صناعات الحلويات اللبنانية لم تكن مشاركة في المعروضات ما عدا المعروضات من البقلاوة اللبنانية التي أحبها الزوار.

وأما المأكولات الغذائية، فقد قدّمها المطبخ اللبناني عبر دوائر وزارتي الاقتصاد والسياحة، حيث تمكّنت وزارة الاقتصاد الوطني عبر حضورها الفاعل الذي تمثّل بالوزير آلان حكيم، والمدير العام السيدة عليا عبّاس التي نظمت ورشة اتصالات واسعة مع الفاعليات الاقتصادية والصناعية والزراعية والديبلوماسية اللبنانية والايطالية الى جانب الوزير آلان حكيم وفريقه وفريق الوزارة، فجاءت مشاركة لبنان وإن بإمكانات ضئيلة إذا ما قيست بالإمكانات الضخمة للدول المشاركة، فاعلة وجيدة. وكان لوزارة السياحة دور فاعل في هذه المشاركة.

ويمكن القول من خلال هذه المشاركة أن لبنان كان برغم مشاكله حاضراً في هذا المنتدى الاقتصادي الدولي في <ميلانو> حيث برهنت مؤسسة <ICE> (آيس) بقيادة السيدة ناتالي رحال والسيد شادي فياض عن كفاءة عالية في إظهار صورة لبنان وإبرازها وإن عبر إمكانات متواضعة حيث تميّز جناح لبنان بنكهة لبنانية - عربية ثقافية وفنية واقتصادية عالية برزت من خلال اللوحات الفنية التي قدمتها فرقة <كركلا> على مسرح المعرض الذي غصّ بالحضور من جميع أنحاء العالم أعجبوا باللوحات الفولكلورية اللبنانية، وفي اللوحات المماثلة التي قدّمها عازف البيانو المعروف <غي مانوكيان> و<التينور> إيليا فرنسيس، وتلك التي قدّمتها الفنانة المغنية منال ملاّط بصوتها العذب، والمغني المعروف جوزف عطية.

أين القنصلية؟

اللبنانيون في ايطاليا، خصوصاً  في ميلانو كانوا يتمنّون لو أن قنصلية لبنان العامة قامت بجهد لدعوتهم أو لإبلاغهم، حتى بالنشاط اللبناني على هامش المعرض العالمي إذ كان حضورهم ضرورياً، وذلك بدلاً من انصراف القنصل العام وليد حيدر الى التأكد في كل مناسبة من المكان المخصص لجلوسه على يمين الوزير آلان حكيم أم على يساره...

وزير الاقتصاد آلان حكيم الذي احتفى به الإيطاليون المسؤولون عن المعرض بشكل ظاهر، خصوصاً في احتفال رفع العلم اللبناني مع المدير العام للوزارة السيدة عليا عباس والوفد المرافق نقل الى الايطاليين تحية اللبنانيين وارتياحهم الى التعاون القائم بين البلدين في جميع المجالات.

أما مؤسسة <ICE> (آيس) والوفد الرسمي فقد أقاما مأدبة عشاء باسم الجناح اللبناني شارك فيه المسؤولون الايطاليون في مطعم <Fleur De Lys> المعروف حيث هنأ الحاضرون الوزير حكيم بعيد ميلاده وكانت الى جانبه السيدة عقيلته، وشرب الجميع نخب لبنان وإيطاليا. كما أقام القنصل اللبناني العام وليد حيدر في مقره حفل استقبال على شرف الوفد اللبناني والوزير حكيم.

هذا ولفتت اهتمام زوار الجناح اللبناني كلمات النشيد الوطني اللبناني التي جرى تزيين سقف الجناح بها مطرزة بحروف خط بالغ الروعة.

مرة جديدة يثبت لبنان أنه برغم مشاكله وأزماته يبقى حريصاً على الحضور في المنتديات العالمية من خلال إصراره على المشاركة بـ<معرض ميلانو الدولي للغذاء>.

وخلال الافتتاح الرسمي للمعرض الدولي للغذاء في ميلانو حلّقت أربع طائرات حربية ايطالية من روما في اتجاه ميلانو، ونفثت في أجواء المعرض الدخان الملون (الأخضر، الأحمر والأبيض) ألوان العلم الإيطالي وسط فرحة شعبية عارمة قادها رئيس وزراء ايطاليا <ماتيو رينتسي> الذي ترأس مهرجان الافتتاح ليقول مخاطباً شعبه وضيوف ايطاليا: <تأمين الغذاء الصحي للشعب حقّ لا يُعلى عليه>.