تفاصيل الخبر

عون ”يشجّع“ الحوار بين حزب الله و”القوات“ ورياشي يتولى التمهيد له بإبراز ”القواسم المشتركة“

05/01/2017
عون ”يشجّع“ الحوار بين حزب الله و”القوات“  ورياشي يتولى التمهيد له بإبراز ”القواسم المشتركة“

عون ”يشجّع“ الحوار بين حزب الله و”القوات“ ورياشي يتولى التمهيد له بإبراز ”القواسم المشتركة“

ابراهيم-السيدلم يكن اعلان رئيس المجلس السياسي في حزب الله السيد ابراهيم أمين السيد، وهو يغادر الصرح البطريركي في بكركي الأسبوع الماضي، عن ان الظروف في لبنان ستفرض نوعاً من التواصل مع <القوات اللبنانية> و<نحن منفتحون على هذا الموضوع>، مجرد جواب عن سؤال لأحد الصحافيين بعد لقاء مع البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، بقدر ما كان إشارة واضحة الى استعداد الحزب لفتح صفحة جديدة من العلاقات بين الأطراف اللبنانيين عموماً، والذين تتباين وجهات نظرهم مع قيادة المقاومة خصوصاً. وبقدر ما كان السيد ابراهيم أمين السيد صريحاً في رده، فإنه وبالقدر نفسه رسم <خارطة طريق> لمسار مثل هذا الحوار عندما قال رداً عن سؤال حول سعي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى هذا الحوار: <بيمون الرئيس عون عالكل>. ذلك انه لم يعد سراً ان الرئيس عون يعمل، ومنذ ما قبل انتخابه رئيساً للجمهورية، على توسيع إطار التشاور والتحاور بين القيادات اللبنانية، وهو رفع منسوب هذا السعي منذ أن حلّ في قصر بعبدا وأطلق مواقف مهمة حول أهمية التقارب بين اللبنانيين لتحقيق الاستقرار السياسي الذي هو صنو الاستقرار الأمني. وكان بديهي أن يتم هذا التقارب، وفق مفهوم رئيس الجمهورية، بين الأطراف المتباعدين ولاسيما بين حليفيه <القوات اللبنانية> الذي أرسى معهم <تفاهم معراب> من جهة، وحزب الله الذي وقع معه تفاهماً في العام 2006 من جهة ثانية.

عون يسعى.. والحزب يتجاوب

وتقول مصادر متابعة ان الرئيس عون يدرك أهمية حصول مثل هذا الحوار بين <القوات> والحزب في هذا الظرف بالذات ليس لأنه ينعكس ايجاباً على الوضع العام في البلاد، بل كذلك له تداعياته الايجابية على مسيرة الحكم في الآتي من الأيام، خصوصاً ان العماد عون ما كان ليصل الى قصر بعبدا بعد طول انتظار لولا ثبات حزب الله على موقفه الداعم له من جهة، وتأييد <القوات اللبنانية> له ومبايعته كلياً للرئاسة الأولى من جهة أخرى، ما دفع بالرئيس سعد الحريري وتيار <المستقبل> الى تأييده فتحقق له الفوز بالكرسي الرئاسي نتيجة تفاهم غير مباشر بين <القوات> و<المستقبل> من جهة، وحزب الله من جهة أخرى. من هنا بدا سعي الرئيس عون الى اطلاق حوار بين حزب الله و<القوات> من ضرورات الحركة السياسية التي يقودها كرئيس للجمهورية، لتوسيع مروحة التفاهم بين الأحزاب اللبنانية ما يوفر لعهده الاستقرار السياسي الذي ينشده، خصوصاً ان الحوار بين <الحزب> و<المستقبل> قائم برعاية الرئيس نبيه بري ومقر الرئاسة الثانية يشهد دورياً لقاءات أنتجت مناخاً ايجابياً في العلاقة بين الطرفين وعطّلت الكثير من <الألغام> التي تزرع من حين الى آخر على دروب التفاهم بين الأحزاب عموماً، وبين <التيار الأزرق> وحزب الله خصوصاً.

وأتى الموقف الذي أعلنه السيد ابراهيم أمين السيد من بكركي بالذات بعد زيارة للبطريرك الماروني، ليزيد من أهمية تذليل العقبات أمام هكذا حوار على رغم التباعد في المواقف السياسية بين الحزب و<القوات>، وهو تباعد يماثل ذلك القائم بين الحزب و<تيار المستقبل> والذي لم يمنع من استمرار جلسات الحوار في عين التينة دورياً وكلما دعت الحاجة، صحيح ان <القوات> لم تتواجه أمنياً مع حزب الله كما حصل بين الحزب و<المستقبل> في 7 أيار (مايو) 2008، لكن الصحيح أيضاً ان المواجهات الاعلامية والسياسية لا تقل شراسة وحدة عن المواجهة عبر الإعلام والتي تتكرر بشكل دائم. إلا ان المصادر المتابعة تدعو الى التوقف عند توقيت كلام السيد ابراهيم أمين السيد الذي أتى بعد أيام قليلة من آخر <مواجهة> بين <القوات> و<الحزب> على مضمون البيان الوزاري في الفقرة المتعلقة بـ<حق اللبنانيين> بمواجهة الاحتلال الاسرائيلي والتي أدت الى رفض وزراء <القوات> أن يكون ذلك الحق من دون اشراف الدولة أو بتوجيه منها ما جعل موقف الوزراء الثلاثة يختلف عن مواقف زملاء لهم نجحوا في عدم تعديل البيان الوزاري التي نالت الحكومة ثقة مجلس النواب على أساسه. ويدل توقيت كلام السيد ان قيادة المقاومة <تجاوزت> مواقف <القوات> من مضمون إحدى فقرات البيان الوزاري، وهي لا تمانع في الفصل بين هذه المواقف، وبين الرغبة في إقامة حوار تدرك انه لن يصل الى نتيجة حاسمة قريباً، لكنه يؤسس عملياً لمرحلة من الانفتاح الايجابي الاضافي بين الأحزاب المختلفة والذي يشكل قيمة مضافة لمسيرة العهد الرئاسي.

وتشير المعلومات المتوافرة لـ<الأفكار> ان الرئيس عون، الذي شجّع على إقامة مثل هذا الحوار الثنائي، شأنه في ذلك شأن تشجيع أي حوار آخر بين الأطراف اللبنانيين، تشاور في هذه المسألة مع وزير الإعلام ملحم رياشي الذي سوف يتولى ــ حسب ما تشير المعلومات ــ مهمة التمهيد لمثل هذا الحوار، وهو الذي نجح في وقت قياسي مع أمين سر <تكتل التغيير والاصلاح> النائب ابراهيم كنعان في تعطيل كل الألغام التي زرعت على الدرب بين الرابية ومعراب، وصولاً الى حد اعلان تفاهم أوصل العماد عون الى قصر بعبدا. وتضيف المعلومات ان الرئيس عون راغب فعلياً في الوصول الى حوار هادئ بين <القوات> و<الحزب> ليقينه بأن مثل هذا الحوار يرخي بظلال ايجابية على المشهد السياسي اللبناني، ويعطل المزيد من الأفخاخ التي يسعى البعض الى نصبها، وسواء وصل هذا الحوار الى نتائج عملية أم لم يصل، فإن مجرد اللقاء يعمم راحة ويعطي العهد دفعاً قوياً الى تعميم المصالحة الوطنية التي لا يزال زعيم تيار <المردة> النائب سليمان فرنجية <يلوم> سيد العهد على عدم القيام بسعي من أجل تحقيقها.

 

تقريب المسافات ليس مستحيلاً

ويعترف متابعون بأن الهوة بين معراب والضاحية الجنوبية ليست بسيطة، إلا ان تقريب المسافات ليس مستحيلاً في الوقت عينه، وان العمل سيكون جدياً في هذا الإطار على رغم ما حصل خلال مناقشة مضمون البيان الوزاري قبل اعداده وخلاله وبعده...

ويضيف هؤلاء ان <القوات> و<الحزب> يعيشان ضمن معسكرين سياسيين من الصعب أن يلتقيا بفعل التباين في الرؤية للبنان والدولة وقلة القواسم المشتركة بينهما، لا بل ندرتها. إلا ان ذلك لا يمنع في رأي هؤلاء المتابعين، من إحداث خرق ايجابي في العلاقة وبناء نوع من الانفتاح لطمأنة الشارعين المسيحي والشيعي بأن لا خوف بعد اليوم من حدوث خروقات، ولعل مشاركة وزراء من الحزب و<القوات> في حكومة واحدة خير دليل على ان الخلاف السياسي لا يفسد في الود قضية، لاسيما وان قيادة المقاومة خفضت منسوب المواقف السلبية من <القوات>، وكذلك فعلت معراب التي أطلقت أيضاً إشارات تركت أصداء ايجابية في حارة حريك أفضل بكثير من تلك التي سُجلت في شهر آذار (مارس) 2015 عندما اعتبرت النائب السيدة ستريدا جعجع ان حزب الله <شريك أساسي في التركيبة اللبنانية وبالتالي لا خيار لنا إلا أن نكون سوياً تحت كنف الدولة اللبنانية>. يومها، يضيف المطلعون لم يترك كلام السيدة جعجع أي صدى لدى قيادة الحزب، إلا انه وفي الآونة الأخيرة حصلت تبدلات في المواقف لاسيما بعد انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية، كان أبرزها ما ورد في كلمة الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله الذي أقرّ في إحدى خطبه بأن <القوات> مكون أساسي موجود على الساحة اللبنانية، ما استتبع رداً ايجابياً من نائب رئيس <القوات> النائب جورج عدوان لتكرّ بعده الردود الايجابية من مسؤولين قواتيين صبّت كلها في التوجه الايجابي المستجد الذي ينبغي التأسيس عليه بالمضي قدماً في الحوار المنشود الذي تدعمه بعبدا بقوة. من هنا، فإن ثمة من يؤكد من المطلعين ان الوزير رياشي سيقود مسيرة التقارب بين <القوات> وحزب الله محصناً بـ<تشجيع> من الرئيس عون الذي سيكون سعيداً برعاية مصالحة إضافية بين اللبنانيين مع ما يترك ذلك من نتائج ايجابية توضع في رصيد رئيس الجمهوريــــــــــــــــة الذي سوف يشهد تنامياً يوماً بعد يوم، لاسيما بعد تسليم الأطراف الأساسيين في البلاد، بأن موضوع سلاح حزب الله لم يعد فقط موضوعاً لبنانياً ــ لبنانياً، بل بات لهذا السلاح حضوراً يتجاوز الرغبات اللبنانية فقط في تحديد مستقبله ومصيره، منذ أن أصبح طرفاً اقليمياً وربما دوليـــــــــــــــــــــاً، لا بد أن يدخل في إطار المعالجة الشاملة للوضع في سوريا الذي يشهد تبدلات أساسية ستكون جاهزة خلال النصف الأول من السنة الجديدة..

وما يشجع على المضي في السعي من أجل الحوار بين <الحزب> و<القوات> هو ان الجميع قابل اليوم أن يتحاور مع الآخر انطلاقاً من قناعة راسخة بأن البلاد لا يمكن أن تمضي قدماً من دون الشراكة المسيحية ــ الاسلامية، إضافة الى ما يحقق مثل هذا الحوار من نتائج ايجابية على صعيد قانون جديد للانتخابات يحقق أوسع تمثيل شعبي ممكن في الندوة البرلمانية.