تفاصيل الخبر

عون يرى في ”حملات“ جنبلاط ونوابه ضده ”أوركسترا“ داخلية لإرضاء ”رعاة“ من الخارج!

27/02/2020
عون يرى في ”حملات“ جنبلاط ونوابه ضده ”أوركسترا“ داخلية لإرضاء ”رعاة“ من الخارج!

عون يرى في ”حملات“ جنبلاط ونوابه ضده ”أوركسترا“ داخلية لإرضاء ”رعاة“ من الخارج!

  

يضحك رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عندما ينقل إليه معاونوه أو أحد زواره، كلاماً لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب والوزير السابق وليد جنبلاط، يدعوه فيه الى التنحي، أو يطالبه بالاستقالة... ويضحك أكثر عندما يتبلغ من جهات مطلعة عن <اتصالات> تجري لتكوين جبهة سياسية تكون من أهدافها الدعوة الى استقالة الرئيس. إلا أن سيد بعبدا يقابل بجدية ما ينقل إليه عن أن ثمة اتصالات تجري مع عدد من السفراء العرب والأجانب المعتمدين في بيروت، تهدف الى <الوشاية> حيناً، والى <التحريض> أحياناً، والى تسريب معلومات خاطئة وأخرى مختلقة. وسبب أخذ هذه المعطيات بجدية، يعود الى ان الرئيس عون بات متيقناً ان ثمة من يسعى الى ازاحته من قصر بعبدا مع بداية السنة الرئاسية الرابعة في ظروف صعبة وخطيرة تمر بها البلاد اقتصادياً ومالياً واجتماعياً يعمل <الساعون> على استعمالها <جسر عبور> لتحقيق الهدف الآخر وهو <التخلص> من الرئيس عون الذي يقف حجر عثرة في طريق <طموحاتهم> من جهة، ومصالحهم من جهة ثانية.

وفي هذا الإطار يقول المطلعون على موقف بعبدا ان الرئيس عون يدرك انه كلما ذهب بعيداً في حملته ضد الفساد والمرتكبين ولاسيما أولئك <المحميين> من مراجع سياسية، كلما زادت الحملة ضده وتوسعت المطالبة باستقالته أو تنحيه، وكلما أحال ملفاً على النيابة العامة التمييزية أو الى أي سلطة قضائية أخرى، كلما تعالت الأصوات التي تنتقد عهده بشكل منتظم لاسيما من رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط ونواب الحزب و<اللقاء الديموقراطي> والمسؤولين الحزبيين، لاسيما وأن الأدلة على ذلك كثيرة مع وجود <أوركسترا> جاهزة دائماً للتهجم على الرئيس عون واستعمال وسائل التواصل الاجتماعي إما لتجهيل المصدر حيناً، أو لسرعة انتشارها أحياناً. لكن كل قواعد هذه <الأوركسترا>، يقول المطلعون على موقف بعبدا، باتت مكشوفة لكنها لن تؤثر على تصميم رئيس الجمهورية في كشف مكامن الفساد والهدر ومن يقف وراءها ومن يستفيد منها، وبالتالي فإن الملفات الـ18 التي أحالها رئيس الجمهورية على القضاء لن تقفل قبل البت بها ولو طاولت رؤوساً كبيرة كان من الصعب الوصول إليها في الأعوام الثلاثة الماضية لغياب <التجانس> بين الرئيس عون والرئيس سعد الحريري الذي كان يؤثر عدم فتح <أبواب مغلقة> ويتذرع تارة بالانتخابات النيابية قبل حصولها، وبالأوضاع الاقتصادية والمالية تارة أخرى، الأمر الذي كان يدفع رئيس الجمهورية الى طي الملف في انتظار الوقت المناسب.

 

ملف الفساد لن يقفل!

 

ويبدو ان هذا الوقت بات مناسباً، وفق المطلعين على موقف الرئيس عون والذي يتوقع أن تزداد الحملات ضده وتتنوع كلما طرح ملف فساد أو سرقة للمال العام وهو ما ينوي فعله لكشف المستور ووضع الجميع أمام مسؤولياتهم والكف عن تحميل العهد أوزار السنوات الماضية منذ أواخر التسعينات الى يومنا هذا. ويلاحظ المطلعون ان المواضيع التي <يُهاجم> الرئيس من خلالها لا دور له فيها ولا مسؤولية، فالفساد عشش في الادارات منذ الانتداب ولم تعمل العهود المتتالية الى وضع حد له، وهو سعى مع بداية عهده الى تطبيق اجراءات اصلاحية لكنها ظلت دون المطلوب لوقف تمدد هذه الآفة. أما الدين العام فقد ورثه رئيس الجمهورية من العهود السابقة ولم يكن له فيه أي دور، بل بالعكس سعى الى الحد من زيادته ونجح في ذلك لأن الزيادات التي طرأت منذ نهاية عهد الرئيس ميشال سليمان وحتى مرور ثلاث سنوات من عهد الرئيس عون، هي فوائد الدين العام التي تتزايد شهراً بعد شهر، إضافة الى مصاريف الكهرباء التي تزداد يومياً والتي <مُنع> فريق رئيس الجمهورية من تنفيذ الخطة التي وضعها الوزير جبران باسيل يوم كان وزيراً للطاقة والمياه في العام 2010، والتي يتكرر اليوم السيناريو نفسه لعدم اطلاقها على رغم موافقة مجلس الوزراء عليها. ومؤخراً أخذ على الرئيس عون بأنه لا يتصدى للأزمة الاقتصادية والمالية ويقف <متفرجاً> حيال تمددها. وهنا يقول المطلعون ان الرئيس عون استدرك منذ أشهر بعيدة التطورات المالية والاقتصادية الصعبة، ولفت في أكثر من مناسبة الى خطورة ما كان يجري. وخلال الصيف عمد الى تشكيل لجنة اقتصادية وضعت خطة عملية للتخفيف من حدة ما هو متوقع بعدما <فشل> في اقناع القيادات السياسية التي جمعها في قصر بعبدا وكان العنوان الاقتصادي هو الأساس، بالتعاون معه للوصول الى حلول عملية. إلا ان الورقة الاقتصادية التي أعدها فريق العمل الرئاسي لم تؤخذ بكاملها، بل أدخلت عليها تعديلات الى ان أقرت قبل استقالة حكومة الرئيس الحريري الثانية بأيام قليلة. من هنا لا يمكن إلقاء اللوم على الرئيس عون أو على عهده لجهة وصول لبنان الى أزمته المالية والاقتصادية الراهنة، واغفال ان سببها هو التراكمات التي حصلت في السنوات الثلاثين الماضية وسوء استخدام السلطة أقله لناحية المعالجة أو وضع خارطة طريق لذلك، لاسيما وان الحكومات والعهود المتعاقبة لم تعمل على تقديم الحلول الناجعة، بل كانت تؤجل <الانفجار> الى عهد آخر...

 

يتحرك للمعالجة من دون أضواء!

ويسجل المطلعون على موقف الرئيس عون بأن انفجار هذه الأزمة تم الآن وعلى النحو الذي وصل إليه، نتيجة الأحداث الاقليمية والخسائر التي مني بها الاقتصاد اللبناني نتيجة حروب الجوار والتي تركت تداعياتها الكبيرة وجعلت الأزمة تأخذ هذا البعد. ويتحمل مسؤولية ما جرى في الملف النقدي أكثر من جهة سياسية وحكومية ومصرفية التي جعلت الملف يتراكم في العهود السابقة حتى أصبح ايجاد حل سريع في الوقت الحاضر صعباً للغاية. ويذكر المطلعون بأن الاجتماعات التي عقدها بعيداً عن الأضواء، أكثر بكثير من تلك التي أضاء عليها، لعلمه بأن الملف المالي حساس ودقيق، وأي تسريبات الى الإعلام يمكن أن تُستغل بطريقة سلبية تزيد الأزمة تعقيداً وتمنع الوصول الى حلول عملية وفعالة. ويقول هؤلاء انه معروف عن الرئيس عون أنه لا يبوح بثلاثة أمور هي نقاط ضعفه ونقاط قوته وما ينوي فعله، وبالتالي لن يغير في أدائه لأن الحقائق لن تبقى مكتومة وبعيدة عن الإعلام شرط أن يتم ذلك في الوقت المناسب، وعندما يرى الرئيس عون فائدة في قولها أو الاعلان عنها. لذلك كان بادر للدعوة الى الاجتماعات الهادفة الى المعالجة وعقد لقاءات معلنة وغير معلنة لأن الموضوع المالي حساس وله مضاعفاته إذا تم تناوله بشكل خاطئ أو ملتبس سواء كان ذلك عن قصد أم لم يكن.

أما القول إن الرئيس عون خالف اتفاق الطائف ويريد العودة الى نظام رئاسي كما كان قبل الاتفاق ووثيقته، فيرى المطلعون على موقف رئيس الجمهورية ان مثل هذا الاتهام مردود من أساسه لأن السنوات الثلاث التي مرت على عهده الرئاسي لم يحصل فيها أي خرق لاتفاق الطائف، لكن الرئيس استعمل صلاحياته الدستورية على نحو كامل ولم يتهاون في تطبيق الدستور كلما دعت الحاجة، وبالتالي فإن ادعاء خرق الطائف هو ادعاء ساقط لأن الممارسة الرئاسية واضحة ولا مجال لأي التباس، إلا ان ذلك لم يمنع <المعارضون> من أن يبثوا سلسلة أخبار وانتقادات مقرونة مع حديث متزايد عن ضرورة استقالة الرئيس عون وهو أمر غير وارد في حسابات رئيس الجمهورية ولا مجرد التفكير فيه. وإذا كان جنبلاط ماضٍ جدياً في دعوته، فإن المطلعين على موقف رئيس الجمهورية يؤكدون بأن زعيم المختارة لن يجد أي صدى لدعوته، لا عند <القوات اللبنانية> ولا عند تيار <المستقبل> المنشغل هذه الأيام بإعادة ترتيب بيته الداخلي التي تعصف به أنواء كثيرة ألمح إليها الرئيس الحريري في كلمته في ذكرى استشهاد والده، من دون أن يتوسع، خصوصاً ان ثمة من كانوا <من أهل البيت> يقفون خلف الحملات التي صدعت في مكان ما <التيار الأزرق>، إضافة الى الاطلالة غير المتوقعة لشقيق الرئيس الحريري المهندس بهاء الحريري عاكساً بذلك العلاقة غير الجيدة مع أفراد العائلة، ولم يؤثر التصويب الحريري على <التيار الوطني الحر> وعلى رئيسه جبران باسيل في صرف النظر عن الأجواء المبلدة داخل تيار <المستقبل> الذي حيّد حزب الله في كلمته ــ على غير عادة في هكذا مناسبة ــ مع ادراكه بعلاقته المميزة مع الرئيس نبيه بري وحركة <أمل>.

أما <القوات اللبنانية> فعلى رغم انخراطها في العلن في معارضة <شرسة> (كما سماها الدكتور جعجع) للعهد، فإن ذلك لا يعني ان <القوات> سوف تقبل بأن تكون جزءاً من مشروع سياسي يهدف الى اسقاط رئيس الجمهورية قبل انتهاء ولايته. وكان واضحاً تصويب <الحكيم> على الحكومة مع <رشّة> انتقاد للعهد، ذلك ان جعجع يدرك ان مشروع اسقاط العهد ينطوي على أخطر مما هو ظاهر، لاسيما وان معركة بعض الساسة ليست مع شخص الرئيس عون فحسب، بقدر ما هي السعي الحثيث الى اسقاط <عقيدة> الرئيس القوي المنبثق من رحم شعبه المسيحي قبل أي اعتبار آخر!

تجدر الإشارة الى انه في الوقت الذي كان فيه عدد من السياسيين اللبنانيين <يتنافسون> في توجيه الانتقاد الى رئيس الجمهورية والمطالبة بتنحيته، كانت اسرائيل، على لسان أحد كبار مسؤوليها العسكريين الجنرال <أمير برعام> توجه انتقادات الى الرئيس عون وتقول إنه <ادعى> قبل أسبوعين أمام عدد من وسائل الإعلام الفرنسية ان حزب الله لا يتدخل في قرارات الحكومة اللبنانية الجديدة، وانه ــ أي الرئيس ــ يلتزم شخصياً بأن حزب الله سيحترم القرار 1701... ويضيف الجنرال الاسرائيلي ان ما قاله الرئيس عون لا يحدث على الأرض، وهاجمه بقوة مهدداً بقصف بيروت وقرى الجنوب...