تفاصيل الخبر

    عون يلتزم ”هدنة سياسية“من دون تنازل عن الثوابت سعياً وراء ”تفاهم داخلي“ يحمي لبنان من ”حروب الكبار“!

06/11/2015
      عون يلتزم ”هدنة سياسية“من دون تنازل عن الثوابت  سعياً وراء ”تفاهم داخلي“ يحمي لبنان من ”حروب الكبار“!

    عون يلتزم ”هدنة سياسية“من دون تنازل عن الثوابت سعياً وراء ”تفاهم داخلي“ يحمي لبنان من ”حروب الكبار“!

 

  بري-عون الذين راهنوا على ان مرحلة ما بعد 15 تشرين الأول (أكتوبر) بالنسبة الى تعاطي <التيار الوطني الحر> مع الحياة السياسية اللبنانية، ستكون أصعب مما كانت عليه قبل هذا التاريخ الذي شهد إحالة القائد السابق لفوج المغاوير العميد شامل روكز الى التقاعد، فوجئوا ــ ومعهم الأوساط السياسية اللبنانية ــ خلال الأسبوعين الماضيين بتراجع اللهجة التصعيدية التي اتسمت بها مواقف رئيس <التيار الوطني الحر> العماد ميشال عون الذي بدا أكثر ليونة لاسيما من خلال معاودة مشاركته في جلسات <هيئة الحوار الوطني> في مجلس النواب برعاية الرئيس نبيه بري، أو من خلال اظهاره <ايجابية> في مقاربة ملف <تشريع الضرورة> الذي يعني انعقاد مجلس النواب في جلسات تشريعية متتالية خلال الدورة العادية الثانية للمجلس النيابي التي تنتهي مع نهاية السنة الجارية أي يوم 31 كانون الأول (ديسمبر) المقبل. صحيح ان مسألة انعقاد مجلس النواب يحرص العماد عون على تنسيقها مع رئيس <القوات اللبنانية> الدكتور سمير جعجع شريكه في ورقة <اعلان النوايا>، لكن الصحيح أيضاً ان عودته الى حضور جلسات الحوار في ساحة النجمة كانت لافتة بعدما كان لوّح بامكانية مقاطعتها شخصياً لأنه حدد مواقفه من المواضيع المطروحة على طاولة الحوار وبات ينتظر مواقف الآخرين. كذلك لم تصدر عن <الجنرال> مواقف مناهضة لانعقاد مجلس الوزراء في جلسة يتيمة تخصص للبحث في ملف النفايات.. كل ذلك دفع الأوساط السياسية الى التساؤل عن <سر> هذا التبدل في موقف العماد عون الذي كان أعلن في آخر اطلالة تلفزيونية له عبر شاشة الـ<أو تي في> ان لا جلسات وزارية ولا مشاركة شخصية في الحوار، وحدد شروطاً للتجاوب مع الدعوات لجلسات تشريعية في مجلس النواب.

 

أسباب <الهدنة العونية>

   مصادر مطلعة على مواقف العماد عون، أكدت لـ<الأفكار> ان <الهدوء> الذي يخيم على مواقف <الجنرال> منذ أسبوعين لا يعني ان العماد عون تراجع عن المطالبة بـ<الشراكة الحقيقية> وبتعيين القيادات الأمنية، أو بقانون انتخابي عادل قوامه النسبية، أو بانتخابات رئاسية من الشعب... إلا انه يعتمد نهج التهدئة لأسباب عدة أبرزها الآتي:

   ــ أولاً: عدم رغبة العماد عون بإعطاء حجج اضافية لخصومه السياسيين بتحميله مسؤولية تعطيل <كل شيء> في مؤسسات الدولة في وقت كاد فيه الوضع الداخلي ان يقترب من حافة اندلاع مواجهة سنية ــ شيعية بعد المواقف المتبادلة مؤخراً لولا ان الرئيس بري استطاع إعادة الطرفين الى طاولة الحوار في عين التينة ولو من دون نتائج عملية. إلا ان ذلك لا يعني ان العماد عون بات واثقاً بأن المياه عادت الى مجاريها بين حليفه حزب الله و<التيار الأزرق>، ولأجل ذلك فهو خفف من لهجته التصعيدية وهو يراقب مسار الحوار الثنائي في انتظار ما يمكن أن ينتج عنه مستقبلاً.

   ــ ثانياً: يعتقد العماد عون انه استطاع من خلال مواقفه أن يقنع غالبية الأطراف الآخرين بقبول مبدأ النسبية في قانون الانتخابات العتيد، وهو يرغب في أن يتمدد <الاقناع> الى تيار <المستقبل> الذي لا يزال يفضل <قانون الستين> معدلاً، لذلك قرر مهادنة <التيار الأزرق> في محاولة للبحث وإياه في الصيغة النسبية ضمن <أجواء هادئة> لأن التشنج سيؤدي حتماً الى الاطاحة بكل محاولات العماد عون تعميم صيغة النسبية على سائر الأفرقاء، خصوصاً بعدما نال <الجنرال> دعم الكثيرين من الموجودين الى طاولة الحوار وعليه بالتالي أن <يقدّر> تجاوبهم معه ويحاول أن يسعى للحصول على المزيد من الدعم.

   ــ ثالثاً: في مفهوم العماد عون ــ وفق المصادر المطلعة على مواقفه ــ انه استطاع من خلال طاولة الحوار أيضاً الحصول على دعم فاعل لخيار <الرئيس القوي> الذي ورد في كثير من المواصفات التي حددها المشاركون في الحوار، وبالتالي فإن التجاوب مع هذه الصفة للرئيس العتيد يريد <الجنرال> ان يقابله بمزيد من الحوار والتشاور وتبادل الرأي في أجواء هادئة ليصل أيضاً الى اقناع المتحاورين بأهمية تطبيق قاعدة <الشعب مصدر السلطات> الواردة في اتفاق الطائف، وذلك بهدف إعادة تكوين السلطة سواء من خلال انتخابات نيابية تسبق الانتخابات الرئاسية، أو من خلال دور مباشر للشعب في انتخاب الرئيس العتيد ولو في مرحلة أولى بدلاً من المرحلتين.

قلق من <حروب الكبار>

  وتقول المصادر المطلعة ان التطورات الاقليمية والأمنية في الجوار اللبناني حتّمت توفير مناخات هادئة في الداخل اللبناني ريثما تتبلور صورة المواجهات العسكرية القائمة أو الحراك الديبلوماسي الذي بدأت طلائعه في فيينا لايجاد حل سياسي للأزمة السورية المستمرة. وبالتالي فإن الضبابية التي تتحكم بالمشهدين العسكري والتفاوضي في ظل <حروب الكبار> فرضت <هدنة> سياسية ــ أقله من طرف العماد عون ــ من دون أن يعني ذلك تراجعاً عن المطالب الأساسية والثوابت التي ينادي بها <الجنرال> الذي يأمل أن يستمر الجو الايجابي وينسحب على مواقف دول فاعلة في الملف اللبناني لتسهيل حصول الاستحقاق الرئاسي الذي يعتبر العماد عون نفسه الأكثر أهلية لملء هذا الشغور في قصر بعبدا.

   والسؤال البديهي الذي رددته الأوساط السياسية هو: الى متى يستمر <الجنرال> هادئاً؟

   مصادر الرابية أكدت لـ<الأفكار> ان العماد عون لم يسع يوماً الى افتعال المواجهات والصدامات السياسية، بل ان الفريق الآخر كان يستفزه ويسعى الى محاصرته، فيضطر هو الى الرد وغالباً ما كان رده قاسياً.. إلا ان عدم <قلبه الطاولة> كما كان أوحى في مواقفه، فيجب الاستفادة منه والرد عليه بإيجابية تصب في مصلحة انقاذ لبنان من الوضع الصعب الذي يجتازه حالياً. أما إذا استمرت المكابرة وعمليات التهميش فإن <الهدنة> يمكن أن تنتهي في أي لحظة وتتجدد <الصدامات> السياسية بأسلوب جديد لاسيما وان <الجنرال> يؤمن بأن في التجدد حياة وفي التكرار رتابة وموت!