تفاصيل الخبر

عون يعالج مطالب ”القوات“ بوزارات سيادية وأساسية والحريري ”يستوعب“ تضامن ”الثنائية الشيعية“ مع فرنجية!  

11/11/2016
عون يعالج مطالب ”القوات“ بوزارات سيادية وأساسية  والحريري ”يستوعب“ تضامن ”الثنائية الشيعية“ مع فرنجية!   

عون يعالج مطالب ”القوات“ بوزارات سيادية وأساسية والحريري ”يستوعب“ تضامن ”الثنائية الشيعية“ مع فرنجية!  

552

عندما همّ الرئيس سعد الحريري بمغادرة قصر بعبدا، بعدما اطلع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على نتائج استشاراته النيابية التي كان قد أنهاها ظهراً، بادره الرئيس عون متمنياً له التوفيق في إنجاز التشكيلة الوزارية قبل ذكرى الاستقلال يوم 22 تشرين الثاني/ نوفمبر، لتشارك الحكومة رئيساً وأعضاءً في الاحتفالات التي ستقام عند جادة الرئيس شفيق الوزان في بيروت قبالة القاعدة البحرية، فابتسم الرئيس الحريري وقال للرئيس عون: <إن شاء الله خير>.

كان الرئيس الحريري يدرك، وهو يجاوب الرئيس عون أن صدور مراسيم تشكيل الحكومة قبل عيد الاستقلال لن يكون سهلاً في ظل التجاذبات السياسية التي فرضت أن يكون لكل مكون سياسي حصته الوزارية و<نصيبه> من الحقائب السيادية والأساسية والثانوية، لاسيما وأن البلاد مقبلة على انتخابات نيابية يكثر فيها طلب الخدمات ليحشر فيها الناخبون المرشحين في <بيت اليك>. وتضاف الى هذا الواقع التفليدي رواسب المناخ الضاغط الذي ساد قبيل الانتخابات الرئاسية وبعدها، وكثرة المطالب وفتح <شهية المستوزرين>. وعلى رغم هذا الواقع ظل الرئيس الحريري متفائلاً بإمكانية أن تُبصر حكومته النور قبل العيد الوطني اللبناني على أساس أن الأيام التي تسبق حلول العيد كافية لإنهاء المشاورات والاتصالات وتأمين ولادة حكومة نال رئيسها 112 صوتاً في الاستشارات النيابية الملزمة، وهو رقم قياسي يُسجل للمرة الأولى في تاريخ رؤساء الحكومات!

حكومة ثلاثينية ووفاقية

وفيما بدا أن حل <طلاسم> الحكومة الجديدة سوف يأخذ وقتاً غير قليل، تحدثت مصادر الرئيسين عون والحريري عن تفاهم تم بينهما على شكل الحكومة من دون الدخول في الأسماء، ذلك أن ما هو ثابت حتى إعداد هذا التقرير، هو أن الحكومة سوف تكون ثلاثينية لإرضاء شهية المستوزرين، علماً أن الرئيس عون كان قد سعى لتكون من24 مرشحاً على غرار حكومة الرئيس تمام سلام ليس في الشكل فحسب، بل في المضمون المعدّل ايضاً. اما الأمر الثاني الثابت فهو الرغبة الرئاسية المشتركة بأن تكون حكومة وفاق وطني تتمثل فيها المكونات السياسية كلها ولا تستبعد إلا من أراد أن يستبعد نفسه، غير أن تحقيق هذا الإنجاز الحكومي دونه مخاطر عدة أبرزها كيفية التوفيق بين مطالب الكتل الرئيسية والمتوسطة التي ذهب أفرادها الى حد المطالبة بوزارات سيادية وأساسية وعادية، على غرار ما فعل رئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع عندما تحدث عن حاجة <القوات> الى حقائب سيادية وأخرى خدماتية وعادية. وتقول مصادر تواكب عملية التأليف ان الموقف <القواتي> فرض نفسه على مراحل تشكيل الحكومة وأتت زيارته لـ<بيت الوسط> عشية الجمعة الماضي، بالتزامن مع الموقف المعلن للرئيس نبيه بري في الحصول مع حلفائه على حصة وازنة (سيادية وغير سيادية) والذي تتوقع المصادر نفسها أن يزداد صلابة بعد <التفويض> المطلق الذي أعطاه له الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بان يتولى البحث مع الرئيس المكلف بالتركيبة الحكومية باسم حزب الله وحركة <أمل> معاً، موجهاً رسالة مباشرة الى حليف الحزب التيار الوطني الحر وحلفائه أنه في حال عدم <الوقوف على خاطر الرئيس بري>، فإن لا حكومة ستولد ولا من يحكمون!

 

مطالب <القوات> تناقض حجمها

جععجع-و-حريري 

وإذا كانت <القوات> تبرر مطلبها وتعتبره شرعياً، نظراً لدورها في تأمين وصول الرئيس عون الى قصر بعبدا من جهة، ولتمثيلها الشعبي من جهة أخرى، فإن الحجج التي أوردها الدكتور جعجع في معرض مطالبته بـ<تمثيل واسع للقوات>، قابلتها حجج أخرى من فريق الرئيس بري الذي يتولى <التفاوض> مع بعبدا و<بيت الوسط> خلاصتها أن حصة الرئيس بري ومن يمثل يُفترض أن تُشكل الثلث المعطل من جهة (11 صوتاً في حكومة ثلاثينية)، وأن تكون هذه الحصة <منوعة> ولا تقتصر على الوزراء المسلمين الشيعة، بل تتضمن وزراء مسيحيين وسنة إذا ما أراد الرئيس الحريري أن يكون تمثيله مطعماً هو الآخر بوزيرين: أحدهما شيعي والثاني من الأقليات. وبينما كان الرئيس بري <واضحاً> في شرح مطلبه وتبريره، كان الدكتور جعجع يتحدث عن أن لا تراجع عن مطلب <الحصة الوازنة> حتى يثبت أنه شريك العهد وأحد عرابيه، وذلك رداً على من تحدث عن <هزيمة> مُنيت بها <القوات> بمجيء العماد عون رئيساً للجمهورية، ويعتبر جعجع في هذا السياق، أن أي تمثيل <خجول> لـ<القوات> في الحكومة العتيدة سوف يحرجه ويحدث <اهتزازاً> في النظرية السياسية التي بنى عليها قراره بدعم ترشيح <الجنرال>.

غير أن ثمة من يرى، ووفقاً للمصادر نفسها، أن حجم الكتلة النيابية للقوات اللبنانية لا يسمح بإعطائها أكثر مما يتناسب مع هذا الحجم، سواء من حيث العدد أو  نوعية الحقائب، وهذا ما حاول الرئيس الحريري إبلاغه للدكتور جعجع عندما استقبله في <بيت الوسط> الأسبوع الماضي واستبقاه للعشاء في حضور <عراب> تفاهم <القوات - التيار> رئيس جهاز الإعلام والتواصل في <القوات> ملحم رياشي الذي كان قد التقى هو الآخر، بعيداً عن الإعلام، بـ<طباخي> الحكومة الوزير جبران باسيل (ممثلاً الرئيس عون) والمهندس نادر الحريري، وذلك بعدما اوكل إليهما الرئيس عون والرئيس الحريري مسؤولية <ترتيب> الحكومة بالشكل الذي يؤمن ولادتها طبيعياً قبل اللجوء الى العملية القيصرية... وفي هذا الإطار، ترى مصادر <بيت الوسط> أن مسؤولية معالجة مطالب الدكتور جعجع لا تقع على عاتق الرئيس الحريري وحده، بل يُفترض أن يتولاها حليف رئيس القوات اللبنانية الذي بات رئيساً للجمهورية. أما معالجة مطالب الرئيس بري ومن يمثل في ضوء التفويضات المعطاة له، فيفترض أن يتولاها الرئيس الحريري، وذلك بعدما عادت المياه الى مجاريها بين الرئيسين بري والحريري بعد تشنج فرضته تطورات ترشيح الحريري للعماد عون من دون التشاور مع رئيس مجلس النواب ورئيس حركة <أمل> في آن.

 

توزيع الحقائب لم يُحسم بعد

وإذا كانت عقدة حصص <المكونات> باتت في الطريق المتعرج، فإن العقدة الأصعب ستكون في توزيع الحقائب في ضوء مطالب أكثر من طرف بوزارات سيادية وأخرى أساسية وعادية. ويتبين من مسار الاتصالات لتشكيل الحكومة، أن الرئيس بري لا ينوي التخلي عن وزارة المال سواء عاد إليها الوزير علي حسن خليل أو خلفه فيها النائب ياسين جابر، وان تيار <المستقبل> لا يرغب في التخلي عن وزارة الداخلية التي تتقاطع المعلومات حول بقاء الوزير نهاد المشنوق فيها، وهو المقرب من الرئيس عون والرئيس الحريري على حد سواء، ولعل المديح الذي كاله لخطاب القسم الذي ألقاه الرئيس عون، خير دليل على قربه من الرجل الذي طالما اعتبر المشنوق من اكثر الوزراء حضوراً وجدية وقرباً من التيار الوطني الحر. وفي هذه الحالة تبقى الحقيبة السيادية الثالثة، أي وزارة الخارجية من حصة المسيحيين وكذلك الحال بالنسبة الى وزارة الدفاع. وفي هذا الإطار، تطرح <القوات> أن تتولى هي حقيبة الخارجية من خلال مرشحها غسان حاصباني الذي كان يفضل الحصول على وزارة المال، فيما تكون حصة الدفاع من نصيب الرئيس عون على أن يشغلها العميد المتقاعد شامل روكز إذا ما صرف الرئيس عون النظر عن توزير معاونه السياسي جبران باسيل، أما إذا عاد باسيل وزيراً للخارجية، وهذا غير مؤكد، فإن <التنازع> على حقيبة الدفاع سيكون محصوراً بـ<القوات> من خلال وزير غير ماروني قيل انه سيكون أرثوذكسياً أو كاثوليكياً حسب التوزيع النهائي.

في المقابل، سيؤدي تسليم <القوات> وزارة سيادية الى اعتراض مباشر وفوري من الرئيس بري وحزب الله على حد سواء نظراً للتوتر الدائم الذي يشكل سمة العلاقة بين <الثنائي الشيعي> ورئيس <القوات>. والأمر لا يختلف كثيراً بالنسبة الى الوزارات الاساسية الاخرى وابرزها الأشغال والاتصالات والصحة والطاقة والمياه والشؤون الاجتماعية والعدل إلخ... علماً أن المطالب كثيرة للحلول في هذه الوزارات غير أن احداها (وزارة الصحة) ستبقى معقودة اللواء للوزير الحالي وائل أبو فاعور. وقد فُهم من أجواء اللقاء بين الرئيس الحريري والدكتور جعجع أن أي <تنازل> يقدمه جعجع بالنسبة الى وزارة المال، أو أي وزارة سيادية أخرى، يجب أن يكون <ثمنه> وزارة خدمات أساسية قد تكون وزارة الأشغال التي يطالب بها الرئيس بري وهو أعدّ لها الوزير الذي سوف يشغلها وهو مهندس من البقاع!

نادر-حريري 

<حصة الرئيس> مضمونة أم لا؟!

أما العقدة الثالثة التي برزت مؤخراً، فتمثلت بما بات يُعرف بـ<حصة الرؤساء> التي ثمة من يرى أن لا مبرر لوجودها طالما أن الرئيس عون سوف يمثل من خلال التيار الوطني الحر الذي كان لأيام خلت زعيمه، في وقت يتمثل الرئيس بري بوزراء حركة <أمل>، والرئيس الحريري بوزراء تيار <المستقبل>. وإذا كان التقليد قضى في عهد الرئيس السابق ميشال سليمان أن يكون لرئيس الجمهورية حصته، فذلك لأن سليمان لم تكن لديه كتلة نيابية يرتكز عليها، ما جعل نيله حصة وزارية من باب التعويض عليه ليس أكثر. إلا أن هذا الموقف لا يلقى صدى إيجابياً لدى الرئيس عون الذي يرغب في أن تكون له حصة وزارية غير حصة التيار الوطني الحر، على ألا تقل عن ثلاثة وزراء من مختلف الطوائف للتدليل على أنه يمثل مكونات لبنانية غير مسيحية ايضاً. ولم يكن من السهل خلال المفاوضات تذليل هذه العقدة، فتقرر إرجاء بتها الى حين تُذلل العقد الأخرى لاسيما عقدة حصص الكتل النيابية الأخرى.

في غضون ذلك، يبدي الرئيس بري حرصاً كبيراً على تمثيل رئيس تيار <المردة> النائب سليمان فرنجية في الحكومة العتيدة، ويؤيده في ذلك حزب الله والرئيس الحريري على أن يكون ممثل فرنجية وزيراً مارونياً يأخذ من حصة الوزراء الموارنة الستة، علماً أن زعيم <المردة> يتمسك بإعادة الوزير روني عريجي الذي حقق نجاحاً في وزارة الثقافة ويحرص النائب فرنجية على الإشادة به دائماً ويجاريه في ذلك الرئيس بري خصوصاً.

وسط هذا المشهد الحكومي، ثمة من يرى أن ولادة الحكومة لن تكون قبل ذكرى الاستقلال، إلا إذا <تواضع> المطالبون بحصص كبيرة واكتفوا بما سيُعطى لهم، وإذا تمكن الرئيس عون من خلال الوزير باسيل، من إقناع المعترضين بالعودة الى صيغة حكومة الرئيس تمام سلام معدلة لاسيما بعد إسقاط حصة الرئيس السابق ميشال سليمان، على أن يزاد عليها 6 وزراء دولة يرضون بهم المعترضين ويحققون التوازن المنشود طائفياً وسياسياً، علماً أن الرئيس عون أبلغ الرئيس الحريري أنه يرغب في تكليف وزراء الدولة ملفات محددة للإسراع في إنجازها بينها ملف النازحين السوريين الأكثر إلحاحاً، وملف اللامركزية الإدارية وغيرها من الملفات الأخرى، كي لا ينشغل بها حملة الحقائب الوزارية وينصرفون الى الاهتمام بوزراتهم وبالملفات التقليدية الأخرى.

إلا  أن المسألة الأكثر تعقيداً تبقى في كيفية توفيق الرئيس عون في إرضاء حليفه المسيحي حزب القوات اللبنانية - وهذه مسألة غير سهلة - الذي لولا تبني ترشيحه للرئاسة لما توافر الدعم المسيحي شبه الكامل له في معركتـــــــــــــــــــــــــــــــــه الرئاسية، وحليفه الشيعي حزب الله الذي صمد معه طوال الأيام التي سبقت الانتخاب الرئاسي وأزال من طريقه عقبات كثيرة كان يمكن أن تؤدي - لو استمرت - الى بقائه خارج بعبدا!