تفاصيل الخبر

عون تمسّك بالعدل... فكان له ما أراد تحقيقاً للتوازن بين الأمن والمال والقضاء!

02/11/2018
عون تمسّك بالعدل... فكان له ما أراد  تحقيقاً للتوازن بين الأمن والمال والقضاء!

عون تمسّك بالعدل... فكان له ما أراد تحقيقاً للتوازن بين الأمن والمال والقضاء!

 

في مرتين متتاليتين وجه الرئيس فؤاد السنيورة في موقف غير مألوف من الرئيس السابق للحكومة المعروف بدقته في اختيار الكلمات والأوصاف، اتهامات الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بـ<خرق الدستور> و<ارتكابه مخالفات دستورية> وغيرها من التعابير المماثلة... وفي مرتين متتاليتين بدا فيها الرئيس السنيورة يصوّب على الرئيس عون مباشرة بخلفية مطالبة رئيس الجمهورية بأن تكون وزارة العدل من حصته في الحكومة العتيدة. هذه المواقف التي كانت تلي لقاءات لرؤساء الحكومات السابقين مع الرئيس المكلف سعد الحريري، طرحت علامات استفهام حول الغاية منها، توقيتاً ومضموناً، لاسيما وانها تزامنت مع مواقف أقل حدة أطلقها الرئيس تمام سلام، ورسائل غير مباشرة صدرت من الرئيس نجيب ميقاتي، خصوصاً انها وجهت الى رأس الدولة الوحيد الذي يقسم اليمين على الدستور، في حين لا يؤدي رئيس المجلس النيابي ورئيس الحكومة أي قسم لدى تسلمهما مسؤولياتهما بالانتخاب أو التعيين. والخطوة التالية لمثل هذه الاتهامات في الدول ذات الأنظمة الديموقراطية تكون بمحاكمة الرئيس الذي خرق الدستور... إذا صحت الاتهامات.

والملفت في حملة الرئيس السنيورة، ومواقف الرئيسين ميقاتي وسلام، انها لم تلق أي صدى لدى الأوساط السياسية ولا لدى الرئيس سعد الحريري الذي بدا رؤساء الحكومات الثلاثة وكأنهم <يدافعون> عن صلاحياته ويرفضون <الافتئات> عليها. وإذا كانت مواقف الرئيس السنيورة استدعت رداً من وزير العدل سليم جريصاتي تضمن عبارات غير مألوفة في طريقة التعاطي السياسي خصوصاً من الوزير جريصاتي نفسه، فإن السجال الذي نشأ بين الرجلين نقل <اتهامات> الرئيس السنيورة من مكان الى آخر وطرح سلسلة من التساؤلات عما إذا كان رئيس الجمهورية خرق فعلاً الدستور أو انه ارتكب مخالفات دستورية تستوجب محاكمته أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء وفقاً للدستور.

بعبدا: مزايدات السنيورة

مصادر قريبة من قصر بعبدا، اعتبرت ان حملة الرئيس السنيورة ضد رئيس الجمهورية تندرج في إطارين: الأول رغبة الرئيس السابق للحكومة بأن يعود الى الواجهة السياسية بعدما غيبته عنها الانتخابات النيابية التي لم يترشح فيها عن المقعد السني الثاني في دائرة صيدا لأن المقعد الأول <محفوظ> للنائب السيدة بهية الحريري، فأراد من خلال اطلاق هذه المواقف استعادة <حضور ما> في الحياة السياسية الداخلية بالتزامن مع الأزمة التي نشأت نتيجة تأخر تشكيل الحكومة وحصول مزايدات في هذا الإطار بين السياسيين والمستوزرين والباحثين عن دور. أما الإطار الثاني فيهدف ــ كما تقول المصادر نفسها ــ الى <احراج> الرئيس المكلف الذي لم تصدر عنه طوال الأزمة الحكومية أية مواقف ضد رئيس الجمهورية بل بالعكس كان يشدد على التعاون الذي يلقاه من سيد القصر لاسيما في تذليل العقبات وتقديم <التضحيات> لتأمين ولادة الحكومة. وبذلك يبقي الرئيس السنيورة نفسه في خانة <الصقور> داخل تيار <المستقبل> الذي لم يعد يمثله في الندوة البرلمانية ولا هو عضو في الكتلة المنبثقة عن الانتخابات النيابية. وفي رأي المصادر نفسها ان اتهامات الرئيس السنيورة ظلت في إطار سياسي ولم ترتق الى أي مستوى دستوري أو قانوني، الأمر الذي يفقدها أي صدقية أو يعطيها أي صفة للمتابعة لاسيما وان مواقف رئيس الجمهورية تبقى في إطار صلاحياته ودوره ومسؤولياته خصوصاً ان ما أخذه الرئيس السنيورة على الرئيس عون من مطالبة بحصة وزارية في الحكومة، سبق أن طالب به وحصل عليه رؤساء الجمهورية بعد الطائف الياس هراوي واميل لحود وميشال سليمان، وكان السنيورة رئيساً لحكومات في عهدي لحود وسليمان ولم يعتبر في حينه أنهما خرقا الدستور أو خالفا مواده.

لهذه الأسباب تمسك عون بالعدل

وعن الأسباب التي دفعت الرئيس عون الى التمسك بوزارة العدل تتحدث مصادر مطلعة ان رئيس الجمهورية هو الوحيد الذي أقسم اليمين على المحافظة على القوانين، وهذا الأمر لا يتحقق من خلال وزارة العدل التي تعنى بالشأن القضائي حيث يتقاضى الناس بحثاً عن تطبيق القانون، إضافة الى ان الرئيس عون أطلق مع بداية عهده مسيرة اصلاحية عمل خلالها على مكافحة الفساد فعيّن وزيراً من حصته لذلك، وتابع هو شخصياً مع أجهزة الرقابة الكثير من المخالفات والارتكابات والصفقات المشبوهة. ويرى الرئيس عون ان وزارة العدل أرادها تحت مظلته التي ترمز الى وحدة الدولة والوطن، وليس تحت رحمة أي جهة حزبية لها حساباتها ومصالحها التي قد تنعكس سلباً على ملفات حساسة تعنى بها هذه الوزارة خصوصاً بعدما تحققت فيها انجازات عدة منها التشكيلات القضائية الواسعة وتحريك المجلس العدلي وأنجزت محاكمات كانت معلقة، ووضعت الأمن في خدمة القضاء بعدما كان بعض القضاة في خدمة الأمن وأجهزته.

وفي المعادلات السياسية، تقول المصادر نفسها ان الدولة تقوم على مقومات ثلاثة: الأمن، المال، القضاء. وأتى التوزيع الحكومي ليعطي وزارة المال للطائفة الشيعية من خلال حركة <أمل>، وأعطى الأمن أي وزارة الداخلية الى الطائفة السنية ممثلة بتيار <المستقبل> وهو الأقوى في طائفته، فبديهي أن تكون وزارة العدل من حق الطائفة المارونية، وبدل أن تعطى لطرف حزبي تثار حول أدائه ملاحظات في المستقبل، احتفظ بها رئيس الجمهورية الذي يمثل جميع اللبنانيين، والوزير الذي عينه لهذه الوزارة يفترض أن يكون على مسافة واحدة من الجميع. لهذه الأسباب مجتمعة، تضيف المصادر، أصرّ الرئيس عون على أن يحتفظ بحقيبة العدل... وكان له ما أراد!