تفاصيل الخبر

عون رفض تجيير نواب "لبنان القوي" لأصواتهم له.... وأصرّ على تحديد موقفهم

28/10/2020
عون رفض تجيير نواب "لبنان القوي" لأصواتهم له.... وأصرّ على تحديد موقفهم

عون رفض تجيير نواب "لبنان القوي" لأصواتهم له.... وأصرّ على تحديد موقفهم

[caption id="attachment_82289" align="alignleft" width="375"] الرئيس ميشال عون يستقبل نواب "تكتل لبنان القوي"[/caption]

قبل ساعات من موعد الاستشارات النيابية الملزمة، سرت معلومات مفادها أن نواب "تكتل لبنان القوي" برئاسة النائب جبران باسيل، الذين قرروا عدم تسمية الرئيس سعد الحريري لتشكيل الحكومة، سيضعون اصواتهم  في تصرف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، اي بمعنى آخر سوف "يجيرون" هذه الاصوات للرئيس عون كي يستعملها حيث يريد لدى احتساب اصوات النواب في الاستشارات والتي ستحدد اسم الرئيس المكلف. وبالفعل خلال استقبال الرئيس عون لنواب التكتل قال النائب باسيل ان توجه النواب هو وضع اصواتهم بتصرف رئيس الجمهورية. الا ان الرئيس عون سارع الى رفض هذا الموقف داعياً النواب الى الاعلان صراحة عن اسم مرشحهم او تحديد موقفهم بالامتناع عن التسمية. وهكذا كان اذ اعلن باسيل بعد انتهاء اللقاء ان التكتل امتنع عن التسمية.

 هذه الوقائع اعادت الى الذاكرة ما كان حصل بين الرئيس الاسبق اميل لحود والرئيس الشهيد رفيق الحريري في اول حكومة في عهد لحود العام 1998 عندما وضع عدد من الكتل النيابية اصوات نوابهم بتصرف رئيس الجمهورية، قوقعت الازمة مع الرئيس الشهيد الذي رفض " تجيير" الاصوات للرئيس لحود واستمر الخلاف بين الرجلين الى ما بعد الانتخابات النيابية عامذاك والتي فاز بها الرئيس الشهيد مع اكثرية نيابية موصوفة اعادته الى السرايا بعد عامين من الغياب كان خلالهما الرئيس سليم الحص رئيساً للحكومة. ويقول متابعون بانه لولا رفض الرئيس عون قرار "تكتل لبنان القوي" لكانت تكررت القصة مرة ثانية لاسيما وان المعطيات الدستورية تتحدث عن عدم دستورية التفويض او "التجيير" وان الرئيس الشهيد كان محقاً في موقفه، ما انتج صيغة اكثر دستورية وهي "عدم التسمية". وفي هذا السياق يرى الخبراء في الدستور ان النائب حين يدلي بصوته عند رئيس الجمهورية، لا يؤدي عملاً تطوعياً او خيرياً بل يؤدي وظيفة دستورية منصوصاً عنها في الدستور، اي انه يمارس صلاحية. والدستور ناط بالنواب اختيار او تسمية مرشحهم لرئاسة الحكومة، وهذه المهمة ليست عادية بل دستورية، اي ان على كل نائب ان يمارس هذه الصلاحية صراحة، عبر الاعلان عن اسم ومرشح واضحين. وبالتالي لا يجوز ان يعطي النواب مواصفات عامة او محددة لرئيس الجمهورية، ليرى هو من سيسمي وفق هذه المواصفات وفي حال حصل هذا الامر، لا يكون النواب قد ادلوا بالاستشارة المطلوبة، اي انهم سموا مرشحاً غير واضح المعالم. وهذا الامر لا يجوز، لان الدستور لم يتحدث عن تفويض صلاحية.

 في الاساس، سبق للمجلس الدستوري ان اعطى رأياً واضحاً في هذا الشأن، حين اكد انه لا يجوز لمجلس النواب تفويض صلاحيته الاشتراعية للحكومة، لأن لا نص في الدستور يجيز تفويض الصلاحية، والا لانسحب الامر على معادلات وتسميات اخرى، كأن يفوض النواب مثلاً الى احد زملائهم ترشيح شخص ما لرئاسة الجمهورية، او ان يفوض رئيس مجلس النواب اختيار اسم عنه لتولي منصب ما في اللجان النيابية او غيرها. هذا الامر لا يجوز دستورياً كي لا يمتد الى حالات اخرى.

"ظاهرة" عدم التسمية

ويضيف القانونيون انه طالما لا وجود لنص دستوري يجيز التفويض فإن ذلك يعني ان لا تفويض وكل مخالفة لذلك تعتبر مخالفة للدستور الذي يفرض على كل نائب ان يسمي شخصاً محدداً سواء في استشارات تكليف رئيس الحكومة، او في استحقاقات دستورية اخرى. ولم يحصل في عهد الرئيس عون ان قبل بأي تجيير للاصوات التزاماً منه بنص الدستور. وخلال الاستشارات لتكليف الرئيس حسان دياب سعى احد النواب الى تجيير صوته لرئيس الجمهورية لكنه رفض لتستقر ظاهرة عدم التسمية مجدداً وفي ذلك حق دستوري – كما يقول القانونيون – يمارسه النائب، اذ له الحق في الامتناع عن تسمية احد. وهذا المبدأ متعارف عليه في النظم الانتخابية عبر ما يعرف بالورقة البيضاء، انه حق ديمقراطي. ودستورياً، يجوز للنائب عدم الزامه باختيار مرشح ما، وابلغ مثال على ذلك، ما جرى في نيسان (ابريل) 2014، في احدى جلسات انتخاب رئيس للجمهورية، حين طرح رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع نفسه مرشحاً للرئاسة، فكانت منافسته الوحيدة الورقة البيضاء التي اعتمدت يومها من غالبية النواب، فكانت النتيجة : وجود 52 ورقة تصويت بيضاء، و48 صوتاً لجعجع، وهذا ما يفسره الدستور في عدم التسمية وفي التفويض.

في اي حال، "ظاهرة" عدم التسمية في الاستشارات النيابية مماثلة لمبدأ الامتناع عن التصويت في جلسات مجلس النواب لان القانون الذي اعطى النائب حق التصويت سلباً او ايجاباً، اعطاه ايضاً حق الامتناع في خطوة ديمقراطية لا يمكن تجاهلها. هنا لا بدع دستورية كما يحصل من حين الى آخر في لبنان خصوصاً ان الدستور الذي انبثق من اتفاق الطائف بحاجة الى شروحات وتفسيرات سوف تقود حتماً الى تعديلات يتجنب الكثير من النواب الخوض فيها راهناً... فالى متى يستمر "الغموض الدستوري" غير البناء في الحياة السياسية اللبنانية؟.