تفاصيل الخبر

عون وتظاهرة الشارع!

14/08/2015
عون وتظاهرة الشارع!

عون وتظاهرة الشارع!

بقلم ئيس التحرير 

michel-aounشخصية العماد ميشال عون رئيس التيار الوطني الحر تستحق الدراسة. ولا يكون التعامل معها بالهجاء، ولا كذلك بالمديح، لأن في الهجاء أحياناً بعض الظلم والتجني، ولأن في المديح بعض التزلف والمحاباة. فالعماد ميشال عون ابن الثمانين عاماً وبضعة شهور ينطلق في مؤتمراته الصحفية وخطبه من موقع المظلوم، متسائلاً: كيف يحق للطائفة الشيعية أن تختار رئيس المجلس النيابي وهو الرئيس نبيه بري، وكيف يحق للطائفة السنية أن تختار الرئيس سعد الحريري زعيماً، ولا يحق للطائفة المسيحية التي يمثل سوادها في البرلمان، ويفرد جناحيه في المناطق ذات الأكثرية المسيحية مثل المتن وكسروان وجبيل، أن تختاره لرئاسة الجمهورية؟

    في هذا الكلام بعض المنطق، ولكن رئيس مجلس النواب نبيه بري، واجتماع الأربعاء خير دليل، يريد أن يكسب كل الطوائف، ولا يوقف انتشاره عند الطائفة الشيعية. وقربه من نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري قطب الطائفة الأرثوذكسية، ومن نائب رئيس مجلس النواب السابق ايلي الفرزلي القطب الآخر في الجمهور الارثوذكسي، خير دليل على أنه لا يبحر بمجذاف الطائفة الشيعية وحده.

    والرئيس سعد الحريري، زعيم المسلمين السنة، مثلما كان والده، يفرد جناحيه على أوساط مسيحية، مثلما يفرد جناحيه على المسلمين السنة. فنائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري جزء من مشاوراته، وممثله لدى البطريرك الراعي والاكليركية المارونية هو الدكتور داوود الصايغ، وجسره الى السلطات الفرنسية هو المحامي باسيل يارد، وركيزته لدى المسيحيين الأرثوذكس هو رئيس اللجنة الصحية البرلمانية الدكتور عاطف مجدلاني ابن العائلة الارثوذكسية البيروتية الواسعة الانتشار.

   بالمقابل ليس في عقد التيار الوطني الحر من المسلمين سوى نائب بلاد جبيل عباس هاشم. وجاء على العماد عون حين من الدهر ارتكز فيه على السيدة ريا الداعوق لتكون الناطقة باسمه في أوساط بيروت الاسلامية، وكان الاختيار مقبولاً، إلا ان ريا الداعوق غابت عن المشهد العوني، دون الافصاح عن الأسباب.

   وليس عند المسلمين في بيروت ولبنان ضغينة ضد العماد عون. فها هو نائب بيروت الدكتور عمار حوري يقول في هذا العدد ان المطلوب ليس كسر شوكة العماد عون، بل الالتقاء معه في حوار وطني، ولأنه كان قائداً للجيش، زمان الثمانينات، فهو الوالد الروحي لعسكر لبنان، ولم يكن مقبولاً منه ــ والكلام للنائب حوري ــ أن يهدد قائد الجيش العماد جان قهوجي بسبابته ويقول له محذراً: <إياك أن تنزل الجيش في وجه تظاهرتنا>.

    والكل الآن ينتظر نزول التظاهرة العونية الى الشارع احتجاجاً على قرار وزير الدفاع سمير مقبل بالتمديد للعماد قهوجي، ورئيس الأركان وليد سلمان، وأمين عام مجلس الدفاع اللواء محمد خير. والتظاهر حق كفله الدستور إذا التزم بضوابط القانون وحيثيات الدستور.

   ولي أنا شخصياً حكاية مع العماد عون، قبل أن أزوره في باريس، يوم كان منفياً فيها. فقد اشتريت دارتي التي أسكنها في عمارة عفيش عند شارع إميل اده، ولما أردت أن أسجلها في السجل العقاري، اعتذر أمين السجل العقاري يومئذ موريس عازوري والد الإعلامية نعمت عازوري عن التسجيل لأن العماد عون يومئذ، أي عام 1987، كان رئيساً للحكومة، وأصدر قراراً بمنع بيع المسيحي عقاراً لمسلم، ويمنع المسلم من بيع عقار لمسيحي، مخافة أن يؤدي ذلك الى التقسيم، والتدبير بحد ذاته لا يستحق إلا التقدير.

   واستدعى الأمر أن أطلب لقاء رئيس الوزراء العماد عون في قصر بعبدا، وأعرض عليه امتناع أمين السجل العقاري عن تسجيل شقتي في بناية عفيش لأنني مسلم وهو مسيحي. وحين رأيته متمسكاً بهذا المبدأ شرحت له بأن السيد جورج عفيش الذي اشتريت منه الشقة باقٍ في العمارة ويقيم في شقة ثانية، وهنا قال العماد عون:

   ــ هذا أمر مختلف ولكن دعني أدقق في الموضوع.

   وتوصلت الى تسجيل الشقة، دون أن يهاجر السيد جورج عفيش.

   وهنا أقول للعماد عون: إربح المسلمين كما ربحت المسيحيين، وبذلك تكون لك راية الزعامة ودخول قصر بعبدا!