تفاصيل الخبر

عـــــــون وبــــــــــري والـحـريــــــــري يـخـتـــــــــارون الـمـجـابـهـــــة مــع اسـرائـيــــل والــتـهـدئـــــة فــي لـبـــــنـان!

08/02/2018
عـــــــون وبــــــــــري والـحـريــــــــري يـخـتـــــــــارون  الـمـجـابـهـــــة مــع اسـرائـيــــل والــتـهـدئـــــة فــي لـبـــــنـان!

عـــــــون وبــــــــــري والـحـريــــــــري يـخـتـــــــــارون الـمـجـابـهـــــة مــع اسـرائـيــــل والــتـهـدئـــــة فــي لـبـــــنـان!

بقلم وليد عوض

جبران-باسيل-ابيدجان

الشبح هذه المرة موجود هناك في الجنوب. فقد أحدث تصريح وزير الخارجية الإسرائيلي <أفيغدور ليبرمان> عن أن <البلوك9> الخاص بالتنقيب عن الغاز في المياه الاقليمية اللبنانية يعود لإسرائيل، نقزة في نفوس اللبنانيين. وهذا التصريح علامة من علامات التحضير لعملية غزو اسرائيلي للبنان، وسط الحديث عن أسلحة ايرانية تسلمها حزب الله في كفاحه المسلح. وهكذا انطبقت على لبنان مقولة <ربّ ضارّة نافعة>، لأنها كانت من الدوافع لرسالة الرئيس ميشال عون الى الرئيس نبيه بري مع اعتذار ورسالة للشعب اللبناني عن مشاهد الحرائق في الشارع التي جاءت مع تصريح مسموم لوزير الخارجية جبران باسيل بعبارة <بلطجي>.

وفي حركة <أمل> فريق أصر على طلب الاعتذار على لسان الوزير باسيل، وقال: كأننا مع المثل القائل: <ليتك لم تزن ولم تتصدق>.

والسؤال هنا: ما الذي جعل جبران باسيل يقدم في ذلك الاحتفال على النطق بكلمة <بلطجي>، يصف فيها الرئيس بري؟ لقد كان الرجل واثقاً من عدم وجود تلفزيون، أو وكالة إعلام جاهزة للتحرك، واعتبر أن الكلمة قيلت في مجتمع مغلق، وجلسة شبه عائلية، ولم يفطن الى أن أجهزة التليفون الحديث مزودة كلها بعدسة تصوير صوتاً وصورة!

وجبران باسيل يدرك مدى الحساسية القائمة بين فرقاء عائلة السلطة في لبنان، وما كان عليه أن يذهب الى هذا المنقلب ويعرّض الشارع اللبناني للالتهاب والتجهم. لقد خطر في باله أن بعض الكلمات قد تفيد كأسلحة في المعركة لصالح والد زوجته السيدة شنتال، أي بنت رئيس الجمهورية، فإذا به يحصد عاصفة  ما كان أغناه عنها. وتداركها بعد حدوثها أصعب من عدم الانجرار إليها، أي انها أضرت بسمعة رئيس الجمهورية بدلاً من أن تخدمه، وكان التصريح الاعتذار من قصر بعبدا ماء لإطفاء النار، وإن شاء الله يكون الإطفاء قد أخذ مجراه وعادت الأمور الى طبيعتها.

لقد طالب النائب أنور الخليل باستقالة الوزير جبران باسيل، ولم يكتفِ بقبول الاعتذار، على أساس أن الرئيس نبيه بري قامة وطنية وصرح اقليمي، جاء من حضن الإمام موسى الصدر الذي لا يعرف مكانه إلا الله.

ونبيه بري هو مؤسس حركة <أمل> (أفواج المقاومة اللبنانية) ونائب حدودي من تبنين، جعل ولاءه لكل لبنان دون تفريق بين منطقة وأخرى، منذ أن كان مكتبه في منطقة بربور وسط بيروت، وعدم تمسكه بالجغرافيا جعله يخوض الانتخابات النيابية من دائرة شمالي صيدا. وعدم إيمانه بالجغرافيا السياسية للحياة الحزبية جعله يتنازل عن المقعد الوزاري لحركة <أمل> في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي ويهديه الى فيصل كرامي ابن الزعيم الراحل عمر كرامي دون أن يصدر صوت معارض أو شاجب في جمهور حركة <أمل>.

وقد جعل الرئيس نبيه بري من جلسته في عين التينة مع النواب كل أربعاء حالة نيابية أخرى لالتقاط النقاط ووضعها فوق الحروف، ويقوم النائبان علي بزي وأيوب حميد في أعقاب الجلسة بشرح الملابسات، وتفسير ما غاب عن البال.

قد لا يكون نبيه بري السياسي المثالي في لبنان، ولكنه يبقى الحارس للوحدة الوطنية، ومرجع التسويات عندما تكون هناك حاجة الى ذلك، ومعه دائماً <دولاب النجاة>!

كلمات... الحص!

وكلمة <بلطجي> التي تفوّه بها الوزير جبران لم تمر على وسائل الإعلام زمن السبعينات، عندما كان رئيس البلاد العماد فؤاد شهاب، وكان هناك ضابط من الجيش يجتمع برجالات الصحافة في مديرية الأمن العام، ليحدد لهم خطوط الحرية التي يتمتعون بها، وأنا شخصياً جلست أمام ذلك الضابط، ولم أكتم في نفسي نزعتي الى الحرية دون أن أستخدم عبارة مؤذية أو لفظة خارج الأدب!

 فالحــــوار حــق حضـــاري تؤيـــده كــل كتب الديــــن، لأنـــــه الطريـــــق الى الحقيقـــة، ويبقـــى في كل الأحــــوال حقاً مشروعاً للسائل والمحــــروم. وكان على  جبران باسيل الذي يــدري تماماً بهذه الفوارق والملابسات أن يتجنب الخوض بها، خصوصاً عندما يتعلــــق الأمـــر بأهــــل بيت الحاكــــم، وما اعتمــــد تلك الكلمــــة في الأمسيــــة المغلقـــــة إلا تأثراً بأحد رجال الأعمال من عائلة طرابلسية، ولم يختر تلك الكلمة بصورة اعتباطية!

وهنا ترتسم الحدود بين الحاكم والمواطن، فلا يتطاول الأول على الثاني ، ولا يخرج عن الأدب الذي يصل بين الناس. ويتعين على جبران باسيل أن يتحمل مسؤوليــــة كلامــــه كوزيـــر في حكومة جاءت لتجمع بين قلوب الناس، لا لتبث التفرقة بينهم.

وقد مر زمن على رجال السياسة كانوا فيها متخاصمين مرة ومتصالحين مرة أخرى، مثل الرئيس الراحل رشيد كرامي والزعيم كمال جنبلاط، وكان حديث رشيد كرامي في منصة مجلس النواب زمان السبعينات مثار إعجاب من زعيم المختارة، لأنه يتحدث عن كل اللبنانيين ولم يفرّق بين سني ودرزي وبين مواطن وآخر..

وكذلك اشتهر الرئيس سليم الحص بالعبارة المهذبة ولم يمارس التجريح بحق أي مسؤول، ولم يدخل في مشادة مع أحد. وكان سليم الحص ولا يزال يعتقد <أن هناك كلمة تعمّر وكلمة تدمر>، وقد اختار الكلمة التي تعمّر ولا تفسد وداً بين الناس.. كذلك اشتهر الرئيس الياس سركيس بالعبارة المفعمة بالتهذيب، فلم يتطاول على مسؤول ولم يفتح ناره على حاكم.

ولا يعني ذلك أن الرئيس سليم الحص لا يقوى على الكلمة الجريئة، بل كان يكتمها طمعاً بالسلام بين البشر، وقد اختار منزلاً في وسط بيروت، دون هرج ولا مرج، ليبقى بعيداً عن المهاترات. وقد اشتهر بقوله: <المسؤول يبقى كبيراً حتى يطلب شيئاً لنفسه> وقوله أيضاً <الموقف أقوى من سلاح المدفع>.

والمسؤول الذي يزل لسانه، وتخشن عبارته يسمى بصاحب اللسان السليط. وفي هذا الباب كان العتب على جبران باسيل.

والسؤال الآن: الى أين تذهب بنا سفينة السلطة>؟.

استحقاقات بالجملة تنتظرنا في شباط/ فبراير المقبل، وعندكم في رأس ذلك كله مؤتمر <سيدر> أو مؤتمر لبنان في باريس برئاسة الرئيس الفرنسي <ايمانويل ماكرون> الذي يتعهد الآن ملف لبنان بمثل ما تعهده الرئيس الفرنسي الأسبق <جاك شيراك> مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

الرؤساء-الثلاثة 

باريس في الانتظار!

وأول ما يتوخاه هذا المؤتمر أن يأتي اللبنانيون الى باريس صفاً واحداً، وخارج الزوبعة التي أثارها وزير الخارجية جبران باسيل، ودور وزير الخارجية في هذا المؤتمر هو المعوّل عليه الى جانب رئيس الوزراء، وستقاس كلماته بالسنتيمتر، ولن يتورط لبنان معه في أي منزلق.

والموضوع الرئيسي الذي سيشغل مؤتمر <سيدر> أو مؤتمر لبنان في باريس، سيكون موضوع النازحين السوريين الذين يزيد عددهم عن المليون ونصف المليون نازح. وفي تقارير السلطات الأمنية أن بين النازحين من يتعاطى النزوح كتجارة، فهو يعود الى سوريا، ليقضي فيها أياماً ثم يأتي الى لبنان في وقت توزيع المساعدات الدولية ليأخذ حصته منها، ويكون بذلك قد تعاطى النزوح كتجارة، وكأن النزوح نزهة وليس قدراً صعباً من حيث المأكل والمشرب والمنام. وقد جاء إسقاط طائرة <سوخوي> الروسية في أجواء سوريا مبرراً لوقف عودة النازحين ولمحة من ملامح الحرب بين موسكو وواشنطن.

وسيتوقف نجاح مؤتمر باريس على مدى المساعدات المالية والمعيشية التي يقرها للنازحين، وإذا انتهى المؤتمر بدون حل مشكلة النازحين فسينطبق عليه المثل القائل <كأننا يا بدر لا رحنا ولا جينا>. والبدر هنا هو الرئيس <ماكرون> صاحب فكرة المؤتمر وصديق لبنان.

ونعود الى موضوع تهديد المسؤولين الاسرائيليين بالحرب على لبنان لأنهم يبدون مخاوفهم من تنامي النفوذ الايراني في المنطقة. وهذه المشكلة بحثها رئيس وزراء اسرائيل <بنيامين نتنياهو> في موسكو نهاية الشهر الماضي مع الرئيس الروسي <فلاديمير بوتين> الذي طلب من ايران الكف عن مد حزب الله بالسلاح حتى لا يكون ذلك ذريعة لأي تفكير في هجوم اسرائيلي على جنوب لبنان.

هـــذا الهجــــوم الاسرائيلي وارد في كل لحظة، وحزب الله مستنفر مع الجيش اللبناني للقيام بالمواجهة، وتحاول دول الاتحاد الاوروبي منع حصول هذا العدوان لأنه لن يضر بلبنان فحسب، بل يضر بالمصالح الأوروبية، وحركة هيئة الأمم.

هذا في موضوع التهديد الخارجي، أما في الداخل فيطلب أساتذة المدارس ضبط تعويضات المعلمين في صندوق الضمان. وكلما سعت الدولة الى اختصار المشاكل الداخلية كلما توحدت المواجهة ضد اسرائيل.

ومع أجواء التهدئة ينصرف قادة الأحزاب الى الاستعداد للانتخابات، وتثبيت كل نائب لموقعه في صناديق الاقتراع،  بدءاً من لائحة الدائرة الثانية في بيروت تحت اختيار الرئيس سعد الحريري ومشاركة الرئيس تمام سلام، والرسو على الأسماء المرشحة لدخول اللائحة.