تفاصيل الخبر

عون لن "يبصم" على التشكيلات القضائية والأخذ بملاحظات الوزيرة يسهل إقرارها!

16/04/2020
عون لن "يبصم" على التشكيلات القضائية  والأخذ بملاحظات الوزيرة يسهل إقرارها!

عون لن "يبصم" على التشكيلات القضائية والأخذ بملاحظات الوزيرة يسهل إقرارها!

        

[caption id="attachment_77069" align="alignleft" width="463"] الرئيس ميشال عون لن يبصم على مرسوم التشكيلات.[/caption]

 لا تزال الأوساط السياسية والقضائية تنتظر مصير التشكيلات والمناقلات القضائية التي أعدها مجلس القضاء الأعلى ورفعها الى وزيرة العدل ماري كلود نجم التي أبدت ملاحظات خطية عليها وأعادتها الى مجلس القضاء الذي أصرّ عليها وأعادها كما كانت من دون أي تعديل الى الوزيرة التي تدرس الخطوة التالية في ضوء إصرار مجلس القضاء وعدم الأخذ بالملاحظات التي أوردتها. وهكذا توقفت التشكيلات والمناقلات القضائية مع الخوف بأن يؤسس ذلك لمواجهة بين وزيرة العدل ومجلس القضاء الأعلى إذا ما استمر كل فريق عند رأيه.

وتقول مصادر متابعة لهذا الملف الحساس إن التباعد الذي حصل بين الوزيرة ومجلس القضاء لم يكن فقط بسبب إعادتها للتشكيلات بل أيضاً لما ذكرته الوزيرة في إطلالة تلفزيونية عن "الخضوع للضغوط السياسية والابتعاد عن مبدأ الحيادية ومبدأ استقلالية القضاء"، وكانت الوزيرة تتوجه بهذا الكلام الى مجلس القضاء الأعلى، الذي لم ينتظر طويلاً ليرد على الوزيرة في بيان غير مسبوق عبر فيه عن "خيبته مما ذهبت إليه الوزيرة"، لافتاً الى أن المجلس "إنكب على إعداد مشروع التشكيلات القضائية منذ ما يزيد عن ثلاثة أشهر بكل التزام وجدية في دراسة ملف كل قاض وإجراء مقابلات مع عدد منهم عند الضرورة بعيداً عن أي تدخلات". ودعا المجلس وزيرة العدل الى إعطاء مشروع التشكيلات مساره القانوني الواجب التطبيق من خلال توقيعه وإحالته على المراجع المختصة مرفقاً بأسبابه الموجبة وبالملاحظات وبالرد عليها. ولم يفت مجلس القضاء تسجيل "العتب" على قول الوزيرة نجم في تلك الاطلالة التلفزيونية إن تعيين رئيس وأعضاء مجلس القضاء الأعلى من قبل السلطة السياسية وعلى قاعدة المحاصصة يكفي للدلالة على خضوع المجلس للتدخلات السياسية، فاعتبر المجلس هذا الكلام "مستغرباً" لجهة أن تصبح آلية تعيين أعضاء المجلس المنصوص عليها في القوانين النافذة المرعية، "مأخذاً على مجلس القضاء الأعلى بقصد اتهامه جزافاً بالتبعية للسلطة".

هل تتجمد التشكيلات؟

[caption id="attachment_77070" align="alignleft" width="211"] وزيرة العدل ماري كلود نجم تتمسك بملاحظاتها وتطلب التصحيح. [/caption]

 بعد هذا الجدال المعلن أي مسار سيكون للتشكيلات القضائية؟

 تبدي مراجع متابعة لهذا الملف خشية من أن تتجمد التشكيلات والمناقلات القضائية ولا تصدر ما يشكل "صدمة" قوية لمجلس القضاء الأعلى الذي أشهر عدم تراجعه عن التشكيلات ما يعني أنه لم يترك "للصلح مطرحاً" وباتت المواجهة بينه وبين الوزيرة قاب قوسين أو أدنى، خصوصاً أن مصادر وزيرة العدل تتحدث عن أن الوزيرة لم تخرق القانون ولم تصادر التشكيلات القضائية انما تقوم بدورها الذي يجيزه القانون والذي يعطي الوزير "الحق بأن يدرس التشكيلات ويبدي ملاحظاته عليها ويطلب تصحيحها"، وهذا ما فعلته الوزيرة نجم من دون زيادة أو نقصان لأنها تعتبر نفسها وزيرة ذات صلاحيات وليست "ساعي بريد". إلا أن المجلس من خلال رفضه الأخذ بملاحظات الوزيرة انما يريد أن يكرس استقلاليته لاسيما وأنه طبق أعلى المعايير الموضوعية بعد دراسة ملف كل قاض لجهة الكفاءة والنزاهة والانتاجية ومدى تحرره من الضغوط الخارجية.

 وفيما توقعت المراجع نفسها أن ينتهي الأمر بتوقيع الوزيرة للمرسوم ورفعه مع ملاحظاتها وتلك التي رد فيها مجلس القضاء على هذه الملاحظات، الى وزيرة الدفاع السيدة زينة عكر عدرا التي عليها أن تبدي رأيها بالتعيينات المتعلقة بالقضاء العسكري، علماً أن عكر لم تستشر بالتعيينات في المحكمة العسكرية لا قبل إعدادها ولا بعدها. وفي هذا الإطار تقول مصادر وزارية إن وزيرة الدفاع سوف تبدي ملاحظاتها على المشروع كما سيرد من وزيرة العدل لتقول كلمتها فيها، في وقت أبدت مصادر مجلس القضاء الأعلى "استغراباً" لطرح مسألة عدم استمزاج رأي وزيرة العدل في تسمية القضاة العدليين لدى المحكمة العسكرية. وتشير هذه المصادر الى أن قانون القضاء العسكري الذي يتحدث عن موافقة مجلس القضاء على تسميتهم بناء على اقتراح وزير الدفاع، عُدّل ضمناً بموجب المادة الخامسة من قانون القضاء العدلي استناداً الى المرسوم الاشتراعي الصادر في 23/3/1985 والى القانون الرقم 389 تاريخ 21/12/2001، وأناط هذا التعديل بمجلس القضاء صلاحيات وضع مشروع المناقلات والالحاقات والانتدابات القضائية الفردية أو الجماعية وعرضها على وزير العدل للموافقة عليه. في المقابل ترد مصادر وزيرة الدفاع بأن القوانين المرعية ومنها قانون الدفاع الوطني وقانون المحاكم العسكرية تفرض على مجلس القضاء "التشاور" مع وزير الدفاع في ما خص القضاة في المحكمة العسكرية لاسيما وأن تعيين الضباط في هذه المحكمة يتم بقرار من وزير الدفاع، فهل من المنطق أن يعمل القضاة مع الضباط في المحكمة ولا تناسق بينهما من خلال استطلاع رأي وزير الدفاع قبل إقرار التعيينات في المحكمة العسكرية.

الرئيس لن "يبصم"!

 واللافت في هذا الملف أن بعض مؤيدي مجلس القضاء في موقفهم "يهمس" بأن المشكلة ليست مع الوزيرة نجم، بل مع فريق رئيس الجمهورية الذي لم يطلع على التشكيلات والمناقلات ولم يبد رأيه فيها وأن المطلوب منه أن "يبصم" على مرسوم التشكيلات من دون أن يحق له أن يبدي رأياً أو ملاحظة، وهذا الأمر يرفضه الرئيس ميشال عون الذي رأى أنه يمارس، من خلال إبداء الرأي، حقاً دستورياً لأنه أقسم اليمين على المحافظة على قوانين الدولة اللبنانية، وبالتالي فإن مسؤولية الجهاز القضائي أن يساعده في ذلك ما يفرض استطراداً أن يكون رئيس الجمهورية على بنية من هذه التشكيلات قبل وصولها إليه بصيغتها النهائية وما رافق ذلك من ملابسات بين المجلس والوزيرة نجم. وتفيد معلومات "الأفكار" أن الرئيس عون لم يطلب من مجلس القضاء الأعلى أي اسم أو موقع، لكنه شدد على ضرورة المحافظة على "كرامة" القضاة وعدم السماح بالإساءة إليهم من أي كان، مستذكراً ما حصل مع المدعي العام في جبل لبنان القاضية غادة عون عندما تهجم عليها النائب هادي حبيش الذي لم يمثل بعد أمام القضاء للتحقيق معه في الحادث الذي أثار ردود فعل شاجبة في حينه، وعدم مثوله يبقي كرامة القاضية عون في المحك ويمنع الإساءة إليها مرة ثانية من خلال نقلها من مركزها الى مركز أدنى.

 في أي حال، فإن ملف التشكيلات والمناقلات القضائية لن يبصر النور في وقت قريب إلا إذا اقتنع مجلس القضاء الأعلى بأن رفض الأخذ ببعض ملاحظات وزيرة العدل يعني إقفال الأبواب أمام أي حل لتجميد المناقلات، في حين أن الأخذ ببعضها يسهل عملية الولادة وإن كانت قيصرية. في ما عدا ذلك لا بد من الوقوف عند ملاحظات رئيس الجمهورية الذي أولاه الدستور السهر على شؤون الدولة، وعدم التعامل معه على نحو يثير ردود فعل متبادلة لاسيما وأن للرئيس عون ملاحظات أيضاً على مشروع التشكيلات تتناول الجوهر ولا تتوقف عند الأسماء.