خلال اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع أعضاء مجلس القضاء الأعلى برئاسة القاضي جان فهد، تحدث الرئيس عون بإسهاب عن تراجع الجرائم في لبنان خلال سنة 2018، قياساً على ما كان عليه خلال الأعوام
2015 و2016 و2017، لافتاً خصوصاً الى ضرورة مواكبة القضاء لعمل الأجهزة الأمنية لأنه من دون هذه المواكبة تذهب جهود الأمنيين هدراً، إذ غالباً ما يفرج القضاء عن موقوفين تسوقهم إليه القوى الأمنية، إما بكفالة أو لاستكمال التحقيق. وقد طرحت مثل هذه القرارات التي يصدرها بعض القضاة علامات استفهام حول الأداء القضائي ما أفسح في المجال أمام حملات في بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي طاولت سمعة بعض القضاة، ومنهم من حرك النيابات العامة من خلال رفع دعاوى على أشخاص وجهوا انتقادات أو تشكيكاً بنزاهة الجسم القضائي.
وعلى رغم ان الرئيس عون لا يشارك المعترضين في كل ما يقولونه، إلا أنه صارح المجتمعين بأن بعض هذه الشكاوى محق ولا بد من خطوات عملية لمواجهة هذا الواقع الذي شهد في الآونة الأخيرة تفلتاً لم يكن مألوفاً في السابق، مقترحاً تفعيل عمل التفتيش القضائي للحد من التجاوزات التي تحصل في بعض المحاكم والنيابات العامة. صحيح ان رئيس الجمهورية، كما تقول مصادر مطلعة، لم يشأ الدخول في التفاصيل والأسماء والمواقع معتمداً على المثل القائل بأن <اللبيب من الإشارة يفهم>، إلا ان المشهد الذي ارتسم خلال اللقاء حتم مراجعة سريعة تقرر أن تكون أحد مواضيع البحث في المؤتمر الموسع الذي يعتزم الرئيس عون الدعوة إليه خلال الشهر المقبل في قصر بعبدا لمناقشة وضع القضاء عموماً، والنصوص القانونية ولاسيما منها قانون العقوبات وما يتفرع عنه من نصوص في قوانين أخرى، وفكرة الدعوة للمؤتمر حول القضاء طالما راودت الرئيس عون الذي وجد ان الفرصة باتت سانحة للمضي فيه على أن يضم قضاة في الخدمة الفعلية وقضاة في التقاعد، وحقوقيين ومحاميين وأهل قانون. أما الدعوة الى المؤتمر فلن تكون قبل تشكيل الحكومة الجديدة وتحديد هوية الوزير الذي سيتولى حقيبة العدل التي باتت من حيث الأهمية حقيبة أساسية لا يمكن تجاهل دورها في الحياة اليومية اللبنانية.
ولأن وزارة العدل مهمة بالنسبة الى الرئيس عون، فإن ما هو محسوم هو انها ستكون من الحصة الرئاسية في الحكومة العتيدة سواء شكلت قريباً أو طال التشكيل. لكن ما ليس بمحسوم هو هوية الوزير الذي سيتولاها وسط حديث يتنامى عن ان الوزير الحالي سليم جريصاتي لن يعود إليها لأن مشاركته في الحكومة غير مضمونة مع وجود مرشح قريب له هو فادي جريصاتي الذي يعمل الوزير جبران باسيل على توزيره، وهو من فريق عمله اللصيق. ويبرز في طليعة المرشحين لتولي وزارة العدل، رئيس لجنة المال والموازنة النيابية النائب ابراهيم كنعان الذي يعتبر من الحقوقيين البارزين والمشرعين الذي لعب دوراً في الحياة البرلمانية منذ أن دخل ساحة النجمة نائباً عن المتن الشمالي، بعدما كان مناضلاً في صفوف <التيار الوطني الحر> في زمن الابعاد والنفي الذي عاشه الرئيس عون في باريس بعد أحداث 13 تشرين الأول (أكتوبر) 1990.
جدول المقارنة
في أي حال، الذين اطلعوا على وقائع لقاء الرئيس عون مع مجلس القضاء الأعلى أكدوا ان رئيس الجمهورية كان مرتاحاً للتقرير الذي عرضه على القضاة وتضمن جدول مقارنة بين اعداد الجرائم خلال الأعوام الأربعة الماضية، وفيه يتبين التراجع الملحوظ الذي سجل بين الأعوام 2015 و2016 و2017 و2018، وهذا التقرير يؤكد ما يشير إليه الرئيـــــــــــــــــــــــــس عون دائماً أمام زواره المحليين والعرب والأجانب عن الاستقرار الأمني في البلاد مع غياب الجرائم الارهابية وتراجع حوادث الخطــــــــــــــف وأعمال السطو المسلح والانفجارات الناتجة عن اعتداءات ارهابية. لكن المؤسف ان جرائم عدة اتهمت بارتكابها مجموعات من النازحين السوريين. وتنشر <الأفكار> جدول المقارنة الذي ورد في التقرير الذي رُفع الى رئيس الجمهورية: