تفاصيل الخبر

عون استعاد الشارع و «طوّق» الحوار بأولوياته ومكّن باسيل من تجاوز «عثرات» «رئاسة التيار» بالتزكية!  

11/09/2015
عون استعاد الشارع و «طوّق» الحوار بأولوياته  ومكّن باسيل من تجاوز «عثرات» «رئاسة التيار» بالتزكية!   

عون استعاد الشارع و «طوّق» الحوار بأولوياته ومكّن باسيل من تجاوز «عثرات» «رئاسة التيار» بالتزكية!  

التيار-الوطني-الحر إذا كانت <البحّة> التي ألمّت به فجأة ليل الخميس - الجمعة الماضي، حالت دون تمكّن زعيم التيار الوطني الحر العماد ميشال عون عن مخاطبة الآلاف من مناصريه الذين لبّوا نداءه واحتشدوا في ساحة الشهداء يوم الجمعة الماضي، فاكتفى بكلمات قليلة شكر فيها المشاركين على <تضامنهم وإخلاصهم>، إلا أنها لم تحل دون احتفال <الجنرال> بنجاح التظاهرة السلمية التي دعا إليها على خلفية المطالبة بحقوق المسيحيين في شراكة وطنية حقيقية وكاملة، رافعاً شعار <وحدا الانتخابات بتنضّف>، مقدماً أولوية انتخابات نيابية على الانتخابات الرئاسية، وإذا تعذّر ذلك، فهناك الانتخابات الرئاسية أولاً، لكن مباشرة من الشعب. صحيح أن الذين تحركوا صوب ساحة الشهداء وحوّلوها الى لون برتقالي، لم يدققوا كثيراً في المطالب التي رفعوها بطلب من قيادتهم الحزبية، لكن الصحيح أيضاً ان التيار الوطني الحر وزعيمه العماد عون خرجا من اختبار الشارع بنجاح ملفت، كرّس تفوق <التيار> في القدرة على تعبئة الجماهير، علماً أن <الثالثة كانت ثابتة> بعد تحركين سابقين لا يمكن مقارنتهما بتحرك الجمعة الماضية.

وإذا كان العماد عون قد أبلغ حلقة ضيقة من المقربين منه ليل الجمعة بعد انفضاض التظاهرة الحاشدة بأن ما بعد 4 أيلول/ سبتمبر (تاريخ التظاهرة)، لن يكون مثل ما قبله، وأن <الغضب> العوني على ما يجري في السياسة والاقتصاد والأمن والصحة والتربية والنازحين، لن يقف عند حد لأنه انطلق من دون ضوابط، لاسيما وأن التجاوب الشعبي مع دعوة العماد عون تجاوز ما كان متوقعاً في الرابية ما أدى الى إعادة خلط الأوراق وترقب التحرك المقبل للعونيين الذي سينتظر حتماً معرفة المناخات التي سترافق اجتماعات <هيئة الحوار الوطني> في مجلس النواب والتي بدأت يوم الأربعاء الماضي في غياب رئيس كتلة نواب القوات اللبنانية التي قاطعت الجلسة الحوارية بقرار من رئيسها الدكتور سمير جعجع.

 

عون أصاب عدة <عصافير> بحجر واحد!

 

وبعيداً عن ردود الفعل على التظاهرة التي صورت في اتجاهات مختلفة وأغرقت مواقع التواصل الاجتماعي، فإن مصادر متابعة ترى أن <الجنرال> استطاع من خلال التظاهرة أن يصيب <عصافير> عدة بحجرٍ واحد بعد التعبئة التي تولاها شخصياً ومن خلال معاونيه طوال الأشهر الماضية والتي وصلت الى حدها الاقصى واستعملت فيها كل الإمكانات والخطوات المتاحة من دون تحفظ أو ممالقة. ومن أبرز ما حققته، وفق المصادر نفسها، الآتي:

أولاً: أعاد <الجنرال> من خلال المسيرة تثبيت تقليد عريق اشتهر به التيار الوطني الحر لجهة حراكه الشعبي وفي الساحات، ولاسيما منها ساحة الشهداء، للدلالة على أن التيار البرتقالي لا يزال قادراً على حشد المؤيدين خلافاً للشائعات التي أُطلقت في مناسبات عدة عن تراجع <شعبية> قاعدة <التيار>، ولعل النداءات المتتالية التي تولى العماد عون توجيهها شخصياً الى المناصرين قد فعلت فعلها وبدا <الجنرال> في  الموقع الأحب الى قلبه، وهو قيادة القاعدة الشعبية صوب خياراته، والإمساك بالمبادرة وليس أن يكون جزءاً من حراك مدني أيده في البداية ثم اتهمه بسرقة شعاراته ومطالبه ودخل بصدام كلامي وإعلامي معه.

ثانياً: وضعت مسيرة الجمعة الماضية الشعارات التي نادى بها العماد عون ضمن أولوية ستفرض نفسها على جميع الناشطين السياسيين، وذلك على عكس <الأجندة> التي وضعها الحراك المدني وقد بدأت من ملف النفايات وانتهت بالمطالبة بإسقاط النظام وما بينهما من مطالب وشعارات بعضها غير قابل للتحقيق راهناً. من هنا، كانت الأولوية عند العماد عون والتي كرستها حناجر المتظاهرين وكلمة الرئيس الجديد لـ<التيار> الوزير جبران باسيل - تتمحور حول الانتخابات النيابية على أساس النسبية، مستبقاً بذلك كل طروحات أخرى يمكن أن تظهر الى العلن، كما أوجد بديلاً لطلب إجراء الانتخابات النيابية لا يقل إحراجاً عنه وهو انتخاب رئيس الجمهورية من الشعب إذا كانت الأولوية ستبقى عند الاستحقاق الرئاسي. وبذلك <قطع> العماد عون الطريق أمام أولويات أخرى لاسيما وأن مطلب الانتخابات النيابية على أساس النسبية هو عونمطلب إصلاحي عابر للطوائف ويلقى الصدى الإيجابي عند الكثير من المكونات اللبنانية السياسية والطائفية والحزبية.

ثالثاً: تمكّن العماد عون من خلال الآلاف الذين لبّوا نداءه من مختلف المناطق من أن يقول للجميع بأن التيار الوطني الحر تجاوز الانتخابات الحزبية وما رافقها من انتقادات وملاحظات عن ترئيس الوزير جبران باسيل بالتزكية لهذا التيار بعيداً عن انتخابات ديموقراطية حرة، كان يتوق العونيون لممارستها بعد طول انتظار! وباستثناء حالات قليلة من الاعتراض العلني على <تزكية> الوزير باسيل، فإن مجموعة كبيرة من المعترضين حضرت الى ساحة الشهداء وكأن شيئاً لم يكن، للدلالة على أن الموقف من الاستحقاق الانتخابي الحزبي شيء، والتأييد للعماد عون شيئاً آخر، ولم يكن غريباً أن يُسجل في هذا السياق حضور النائب آلان عون على رأس وفد كبير من دائرة بعبدا، والناشط زياد عيسى مع مجموعة كبيرة من المناصرين في الأشرفية، وغيرهما من الأسماء والوجوه التي سجّلت اعتراضها علناً أو ضمناً على وصول باسيل الى رئاسة التيار في لعبة خارجة عن أطر الممارسة الديموقراطية. من هنا بدت التظاهرة الشعبية الأولى في عهد <الرئيس> جبران باسيل مماثلة من حيث الحشد للتظاهرات السابقة في ظل رئاسة <الجنرال> للتيار وغطت على <العثرات> التي حصلت في التزكية، وساعدت <البحة> التي أصيب بها العماد عون، الوزير باسيل في أن يلقي وحده الكلمة السياسية بدلاً عن <الجنرال> ويطلق فيها سلسلة مواقف لو قالها العماد عون شخصياً لكانت تركت وقعاً يختلف عن الوقع الذي تركه الوزير باسيل، وذلك في الشكل وفي المضمون.

أولويات الحوار من ساحة الشهداء

 

رابعاً: تزامن نجاح التظاهرة العونية مع موعد بدء جلسات الحوار بدعوة من الرئيس نبيه بري في مجلس النواب، ما مكّن العماد عون من <التسلّح> بموقع تفاوضي متقدم تجعل طروحاته وملاحظاته تنزل على طاولة الحوار من <موقع قوة> لأنه يعبّر فيها عن شارع مسيحي غاضب، إضافة الى أولويات للنقاط التي حددها الرئيس بري مواضيع للبحث ضمن <هيئة الحوار الوطني>، وهذه الأولويات سيتمسك بها العماد عون أمام شركائه الى طاولة الحوار، وهو الآتي الى الطاولة من ساحة الشهداء التي احتشد فيها الآلاف من انصاره، لأن المشاركة في التظاهرة اقتصرت على العونيين من دون الحلفاء في تيار <المردة> وحزب <الطاشناق> وحزب الله، فكيف إذا تضامن معه الحلفاء الثلاثة في التحرك المقبل الذي لن يكون بعيداً كما قال الوزير باسيل، وسيكون هدفه <قصر الشعب> أي القصر الجمهوري في بعبدا. وعلى رغم أن العماد عون حمل معه الى طاولة الحوار أوراقاً إضافية منها ورقة الحشد الشعبي البرتقالي، إلا أن ذلك لم يلغِ رغبته في أن يحقق الحوار <نجاحات> في كثير من المواضيع المطروحة، على أن نسبة تفاؤله بالوصول الى نتائج عملية من ساحة النجمة، لم تكن كبيرة وفقاً لما أسرّ به الى عدد من معاونيه.

خامساً: أراد العماد عون من مسيرة الجمعة توجيه رسالة الى المجتمع الدولي الذي يكثر حراك سفرائه وتنقلاتهم بين مكاتب السياسيين والرسميين، خلاصتها بأن ما ينادي به يلتقي مع توجهات الغرب من حيث <احترام> إرادة الشعوب وحقوق الإنسان من جهة، و<لبننة> الاستحقاق الرئاسي من جهة أخرى، إضافة الى عدم <إقفال> الأبواب أمام الحراك المدني الذي طرح عناوين سبق أن كانت من ثوابت التيار الوطني الحر ومبادئ نضالاته منذ نشوء <التيار>. وبذلك أراد العماد عون القول إن الساحة البرتقالية تتسع لرواد الساحات الأخرى، ولا تتنافس معهم، بل ترحّب بهم إذا كانوا دعاة تغيير حقيقيين وسعاة إصلاحات جدية وغير استعراضية.

سادساً: أعطى العماد عون للمطالب المسيحية بـ<الشراكة الوطنية> الكاملة زخماً شعبياً واسعاً تجاوز أدبيات البيانات الرسمية التي تصدر عن تكتل التغيير والإصلاح وإطلالاته الإعلامية وبات على <المتابعين> أن يدركوا أن وراء المطالبة بحقوق المسيحيين قاعدة شعبية واسعة تتحرك عند الضرورة في الشارع، وليس بضغط من رواد الصالونات والمنابر ووسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي.

جبران-باسيل-1 

<شرعية> باسيل... تأمنت

 

سابعاً: كرّست المسيرة <شرعية> رئاسة الوزير باسيل للتيار الوطني الحر وهذا ما يريح العماد عون، لاسيما وأن باسيل استعمل في خطابه المباشر في ساحة الشهداء عبارات <تدغدغ> الجماهير العونية لاسيما مطالبته بـ<رئيس ينتخبه شعبه وينتفض على الفساد> وبـ<دولة لا يمدد فيها مجلس النواب لنفسه وينتهك الصلاحيات> وبـ<المساواة عبر المناصفة الحقيقية>، رافعاً معادلة ذهبية هي <المشاركة والطمأنينة والازدهار>، على أنها الطريق الى الاستقرار الحقيقي. إلا أن التجاوب الشعبي مع كلمة الوزير باسيل لاسيما عند إشارته الى أن التحرك المقبل سيكون في <ساحة قصر الشعب> أي في قصر بعبدا، لم يحجب ظهور <امتعاض> عند بعض العونيين مما أعلنه في خطاب المبايعة بالتزكية، إذ سُجلت مشاركة شبان ارتدوا قمصاناً كُتبت عليها عبارة <لغير الخالق ما منركع> على عكس ما كان قد أعلنه باسيل في حفل التنصيب من أنه <يركع> هو ورفاقه أمام العماد عون ليرفع رأسه بهم و<يباركهم>.

وفي انتظار ما سيؤول اليه <حوار مجلس النواب>، فإن مصادر في التيار الوطني الحر أكدت لـ<الأفكار> أن الماكينة العونية ستبقى على جهوزية لتلبية أي نداء آخر يوجهه العماد عون بــ<الإقتراع بالاقدام> (أي للتظاهر) في انتظار أن يصبح حلم الاقتراع في الصناديق حقيقة قائمة وإن كان يتطلب الأمر انتظاراً لا يبدو ... قصيراً!