تفاصيل الخبر

عــــودة الـحـريــــري الــى الـسـرايــــا تكلـيـفــــاً... حتمـيـــــة لكن تشكيــل الحكومـــة الجديــدة لــن يكـــون سهـــلاً!

11/05/2018
عــــودة الـحـريــــري الــى الـسـرايــــا تكلـيـفــــاً... حتمـيـــــة  لكن تشكيــل الحكومـــة الجديــدة لــن يكـــون سهـــلاً!

عــــودة الـحـريــــري الــى الـسـرايــــا تكلـيـفــــاً... حتمـيـــــة لكن تشكيــل الحكومـــة الجديــدة لــن يكـــون سهـــلاً!

فنيشلن يدعو رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الحكومة المقبلة قبل 21 أيار/ مايو الجاري لأن ولاية المجلس الحالي تنتهي في العشرين من الشهر الجاري، وتعتبر بعد ذلك التاريخ حكومة الرئيس سعد الحريري مستقيلة حكماً استناداً الى الدستور. إلا أن الفترة الفاصلة بين السابع من  أيار/ مايو والحادي والعشرين منه سترسم معالم الحكومة العتيدة رئيساً وأعضاء، وإن كانت المعطيات التي برزت قبل إتمام الاستحقاق الانتخابي قد أظهرت أن الرئيس الحريري عائد الى السرايا بفعل تأييد معلن من التيار الوطني الحر وحركة <أمل> والحزب التقدمي الاشتراكي و<المردة> و<الطاشناق> ومجموعة من المستقلين. وحده حزب الله لن يكون في وارد تسمية الرئيس الحريري للأسباب المعروفة، فيما سوف يستأخر رئيس حزب القوات اللبنانية الاعلان عن موقفه النهائي حتى الربع الساعة الأخير، وسيكون <أكيد أكيد> لمصلحة الرئيس الحريري لاعتبارات عدة أبرزها غياب بديل يحظى بالدعم الواسع بين صفوف النواب الجدد منهم والقدامى، وكذلك وجود رغبة لبنانية واسعة بأن يبقى الرئيس الحريري رئيساً للحكومة لمتابعة تنفيذ قرارات المؤتمرات الدولية المتتالية بدءاً من روما وانتهاء ببروكسل وباريس.

وتضيف مصادر مطلعة على السببين أعلاه سبباً إضافياً قد لا يرغب الرئيس الحريري بالإضاءة عليه كثيراً، إلا أنه يبقى حقيقة قائمة عنوانها الدعم الإقليمي للرئيس الحريري، ولاسيما السعودي والخليجي، وكذلك الدعم الدولي والذي تمثل خصوصاً من خلال <احتضان> الرئيس الفرنسي <ايمانويل ماكرون> له والمسؤولين الاميركيين، لاسيما بعد المحنة التي تعرض لها في 4 تشرين الثاني/ نوفمبر خلال وجوده في الرياض. وفي هذا السياق تقول المصادر نفسها إن الرئيس الحريري نجح في نسج شبكة واسعة من العلاقات مع رؤساء الدول ورؤساء حكوماتها، واستطاع من خلال التواصل المباشر معهم <اختبار> مدى جديتهم في دعمه في رئاسة مجلس الوزراء اللبناني وهو الذي يمثل التيار الإسلامي المعتدل من جهة، ويتلاقى مع تطلعات المجتمع الدولي للبنان في المرحلة المقبلة.

 

حزب الله: لا يسمي!

وفي قناعة المصادر نفسها ان قيادة حزب الله تتجه الى عدم تسمية أحد لرئاسة الحكومة العتيدة وهي بذلك تظهر <نصف معارضة> لعودة الحريري الى السرايا، وإن كانت تجربة الحكومة الحالية قد أظهرت انسجاماً وتعاوناً بين رئيس الحكومة ووزيري الحزب من دون أن يصلا الى حد التناغم المطلق و<الاندماج< ولو في ما يتعلق بإدارة شؤون الدولة اللبنانية.

ويروي عدد من الوزراء أن متتبعي جلسات مجلس الوزراء يؤكدون ان الرئيس الحريري <يصغي> لمداخلات الوزير فنيش أكثر مما يصغي الى مداخلات غيره من الوزراء بمن فيهم وزراء <المستقبل> وغالباً ما يتبنى وجهة نظره في مسائل ادارية ووظيفية كثيرة، من دون أن ينسحب ذلك على الملف السياسي الذي يندرج في سياق <ربط النزاع> القائم بين الطرفين منذ انتخاب الرئيس عون رئيساً للجمهورية وصولاً الى تشكيل الحكومة وإسناد حقيبتين وزاريتين غير سياسيتين لوزيري حزب الله هما الصناعة والشباب والرياضة. وفي رأي المراقبين أن <الحماوة> التي اتسمت بها المواقف التي صدرت عن الرئيس الحريري تجاه حزب الله خلال الحملة الانتخابية هدفت الى <شد العصب> لدى الشارع السني، وقطع الطريق على المزايدات التي لجأ إليها خصوم الرئيس الحريري والذين طالبوه بالكثير من المواقف والافعال ضد حزب الله، فاكتفى هو بالمواقف السياسية فحسب لعدم رغبته - وربما لعدم قدرته - على الانتقال من مرحلة الاقوال الى مرحلة الافعال!

وفيما أظهرت النتائج التي أفرزتها صناديق الاقتراع أن حصة الرئيس الحريري النيابية ليست بقليلة وإن لم تكن بحجم كتلته بعد انتخاب 2009، إلا أن المعطيات تجعله في الموقع المتقدم الذي سيعيده الى السرايا ليشكل ثالث حكومة له، بعد أولى في عهد الرئيس السابق ميشال سليمان سقطت بفعل الثلث المعطل الذي أعلن من الرابية بالذات، وثانية بعد انتخاب العماد عون وطي صفحة الخلافات في ما بات يُعرف بـ<التسوية السياسية> المتعددة الأطراف. وحقيقة العودة الى السرايا يدركها الرئيس الحريري جيداً خصوصاً انه <حجز> بعض المقاعد في التركيبة الحكومية المقبلة لعدد من النواب - الذين سيصبحون بعد 20 أيار/ مايو الجاري <سابقين> - ولعدد أقل ممن <أقنعهم> الرئيس الحريري بعدم الترشح افساحاً في المجال امام غيرهم من الذين فرضت ظروف المعركة الانتخابية أن يكونوا مرشحي <التيار الازرق>.

 

تكليف سهل... وتأليف صعب!

عون--الحريري

وتؤكد المصادر المتابعة أن تكليف الرئيس الحريري لن يكون صعباً، في حين أن التأليف سوف يكون صعباً نسبياً وقد يستغرق وقتاً تبعاً لما أفرزته الانتخابات الأحد الماضي من معادلات جديدة سوف تفرض واقعاً جديداً يؤخر تشكيل الحكومة العتيدة لإرضاء <الأحجام> المستجدة وتوزيع الحصص الوزارية عليها، علماً أن المطالب ستكون كثيرة ومتشعبة و<الاطماع> كبيرة وان بدت <منفوخة> قياساً الى ما اعطته صناديق الاقتراع من ارقام. أما العقد الأبرز فستكون في توزيع الحقائب السيادية والخدماتية والتي كانت دائماً مصدر ازعاج وقلق، فكيف بعد انتخابات نيابية سبقتها ورافقتها كمية كبيرة من حملات التصعيد التي وصلت الى حد الشتم والتشهير والقدح والذم ما ترك ندوباً في جسم العلاقات بين الاحزاب والكتل عموماً ورؤسائها خصوصاً؟!

ولقد بدا من خلال حديث رئيس الجمهورية الى محطة <بي بي سي عربية> السبت الماضي، ان التوجه الأولي سيكون نحو حكومة وفاقية حتى قبل أن تجري الانتخابات وتفرز الاصوات، لأن المرحلة الراهنة تتطلب بدقتها وخطورتها حكومة قوية وفاقية. إلا أن الرئيس عون احتاط لإمكانية عدم الوصول الى اتفاق حول هكذا حكومة فطرح مبدأ إرادة الأكثرية بمعنى أن يتم اللجوء الى خيار حكومة أكثرية لا حكومة وفاقية، ولتتولى الكتل التي ستبقى خارجها مهمة المعارضة، وهذه ظاهرة صحية في الحياة الديموقراطية، وإن كانت مصلحة لبنان تقضي راهناً بالإتكال على <الديموقراطية التوافقية>. أما العقدة الثانية فستكون - وفقاً للمصادر نفسها - في كيفية تمثيل حزب الله في الحكومة العتيدة مع ارتفاع منسوب الحملات عليه عربياً ودولياً ومطالبة واضحة بإبعاده عن مراكز القرار في الدولة، وهو ما لا يمكن تحقيقه أو التجاوب معه وفق المعطيات البديهية بالنظر الى ما يمثله الحزب على الصعيدين الشعبي والوطني في لبنان، وقد بات واضحاً ان الحزب يستعد للمشاركة في الحكومة الجديدة، وهو ما كان أمينه العام السيد حسن نصر الله قد أعلنه في أكثر من مناسبة، ولعل عدم ترشيح الوزير محمد فنيش في الانتخابات النيابية أول المؤشرات الى هوية أحد وزيري حزب الله (إذا كانت الحكومة ثلاثينية) في الحكومة العتيدة من دون أن تعرف الحقيبة التي ستسند إليه، علماً أن الحزب يتجه الى المطالبة بحقيبة وازنة أو خدماتية.

وتقول المصادر المتابعة إن عقدة توزير حزب الله لن تبقى عقدة مستعصية لأن إمكانية الحل واردة على أساس التسليم بالتمييز بين الشق العسكري من الحزب والشق السياسي، كما كانت الحال بالنسبة الى حكومة العهد الأولى.