تفاصيل الخبر

عن كورونا "ماكرون" وانزعاج الحريري

23/12/2020
عن كورونا "ماكرون" وانزعاج الحريري

عن كورونا "ماكرون" وانزعاج الحريري

 

بقلم علي الحسيني

[caption id="attachment_84156" align="alignleft" width="375"] الرئيس الفرنسي "ايمانويل ماكرون" والرئيس سعد الحريري..بانتظار شفاء الأول من "كورونا".[/caption]

كما سبق أن فعل نوّاب الأمة ومدّدوا ولايتهم في العام 2014 بعدما صوّتوا لأنفسهم بغالبية الأعضاء، تلقائياً مُددت عملية تشكيل الحكومة إلى أجل غير مُسمّى بعد إعلان قصر الإليزيه عن إصابة الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" بفيروس "كورونا"، هذا مع العلم انه يوجد نص قانوني أو دستوري يُلزم الرئيس المُكلّف تشكيل حكومته ضمن مهلة مُحددة. والمشكلة اليوم، تكمن في غياب الراعي الرسمي لاستيلاد حكومة وسط تناحر داخلي عنوانه "الصلاحيات" وحقوق الطوائف فيما الوطن يتأرجح على نار الإفلاس الذي سيُلامس بحسب التقارير الدولية، حدود الانهيار الشامل في مطلع العام الجديد.

تأجيل ولادة الحكومة حتى إشعار فرنسي

 في جميع الأحوال، فإن انتكاسة الرئيس الفرنسي، أجّلت عملية البتّ بتشكيل الحكومة إلى حين تعافيه أو انتداب من ينوب عنه في الزيارة التي كان ينوي القيام بها إلى لبنان بعد دخوله في فترة "الحجر الصحي" لمدة اسبوع. وبمقدار التعويل الذي خصّه الشعب اللبناني لهذه الزيارة على اعتبار أنها المنفذ المتبقّي له للخروج من أزماته والعودة إلى السكّة التي تقوده نحو الانفراجات، بعد سنة قحط طال جميع القطاعات والمؤسسات العامة قبل الخاصّة.

في ظلّ الوضع الحالي والذي يبدو أنه مُكمل في طريقه نحو الأسوأ خصوصاً في ظلّ غياب التفاهمات السياسية وتحويل الاختلافات بين أهل السلطة إلى خلافات ومكائد

[caption id="attachment_84157" align="alignleft" width="375"] الرئيس ميشال عون والنائب جبران باسيل.. الموقف على حاله ولا تغيرات.[/caption]

شخصيّة، ثمّة أكثر من إشارة داخلية وخارجية، تؤكّد مصادر سياسية بارزة أن الوضع سيظل على ما هو عليه خصوصاً وأن هناك فريقاً سياسياً أساسياً معنيّاً بعملية تشكيل الحكومة، يُصرّ على وضع السدود والعراقيل في وجه المساعي التي يقوم بها الرئيس المكلّف سعد الحريري بهدف إيصاله إلى طريق مسدود، علّه يُعلن اعتذاره عن مهمته. وهذا الخيار أصبح أقرب إلى الحريري من أي وقت مضى، على الرغم من نفيه أكثر من مرّة، وجود نيّة لديه للاعتذار. هنا تُشير المصادر السياسية نفسها، إلى أن المسيحيين في لبنان هم الأكثر تضرراً من عدم وجود حكومة. فعندما وقعت الحرب في سوريا، خرجت جهة سياسية معروفة لتُعبّر عن خشيتها من أي بديل يُمكن أن يحل مكان النظام السوري، لكن الحقيقة هي أن الخشية الحقيقية على المسيحيين، أخذ لبنان إلى المجهول ومنع تأليف حكومة تُساهم باستعادة ثقة اللبنانيين جميعهم بوطنهم، وأيضاً ثقة المجتمع الدولي به.

من هي الجهة الأكثر تضرراً؟

وبالعودة إلى تأجيل زيارة "ماكرون" إلى لبنان بعد تعرضه للإصابة بفيروس العصر، فقد عُلم أنه كان يُفترض أن يُمضي سهرة عيد الميلاد مع عسكريين فرنسيين من قوة الأمم المتحدة الموقتة لحفظ السلام في لبنان "يونيفيل" وأن يلتقي مجدداً المسؤولين اللبنانيين.

بعيداً عن نظرية التقسيم وواقع الانقسام السياسي العمودي، فالجميع لاحظ أن هناك جهة تضررت أكثر من غيرها خلال تفجير المرفأ. وهذا سؤال يوجّه إلى القادة المسيحيين حول ما فعلوه على الأرض لكل هؤلاء المتضررين!. لذلك وبحسب المصادر نفسها، فالمطلوب الإسراع بتشكيل الحكومة وعدم انتظار إشارات خارجية أو التوقّف عند صحّة هذا الرئيس أو مزاج ذاك المسؤول، وإلا فسنتحوّل من قضية خسارة الحقائب إلى خسارة الوطن بأكمله.

"إيمييه" يتواصل مع النظام السوري

[caption id="attachment_84159" align="alignleft" width="444"] مدير المخابرات الفرنسية "برنار إيمييه" ووتر الضغط على جهة لبنانية من البوابة السورية.[/caption]

في معلومات حصلت عليها "الأفكار" أن اتصالات يُجريها مدير المخابرات الفرنسية "برنار إيمييه" مع النظام السوري ومع مسؤولين لبنانيين بهدف إيجاد نقطة التقاء مشتركة تُذلل العقبات التي تحول دون تأليف الحكومة في لبنان. وآخر هذه الاتصالات أجراها "إيمييه" يوم السبت الماضي مع مرجعية سياسية وازنة في البلد  حيث كرّر الأخير على مسامع المسؤول الفرنسي أن المشكلة عالقة عند الجهة الاخرى.

وفي المعلومات، أن "إيمييه" سيقوم بزيارة سرية إلى سوريا قريباً جداً سيلتقي خلالها وزير الخارجية السوري فيصل المقداد ومسؤولين سوريين، وسيحمل "إيمييه" معه إلى دمشق ملفين: الأول يتعلق بأسماء مواطنين فرنسيين في سوريا ما زالوا مجهولي المصير، والثاني يتعلق بملف تشكيل الحكومة اللبنانية والبحث في كيفية الوصول الى حل وسطي. وأكدت أن "إيمييه" لم يلق تجاوباً سوريا منذ فترة في ملف الحكومة اللبنانية وأن اتصالاته بالوزير السوري المقداد لم تصل الى نتيجة بسبب رفض الأخير الضغط على جهة حزبية وسياسية من أجل تليين موقفها.

ولفتت المعلومات إلى أن "إيمييه" سيحمل معه ضمانات للنظام السوري أبرزها الوقوف الى جانبه في وجه العقوبات الاميركية والعمل على مواجهة التطرف التركي في المنطقة والبحث في مجال التعاون الأمني والاستخباراتي. لكن هذا كله، مقابل التدخل في الأزمة اللبنانية العالقة عند حد تأليف الحكومة، ومون النظام السوري على حلفائه اللبنانيين بهدف تسريع التأليف.

لا بديل عن فرنسا

حتى اللحظة، فإن المؤتمر الأوسع الذي يحتاج إليه لبنان لتوفير المساعدات المالية وإعادة إطلاق المشروعات التنموية والسير بما وفره مؤتمر "سيدر" لن يكون ممكن الحصول إذا ما استمرت المراوحة على حالها. لذلك تؤكد أكثر من جهة سياسية أن المبادرة الفرنسية هي الوحيدة المطروحة اليوم على الطاولة من أجل إنقاذ لبنان وانه إذا لم يقتنع المسؤولون اللبنانيون بأن الطرق المؤدية إلى بقية الدول قد سُدت في وجوههم، فعلى الأرجح أن الانهيار الكُلّي في طريقه الى بلاد الأرز.

[caption id="attachment_84158" align="alignleft" width="375"] الرئيس نبيه بري والسيد حسن نصرالله ...خارج أزمة التأليف.[/caption]

وبحسب التسريبات الأوروبية وتحديداً الفرنسية، فإن تمسك "ماكرون" بمبادرته مردها الأول إلى الالتزامات التي قطعها للشعب اللبناني ولمجتمعه المدني، وذلك رغم العوائق القائمة على طريقه، فيما الطبقة السياسية ما زالت تتخبط في تناقضاتها وتتقاتل على الحقائب والمنافع وتراهن على التغيرات الإقليمية أو الأميركية.

ولا تكتم هذه التسريبات غضب الإليزيه من أداء هذه الطبقة "غير القادرة والفاسدة"، لكنها في الوقت عينه ملزمة بالتعاطي معها، عملاً بمبدأين، الأول، سيادة لبنان، ورفض فرنسا المساس بها، واعتبار أن اهتمامها بلبنان لا ينبع من رغبة في الهيمنة، بل في المساعدة. والثاني مبدأ الواقعية السياسية، إذ إن هذا هو المعروض سياسياً. والأبرز أن الجانب الفرنسي يعي أن الشارع اللبناني ومنظمات وجمعيات المجتمع المدني فقدت الثقة بأهل السياسة. لذلك، فإن باريس ما زالت متمسكة بأن تمر مساعداتها عبر هذه المنظمات.

هل يعتذر الرئيس المكلف وينسحب من مهمته؟

في ظلّ ما ورد، المؤكد أن وجود حكومة ولو بالحد الأدنى من التوافق السياسي هو الحل الأفضل والأنسب للشعب بكل فئاته. وهنا تعود المصادر البارزة لتؤكد، أن الحريري قد أعطى نفسه فرصة أخيرة لإعادة النظر في ما يُمكن تقديمه من لائحة أسماء لرئيس الجمهورية، بعد رفض الأخير آخر الطروحات التي قدّمها له الحريري، وبعد ذلك قد يتوجه الى اللبنانيين ليُصارحهم بمسار المهمة التي أوكلت اليه في الثاني والعشرين من تشرين الأول (اكتوبر) الماضي. وقد يكون الاعتذار، أبرز سطور بيانه.