بقلم عبير انطون
بالشخصية الخجولة تصف الممثلة المصرية القديرة صفية العمري نفسها، فهي <تتلخبط> وتحرص على الحضور في الندوات والمؤتمرات والتكريمات التي لها معنى ورسالة، كما تحبذ تلك الصداقة النابعة من القلب يسودها الجو العائلي الودود كتلك التي عرفتها في بيروت. في السينما، كانت آخر أفلامها <تلك الأيام> مع الفنان محمود حميدة، كما شاركت مؤخراً في فيلم <الليلة الكبيرة>، وفي التلفزيون آخر ما قدمته كان <الطريق والطريق>. اختيرت سفيرة للنوايا الحسنة في الامم المتحدة عام 1997 وهي تحضر اجتماعاتها حين تسافر الى بلاد <العم سام>.. تقدر حب الجمهور لها وتعد دائماً بالمزيد من العطاء من خلال شخصية مميزة تأمل ان تجسدها بتفوق على الشاشة، فمن هي هذه الشخصية؟
الخائنة..
لولا رمسيس نجيب، لكانت صفية العمري اليوم خريجة كلية التجارة والدارسة للغة الروسية كمترجمة، او حتى احدى مقدمات برامج التلفزيون. فهناك في أروقته، وهي تتقدم لاختبار التقديم التقطت لها صورة لمجلة <آخر ساعة>. رأى رمسيس الصورة، فسارع الى طلب مقابلتها عارضاً عليها دور الزوجة الخائنة في فيلم <العذاب فوق شفاه تبتسم>.. صدمها الدور، أرادت ان تعتذر إلا ان رمسيس أقنعها قائلاً: <سأفاجئ الجمهور بك>، وفعلاً تفاجأ الجمهور، وأصبحت صفية العمري بعينيها الواسعتين رمزاً لحقبتي السبعينات والثمانينات بشكل خاص حتى ان المصريين أطلقوا لقب <عيون صفية العمري> على سيارة الميتسوبيشي <لانسر> موديل 91.
ارتدت صفية العمري في العديد من أدوارها رداء المرأة الارستقراطية وبقيت لفترة أسيرة شخصية المرأة القوية والمتسلطة، في حين انها كانت ترغب في الخروج من <هذا الحصار> لأدوار جديدة لأخرى تشبه شخصيتها اذ تقول: <انا بتكسف من نفسي>. كذلك فإن النجمة الشقراء شخصية قلقة بشكل خاص على أدوارها وقد يكون آخرها اليوم دور اعتذرت عنه الفنانة ميرفت أمين لأسباب خاصة في مسلسل <عصر الحريم> من إخراج ايناس الدغيدي فتم ترشيحها له. هذا المسلسل واجه عراقيل عدة، وكانت مخرجته ايناس الدغيدي قد أعلنت ان ميزانيته قد تفوق الستين مليون دولار.
عرفت صفية العمري الشهرة والنجاح، الا انها عرفت فترة من المرض قارب الشلل، أجبرها على الخضوع لجلسات كهربائية شديدة على وجهها أدت الى ارتخاء عضلاته تماماً، ما جعل الجمهور يعتقد انها خضعت لعملية تجميل شوّهت وجهها الفاتن ما ضايقها لفترة آثرت بعدها عدم الاهتمام بما يشاع، الا انها وبعدما عالجت آثار جلسات الكهرباء عادت الى حالتها الطبيعية.
على هامش مهرجان <الرواد> الذي كرّمها كان لنا لقاء بالنجمة المشرقة:
ــ أهلاً بك في لبنان الذي يحبك ويقدر فنّك ويقدر اعتذارك عن منصبك كسفيرة للأمم المتحدة في العام 2006 احتجاجاً على الحرب عندنا..
- لبنان جميل، وهذا البلد يعني لي الكثير. ما تقدمونه لي من محبة يفرح قلبي خاصة انني أزوركم للمرة الثانية هذا العام في تكريمين مختلفين: الاول مع جائزة <الموريكس دور> لمجمل مشواري الفني، والثاني اليوم من جائزة <الرواد> التي تجمع باقة من الاسماء اللبنانية والعربية في الاعمال والفن وهذا أمر مشجع جداً.
محطات صفية
ــ تكلمت عن مجمل مشوارك الفني، كيف تلخصين أبرز محطاته؟
- فيه محطات مهمة جداً منذ بداية مسيرتي، فيه التعب وفيه الحصاد من حب الجمهور ليس في مصر وحدها.
ــ وفيه <نازك السلحدار> القوية المستبدة في <ليالي الحلمية> للمبدعين أسامة أنور عكاشة واسماعيل عبد الحافظ التي لم ينسها الجمهور حتى اليوم.
- كانت شخصية مميزة أعطيتها من قلبي وأنا دائماً أردد انني لو مت، يكفيني انني قدمت هذا الدور. <بس انا مش شريرة.. والله>... (وكانت نازك السلحدار سليلة الحسب والنسب تتلاعب بالمصائر وبتعدد الازواج حتى اصبحت حديث الناس).
ــ ما الذي جعله دوراً مميزاً برأيك؟
- لأنه اشتمل على كل شيء. دخلته السياسة والمشاكل الاجتماعية وعالج الكثير من المواضيع.
ــ وفي السينما، يبقى فيلم <البيه البواب> أمام النجم الراحل أحمد زكي ماثلاً في ذاكرتنا أيضاً..
ــ وهل يمكن ان أنسى <الكف> الذي تلقيته من أحمد وطبع على خدي فاحمر وجهي لفترة من الزمن؟. أحمد كان رائعاً وهو لشدة ما عاش الشخصية واندمج فيها <اداني الم(صفعة) جامد أوي>. هذا الفيلم يعيدني الى ذكريات جميلة جداً وكان خفيف الظل فعلاً. طبعاً لي في هذا التاريخ الطويل أكثر من محطة لا يمكن ان أنساها في أفلام مثل <العذاب فوق شفاه تبتسم>، <أبداً لن أعود> و<العذاب امرأة>، ومؤخراً شاركت في فيلم <الليلة الاخيرة> ألعب فيه دور سيدة من الأحياء الشعبية تعمل في أحد الموالد وأنا أرحب بالبطولات الجماعية لأنها مكسب للجمهور.
ثم أردفت:
- <الليلة الكبيرة> فيلم من تأليف أحمد عبد الله، إخراج سامح عـبد الـعـزيز، ومن إنتاج أحمد السبكي، وهو آخر الثلاثية التي بدأها السبكي في فيلمي <كباريه> و<الفرح>، و يتطرق إلى ما يدور داخل حلقات الذكر لشيوخ الطرق الصوفية وهو فيلم من أفلام اليوم الواحد، حيث تقع أحداثه كلها في يوم واحد في أحد الموالد الشعبية مستعرضاً عالم هذه الموالد والأحداث المصاحبة لها من حلقات ذكر وطقوس دينية مختلفة، وأيضاً الأسواق التي تقام حول هذه الموالد.
ــ العبارة نفسها رددتها الليلة بالنسبة للتكريم: <يكفيني إن مت.. انني تكرمت في لبنان>.. كيف تفسرينها؟
- صحيح، فعادة ما يكرم العرب نجومهم بعد وفاتهم.. من الجميل ان نكرم ونحنا <لسه عايشين>. فالتكريم في بلدكم الجميل أعتبره تتويجاً لحياتي وعمري وسوف أموت وأنا سعيدة به. فالفنان هو مرادف للعطاء لذلك عليه ان يكون دقيقاً وواعياً جداً في اختياراته، يقدم من خلالها رسالة تفيد المشاهد والمجتمع .المهم ان تنطبع أعمال الفنان في ذاكرة الناس وتدخل التاريخ.
ــ أي المواضيع تراها سفيرة الأمم المتحدة الأكثر إلحاحاً للطرح في الدراما اليوم؟
- العلاقات الاجتماعية والأسرية لأنها تلمس المشاهد وتنقل يومياته. الفن هو صورة المجتمع ومرآته.
ــ كيف تصفين حال السينما المصرية حالياً؟
- هناك الجيد لكن هناك الكثير منها الرديء.. <حالة لخبطة>.. الأمر الذي يعكس الحالة العامة، واننا نحتاج الى مصر جديدة في كل شيء. نحن بحاجة الآن للسلام والأمان حتى نعيد بناء نفسنا وبلدنا بشكل لائق تعم فيه الاخلاق والانتظام في مختلف الميادين.
مي زيادة...
ــ تحلمين بتجسيد شخصية الأديبة والشاعرة مي زيادة. . لماذا حلمت بتجسيد هذا الدور؟
- لأنها شخصية غنية يجب ان يتعرف إليها الجمهور.. جمعت كل ما وجدته عن حياتها الغنية وهي مليئة بالدراما. وأنتم تعرفون انه قبل رحيل المخرج يحيي العلمي كنت أحضّر معه مسلسلاً عن حياتها وكان قد بدأ كتابته إلا ان المشروع توقف لأسباب لن أدخل فيها الآن.
ــ ما الذي لفتك في مسلسلات رمضان الكريم لهذا العام وكانت غزيرة جداً..
- نوعت المشاهدة إلا انه من الخطأ برأيي ان تقدم كلها مرة واحدة، ما يفقد المشاهد لذة التشوق والمتابعة لمسلسله المفضل. نرى المسلسلات تتكدس في شهر واحد، فيتساءل المشاهد: ماذا أتابع: المصري او الخليجي او اللبناني؟ المفروض ان توزع الاعمال على أشهر السنة كلها، وأنا أذكر ان الجزء الاول من <ليالي الحلمية> تم بثه في شهر تشرين الأول/ اكتوبر ولم يكن ذلك في شهر رمضان. المسلسل خلق <جو رمضان> قدم الحالة الخاصة التي تقدمها المتابعة في هذا الشهر الفضيل. في النهاية ما يحث الناس على المتابعة هو جودة العمل وليس اسم الشهر الذي يعرض فيه.
ــ ليس مسلسل <ليالي الحلمية> وحده ما نذكره.. لقد كنت من أجمل <هوانم غاردن سيتي> وقدمت دوراً جميلاً في <أحلام الفتى الطائر> مع النجم عادل إمام..
- أشكر محبتكم ومتابعتكم..
ــ نعرف انك من هواة متابعة المسلسلات الكوميدية ايضاً..
- بضحكة تجيب: آه والله.. فنحن نمر بحالة <نكد> منذ فترة طويلة.
ــ بعيداً عن الفن، أين تكون صفية العمري، وكيف تقضي أوقاتها؟
- أسافر في كل سنة تقريباً عند أولادي في أميركا (تزوجت من الفنان جلال عيسى وأنجبت منه ولدين)، وأحضّر للأعمال التي يمكن ان أشارك فيها وأمتع الجمهور وأفيده.