صنع الفنان عمرو سعد اسمه بسبب أدواره في أعمال تنحاز للمواطن البسيط وتعبر عن المهمشين، مثل <حين ميسرة> و<دكان شحاتة> على شاشة السينما مع هيفاء وهبي، و<شارع عبد العزيز> في الدراما التليفزيونية، لكنه غاب بإرادته طوال الفترة الماضية حتى يجد العمل الذي يناقش من خلاله القضايا التي يواجهها المجتمع المصري.
وقال عمرو سعد إنه بدأ التحضير لفيلم يتناول من خلاله بطولات ضباط الجيش المصري في حربهم على الإرهاب، مؤكداً أنه ليس ضد ترشح الفريق أول عبد الفتاح السيسي للرئاسة، لكنه يرى أنه تجاوز حجم منصب الرئيس.
ــ ماذا عن مشروعك السينمائي الذي بدأت التحضير له؟
- بدأت التحضير لفيلم عن حياة ضابط في الجيش يتولى تنفيذ مهمة بعد 30 يونيو، لكنني أنتظر حالياً موافقة القوات المسلحة لأن شخصية ضابط الجيش ممنوعة من الظهور على الشاشة منذ 30 عاماً، باستثناء الأعمال التي تتناول حرب أكتوبر، ولا أقصد هنا القائد العسكري بل الضابط الذي يستحق أن نعبر عن المعاناة التي يتعرض لها يومياً.
لماذا... الضابط؟
ــ وما هي الصعوبات التي تواجهك حتى يخرج هذا العمل إلى النور؟
نحن نحتاج إلى دعم القوات المسلحة في التصوير، من دبابات وطائرات ومعدات، والفيلم مهم جداً وأعتبره أهم من مئات البرامج والصحف لأنه <بيشتغل> على وعي الجمهور على مدى سنوات طويلة.
- لماذا فكرت في تقديم دور ضابط في الجيش؟
- منذ فترة طويلة وأنا أحلم بتقديم هذا الموضوع، وشخصية ضابط الجيش تستهويني خاصة أن العالم كله يتناولها دون معوقات، لكن طوال السنوات الماضية كان هناك تحفظ دائم من القوات المسلحة على ذلك، لكن الفرصة متاحة حالياً، وأعتبر تقديم مثل هذه التجربة نوع من الواجب الوطني تجاه مؤسسة منضبطة قدمت جهداً كبيراً في الحرب ضد الإرهاب في سيناء وغيرها من محافظات مصر، كما أن ضباط الجيش يملكون حساً وطنياً كبيراً.
ــ هل ترى أن دور الجيش في الجبهة الداخلية حالياً أهم من دوره في مواجهة العدو الخارجي؟
- بالتأكيد، ففي الحرب أنت تعلم جيداً الجبهة التي يقف فيها عدوك والشعب كله يكون خلفك، بينما الوضع هنا مختلف لأنك تحارب أشباحاً من الداخل، لذلك هذا الوضع يتطلب شجاعة كبيرة لأنه <مرعب>، فمثلاً لو كنت تقف في حاجز أمني، فأنت لا تعلم من أين ستأتيك الرصاصة.
ــ لم تتحدث منذ ثورة 30 يونيو، فكيف ترى ما يجري على الساحة حالياً؟
- منذ انتخابات الرئاسة ومجيء الرئيس المخلوع محمد مرسي، لدي قناعة مفادها أنه كيف تطلب مني أن أقود السيارة دون أن أتعلم فن القيادة؟ وكيف تمنحني الحرية دون أن تعلمني حدودها؟ لذلك كنت متأكداً من أن هناك تداعيات سريعة سوف تحدث، ويتبعها انهيار في أي قرار سيختاره الشعب في المرحلة الأولى، أياً كان هذا الاختيار، و كان لدي شبه يقين بأننا لن نستطيع أن نختار بشكل مناسب خاصة بعد اللعب على وتر التيارات الدينية.
المصريون ومعنى الديموقراطية!
ــ هل المصريون غير مؤهلين للديموقراطية كما يرى البعض؟
- المصريون أذكياء، لكن الديموقراطية تحتاج إلى وقت في أي دولة، واستعارة تجارب الآخرين كانت خطراً، وأنا سألت نفسي: هل الفعل الثوري أفضل أم الإصلاحي؟ ورغم أننا كنا نعلم أن هناك مشاكل كثيرة سواء في التعليم أو الصحة أو الاقتصاد، لكن هل حل المشكلة بهذه الطريقة هو الأنسب للظرف المكاني والزماني للشعب المصري، وبشكل شخصي لا أعرف الإجابة عن هذا السؤال.
ــ لكن هناك تغيرات كثيرة طرأت على الشخصية المصرية؟
- بالفعل، والمكسب الوحيد من ثورة 25 يناير أنك أصبحت فاعلاً، لكن ماذا تفعل؟ لا أعلم، لأن الإنسان المصري على مدى 60 سنة كان مفعولاً به، لكن بعد أن تحول إلى فاعل، أصبح <زبوناً> تسترضيه الأطراف السياسية المتصارعة. ولدي في هذه النقطة تساؤل: هل الفاعل بفعله سوف يسلك المسار الصحيح ويطور البلد؟ لكن كل ما فعلناه على مدى 3 سنوات أننا نطالب الدولة بأشياء، وحتى الآن لم نطالب أنفسنا بأن نقدم شيئاً أو ندفع حتى نحصل على الطلبات، ففي مثل هذا الظرف، لا بد أن يكون لدينا يقين بأن ندفع أكثر ونحصل على الأقل حتى نصل إلى المستوى الذي نريده، ولو كان لديك القدرة على فعل ذلك سوف تصعد سريعاً، لكن لو لم تتوفر لديك هذه القدرة <ابقى قابلني>.
- لا توجد مؤامرة إلا على نظام فاشل فعلاً، وعندما يكون النظام قوياً وناجحاً تكون مناعته قوية، ولا يعنيني إن كان هناك مؤامرة أم لا، ويعنيني أنه حتى لو كان هناك مؤامرة، فإنها نجحت لأنه كان لدينا أزمة حقيقية.ــ وما رأيك في ما يردده البعض بأن ما حدث مؤخراً مؤامرة ضد مصر؟
أخطاء الاخوان فاضحة
ــ هل ترى أن الاخوان ارتكبوا أخطاء فادحة خلال توليهم الحكم؟
- من الممكن أن يكون حجم الأخطاء غير فادح لكنه <فاضح>، لأن الأخطاء التي ارتكبوها تدل على عشوائية في التفكير، والمصريون سلموا <كابينة> القيادة إلى أشخاص ليس لديهم أي قدرة على ذلك، وواضح من الأخطاء الظاهرة بالنسبة لي بصرف النظر عما يقال في الإعلام أنهم فعلوا كذا، لأن الإعلام هو الذي يتحدث في مثل هذه الأمور وليست الدولة، لذلك ما أقيمه هو مسار السلطة خلال عام، فالاخوان حكموا بقدر كبير من السذاجة، وكأنهم كانوا من عالم آخر وبعقلية أخرى، كما أن فهمهم للدين أضرهم وجعلهم يرتكبون أخطاء متسارعة تسببت في سقوطهم.
ــ وهل تؤيد ترشيح السيسي نفسه لانتخابات الرئاسة؟
- طول عمري لم أكن ضد ترشيح أي رجل عسكري، كما أنه لا توجد جامعة لتخريج رئيس جمهورية، لذلك من حقه أن يرشح نفسه مثل الطبيب أو غيره من أصحاب المهن الأخرى، وترشيح السيسي نفسه لن يكون نوعاً من الطمع لأنه تخطاه جماهيرياً، بل أعتقد أن هذا المنصب ينتقص منه.
ــ لماذا؟
- طريقة تفكير المصريين تميل إلى انتظار البطل الشعبي، وهذا البطل غاب طويلاً لأن الأنظمة السابقة لم تتحقق فيها <كاريزما> البطل الشعبي، لذلك عندما ظهر رجل يمتلك هذه <الكاريزما> أعطوه أكثر من اللازم، ومن المعروف أن البطل الشعبي يتحول إلى رمز، وقد يكون خطيراً على الشخص الذي تحول إلى رمز شعبي أن يتولى مثل هذا المنصب، إلا إذا كان لديه ما يقدمه في المرحلة الجديدة، فعندئذ له الحرية في الترشح.
ــ بعيداً عن السياسة، لماذا قررت خوض المنافسة الدرامية في رمضان المقبل بالجزء الثاني من مسلسل <شارع عبد العزيز>؟
- هناك أكثر من سبب، في مقدمتها أن المسلسل نجح على المستوى الإنتاجي، كما حقق نجاحاً كبيراً بعد عرضه أكثر من مرة على عدد كبير من الفضائيات المصرية والعربية، فضلاً عن أن نهاية المسلسل مفتوحة مما منحنا فرصة لاستكمال الأحداث والتعامل مع الأوضاع الحالية ، لذلك سأستخدم شخصية عبد العزيز التي أحبها الجمهور في إرسال مجموعة رسائل محددة للمجتمع المصري.
ــ هل لجأت إلى شخصية عبد العزيز لأن نجاحها مضمون؟
- قرأت أكثر من سيناريو جيد خلال الفترة الماضية، كما أنه لا يوجد نجاح مضمون، ولكنني لجأت إلى شخصية أصبحت محببة لدى الجمهور.
ــ ماذا عن تناول الجزء الثاني من المسلسل للأوضاع السياسية والاجتماعية الحالية؟
- تمت كتابة 10 حلقات فقط حتى الآن، والسيناريو يمر بمراحل ، بمعنى أنه يتم وضع البناء العام للمسلسل ثم بعد ذلك التفاصيل، خاصة في ظل وجود تغيرات اجتماعية، وأعتقد أن التغيرات الاجتماعية أهم من السياسية لأنها التي قادت السياسية وليس العكس.
ــ معنى هذا أن الجزء الثاني سيكون بعيداً عن السياسة؟
- لا أفكر في السياسة بالمعنى المباشر، بل من منطلق رصد عيوب المجتمع و تشخيص أمراضه، وعندما تضع يدك ككاتب أو كفنان على المشكلة، فإن ذلك بداية العلاج، لذلك المشاكل التي تحدث في المجتمع هي المهمة حالياً، وأنا اصغر من أن أضع وجهة نظري في السياسية في الوقت الحالي لأن <النمرة> لم تنته بعد، في ظل وجود تقلبات، خاصة أن قناعات الناس تتغير بين يوم وليلة، لكننا نرى الأوضاع الاجتماعية جيداً كما أن تأثيرها في السياسة واضح.
ــ هل تجد صعوبة في إعادة تقمص شخصية <عبد العزيز> بعد مرور سنوات على تصوير الجزء الأول؟
- لا يوجد شيء صعب أمام الممثل، فمثلاً <الكمنجاتي> لا يجد صعوبة في العزف، بينما نرى أن ما يفعله صعب لأننا لا نجيد العزف، وحالياً أشاهد الجزء الأول من المسلسل.
ــ وما مدى تدخلك في اختيار باقي فريق العمل؟
- المدرسة التي تعلمت فيها تؤمن بأن المخرج هو رب العمل، وفي النهاية رأيي استشاري، وعندما ألتقي بالمخرج أبلغه بذلك، حتى لا أفسد <الهرمون>، وفي الجزء الثاني سيستمر معنا فريق العمل الخاص بالجزء الأول إلا إذا حدث اعتذار مفاجئ، كما أن هناك شخصيات جديدة، لكن المخرج لم ينته حتى الآن من ترشيح الممثلين.
ــ لماذا توقف مشروع مسلسل <بشر مثلكم>؟
- ما زلت أراهن على هذا العمل، لكنني وراء عدم تصويره بسبب أمانتي مع الجمهور، لأن المسلسل يتناول شخصية إمام مسجد وهذه الشخصية تتطلب إتقان اللغة العربية وتلاوة القرآن، رغم أنني ظللت لفترة أحفظ أجزاء من القرآن حتى أكون مقنعاً أثناء وقوفي على المنبر، كما قرأت كثيراً في كتب السيرة، لكنني اكتشفت أن الوقت غير كافٍ نظراً لحساسية الموضوع.
شخصية إمام المسجد
ــ هل ترى أن التوقيت مناسب لموضوع المسلسل؟
- لا يهم التوقيت المناسب، فأنا اكتشفت أن الوقت مناسب لمدة 30 سنة لأن الأزمة في الفهم سوف تستمر معنا حتى <لو اشتغلنا عليها من اليوم>. وكان هدفي تقديم شخصية إمام المسجد الإنسان الذي لم يُقدم إلا بشكل <كاريكاتيري>، وبالتحديد التطرق الى مدى علاقته بالمجتمع والمشاكل التي تواجهه، وكان من الممكن أن ينجح المسلسل لو تم تصويره لكن دون أن يقدم الرسالة التي أبحث عنها.
ــ ما سبب غيابك عن السينما في الفترة الماضية؟
- الغياب سببه التردد، حيث اعتذرت خلال الفترة الماضية عن أفلام كثيرة، ولو كنت قدمتها بالتأكيد كنت خسرت كثيراً. فالأفلام التي قدمتها كانت جزءاً من تكوين أشخاص كثيرين، خاصة بعد عرضها على الفضائيات، وهذا يجعل المسؤولية أكبر، كما أنني غير مهتم بتقديم عدد كبير من الأفلام، وكل ما يهمني هو أن يعيش الفيلم طويلاً ويلقى احترام من يشاهده.
ــ نفهم من ذلك أن ضعف السيناريوهات كان سبباً رئيسياً في ابتعادك عن السينما؟
- هناك أسباب كثيرة منها السيناريو لأن المنتج دائماً يبحث عن السيناريو، والمؤلفون المحترفون أصبحوا يكتبون وفقاً لمتطلبات السوق، لذلك استعنت بورشة كتابة لتقديم عمل جديد، كما أن المنتجين حددوا نوعية معينة من الأفلام لا تتناسب معي بحجة أن <الجمهور عايز كده>، بينما أبحث عن فيلم اجتماعي، وسبق أن قدمت <حين ميسرة> قبل أن يتحدث أي شخص عن العشوائيات.
ــ لماذا تركز في أفلامك على طبقة المهمشين؟
- لأنها اكبر طبقة، وأكثر من 80 بالمئة من سكان الوطن العربي <غلابة>، والمفترض أن نسبة الأفلام التي تنتج لهذه الطبقة تكون أكبر من الأفلام التي تعبر عن الأغنياء، والسينما لم تعبر عن هؤلاء الناس حتى الآن بشكل كافٍ، وعلى الممثل أن يبحث عن جمهوره.
ــ وما حقيقة وجود خلافات بينك وبين المخرج خالد يوسف؟
- لا توجد أي خلافات بيننا، ونستعد حالياً لفيلم جديد سنبدأ التحضير له لاحقاً، فخالد كان مشغولاً بالسياسة خلال الفترة الماضية، كما أنه ليس شرطاً أن أقدم كل الأفلام مع مخرج واحد.
ــ كيف ترى اتهامك بتشويه صورة المجتمع المصري في أفلامك؟
- سمعت هذا الكلام بعد أن قدمت <حين ميسرة>، لكن هذا رأي نخبوي، وفي السينما لن تجد فيلماً تافهاً يدعو للرذيلة، وعندما تطرقنا إلى العشوائيات، قدمنا شخصية رجل سلبي ونهايته كانت سيئة، بينما هناك أفلام أعتبرها أكثر خطورة لأنها تجعل من النصاب بطلاً محبباً لدى الجمهور.
ــ صرحت في السابق أنك شاركت في أعمال من أجل المال، فهل من الممكن أن تكرر الفعل نفسه؟
- حدث ذلك في بداية حياتي لأنني كنت في حاجة إلى المال، لكن مستحيل أن أكرر الفعل نفسه، فأنا أعتبر ذلك <غلطة> حدثت مرة واحدة في حياتي، ولو كنت أبحث عن المال لوافقت على الظهور في البرامج أو المشاركة في الأفلام التي عرضت عليّ.. عشوائياً!