تفاصيل الخبر

عمـلـيـــــة نـقــــل ”المـيـتـوكوندريـــــا“ نبعت مـن تجـــارب فــي الـمـكسيــــك لـــدى أبـويــــن أردنـيـيــــن!

11/11/2016
عمـلـيـــــة نـقــــل ”المـيـتـوكوندريـــــا“ نبعت مـن تجـــارب فــي الـمـكسيــــك لـــدى أبـويــــن أردنـيـيــــن!

عمـلـيـــــة نـقــــل ”المـيـتـوكوندريـــــا“ نبعت مـن تجـــارب فــي الـمـكسيــــك لـــدى أبـويــــن أردنـيـيــــن!

 

بقلم وردية بطرس

اختصاصية-------2-التغذية-كارلا-حبيب-والسيدة-كارين-انطونيادس-مع-العام  

شهد العالم أول حالة انجاب طفل رضيع بواسطة تقنية <الآباء الثلاثة> المثيرة للجدل التي اعتبرها العلماء ثورة في هذا المجال.

وذكر أطباء متخصصون في الخصوبة ان التقنية الجديدة تسمح للآباء الذين يعانون من طفرات وراثية نادرة بانجاب أطفال بصحة جيدة. وأطلق الوالدان، وهما أردنيان، اسم ابراهيم على مولودهما الذي ولد على الأراضي المكسيكية باشراف فريق طبي من مدينة نيويورك الأميركية قاده الدكتور <جون تشانغ>، وحصلت العملية على الأراضي المكسيكية لأنها محظورة في الولايات المتحدة.

والدة الطفل ابتسام شعبان ووالده محمود حسن عولجا في المكسيك بواسطة فريق طبي أميركي من متلازمة <لي> التي تصيب <الميتوكوندريا> وتؤدي الى ضمور الجهاز العصبي، وعند فحص المولود تبين أن <الميتوكوندريا> تحمل 1 بالمئة من الطفرة الوراثية التي تسبب متلازمة <لي> وهذا يعني ان المولود شفي تماماً من المتلازمة بفضل هذا التقنية. وتعاني الأم من متلازمة <لي> وهي اضطراب وراثي يعرض حامله لخطر متزايد لأنواع شتى من مرض السرطان. والجدير بالذكر ان بريطانيا كانت أول دولة وافقت على الخضوع للتلقيح الصناعي باستخدام الحامض النووي من ثلاثة آباء، حيث توصل علماء بريطانيون الى استنتاج مفاده ان هذه التقنية آمنة للمرضى الذين يعانون من أمراض في <الميتوكوندريا>.

لا بد من الاشارة هنا الى ان <اليمتوكوندريا> عبارة عن جسيمات صغيرة الحجم سابحة في <سيتوبلازم> الخلية الحيوانية او النباتية على حد سواء ويمكن رؤيتها بوضوح بالمجهر الضوئي غالباً، الا ان بعضها دقيق للغاية بحيث لا يرى الا بالمجهر الالكتروني.

و<الميتوكوندريا> تعمل بواسطة انتاج <ثالث فوسفات الأدينوسين>، وهذا هو الذي يمنحنا القوة ويمد كل خلية بوقود الطاقة. وتحتوي الخلايا على أعداد مختلفة من <الميتوكوندريا> طبقاً لكمية الطاقة المطلوبة في هذا النسيج، ولذلك فان خلايا الدماغ والقلب مثلاً يكون فيها عدد أكبر من <الميتوكوندريا> من أي عضو آخر.

وتحتوي <الميتوكوندريا> على حامض <الديوكي ريبونيوكليك> وهي تمثل مادة وراثية بداخل <الميتوكوندريا> كميتها ضئيلة، ويقوم <دي ان اي> <الميتوكوندريا> بالتحكم في اظهار صفات معينة محدودة بداخل <الميتوكوندريا> اي بمعنى آخر فان <الميتوكوندريا> لها مادة وراثية خاصة بها وتتحكم في صفات معينة وتنتقل هذه الصفات من جيل الى آخر، ولكن طريقة توارثها تختلف تماماً عن طريقة توارث الصفات الأخرى التي تتحكم فيها جينات بداخل النواة اي انها تختلف عن طريقة التوارث المندلية، ويُعرف توارث <الميتوكوندريا> بالتوارث <السيتوبلازمي>، الا ان تكوين <الميتوكوندريا> وكذلك الغالبية العظمى للانزيمات الموجودة بداخلها يكون تحت تأثير الجينات الموجودة بداخل النواة.

وتلعب <الميتوكوندريا> دوراً رئيسياً في عملية التنفس وهي عملية هدم للمواد العضوية وللكربوهيدرات والدهون، وتتم عملية التنفس على سطح الغشاء الداخلي للـ<ميتوكوندريا> حيث توجد الانزيمات الخاصة بهذه العملية وينتج عن عملية التنفس طاقة يستخدمها الكائن في أداء وظائفه الحيوية المختلفة، وتختزن الطاقة الزائدة على هيئة <أدينوزين ثلاثي الفوسفيت> كما ينطلق ثاني أكسيد الكربون والماء. ومما يزيد من أهمية دور <الميتوكوندريا> في عملية التنفس هو ان <الميتوكوندريا> تختفي من الخلايا التي لا يصل اليها الاوكسجين.

 

الدكتورة مونيكا تشرح الملابسات

 

وعن نقل <الميتوكوندريا> وولادة طفل من ثلاثة آباء تشرح الدكتورة مونيكا شاولا الاختصاصية في مجال الخصوبة، وهي تعمل في مجال معالجة العقم والغدد الصماء الانجابية منذ أكثر من 16 سنة، كما انها خبيرة في الجراحة بواسطة مناظير البطن الرحمية والمهبلية، والطب الانجابي والعقم، وحالات الحمل العالية المخاطر والأمراض النسائية الجراحية. وقد نشرت بحوثها في 27 مجلة عالمية وعلمية مفهرسة، وتم تقديم هذه البحوث في مؤتمرات عالمية مختلفة. وهي عضو في الجمعية الأميركية للطب الانجابي، والجمعية الانكليزية للخصوبة، والجمعية الأميركية لطب الأمراض النسائية وتنظير البطن، كما حازت على عضوية الكلية الملكية لأطباء الانجاب وأطباء الأمراض النسائية (ان آر سي او جي) في العام 2004، وعلى عضوية الجمعية الدولية لجراحي تنظير البطن في العام 2008، كذلك حازت على زمالة السفر عبر البحار من الكلية الملكية لأطباء النساء وأطباء الانجاب في العام 2003، وقد كانت الشخص الوحيد الذي تم انتقاؤها كأمينة سجل بعد الرعاية من قبل (آر سي او جي) في الهند وذلك تقديراً لخبرتها وأبحاثها السريرية.

الدكتورة-مونيكا-شاولا-----1وتقول:

- يعد التبرع بـ<الميتوكوندريا> ويشار اليه أحياناً بتكنولوجيا التلاعب او العلاج بنقل <الميتوكوندريا> او <MMT> شكلاً من أشكال الاخصاب داخل المختبر، حيث يأتي الحمض النووي للمولود المقبل من طرف ثالث. وتستخدم هذه التقنية في الحالات التي تحمل فيها الأمهات أمراض <الميتوكوندريا> الوراثية ولا تنجح معهن التقنيات التقليدية للتخصيب داخل المختبر. وغالباً ما تنطوي أمراض <الميتوكوندريا> على مشاكل في انتاج الطاقة داخل خلايا الجسم، وغالباً ما يؤدي الأمر للكثير من الحالات المتعلقة بالعضلات لدى الأشخاص المصابين. فـ<الميتوكوندريا> هي مصانع انتاج الطاقة داخل الخلايا وتكون منفصلة عن الحمض النووي الذي يحدد الصفات الوراثية للطفل، ولكن حدوث الطفرات في <الميتوكوندريا> من الممكن ان يكون مدمراً ويؤدي الى الاصابة بالعديد من الأمراض الخطيرة والقاتلة التي تضر بالأعصاب، والعضلات، والدماغ، والقلب، والكبد، والهيكل العظمي، والكلى، والغدد الصماء، والجهاز التنفسي، وغالباً ما تقتل الأطفال خلال السنوات القليلة الأولى من حياتهم.

تتمثل التقنية التي أدت لولادة أطفال أصحاء في نقل الحمض النووي من بويضة للأم التي تعرضت لتحور <الميتوكوندريا>، ومن ثم وضع ذلك الحمض النووي في بويضة صحية تبرعت بها احدى المانحات، وبذلك تحتوي البويضة الصحية غير المصابة بأمراض <الميتوكوندريا> على الحمض النووي الجيد من الأم، ومن ثم يمكن البدء في تخصيبها بالطرق التقليدية داخل المختبر.

وتتابع الدكتور مونيكا:

- التقنيتان الأكثر شيوعاً في التبرع بـ<الميتوكوندريا> هما <نقل البرونوكلير> و<نقل مغزل الأمومة>. فالجنين يتكون من الحمض النووي لكل من الآباء والأمهات، بالاضافة الى بعض الحمض من أحد المتبرعين الأصحاء الذين يمتلكون <ميتوكوندريا> سليمة. لا تزال التقنية مثيرة للجدل الى حد كبير في ما يتعلق بمبادىء ومعايير الطب الأخلاقي كما هو الحال مع العديد من العلاجات الجينية الأخرى. وتعد تقنيات التبرع بـ<الميتوكوندريا> حالياً قانونية في المملكة المتحدة. وفي فبراير شباط (فبراير) 2016 صدر تقرير عن <ادارة الغذاء والدواء الأميركية> يعلن ان اجراء المزيد من الأبحاث في التبرع بـ<الميتوكوندريا> هو امر جائز أخلاقياً، كما أعطت <الأكاديمية الوطنية الأميركية للعلوم> موافقتها على نظرية نقل <الميتوكوندريا> بغرض الوقاية من الأمراض. ولكن على الرغم من ذلك، فقد منع الكونغرس الأميركي <ادارة الغذاء والدواء الأميركية> من اجراء اي من العلاجات التجريبية التي تتعلق بهذا الأمر.

وتشرح الدكتورة مونيكا عن الأسئلة التي لا تتوافر اجابة عنها قائلة:

- أولاً تم الحمل بطفل ذكر بواسطة تقنية مثيرة للجدل تقوم على مزج الحمض النووي لثلاثة أشخاص مختلفين، وقد تصدرت أنباء ذلك الحدث عناوين الصحف في جميع أنحاء العالم. ولكن تم ذلك دون اي وسيلة للتحقق لأن المتخصصين وراء هذا الاجراء لم يصدروا اية بيانات او معلومات حتى تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، مما دفع ببعض الباحثين لأن يشككوا في أخلاقيات الاجراء بشكل عام، وعلى وجه الخصوص في ما يتعلق بقرار فريق طبي مقره الولايات المتحدة اختيار المكسيك لاجراء العملية، وهي الدولة التي تعد الرقابة فيها أقل تشدداً في ما يتعلق بتعديل جنين بشري، وذلك على سبيل المثال بالمقارنة بالولايات المتحدة او المملكة المتحدة.

- ثانياً: من بين الأمور المجهولة هو احتمال ان تتسبب تلك التقنية في نقل بعض <الميتوكوندريا> المريضة من الأم الى البويضة المانحة ومن ثم الى نواة الخلايا، ووفقاً لبعض الدراسات فان 5 بالمئة من الحمض النووي لـ<الميتوكوندريا> يحمل بواسطة نواة خلايا الأم، كما أشارت بعض عينات الحمض النووي المأخوذة من الأطفال بعد الولادة أنها تختلف في الأنسجة وتضمنت احتمالية وجود نسبة خطأ في الحمض النووي بلغت 1.6 بالمئة على أقصى تقدير.

- ثالثاً: تعد مسألة السلامة بطبيعة الحال قضية أساسية لأي تقنية طبية جديدة، ولاسيما لتلك التي تنطوي على الوسائل الانجابية. وقد ثبت ان التقنيات تكون أحياناً ناجحة على الفئران والقردة، ولكن النماذج الحيوانية قد لا تكون بالضرورة مطابقة لظروف البشر.

- رابعاً: في الولايات المتحدة الأميركية خلال العام 2002 تسبب اجراء ينطوي على الحقن بـ<السيتوبلازم> لعلاج العقم لدى النساء الأكبر سناً في ولادة 17 طفلاً، وبسبب مخاوف تتعلق بالسلامة سحبت <ادارة الغذاء والدواء الأميركية> الترخيص الخاص بهذه الحقن، كما وردت أنباء من الصين باجراء محاولة لاحقة لم تسفر عن اي ولادة حية. وها هو الآن ولكن بعد 15 عاماً، سيقوم المشروع على مراقبة الحالة الصحية للأطفال الباقين على قيد الحياة، لذا فان متابعة الحالة الصحية المستقبلية وعلى المدى الطويل للأطفال الذين تم انجابهم بواسطة اي من التقنيات الجديدة هو أمر حيوي لاثبات سلامة تلك التقنيات.

وتتابع الدكتورة شاولا:

- خامساً: يشمل التبرع بـ<الميتوكوندريا> نقل المادة الوراثية وليس المواد النووية للخلايا، وهو ما أدى الى عدم اليقين ما اذا كان ينبغي تنظيم تلك العملية في ما يتعلق على سبيل المثال بالتبرع بالبويضات والتبرع بالأنسجة. فـ<الميتوكوندريا> تلعب دوراً مهماً في العديد من العمليات الجسدية، وبالتالي فان المساهمة الوراثية للمتبرع قد تكون كبيرة، كما ان هناك تفاعلات معقدة بين الحمض النووي والحمض النووي الخاص بـ<الميتوكوندريا>، وقد أثار ذلك الكثير من المخاوف.

- سادساً: من الناحية الوراثية سيكون الحمض النووي لدى الطفل بالتأكيد من ثلاثة أشخاص مختلفين، ولكن كل الأدلة العلمية المتاحة تشير الى ان الجينات التي تسهم في تشكيل الخصائص الشخصية والصفات تأتي فقط من الحمض النووي للنواة، والذي يأتي فقط من والدي الطفل المفترضين، لذا لن يؤثر الحمض النووي لـ<الميتوكوندريا> الذي تم التبرع به على تلك الخصائص والصفات، ولكن يمكن أيضاً ان تكون تلك المسألة معقدة ومربكة.

- سابعاً: هناك جدل حول القضايا التي تتعلق بالهوية الحقيقية للطفل.

- ثامناً: في حين ان المناقشات تدور حول الهوية والمتبرعين تركز علاقات الطفل في المقام الأول حول التأثير الشخصي الناتج عن تلك التقنيات، كما برز العديد من المخاوف بشأن التداعيات على مستوى المجتمع.

- تاسعاً: هناك جدل أيضاً حول القضايا المتعلقة بالتعديلات الجينية والوراثية للجنين.

- عاشراً: التبرع بالبويضات وتأجير الأرحام من الأمور غير قانونية داخل الامارات العربية المتحدة، لذلك يرجح ألا تكون هذه الأساليب والتقنيات مسموحاً بها هنا في المستقبل القريب.