تفاصيل الخبر

عملية انتخاب الرئيس ليست مجرد إسقاط ورقة في صندوق الاقتراع بل عملية سياسية شاملة!

26/06/2014
عملية انتخاب الرئيس ليست مجرد إسقاط ورقة  في صندوق الاقتراع بل عملية سياسية شاملة!

عملية انتخاب الرئيس ليست مجرد إسقاط ورقة في صندوق الاقتراع بل عملية سياسية شاملة!

SAM_0198 الشغور الرئاسي مستمر منذ 25 أيار/ مايو الماضي تاريخ انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان ولم تنفع المحاولات السبع السابقة في انتخاب رئيس جديد للبلاد، ما دفع الرئيس نبيه بري لتعيين جلسة جديدة يوم 2 تموز/ يوليو المقبل، لكن كما تبدو المعطيات فلا نصاب سيحصل ولا الجلسة ستنتج رئيساً، في وقت يستمر الحوار بين تيار <المستقبل> والتيار الوطني الحر، ما يجعل رئيس تكتل التغيير والإصلاح يتمسك بترشيحه دون إعلان، ويؤكد أنه توافقي، إلا أن البعض طرح مسألة اختيار رئيس توافقي من خارج إطار 8 و14 آذار/ مارس، فيما تحدثت وسائل إعلام عن إمكانية تنازل العماد عون عن ترشيحه، شرط أن يسمي رئيساً معيناً هو النائب الدكتور فريد الياس الخازن. فما صحة ذلك؟

<الأفكار> التقت الدكتور الخازن داخل مكتبه في مجلس النواب وحاورته على هذا الخط، بالإضافة الى الملفات الداخلية السياسية والأمنية كافة، وصولاً الى تداعيات أحداث المنطقة على لبنان بدءاً من السؤال:

ــ الاستحقاق الرئاسي يراوح مكانه رغم 7 محاولات تعطل فيها النصاب. فهل الأمر ينتظر التوافق الداخلي أم كلمة السرّ الإقليمية الدولية؟

- تقديري أن التأثير الداخلي له الحصة الأكبر والقوى السياسية لديها كلمتها في هذا الموضوع لكن طبعاً يأتي ضوء أخضر من الخارج الذي نعني به تحديداً المملكة العربية السعودية وإيران، لكن من دون الدخول في التفاصيل كما كان يحصل زمن الوصاية السورية. وحالياً هناك حوار بين العماد ميشال عون والرئيس سعد الحريري، وهو لا يزال قائماً رغم تعثره أحياناً. وأعتقد أن هناك فرصة معطاة لتوسيع مساحة التفاهم بين اللبنانيين، وهذه مسألة إيجابية، لاسيما وأن الهمّ الأبرز في انتخابات 2014 هو الحفاظ على الاستقرار في لبنان وعلى السلم الأهلي مع استمرار الحروب في الجوار.

وأضاف:

- وإذا كانت هناك  قدرة لدى الزعماء اللبنانيين من كل الطوائف أن يتفاهموا مع بعضهم البعض، حتى لو لم يتفاهموا على الملف الرئاسي، فلا بد أن يلتقوا على العناوين الأخرى. والعماد عون لديه علاقة تحالف مع حزب الله وهو على علاقة جيدة مع الرئيس نبيه بري، وأيضاً يدير حواراً مع الرئيس الحريري، وبالتالي فهذا المشهد الإيجابي يناقض مشهد الحرب والقتل الجاري في الجوار، لاسيما في العراق مؤخراً خاصة وأن عملية الانتخاب الرئاسية ليست مجرد إسقاط ورقة في صندوق الاقتراع من قبل النواب، إنما هي كناية عن عملية سياسية من شأنها أن تكون مناسبة لتوسيع حلقة التفاهمات والمصالحات بين اللبنانيين، رغم أنه لا يوجد تبرير لعدم إجراء الانتخابات الرئاسية، لكن إذا تأخرت لبعض الوقت بسبب الحوار الجاري، فهناك إمكانية للتوصل الى تفاهمات تمنع الصدام وتحصن الوضع الداخلي. فهذا أمر كله إيجابيات، وإذا لم تعطِ نتيجة في الموضوع الرئاسي فلا ضرر منها، وهذا ما يجسده اليوم العماد ميشال عون والرئيس سعد الحريري خلال حوارهما والذي سيكون له ارتدادات إيجابية على كامل الوضع اللبناني في حال نجاحه ووصوله الى خواتيمه  المرجوة.

عون المرشح المسيحي الأقوى

ــ يقال إننا سننتظر كثيراً لأن الحوار طويل ويتعدى الملف الرئاسي، لا بل بعض أوساط <المستقبل> تقول ان لا أمل للعماد عون بالحصول على تأييد <المستقبل> ليكون رئيساً. فهل هذا الاحتمال قائم؟

- هذا كلام يصدر في وسائل الإعلام، ونحن نعتبر أن الرئيس الحريري جدي في الحوار، وكذلك العماد عون، والأمر ليس مجرد تسلية. ولكن ما الذي يمكن أن يحصل في سياق الحوار، فالمسألة مفتوحة على كل الاحتمالات، لكن لا يوجد شرط أول وشرط ثانٍ إلخ... فالأمر ليس كما يصور في الإعلام، بل من الممكن أن يكون هذا الحوار منتجاً ويتوسع ليشمل كل الأطراف. وأعود لأكرر ان هذا ليس تبريراً لتأخير انتخاب الرئيس.

ــ ألا تعتقد أن الكرة في الملعب المسيحي المنقسم على نفسه وكأن حرب الإلغاء لا تزال مستمرة سياسياً؟

- انتخاب الرئيس يتم من كل الاطراف وليس فقط من المسيحيين الموزعين على أربع قوى تقريباً تخوض معركتها الرئاسية في إطار التنافس السياسي الطبيعي، لكن غير الطبيعي هو ما يحدث عند القوى السياسية الأخرى. وهناك منطق آخر يقول إن هناك مرشحاً لديه أكثرية واضحة في الوسط المسيحي اسمه العماد ميشال عون، سواء نيابياً أو شعبياً... أليس لهذا الواقع أي حساب؟! وإذا كان المطلوب أن نتفق فيما بيننا فالمفروض أن نتفق على اختيار الرئيس الأقوى، إذا كانت النية سليمة عند كل الأطراف، لأنه الأكثر تمثيلاً لدى المسيحيين ومدعوم من قطب أساسي من أحد الأقطاب الموارنة الأربعة، فيما الدكتور سمير جعجع ليس مدعوماً من قطب آخر، وما ترشحه إلا ضمن دائرة الاختبار من طرف فريق 14 آذار والتمسك به دليل على عدم الجدية في التعاطي مع الموضوع الرئاسي، وبالتالي فالنية ليست صافية عند الفريق الآخر. وعلى كل حال، لو كنا في مرحلة سابقة، لكان الرئيس عيّن من الخارج وانتخب في لبنان، لكن اليوم هناك توازنات كبيرة سياسية وطائفية ومذهبية، وهناك مرشح قوي لدى المسيحيين هو العماد عون ومرشحون آخرون، وبالتالي فالموضوع ضمن الأخذ والرد ومن الطبيعي ألا تحسم المسألة في يوم ويومين.

ــ متى ستحسم الأمور إذن؟

- لا أعرف لكن لا بد أن تحسم.

ــ قدم الدكتور جعجع مبادرة بالتنازل عن ترشحه. فهل من الوارد أن يتنازل العماد عون مثله ويتم التوافق على مرشح ثالث حتى طرح اسمك في هذا الصدد؟

- سمعت ذلك في وسائل الإعلام. وهذا صيت غنى وليس صيت فقر، وعلى كل حال بالنسبة لنا فالمرشح هو العماد عون الى حين نضوج الأمور.

ــ يعني الأمر متوقف على جواب تيار <المستقبل>؟

- الأمر يتوقف على الحوار بين العماد عون والرئيس الحريري الذي لم ينتهِ بعد.

ــ سبق للعماد عون أن تحدث عن المثلث الذهبي المؤلف منه ومن الرئيس الحريري والسيد حسن نصر الله، وتطرق الى تأمين الأمن السياسي للرئيس الحريري، ما دفع بعض أعضاء <المستقبل> للرد عليه. فكيف تقارب هذه المسألة؟

- هذا تحالف الأقوياء الذي يحمي البلد، لكن ما قاله العماد عون بالنسبة لأمن الرئيس الحريري السياسي، فقد جاء من باب أن التفاهم السياسي بين الأقطاب والقوى الأساسية يساهم في تأمين الحماية للجميع، بما في ذلك أمن الرئيس سعد الحريري، وبالتالي فتفاهم أو تحالف الأقوياء يحمي الجميع ويحصّن البلد في وجه ما يجري حولنا، ويعطي للبنان المناعة والحصانة.

لا رابط بين الرئاسة والاستحقاق النيابي

ــ البعض يتهمكم بالسعي لإجراء الانتخابات النيابية وتأجيل الاستحقاق الرئاسي الى ما بعدها. فهل هذا وارد؟

- هذا موضوع مطروح حكماً لأننا لم نتفق على قانون الانتخاب قبل دعوة الهيئات الناخبة في 20 آب/ أغسطس المقبل، وهذا استحقاق أساسي وداهم، فهذا لا يمنع محاولة انتخاب ر

ئيس والاستعداد للانتخابات النيابية والأمر الأول ليس مرتبطاً بالأمر الثاني، وبالتالي لا بد من الانتخابات النيابية حتى لو لم يتم انتخاب رئيس، لأن هذا استحقاق قائم بحد ذاته له حيثياته وعلة وجوده.

ــ التعطيل يطاول مجلس النواب بحجة أن البعض يقول انه لا يجوز التشريع في غياب الرئيس والبعض الآخر يرفض السلسلة ويتهرب من إقرارها من خلال عدم تأمين النصاب: فكيف تقارب هذا الملف؟

- هذا صحيح فلا يجوز التشريع العادي في غياب الرئيس، لكن هناك مواضيع مهمة ومصيرية يجوز التشريع فيها مثل قانون الانتخاب، والسلسلة موضوع أساسي، ويجب إقرارها طالما تم في الجلسة الأخيرة تأمين التوازن بين النفقات والإيرادات، حسب تأكيد وزارة المال، لكن لا أعرف لماذا يصرّ الرئيس فؤاد السنيورة على عدم السير بالسلسلة طالما لا يوجد سبب اقتصادي ومالي، إلا إذا كان هناك اعتراض على بعض الواردات مثل المصارف والأملاك البحرية، ولا يعلن عنها! حتى أنا شخصياً ضد أي زيادة على الـ(TVA) رغم أن الرئيس السنيورة يصرّ على زيادة 1 بالمئة، عكس ما يريد فريق 8 آذار من أن تقتصر الزيادة على الكماليات، وأنا أرى ان هناك موارد كافية لا نحتاج معها الى زيادة على القيمة المضافة طالما ان هناك خلافاً حول تحديد الكماليات مثل الذهب وغيره بدل الاقتصار على <الكافيار> و<السومون> وما شابه، رغم ان هذه الضريبة ليست كافية لسد أي مورد، طالما تقتصر على بعض الكماليات.

وتابع يقول:

- أعتقد ان هناك أسباباً أخرى لم يعلن عنها الرئيس السنيورة لها علاقة بالضرائب، ومنها الضرائب على أرباح المصارف وموضوع الـ5 بالمئة، رغم انه لم يعلن عن رفضها، لكن أرى ان هناك اعتراضاً ضمنياً من قبله عليها، وكذلك الأملاك البحرية، مع العلم ان المصارف هي قطاع استفاد من أوائل التسعينات حتى اليوم وأصبح حجمها كبيراً وأرباحها عالية من الدولة عبر سندات الخزينة ومن الناس، ولا نريد ضريبة تعاقب أحداً، بل يمكن لهذا القطاع أن يحمل ضريبة معينة، بينما الـ(TVA) تصيب كل الناس، ولا يمكن الدخول في دوامة الزيادة عليها كل مرة، طالما ان هناك مصادر لا تؤثر على أصحاب الدخل المحدود.

ــ الرئيس بري جعل الجلسات مفتوحة. فإلى متى يتم التوافق؟

ــ يعني أن السلسلة في جيب السنيورة كما عبّرت احدى الصحف؟- الآن أصبحت هناك ضغوطات جديدة على الفريق المعارض، طالما أصبح هناك توازن بين النفقات والايرادات، وبالتالي لا بد من الرضوخ لإقرار السلسلة طالما أن هناك مطالب محقة، لكن في الوقت ذاته لا بد من البدء بالإصلاح بدءاً من الإصلاحات الضريبية من جهة، والإصلاحات التي تطاول مؤسسات الدولة. وهذا مشروع طويل الأمد على كل الأحوال، لكن في الماضي كانت أرقاماً غير موثوقة، واليوم كل الأرقام واضحة بتأكيد من وزارة المالية وهي ليست أرقاماً وهمية، بل حقيقية مقررة من خلال الجباية والتحقيق.

- حالياً هذا صحيح، لكن سقط التبرير لدى تيار <المستقبل> من عدم وجود توازن بين النفقات والإيرادات.

ــ حزب الكتائب يقاطع لأنه يقول ان التشريع غير دستوري في ظل الفراغ الرئاسي. فماذا عنه؟

- إذا أردنا أن نقر قانون انتخاب جديداً، فهل لا يجتمع المجلس ولا يشرّع؟ طبعاً التشريع جائز في المسائل الأساسية والمصيرية في غياب الرئيس.

لا نية في تنشيط مجلس الوزراء

ــ وما مدى تأثير التعطيل في المجلس على عمل الحكومة طالما أن الخلاف قائم حول ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية؟

- الحكومة موضوع آخر وحله موجود من خلال الاتفاق على ممارسة الصلاحيات حيث أن هناك صلاحيات لا يستطيع لأحد ان يحل مكان الرئيس فيها، وصلاحيات أخرى يمكن للحكومة البت بها حسب آلية معينة من خلال جدول الأعمال والتصويت وهذا أمر يمكن الاتفاق عليه.

SAM_0212  

ــ الدستور يقول ان رئيس الحكومة يحضر جدول الأعمال ويطلع الرئيس عليها. فماذا يجب أن نفعل في غياب الرئيس؟ وهل يطلع الوزراء عليه مسبقاً؟

- أكيد... صلاحيات الرئيس أصبحت مع مجلس الوزراء والوزراء حلوا مكان الرئيس، وبالتالي يجب أن يطلعوا على جدول الأعمال.

ــ وتوقيع المراسيم كيف يتم؟

- هناك قرارات تستلزم الثلثين إذا لم يحصل التوافق وقرارات تقر بالاكثرية، وهناك اجتهادات حول الموضوع، لكن لا نية لدينا في تعطيل مجلس الوزراء، وإنما الحفاظ على صلاحية الرئيس في هذا الوضع الاستثنائي في إطار الدستور، وإذا كانت هناك عدة اجتهادات فالموضوع قابل للنقاش، ويمكن الوصول الى حل طالما ان هناك قرارات ملحة لا بد لمجلس الوزراء أن يتخذها ولا يمكن تأجيلها، وهناك قرارات يمكن تأجيلها.

ــ ما مدى خطورة ما يحصل في المنطقة على لبنان، خاصة مع اكتشاف العديد من الشبكات الإرهابية في لبنان، خصوصاً بعد ما حصل في العراق؟

- ما حصل في العراق له خصوصية تتعلق بالوضع الداخلي من حيث وجود دولة فاشلة كاستمرار المرحلة التي بدأت عام 2003 بمعنى أن حرب 2003 لم تنتهِ في العراق، بالإضافة الى وجود انقسام عميق حول شكل الدولة والنظام الفيدرالي والمحاصصة، ناهيك عن الانقسام المذهبي العميق، وانهيار الجيش العراقي في الموصل سببه التحالف الذي جرى بين <داعش> وحزب البعث السابق والقبائل والعشائر، بما يشبه الوضع اللبناني في الثمانينات، بمعنى الفوضى الكاملة ومحاولة كل فريق تقوية وضعه عبر القوة والسلاح. والخطورة تكمن في أن تنظيم <داعش> ليست لديه مرجعية حتى انه أصبح منفصلاً عن تنظيم <القاعدة>، والخطورة الأخرى أن هذا التنظيم ممول ومنظم وليس بالضرورة من دول، بل لديه مصادر التمويل عبر البترول والتبرعات الداخلية، وقد حصل الأمر ذاته في سوريا، وبالتالي هناك دولتان مركزيتان انهارتا سواء في سوريا أو في العراق، وهناك نظام اقليمي متصدع لا يمكن ترميمه، خاصة وأن مصر تواجه أزمة ومجلس التعاون الخليجي تسوده الخلافات بين أعضائه، بالإضافة الى سوريا والعراق.

واستطرد يقول:

- لذلك فحالة عدم الاستقرار في المنطقة هي غير مسبوقة ونحن نتعامل مع أناس يتحدثون باسم الله بما لا يشبه حالات أخرى كانهيار الدولة في الصومال أو لبنان أو يوغوسلافيا السابقة، لأنه كانت هناك لدى فريق ما السيطرة على الوضع بشكل أو بآخر، أو كما كانت الانهيارات لدول على الهامش، بينما في العراق حيث هو في قلب المنطقة بما يشكل خطراً كبيراً على كل دول الجوار، بالإضافة الى حالة أخرى خاصة هي ان الدول الكبرى غير معنية بما يجري بدءاً من الولايات المتحدة التي لا تنوي التدخل في العراق ولم يسبق أن تدخلت في سوريا، وهي تستعد للانسحاب من أفغانستان، والدول المعنية الأخرى لن تتدخل عسكرياً سواء إيران أو السعودية وتركيا، لأن أي تدخل لهذه الدول سيعقد الأمور أكثر ويزيد من الانقسام المذهبي، وبالتالي نحن أمام حالة خطرة جداً وغير مسبوقة. وأعتقد أن الجماعات المسلحة ستصطدم مع بعضها البعض، ولا يمكن لحالة الفوضى هذه أن تكمل بهذا الشكل، وطبعاً فالمتضرر هم الناس الذين يموتون. ونحن في لبنان لن نكون ساحة حرب بديلة، ولو كان الأمر وارداً لحصل هذا منذ سنة أو سنتين.

لبنان لم يعد ساحة

ــ ما الذي يحصّن لبنان من انتقال الفوضى إليه؟

- كان لبنان في الماضي ساحة الحرب الوحيدة، وكان كل فريقين متخاصمين يتقاتلان عندنا، ولكن هناك اليوم وعيٌ في الداخل، وإرادة في الخارج تريد الاستقرار للبنان والعمل على تحييده. ففي الداخل تعلمنا من تجارب الماضي ولا يوجد أي من الأطراف الأساسية وتحديداً من المعنيين بالصراع المذهبي يريد حل مشكلته بالحرب، ولنتحدث تحديداً عن حزب الله وتيار <المستقبل> وعلى المستوى الإقليمي، سوريا لديها مشاكلها والعراق أيضاً، ولا أحد يرى أن أحداث مشكلة في لبنان يمكن له أن يجيّرها لصالحه.

وأضاف يقول:

- البيئة الحاضنة موجودة في لبنان، ولكن جرى تعطيلها بشكل أساسي رغم بروز حوادث هنا وهناك، وظواهر متفرقة، لكن لا توجد أي قوة شعبية حقيقية وراء هذه الأطراف، ولا يمكن للقوى السياسية أن تسير بهذا الركب. وسبق أن جرت محاولات في لبنان قبل سوريا ولبنان، بدءاً من الضنية ونهر البارد ولكن تم ضربهما، وهناك اليوم بؤر مخيفة في المخيمات وغيرها، لكن لا توجد نية  داخلية أو خارجية لافتعال مشكلة في لبنان لأسباب عديدة منها ان اللبنانيين لا يريدونها ومنها أن الآخرين لا يريدون توظيف هذا الموضوع في خدمة مصالحهم، ورأينا ما جرى في طرابلس بين باب التبانة وجبل محسن، ولبنان في نظر الخارج لم يعد على سلّم أولويات الدول الأجنبية، وهذا أمر جيد، ومن يريد أن يفش خلقه لديه ساحات أخرى في سوريا والعراق واليمن والبحرين ومصر وكلها ساحات بديلة أهمّ من لبنان، ويمكن لبعض الحوادث الفردية ولمجموعات صغيرة، أن تشكل خطراً أمنياً، لكن هذه المجموعات لا يمكن ان تستمر وسيتم القضاء عليها كما سبق وتم القضاء على ظاهرة أحمد الأسير وغيرها، لأن لا أحد من القوى السياسية يريد الاستفادة من هذا الموضوع وتجييره لمصلحته، بل بالعكس فحالة الفلتان تضر كل الناس وسيناريو طرابلس لن يتكرر بعد ما مرت به المدينة.

ــ يعني مطمئن أن الوضع ممسوك؟

- في الماضي كان هناك طرف غير لبناني سواء الفلسطيني أو السوري أو الإسرائيلي يتدخل في الشأن اللبناني ويؤجج الفتنة بين الفريقين اللبنانيين، بدءاً من اندلاع الحرب عام 1975، ولكن اليوم لا يوجد إلا طرف لبناني ضد طرف لبناني، وبالتالي فالدمار كامل وشامل إذا حصل لا سمح الله، ولم تعد هناك مساحة فاصلة أو عازلة، بل ان القتال سيمتد الى البناية الواحدة والشارع الواحد والمدينة الواحدة، كما حصل في طرابلس، فيما كان الطابع الغالب سابقاً طابعاً سياسياً وقومياً وطنياً. ولكن اليوم الموضوع يتمحور حول من يسمع الله أكثر، وبالتالي هناك أزمة كبرى داخل ما يسمى الاسلام السياسي حتى ان هناك خلافاً بين الاخوان والسلفيين، إضافة الى النزاع المذهبي، وكل الخلاف حول الله، ما يعني أن هذه النزاعات تؤدي الى الدمار الشامل.

ــ هل يكون الدور المسيحي هو الجسر بين الأطراف أو العازل؟

- المشهد الإيجابي يمثله اليوم العماد ميشال عون من خلال الحوار المباشر مع الرئيس سعد الحريري وهو حليف حزب الله، أي انه يحاور السنّة والشيعة، وبالتالي فالمشهد الحواري التواصلي لا نراه إلا في لبنان. وهنا يكمن الدور المسيحي، القائم على تقريب وجهات النظر والتواصل، وهذا ما نحاول ترجمته في لبنان لمناسبة رئاسة الجمهورية بغية توسيع مساحة التفاهمات، وبالتالي هناك قدرة في لبنان على الحوار والتواصل، وهنا الدور المسيحي مهم في جسر التواصل، ونأمل أن يؤدي الى نتائج عملية على مستوى الرئاسة، وإذا لم  يعطِ أي من هذه النتائج، فلا ضرر منه، بل بالعكس هو حوار بعيد عن المتاريس والتقاتل، وهو مشهد إيجابي في ظل النيران المشتعلة في المنطقة، ولبنان اليوم ليس ساحة وإلا لكان ذلك كارثة، وهو خارج أتون الحرب المفتوحة في المنطقة، رغم ان العدة جاهزة للحرب، لكن القرار الداخلي يرفضها والخارج حريص على تحييد لبنان وسبق ان أجرينا بروفة في طرابلس وفي صيدا وتم تجاوزها والانتهاء من هذه الظواهر.