تفاصيل الخبر

عملية التحول الجنسي بين مؤيد ومعارض وفي مواجهة التحديات الطبية...

20/05/2020
عملية التحول الجنسي بين مؤيد ومعارض وفي مواجهة التحديات الطبية...

عملية التحول الجنسي بين مؤيد ومعارض وفي مواجهة التحديات الطبية...

بقلم وردية بطرس

  [caption id="attachment_78052" align="aligncenter" width="596"] اضطراب الهوية الجنسية... بين الذكورة والانوثة[/caption]  

جرّاح التجميل الدكتور جو خوري: بحالة اضطراب الهوية الجنسية يشعر الرجل بأن تكوين جسده ذكر ولكنه سيكولوجياً أنثى وبالعكس

 

تبدأ معاناة الهوية الجنسية في وقت مبكر من الطفولة ويتم وصف الشعور مثل شعور الرجل المحبوس في جسم المرأة او العكس من قبل أشخاص في جميع الأعمار. والشخص الذي يعاني من الصراعات الداخلية هذه من الممكن ان يعاني من قلق وكآبة، الأمر الذي يتم تشخيصه باضطراب الهوية الجنسية وهي حالة مرتبطة بالصحة العقلية التي قد تنشأ عندما يشعر الشخص بأن الجنس الذي ولد به غير مناسب، وان التدخل الطبي في هذه الحالة قد يكون ذا فائدة. ويعتبر العلماء ان المعروفين باسم المتحولين جنسياً مصابون بمرض بيولوجي وليس عقلياً. وكون الشخص متحولاً جنسياً فالأمر غير متعلق بالتشريح او التوجه الجنسي، بل هو متعلق بالتعرّف على الحالة الجنسية من الداخل، والتي قد تختلف عن الجنس المحدد على أساس الصفات الجسدية...

ولقد أصبحت عمليات التحول الجنسي نتيجة للخلل في الهوية الجنسية واحدة من أهم التحديات الطبية التي تواجه الأوساط الصحية في مختلف البلدان نظراً لتبعاتها الصحية والنفسية والاجتماعية والقانونية في معظم بلدان العالم خصوصاً في الدول العربية. وهي تثير دائماً حالة من الجدل بين مؤيد ورافض، علماً ان المرضى الراغبين في تغيير جنسهم يعانون في اغلب الاحيان من ضغوط نفسية عنيفة ربما تدفعهم للانتحار، وذلك نظراً للمفارقة بين تكوينهم الفسيولوجي بحسب جنس معين ورغبتهم النفسية في التحوّل الى جنس آخر نتيجة لشعورهم بالانتماء الى ذلك الجنس.

الفنان هشام سليم وابنه المتحوّل جنسياً

[caption id="attachment_78054" align="alignleft" width="444"] الفنان هشام سليم وابنه نور (نورا سابقاً)[/caption]

وكانت وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي قد ضجت مؤخراً بخبر التحوّل الجنسي لابن الفنان المصري هشام سليم الى انثى، اذ كشف الفنان هشام سليم للمرة الأولى خلال برنامج (شيخ الحارة والجريئة) الذي تقدمه المخرجة ايناس الدغيدي عن تحوّل ابنته نورا (26 عاماً) جنسياً ليصبح اسمها نور. وقال هشام سليم في لقائه ضمن برنامج عبر قناة (القاهرة والناس) انه لم يستغرب رغبتها في التحول جنسياً "لأنها من وقت ما ولدت وأنا كنت شايف ان جسمها ولد، وكنت دائماً أشك في الحكاية دي"، موضحاً ان ابنته قالت له ذات يوم حينما كان عمرها 18 عاماً :"أنا عايشة في جسم غير جسمي" واكد أن أسرته تعامل ابنته باعتبارها ذكراً في الوقت الحالي وجميع افراد الاسرة يدعموه لمواصلة حياته كشاب، فيما لفت إلى ان المشكلة التي يمكن ان تواجه ابنه حالياً هي تغيير هويته في بطاقة الرقم القومي.

جرّاح التجميل الدكتور جو خوري واضطراب الهوية الجنسية

فبأي حالة يحتاج الشخص لاجراء عملية التحوّل الجنسي؟ وكيف تُجرى هذه العملية؟ وغيرها من الأسئلة أجاب عنها الدكتور جو خوري اذ استهل حديثه عن الـ "Identity Crisis" او ما يُعرف بعلم النفس اضطراب الهوية الجنسية قائلاً:

- بداية يجب التوضيح ان عملية التحوّل الجنسي لا تُجرى كثيراً في لبنان والدول العربية، ولكن لأنني كنت في فرنسا وأميركا فقد رأيت حالات وخصوصاً في فرنسا، ونسمي هذه الحالة بالانكليزية بالـ"Identity Crisis" اي اضطراب الهوية الجنسية، وما يحدث عادة هو الأمر نفسه في حالة المثلية الجنسية ما ان تبدأ عملية التكوين عند الولد لحين ان يبلغ الثامنة او التاسعة من عمره، اذ لا يكون هناك تكوّن جنسي وفكري عنده قبل بلوغ هذا السن، ولكن عندما يكبر الولد ويبلغ السابعة او الثامنة عندها تصبح لديه هوية جنسية وفكرية. وبحالة اضطراب الهوية الجنسية يشعر الشخص بأن جسده فسيولوجياً ذكر ولكنه سيكولوجياً أنثى وبالعكس مثلاً: هناك حالات ترتدي فيها النساء ثياباً رجالية ويقصدن أندية رياضة للرجال وقد تكون حالات كمثل مثلية الجنسية اي لديهن ميول جنسية للنساء او يعتبرن أنفسهن رجالاً ولا يحبّذن الاختلاط اجتماعياً مع النساء وما شابه، وهنا يحدث الـ"Identity clash" او صراع الهوية اذ يشعر الشخص بأنه متضايق حتى انه ينزعج من ذكر اسمه. وهنا علمياً وطبياً لا نعرف لغاية الآن المسبب او المبرر لحدوث ذلك بل نتحدث سيكولوجياً، ولكن اذا كان هناك مسبب عضوي فلغاية الآن لا نعرفه، وقد يعتقد البعض ان ذلك يعود للبيئة التي يعيش فيها الشخص كمثل ان تقوم الأم بوضع المكياج على وجه ابنها، ولكن تمّ دحض هذه النظرية والتأكيد ان ذلك غير صحيح.

* ولكن أحياناً نرى الأم تنادي ابنها بصفة بنت الى ما هنالك فهل يؤثر ذلك عليه؟

- لا يؤثر ذلك، رغم انه قد يسبب مشاكل سيكولوجية لاحقاً ولكن ليس هذا بالتحديد ما يخلق لديه المشكلة ليلجأ الى عملية التحوّل جنسي، اذ ربما تؤثر التربية على الشخص من حيث طريقة تعامله مع اصدقائه ومحيطه ولكن ذلك ليس العامل الذي يدفعه للتفكير بالخضوع لعملية التحوّل الجنسي. الآن أصبحنا نعلم بأن هناك رجالاً يحبون ان يكونوا نساءً ولكنهم لا يخضعون لعملية التحوّل الجنسي من اجل تغيير الأعضاء التناسلية بل انهم يرتدون ثياباً نسائية ويتصرفون مثل النساء او يكون "Transsexual" او متحوّل جنسياً، وهذا الموضوع لا يزال حساساً اذ لم يتوصل العلم لمعرفة كل النقاط للاجابة عن كل الأسئلة، علماً انه في مجتمعاتنا العربية تتم عملية التحوّل الجنسي بنسبة ضئيلة، وصحيح انها أُجريت في بعض الحالات في لبنان، ولكن ذلك لا يتم الا بمرسوم يصدر عن رئيس الجمهورية او بقرار عام.

ويتوقف الدكتور خوري عند نقطة مهمة ويقول:

- طبياً هناك أولاد يولدون بعضوين تناسليين حيث يكون المولود نصف ذكر ونصف أنثى، او قد لا تظهر عليه علامات الذكر ولا الانثى، وهذا الأمر يدركه طبيب الأطفال عند ولادة الطفل عما اذا كان يشكو من هذه المشكلة. وهناك حالات وراثية وهي قليلة الحدوث ولن أدخل بتفاصيلها اذ يكون الشخص رجلاً ولكن بجسد امرأة او العكس. اذاً هناك حالة طبية بان يولد الطفل بدون اي عضو تناسلي يظهر عما اذا كان صبياً او بنتاً او ان يكون بعضوين تناسليين معاً. اما بالنسبة لعملية التحوّل الجنسي فمن السهل التحوّل من ذكر الى أنثى بينما عملية التحول من أنثى الى ذكر فهي اكثر صعوبة.

التحضير ما قبل العملية

[caption id="attachment_78053" align="alignleft" width="374"] الدكتور جو خوري: اضطراب الهوية الجنسية يولّد صراعاً داخلياً وكآبة نفسية[/caption]

* وكيف يتم التحضير لعملية التحوّل الجنسي؟

- اذا كان الشخص يعاني من اضطراب الهوية الجنسية كما ذكرنا في بداية الحديث فعادة يتوجه الى الطبيب ويعلمه بأنه يريد اجراء العملية، ولكن لا تُجرى هذه العملية بيوم واحد بل هناك خطوات عديدة تُتخذ بهذا الخصوص اذ يتحدث معه اولاً الطبيب النفسي واختصاصي في علم الاجتماع للتأكد عما اذا كان يعاني من اكتئاب وأيضاً من طريقة تفكيره ومنذ متى يفكر بأن يخضع للعملية ولماذا يود ان يخضع لهذه العملية الى ما هنالك... وبعد هذا اللقاء يقرر الشخص عما اذا سيخضع للعملية، فمثلاً اذا كان الرجل يعاني من اكتئاب او انه تعرض لضغط عائلي وما شابه فأحياناً تكون هويته الجنسية مضطربة، فاذا كان بسن الثامنة عشرة مثلاً ويشعر بالأمر في الوقت الحاضر وليس منذ وقت طويل فقد تكون نفسية الشخص تمر بحالات يحدث فيها صراع الهوية، ولهذا تُتبع كل هذه  الخطوات للتأكد بأنه بالفعل يحتاج لهذه العملية.

* وهل من الممكن ان يساعد الشخص الذي يعاني من اضطراب الهوية الجنسية التحدث مع الطبيب النفسي والمعالج الاجتماعي بحيث لا يعود بحاجة لعملية التحوّل؟

- في بعض الحالات اذا كان لدى الشخص اضطراب الهوية الجنسية بحيث يشعر بأنه مسجون في جسد ليس جسده، واذا كانت مشكلة اضطراب الهوية الجنسية تتم معالجتها من الناحية السيكولوجية اي اذا كانت المشكلة نفسية فعندها ينجح الأمر بدون اللجوء الى عملية تحوّل جنسي، ولكن هذه الحالة لا علاقة لها بشخص يشعر منذ صغره بأنه مسجون بجسد ليس جسده.

تأثير الهرمونات

* وماذا عن تأثير الهرمونات في هذه الحالة؟

- بالنسبة للهرمونات فيُوصى بأخذ الهرمونات فاذا كان ذكراً يأخذ هرمونات لوقف افراز (التستوستيرون) واذا كانت أنثى فتُعطى لها هرمونات مثل (التستوستيرون). يبقى ان هناك نساء يضطرن للجوء الى زرع اللحية او الى اجراء عملية ازالة الثدي، فيما هناك رجال يخضعون لعملية زرع الثدي وأيضاً يجرون عمليات لتنحيف عضم الوجه ليبدو أنثوياً أكثر... اي هناك خطوات عديدة وليس عملية واحدة وبالتالي الأهم ان يشخّص الطبيب الحالة ليتأكد من الوضع وأي نوع من العمليات ستُجرى، اذ قد يكون الشخص بحاجة فقط لتناول الهرمونات ولا داعي لازالة الأعضاء التناسلية لديه اذ قد يشعر أنه يريد الابقاء على أعضائه التناسلية ولكنه يحتاج فقط لهرمونات، او قد تكون المشكلة سيكولوجية، لأنه بالنهاية يجب ان يكون الشخص مرتاحاً مع نفسه.

ويتابع:

- لا شك ان للهرمونات أهمية كبيرة وما يحصل كما ذكرت ان الامر يحتاج لتنظيم الهرمونات اي عندما يشعر الرجل بأنه امرأة ولكن بجسم رجل فربما لو توقف افراز (التوستستيرون) لديه فانه يرتاح مع نفسه وسيقول لنفسه انه لا يحتاج للخضوع لعملية تحوّل جنسي وبأن هذا ما يريده، وبالتالي الموضوع معقد وليس مثل اي عملية  جراحية او عملية تجميل لأن لكل شخص طلباً ولديه توقعات معينة من جسمه.

* اذاً يتم التحضير جيداً قبل اجراء عملية التحوّل الجنسي، هلا شرحت لنا كيف تتم هذه العملية؟ وبأي حالة قد تكون هذه العملية خطيرة؟

- نحن في لبنان لا نجري مثل هذه العمليات، لذا سأتحدث عما يجري في فرنسا في هذا الخصوص اذ هناك مراكز لعمليات التحوّل الجنسي، وما يحصل ان الشخص يقصد المركز بعد تحديد موعد كأي مريض ويعاينه اختصاصي في الطب العام ويطرح عليه الأسئلة عن سبب رغبته باجراء عملية التحوّل الجنسي ولماذا لم يقدم على ذلك من قبل وماذا يتوقع من العملية وغيرها من الأسئلة، ففي حال وجد انه يعاني من مشكلة نفسية يحوّله الى طبيب نفسي بطريقة تساعده، واذا أدرك انه يعاني من جسمه منذ وقت طويل ولا يشعر انه بالجسم الذي يرتاح له نفسياً عندها يتم تحويله الى مركز حيث تساعده مجموعة من اختصاصيين في علم النفس وعلم الاجتماع ليروا عما اذا كان بحاجة للمساعدة، وطبعاً يكون هناك جرّاح تجميل متخصص في هذا المجال وجرّاح في المسالك البولية اي يكون هناك

"Multidisciplinary Consultations" او استشارة متعددة التخصصات لمتابعة حالة الشخص، ومن ثم يخضع الشخص لكل الفحوصات المطلوبة اذ هناك لائحة من الفحوصات يتوجب اخضاعه لها للتأكد من كل شيء، ومن ثم يُخضع لعملية التحوّل الجنسي اذا تبيّن انه بحاجة اليها. وكما اي عملية جراحية اخرى تكون هناك مخاطر، وطبعاً عملية التحوّل الجنسي عملية كبيرة وليست صغيرة وسهلة، ورغم ان الطب تطور اليوم وأصبحت هذه العمليات روتينية ولكنها في الوقت نفسه تحمل معها مضاعفات من ناحية اخرى لأنه يتم خلق شيء ليس طبيعياً وهو غير موجود بداخل الجسم، ولأن هذه العملية تنطوي على خطورة فيجدر بالمريض ان يستوعب ماذا ينتظره.

* وهل يُنصح باجراء هذه العملية اذا كانت ضرورية بسن صغير او سن معين؟

- كلما كان الشخص أصغر سناً تكون مخاطر العملية أقل اذ كما يعلم الجميع انه كلما تقدم الشخص في السن تصبح مخاطر اي عملية يخضع لها أكبر. ليس هناك عمر معين يُنصح باجراء هذه العملية فيه ولكن هناك أمور قد تمنع اجراءها، مثلاً اذا كان الشخص مصاباً بالسكري او ارتفاع نسبة التريغليسيريد في الدم او أمراض القلب...

* اذا كانت هذه العملية صعبة وخطرة فلماذا يفكر الشخص بالخضوع لها؟

- سأجيب عن هذا السؤال بطريقة أخرى فاذا كان الشخص يشعر بانزعاج وبأنه غير سعيد، وأيضاً عندما ينظر الى المرآة لا يجد نفسه، اضافة إلى ان الآخرين يتحدثون معه على انه رجل بينما هو يعتبر نفسه امرأة او العكس، فان هذا الشخص الذي يعاني من كل هذه الأمور كل يوم بسبب اضطراب الهوية الجنسية قد يتجه الى أبعد مدى لكي يجد نفسه مرتاحاً ولو ليوم واحد بالصورة التي يراها في المرآة او بالصورة التي يراه المجتمع، وهنا يتدخل علم النفس اذ يعاني هؤلاء الأشخاص من اكتئاب شديد بعد العملية ذلك ان المجتمع لا يتقبّلهم وبالتالي ليس سهلاً ان يعترفوا انهم يريدون اجراء هذه العملية لأن الناس سينظرون اليهم بطريقة خاطئة. وهنا لا اقول انه يجب ان يخضعوا لهذه العملية وان يتقبّلهم المجتمع بل لنقل ان الشخص الذي يشعر بانزعاج من جسمه مستعد لان يذهب الى أبعد مدى ليقدر ان يرتاح ولو ليوم واحد.