حزب التوحيد العربي برئاسة الوزير السابق وئام وهاب أقفل مكاتب خدماته في سوريا ثم عاد وفتحها من جديد، كما أعلن وهاب بنفسه. فما قصة ذلك وهل حدث خلاف مع المخابرات السورية كما قيل؟ أم كان الأمر مجرد حركة احتجاج من وهاب على بعض الممارسات التي طاولت عناصر حزبه؟!
<الأفكار> التقت الوزير السابق وئام وهاب داخل منزله في بئر حسن جنوب بيروت وحاورته على هذا الخط، بالإضافة الى مسار الأحداث في سوريا وشؤون وشجون الوضع الداخلي في لبنان سياسياً وأمنياً بدءاً من السؤال:
ــ ما قصة إقفال مكاتب حزب التوحيد في سوريا؟
- لم نقفل المكاتب بصورة نهائية، بل حصلت إشكالات بين شبابنا وبعض العناصر الأمنية، وتوضحت الأمور فيما بعد وبقيت المكاتب كما هي.
ــ ألم تقل انك تركت سوريا وأقفلت المكاتب في البداية؟
- لم نــــترك ســـــوريا، بـــــل قلنـــــا إننا أغلقنا مكاتبنا الخدماتية، لكن الأمور توضحت في اليوم التالي وانتهت القصة عند هذا الحد ولا مشكلة، علماً أن ما يربطنا بسوريا ليس المكاتب بل هو علاقة قضية معها. فنحن نترك سوريا في حالة واحدة إذا تركت سوريا مشروع المقاومة، وإذا أصبح الرئيس بشار الأسد رئيساً كبقية العرب، لكن طالما ان الرئيس الأسد لا يــــزال في مشـــــروع المقاومــــــة وســــــوريا ضمن هــــــذا المشــــــروع فلن نترك سوريا.
ــ يقال إن وزارة الداخلية السورية فرضت قراراً على منع التجمعات وسرى هذا القرار على حزبكم، فما قصة ذلك؟
- لا... فمــــا حــــدث هــــــو إشكالات بين شــــــبابنا وبعض العنـــــــاصر الأمنيـــــة، وأنا أصدرت قــــــراراً بالإقفــــــال ثم تــــــراجعت عنـــــه بعـــــد توضيــــح الأمــــــــور.
ــ يعني غيمة ومرّت؟
- أقل من غيمة، مجرد سحابة صغيرة.
ــ كنت في سوريا الأسبوع الماضي، فكيف هي الأجواء عموماً وفي جبل العرب خصوصاً؟
- صحيح، كنت هناك وأقول إن هناك مخاطر تحيط بجبل العرب من ناحية الغرب أي من درعا ومن المنطقة الشرقية الموصولة بالحدود الأردنية، لأن هناك شعوراً بأن تنظيم <داعش> يحشد في المنطقة الشرقية وهذا أمر إذا حصل قد يترك انعكاسات عديدة. وطبعاً الجيش على استعداد للدفاع عن السويداء والأهالي أيضاً جاهزون، لكن الوضع في سوريا مفتوح على كل الاحتمالات. وحتماً نظرية إسقاط النظام لم تعد واردة وهو يتقدم، ولكن هذا لا يعني ان الأزمة السورية على مشارف نهاياتها، فبنظري أن هذه الأزمة ستطول وبدون وضع استراتيجية معلنة من دول العالم لمواجهة الإرهاب في سوريا، فلن تكون هناك إمكانية لمواجهته، وأي كذبة تقول انهم يواجهون الإرهاب في العراق وليس في سوريا، حكاية لا تنطلي على أحد وهي لن تصل الى أي مكان.. فأي محاولة لحصر مواجهة الإرهاب في العراق هي كذبة، لأن انطلاقة الإرهاب كانت من سوريا وتمدد فيما بعد، لا بل سوريا هي مورده الأساسي في موضوع النفط والقمح والقطن والمياه وغيرها من الأمور التي تغذي هذا الإرهاب في سوريا. وأعتقد أن الغرب محكوم بالتعامل مع بشار الأسد لمواجهة <داعش> وأخواتها وبدون هذا التعاون يكون الغرب يكذب على نفسه ولا بد من مواجهة التنظيمات الإرهابية.
الغرب والأسد والمصالح المشتركة
ــ منذ أكثر من سنة، طرح بعض المحللين خياراً مفاده أن يكلف الغرب الرئيس الأسد بمكافحة الإرهاب في النهاية. فهل وصلنا الى هذا الخيار حكماً؟
- الرئيس الأسد لا ينتظر تكليفاً من الغرب لمواجهة الإرهاب، فهو يواجهه منذ أربع سنوات، لكن هناك لقاء مصالح بين الدول، واليوم هناك مصلحة مشتركة بين سوريا والدول الغربية لمواجهة هذا الإرهاب الذي سيذهب في النهاية الى البلدان الغربية، إذا لم نواجهه. وأنا أتوقع خلال السنوات المقبلة أن تظهر موجة من الإرهاب في أوروبا وأميركا.
ــ على ذكر السويداء وجبل العرب، فما سر تحريك جبهة القنيطرة وهي على الحدود مع الكيان الصهيوني وما الذي تريده <داعش> هناك وتخطط له في تقديرك على مرأى من العدو الذي يغض الطرف عن عناصرها ويفتح البوابات الحدودية للجرحى، وبالتالي فهل نشهد قلمون أخرى تمتد الى شبعا اللبنانية ونكون أمام عرسال ثانية؟
- قضية القنيطرة خطيرة، لكن يبدو أن هناك وعياً عند أهالي شبعا والعرقوب حتى الذين ينتمون الى قوى 14 آذار سياسياً لن يسمحوا بتحويل شبعا والعرقوب الى عرسال ثانية، فهذا ما لمسناه جميعاً، وهو موضع تقدير في منطقتي حاصبيا وراشيا، لكن موضوع القنيطرة بحد ذاته خطير لأن هناك شراكة اسرائيلية تدور أسئلة كثيرة حولها، لاسيما وأن اسرائيل تدفع المعارضة السورية وتساعدها على احتلال بعض التلال وبعض منابع المياه، ما يشعرنا بأن هناك مشروعاً يحضر لمنطقة القنيطرة يمتد حتى جبل الشيخ، وهنا الخطورة، وأقدّر أن المطلوب وجود شريط عازل في هذه المنطقة، خاصة وان العدو بدأ يخاف من تقدم <داعش> و<النصرة> في بعض المناطق ويريد بالتالي إقامة شريط عازل.
ــ يعني سعد حداد سوري آخر؟
- صحيح، فهذا ما يريده.
ــ طالما أن الجميع يصنفون <داعش> وأخواتها تنظيمات إرهابية وتشكل خطراً وجودياً على لبنان. ألا يفترض أن تتوحد النظرة ويتضامن اللبنانيون بدل رمي التهم ومساواة بعض التنظيمات بـ<داعش>؟
- هذه سخافة سياسية، لا بل هذا نوع من الخرق السياسي أن تساوي بين التيار الوطني الحر وحزب الله وبين <داعش>. فلا المنطلقات الفكرية متشابهة ولا حزب الله مارس يوماً التكفير في كل مسيرته، بالإضافة الى سياسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية فهي سياسة إسلامية عامة لا تميّز بين مذهب وآخر بين المسلمين، وهذا ما نلمسه جميعاً. وأقول إن هذا الاتهام هو تعدٍ سافر على حزب الله وعلى إيران، ومن يطلق هذه الاتهامات مصاب بعقم فكري وسياسي، لا بل أقول إن هذا متآمر مع <داعش> وهو بحد ذاته يشكل أرضية فعلية ليعطي <داعش> مبرراً للوجود، لا بل يعطي مبرراً للإسرائيلي كي يقول إن حزب الله مثل <داعش> ويبدأ الإسرائيلي بالتحريض على حزب الله في العالم، وهذا أمر خطير.
لا لفوضى السلاح
ــ وماذا عن دعوة اللبنانيين لحمل السلاح التي أطلقتها، وألا تعود بنا الى زمن الميليشيات؟
- لست مع فوضى السلاح لكن المناطق المهددة لا بد أن تتسلح.. فهل يمكن ألا تقول لابن رأس بعلبك والقاع واللبوة وبريتال وغيرها ألا ينتبه ويكون العين للجيش اللبناني؟ فهناك مناطق حدودية في البقاع والشمال لا بد أن تحمي نفسها وتكون واعية لما يجري، ولا يعني هذا أن نطلق سباق التسلح والعودة الى زمن الميليشيات.. فأنا ضد الميليشيات ومع الدولة ومنطقها ومع الجيش.
ــ هل يعني ذلك ان الأمر يقتصر على التنسيق مع الجيش وتعزيز حرس البلديات وما شابه؟
- شيء من هذا القبيل بحيث يشارك الجميع في الحماية ويكونون عيوناً ساهرة على الأمن، فهذا هو المطلوب وليس المطلوب إنشاء ميليشيات ويتم توزيع السلاح.. فأنا ضد هذا الموضوع الخطير إذ تتسلل من خلاله قوى تحمل السلاح الذي يتحول الى خطر في المستقبل، لكن لا يمكن دفن رؤوسنا في الرمال وعدم الإشارة الى الخطر، خاصة وأن وزير الداخلية نهاد مشنوق تحدث عن 10 بالمئة من الخطر، لكن هناك 90 بالمئة من الخطر لم يتحدث عنه لأنه لا يريد إخافة الناس، لكن لا يمكن لنا أن نغش الناس ونقول إن الأمور عادية ولا يوجد أي خطر.
ــ تحدثت عن أخطاء ارتكبت في معركة عرسال وعن خيانة، فهل هي أخطاء عسكرية أم سياسية؟
- هناك أخطاء من القيادة السياسية.. فأنا لم أكن موافقاً على أن يضغط الرئيس تمام سلام على القيادة العسكرية، بل كان يجب أن تتخذ كل الإجراءات لتطويق المسلحين ومنعهم من الخروج من عرسال قبل تسليم العسكريين، إضافة الى أن عناصر في الجيش سلمت الموقع الذي تم خطف العسكريين فيه، وهذه عناصر خائنة التحقت بـ<جبهة النصرة>.
لا للمقايضة
ــ وكيف يجب مقاربة ملف الأسرى العسكريين بعد ذبح اثنين منهم، وهل لا بد من المقايضة مع إسلاميين موقوفين؟
- لا يمكن إجراء مقايضة، بل لا بد للدولة أن تقوم بواجباتها، وهي لم تقم بها، خاصة لجهة تسريع محاكمات الإسلاميين، وكان يجب أن تحاكمهم أو تخلي سبيلهم، وبالتالي لا يمكن إبقاؤهم لمدة 8 سنوات دون محاكمة، وهذا خطأ الدولة. اما المقايضة كما تطرح وأن يتم التبادل بين العسكريين الأسرى والذين نفذوا التفجيرات الإرهابية الأخيرة، فهذا أمر مرفوض بالكامل ولا أحد يقبل به.
ــ ما هو السبب طالما أن قادة سوريا وحزب الله وإيران سبق لهم أن بادلوا أسرى بأسرى؟
- التنظيمات الإرهابية تطالب بالإفراج عن 1500 موقوف في سوريا، فكيف يتم ذلك والحكومة اللبنانية لا تتعامل مع الحكومة السورية؟! ليشرف الرئيس تمام سلام ويتحدث مع الحكومة السورية ويتفاهم معها.. فلا يعقل أن نطلب من سوريا أن تفرج عن موقوفين لديها، ونحن لا نتعامل معها كي لا يزعل فلان أو علان من الناس.. ليشكل الرئيس تمام سلام وفداً يتحدث مع القيادة السورية حول الـ1500 موقوف الذين تطالب بهم التنظيمات الإرهابية غير الموقوفين في لبنان، وإذا قبل اللواء عباس ابراهيم أن يفاوض بشأنهم مع سوريا فهذا أمر ناقص لأنه لا بدّ من أن تشكّل الحكومة وفداً لتفاوض الحكومة السورية بهذا الشأن، أو ليذهب سلام بنفسه الى هناك.
ــ كيف ذلك ولبنان يتبع سياسة النأي بالنفس؟
- أي نأي بالنفس هذا؟! هذا <لعي> بالنفس... فهذه السياسة هي التي أوصلت لبنان الى الأزمة التي نحن فيها.
ــ هل صحيح أن الأميركيين طلبوا من الحكومة اللبنانية أن تتعامل أمنياً مع القيادة السورية؟
- لا بد من التعاون أمنياً مع سوريا، ولا بد من إحياء مكتب الارتباط بين الجيش اللبناني والجيش السوري على ان يبدأ التعاون الفعلي، لكن إذا بقينا نتعامل مع سوريا بالمعايير السياسية فالبلد سيخرب ونحن نتفرج...
عودة الحريري ضرورة
ــ دعوت لعودة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري وليحضر لترؤس الحكومة المقبلة.. فكيف ذلك وهو خصمكم السياسي؟
- لا بد من وجود سني معتدل لمحاربة الإرهاب والتكفير والتطرف.. فلا يمكن ذلك بدون تقوية المعتدلين. والمطلوب الآن تقوية التيار المعتدل الذي يمثله سعد الحريري.
ــ طالما الأمر كذلك لماذا أنتم في 8 آذار طيرتم حكومته عام 2010؟
- لم أكن مع تطييره بشكل شخصي، وأنا آنذاك اعترضت على مجيء الرئيس نجيب ميقاتي لأنني كنت أعرف أنه <سيتغنّج> علينا حتى الثمالة و<سيربّحنا جميلة> بأنه ترأس الحكومة وهذا ما حصل، علماً أنه نفذ كل ما تريده قوى 14 آذار، ولذلك أنا مع عودة سعد الحريري، ومع انتخاب رئيس قوي كميشال عون ورئيس حكومة كسعد الحريري.
ــ وهل يمكن ذلك طالما أن الانتخابات الرئاسية في جولتها الـ11 لم تنتج رئيساً، فهل يعول على موعد 23 الجاري، وما حظوظ عون بالرئاسة بعدما تقدمت 14 آذار
بمبادرة لسحب الدكتور سمير جعجع ترشيحه واختيار مرشح توافقي؟
- لا قيمة لمبادرة 14 آذار ولن تصل الى أي مكان، والمطلوب اليوم وجود تفاهم سعودي - ايراني، وقد بدأ التفاهم وبدأ الكلام بين الطرفين عن الوضع اللبناني، وأقدر ان هناك تطوراً في العلاقة السعودية - الايرانية قد توصل الى مكان جيد، خاصة على الصعيد اللبناني وعلى الصعيد السوري كما وصلت على الصعيد العراقي. وأعتقد أن السعوديين تجاوزوا موضوع الرئيس الأسد لأنهم اقتنعوا بأن لا إمكانية لإزاحته وتنحيه، وفي الموضوع اللبناني هناك تناغم بمقاربة الوضع بين السعوديين والإيرانيين.
ــ ألا تفرض المقاربة هذه أن يصل رئيس وسطي توافقي؟
- لا أرى أن التفاهم على ميشال عون ليس مستحيلاً بين السعوديين والإيرانيين.
ــ كيف والحوار بين <المستقبل> والتيار الوطني الحر توقف؟
- لا... هناك تشويش من بعض الأطراف في تيار <المستقبل> على ما جرى بين الحريري والعماد عون وأرى أن هناك قطبة مخفية ومتينة بينهما ولا أدعي معرفتها، إنما أشعر بها. وأعتقد أن عون لا يزال الأكثر حظاً ليكون رئيساً للجمهورية.
ــ وماذا عن الرئيس التوافقي مثل جان عبيد وجان قهوجي؟
- أسماء مطروحة، وجان عبيد اسم متقدم وجدي وهو ما تبقى من اصالة هذا البلد وروحه الميثاقية، ولذلك فهو متقدم، لكن لم يصبح العماد عون بعد خارج السباق.
ــ هل يمكن التوافق على سلة كاملة بما في ذلك التمديد للمجلس النيابي؟
- هذا ما سيحدث، لاسيما وأن لا إمكانية لإجراء الانتخابات رغم معارضتنا للتمديد ورفضه.
ــ وكيف تفسر تقديم الرئيس نبيه بري لترشيحه ورفضه للتمديد؟
- هذا ليس مقياساً، فهو مع إجراء الانتخابات لكن يبدو أنها لن تُجرى ولا بد من التمديد.
ــ وهل يمكن انتخاب رئيس يوم 23 الجاري؟
- من دون تحديد تواريخ، لديّ شعور ان هناك رئيساً قبل رأس السنة.