بقلم حسين حمية
اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي في الأسبوع الماضي وما قبله بالتعليق على حادثتين تعرضت لهما نائب بيروت عضو كتلة <المستقبل> المحامية رولا الطبش جارودي، الأولى خلال حضورها قداس انطلياس خلال الاحتفال برأس السنة وما تلاها من تصريح من دار الفتوى، والثانية اعتمارها بقرب طفلين سعوديين العلم السعودي خلال مشاهدة مباراة لبنان والسعودية داخل <نادي اليخوت> بدعوة من السفير السعودي وليد البخاري، حيث انقسم اللبنانيون في كلا الحالتين بين معارض ومؤيد لها، حتى ان بعض المعارضين دعاها الى الاستقالة والبعض الآخر كفّرها. فماذا تقول عن كل هذا؟
<الأفكار> التقت النائب رولا الطبش داخل مكتبها للمحاماة في شارع فوش وسط بيروت وحاورتها على هذا الخط بالإضافة الى شؤون وشجون الوضع الداخلي بدءاً من التأليف المتعثر والقمة الاقتصادية العربية وغياب ليبيا عنها والدعوة الى تفعيل حكومة تصريف الأعمال بدءاً من السؤال:
ــ اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي في الأسبوعين الماضيين بالتعليق على الحادثتين اللتين تعرّضتِ لهما سواء داخل كنيسة انطلياس وأثناء مباراة لبنان والسعودية، والبعض هاجمك ودعاك الى الاستقالة والبعض الآخر وقف الى جانبك. فماذا تقولين؟ وكيف تبرّرين ما حصل معك؟
- هناك هجمة غير مسبوقة منذ بداية السنة الجديدة ضدي، وكأن نتيجة كل العمل والمجهود الذي قمت بهما على مدى الاشهر الماضية لم يرهما أحد، لكن والحمد لله استطعت أن أثبت نفسي وحققت تقدماً كبيراً خصوصاً على الصعيد الشعبوي خاصة عندما فتحت مكتبي للناس وأطلقت الخط الساخن حيث حقّقت ولو جزءاً بسيطاً من الخدمات سواء 20 بالمئة من طلبات الوظائف التي تسلمتها أو على صعيد خدمات الكهرباء والمياه والصحة، لاسيما دخول المستشفيات والمدارس، ناهيك عن دوري في تشريع القوانين والمحاضرات التي أقوم بها على كل المستويات سواء بما يتعلق بالمرأة وحقوقها أو بشؤون الشباب والطلاب. لكن رغم كل ذلك تفتحت العيون عليّ وحصلت هجمة غير مسبوقة ضدي وكل ما فعلته نُسف لمجرد أنني شاركت في قداس للسلام والمحبة واللاعنف، إلا انني ووجهت بأقسى أنواع العنف.
ــ لا أحد يرفض حضورك القداس، وهذا شأن عادي في بلد التعايش، لكن ما حصل فيما بعد من اعتذار من دار الفتوى هو الذي قلب الأمور رأساً على عقب. فلماذا الاعتذار أصلاً؟
- حصل لغط كبير في الشارع الإسلامي رغم أنه معتدل ولا يعرف التطرف، إنما حصلت في المقابل هجمة ضدي طالبت بهدر دمي واستقالتي وخروجي من المهمة ودعوة للمناداة ضدي في خطب الجمعة وغيرها من الفتاوى، وأنا أعتبرت أن ما قمت به من شكليات أمام الكاهن من الممكن أن تكون قد أضرت المسيحيين قبل المسلمين، بما في ذلك الكاهن، ولذلك رأيت أنه من الواجب أن تكون المرجعية الوحيدة بدل الفتاوى المتعددة هي دار الفتوى، ولذلك لجأت الى دار الفتوى لدرء الفتنة في الشارع ولأوقف هذه التعديات ولأؤكد أنني تحت ظل الدين والقانون.
واستطردت قائلة:
- لكن قوبلت ببيان مجحف بحقي أظهر للناس كأنني خرجت عن ديني وعدت إليه، وهذا غير صحيح، لأنني لم أقم بما يخرجني عن ديني، والعذر فسّر خطأ لأنه طلب مني أن أعتذر من البيارتة تحديداً، حتى ان ما قمت به أمام الكاهن كان خطأ، لكن هذا الخطأ لم يكن مقصوداً بل حصل عن حسن نية، وبالتالي إذا كان هناك من سيحاسبني وأستغفره فهو ربي وليس العباد، ولذلك رفضت الاعتذار لأن الاعتذار للرب فقط، لكن مع ذلك قالوا إنني اعتذرت وهذا لم يحصل لأنني لم أقصد الإساءة لأحد وإن حصل خطأ فهو غير مقصود.
إشكالية العلم السعودي!
ــ وماذا عن حادثة حمل العلم السعودي أثناء مباراة لبنان والسعودية؟
- الحادثة جرت في <نادي اليخوت> وليس في يخت كما قال البعض لأن الهجوم أصبح شخصياً للأسف، والبعض يتجنى عليّ ويتهمني بالعمالة وعدم الوطنية وبالذهاب الى اليخوت لحضور مباريات، ناهيك عن الكلام البذيء الذي قيل بما يتجاوز حدود الأخلاق وصولاً الى اتهامنا بأننا نقبض المال لقاء ذلك، لكن ما حصل أن السفارة السعودية دعتنا للقاء من مختلف الأطراف بما في ذلك السفراء العرب ومختلف الفنانين والشخصيات لحضور المباريات بعيداً عن جو التشنّج السياسي الحاصل في البلد، فوجدنا بأنها مبادرة حلوة من السفير وليد البخاري. وكل ما هناك أن محطة <ال بي سي> سألتني عن رأيي بهذه المبادرة فقلت إنها مبادرة رائعة، وهكذا تعوّدنا من السعوديين الذين يقدمون المبادرات على الدوام بما يعكس جواً من الألفة والمحبة والعطاء.
وأضافت:
- كما أنني سُئلت عن موقفنا في حال ربحت السعودية فقلت: <هيدي عين وهيدي عين، فمن يربح فهو فخر للأمة العربية>. لكن لم يستكمل الحديث وقطع ولم أقل انني لم أشجع المنتخب اللبناني بل بالعكس، أنا أول من شجع المنتخب اللبناني وقبل سفره الى الإمارات نزلت الى الملعب وشجعته وطلبت من دولة الرئيس سعد الحريري أن ينزل ويدعم الفريق قبل سفره، وأن تنقل المباراة على تلفزيون لبنان، لكن للأسف فالمصطادون في الماء العكر حاضرون، وكان معنا أولاد الجالية السعودية جلسوا معي وتبادلوا معي <الفولار> وأعطوني <الفولار> السعودي وتصوروا معي، لكن للأسف لمجرد أن وضعت <الفولار> السعودي اعتبر البعض أنني غير وطنية وهذا غير صحيح، فأنا أحترم العلم السعودي ولكنني أحترم وأقدس علم بلادي وافتخر به وأشجع فريق بلدي، لا بل طلبت من الدولة اللبنانية أن تهتم بالفريق اللبناني لأن خسارة المنتخب ليس لأنه لا يضم لاعبين أقوياء لديهم الكفاءة بل لأن الدولة لا تدعم الفريق ولا تنمّي قدراته كي يصل الى أعلى المستويات وهذه كانت الرسالة، لكن من المعيب أن يعتبر البعض أولاد الجالية السعودية هم أولادي وأنا ألبسهم <الفولار> السعودي ونزعوا عني وطنيتي، بل بالعكس، أحب بلدي وأحب كل من يساعد بلدي ونحن منفتحون على الجميع.
ــ بعد حادثة الكنيسة، غرّد الرئيس الحريري وقال ما حرفيته: <النائب رولا الطبش العضو الفاعل في الكتلة والناشطة من أجل المرأة والشباب ولبنان والعيش الواحد بين أبنائه>، وجاء بيان كتلة <المستقبل> فيما بعد الذي أذعته بنفسك. فهل هذه تغطية لك وتأكيد أنك لم تقترفي أي خطأ؟
- الرئيس الحريري هو أول من يدعو للتعايش وتياره هو العابر للطوائف، ولا ننسى الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي رمّم الكنائس والمساجد جنباً الى جنب، وهو الداعي دوماً للتعايش المشترك. وطبعاً الرئيس الحريري كان فخوراً بالخطوة التي قمت بها وداعماً لمثل هذه الأمور ويعرف نيتي في العمل وان هدفي هو السلام والمحبة ويؤيدني تماماً.
عرقلة التأليف الحكومي!
ــ نأتي الى التأليف الحكومي ونسألك: التأليف تأخر كثيراً، فهل السبب العرقلة الداخلية بسبب الحصص؟ أم كما قال زميلك الوزير نهاد المشنوق من أنه مرتبط بالمعركة الرئاسية؟
- نحن نقول إن عقدة التأليف داخلية والعقدة التي برزت مؤخراً هي عقدة النواب السنّة الستة، لكن ماذا عن خلفياتها وأبعادها لا يمكن لنا أن نحللها بل نستطيع القول إن هناك فريقاً يعطل تأليف الحكومة والرئيس الحريري هو المخوّل تأليف الحكومة ويطلب البعض منه أن يضع المسودة الحكومية ويسمي الوزير السني السادس، لكن المشكلة ليست هنا ولا يمكن تقديم أي صيغة طالما أن الفريق الشيعي لم يسمِ وزراءه الستة وليس فقط الوزير السني السادس، وهذا ما يعطّل تأليف الحكومة.
ــ إذا استمر التعطيل والعرقلة، فهل من الوارد أن يعتذر الرئيس الحريري أو أن يضرب على الطاولة ويشكل حكومة ويقدمها لتنال الثقة؟
- التفكير ليس ذاهباً نحو الاعتذار، وطبعاً فالرئيس الحريري كلّف بالتأليف ومستمر في مهمته ولن يعتذر على أمل أن يتم تسهيل هذه المهمة لأن وضع البلد لم يعد يحتمل المزيد من التأخير وإلا قد نواجه بالأسوأ. لكن مع ذلك لا بد أن نتفاءل بالتشكيل وأن كل الأطراف لديهم الحكمة والحرص على البلد لإنقاذه والمساهمة في تسريع التشكيل كي نستطيع أن ننهض بالبلد.
ــ يُقال ان لا بديل عن الرئيس الحريري حالياً ولا معنى بالتالي لما يُروّج عن السعي لتكليف شخص آخر بالتأليف. كيف تقرأين ذلك؟
- طبعاً، فلا بديل عن الرئيس الحريري لاسيما وأن هناك ثقة داخلية ودولية به، لا بل ان مؤتمر <سيدر> والهبات والقروض للبنان جاءت نتيجة الثقة بالرئيس الحريري، وبالتالي فالاقتصاد اللبناني معلّق اليوم على همة وإدارة الرئيس الحريري للحكومة اللبنانية وبالتالي فلا بديل عنه بالنسبة لنا.
القمة الاقتصادية وغياب ليبيا!
ــ القمة الاقتصادية ستعقد رغم دعوة الرئيس نبيه بري لتأجيلها إفساحاً في المجال للم الشمل العربي أكثر بمشاركة سوريا، لكن لن تشارك ليبيا التي بادرت الى طلب تجميد العلاقات مع لبنان، فكيف تقرأين هذا المشهد؟
- هذا المشهد لا يصب في مصلحة لبنان، علماً أن موضوع الإمام موسى الصدر يهمّ كل اللبنانيين ولا جدال عليه، ولكن مقاربة الموضوع غير حقيقية، فالإمام الصدر لو كان موجوداً اليوم لما كان قبِلَ بهذا التصرّف حرصاً على مصلحة لبنان، علماً بأن ليبيا حضرت قمة بيروت العربية عام 2002، وبالتالي هذا الموضوع كان يجب أن يعالج بطريقة أفضل، والتهديدات والمناوشات التي رأيناها في الشارع أو بين الافرقاء لا تصب في مصلحة لبنان، وتحضيرات القمة استكملت ولكن السيئ أن العلاقة مع ليبيا ستكون متوترة خاصة وانها اعتذرت عن حضورها القمة بعدما أُوحي لها الرغبة بعدم وجودها، وبالتالي هذا الموقف سيحرج لبنان وسيوتر العلاقة مع ليبيا، وهذا لا يصب في مصلحة لبنان لأنه سيكشف عن صورة لبنان الضعيفة خاصة وأن الغاية من القمة هو النهوض بلبنان اقتصادياً واجتماعياً وليس العكس.
ــ كعضو في كتلة <المستقبل> نسألك عما قاله الرئيس الحريري بخصوص تفعيل حكومة تصريف الأعمال إذا تأخر التأليف أكثر، وبالتالي الدعوة لإقرار الموازنة وإرسالها الى مجلس النواب حيث قال إن الأمر قيد الدرس. فماذا عن ذلك؟
- هذا الموضوع كما قال الرئيس الحريري قيد الدرس، ونحن نتريث في مقاربته وستتم مناقشته طبعاً مع فخامة الرئيس ميشال عون خاصة وأن الأمر يتعلق بالموازنة بحد ذاتها، وما إذا كانت تحتاج الى درس حيث لا يمكن إقرار موازنة لا تصب في مصلحة لبنان، وبالتالي فهذا الموضوع قيد البحث والتريث حتى نخرج بصيغة تخدم لبنان كما هو هدف الرئيس الحريري، ونحن بانتظار قراره وفقاً لما تقتضيه المصلحة العامة للبلد مع مراعاة ما يقتضيه الدستور.
اللجان والتشريع
ــ ما شاء الله أنت عضو في أربع لجان. فما سرّ ذلك؟ رغم أن النائب يحق له بثلاث لجان كحد أقصى؟
- أنا عضو في لجنة حقوق المرأة، ولجنة حقوق الإنسان، ولجنة الدفاع والداخلية والبلديات، ولجنة الإعلام والاتصالات، وأحضر أيضاً بشكل دائم لجنة الإدارة والعدل، ولم يعارض أحد عضويتي لوجود نقص في المشرعين، وكوني ألعب دوراً كبيراً في هذا المجال، والــــرئيس بــــــري تفهّـــــم هـــــذا الموضوع. وطبعاً كوني امــــرأة فأنـــــا مـــــصرّة أن أكون في لجنة حقـــــوق المـــــرأة وحقوق الإنسان أيضاً.
ــ أين تجدين نفسك؟ وفي أي لجنة؟
- بكل اللجان، وأي موضوع يرفع الظلم عن المرأة أو يراعي حقوق الإنسان بكافة الميادين سواء في مناهضة التعذيب أو في ما يتعلق بالسجون أو بالعنف الأسري أو زواج القاصرات، وأيضاً كل ما يتعلق بالنهوض بالاقتصاد وتحسين التشريعات الخاصة في هذا المجال، وفتح فرص عمل للشباب، فأنا أجد نفسي في كل هذه الأمور وبكل ما يحسّن بيئة الأعمال في لبنان.
ــ وماذا فعلت في لجنة حقوق المرأة والطفل خاصة وأنك الى جانب السيدتين بهية الحريري وديما جمالي تشكلن نصف عدد النواب النساء الست؟
- نحن موعودون من رئيسة اللجنة الدكتورة عناية عز الدين أن نفعّل اللجنة، ونحن نعمل لإقرار بعض القوانين بحيث سبق أن قدمنا قانون العنف الأسري، والآن يدرس في اللجان الفرعية، وكذلك يتم العمل على زواج القاصرات، وقدمت للكتلة مشروع منح الأم اللبنانية الجنسية لأولادها وهو يدرس من قبل الرئيس الحريري، وقدمت للمجلس مشروع رفع تحفظ لبنان عن اتفاقية <سيداو> في ما يتعلق بالمساواة بين المرأة والرجل إضافة الى تقديم مشروع قانون يتعلق بتعديل بعض قوانين العمل لجهة تأمين المساواة للمرأة وإعطائها حقوقها.
ــ وهل المرأة ستوزر من جديد في الحكومة العتيدة وسيبادر الرئيس الحريري الى توزير احداهن أم لا؟
- هذا مطلب جميع الكتل، ونحن نتمنى أن تمثل المرأة في الحكومة الجديدة، ويكون هذا التمثيل وازناً، وسبق أن وعد الرئيس الحريري بذلك لكن لا نعرف المعطيات التي ستحكم هذا الأمر، انما من المؤكد أن المرأة ستمثل ولو بأعداد صغيرة.
ــ سبق أن تقدمتم كنواب عن بيروت بشكوى ضد مجهول بخصوص الطوفان الذي حصل في منطقة الرملة البيضاء. فهل التحقيق مستمر وستتم محاسبة المسؤولين؟ أم عفا الله عما مضى؟
- الأكيد أن التحقيق مستمر، والشكوى تحوّلت من النيابة العامة التمييزية الى النيابة العامة الاستئنافية وهي قيد المتابعة لدى قاضي التحقيق الذي استجوب كل من تبيّن أو أظهره التحقيق أنه معتدٍ أو متدخل أو شريك ووعدنا بأن القرار سيصدر خلال الأسبوعين المقبلين كأقصى حد ونحن سنتابع الموضوع ولن نهمله أبداً.
ــ وكيف هي علاقتك مع البيارتة؟
- جيدة جداً، ونحن نتواصل بشكل يومي مع كل أهالي بيروت والخط الساخن <مولّع> بكل مطالب الناس، وأقوم بكل الجهد المطلوب وأطلب من الناس أن يعذروني إذا لم أستطع تلبية كل طلب لهم لأننا نقوم بأقصى جهد ممكن في ظل الظروف الصعبة القائمة حالياً.