تفاصيل الخبر

عضو كتلة ”الجمهورية القوية“ القاضي السابق جورج عقيص: ما يحصل من أزمات مالية واقتصادية هو نتيجة السياسات القائمة على الفساد والمحاصصة وعدم المحاسبة!

18/10/2019
عضو كتلة ”الجمهورية القوية“ القاضي السابق جورج عقيص: ما يحصل من أزمات مالية واقتصادية هو نتيجة  السياسات القائمة على الفساد والمحاصصة وعدم المحاسبة!

عضو كتلة ”الجمهورية القوية“ القاضي السابق جورج عقيص: ما يحصل من أزمات مالية واقتصادية هو نتيجة السياسات القائمة على الفساد والمحاصصة وعدم المحاسبة!

بقلم حسين حمية

عاش لبنان في الأيام الماضية أزمة مطلبية طاولت المحروقات والرغيف والأدوية وارتبطت أساساً بسعر صرف الليرة اللبنانية قياساً الى الدولار الذي فقد من الأسواق وبرزت معالجات على هذا الخط بدءاً من تعميم مصرف لبنان لضخ السيولة بالعملة الخضراء ودعم المحروقات والطحين والأدوية، إلا ان الأزمة جرجرت ما يطرح السؤال عما إذا كانت مفتعلة لإرباك العهد في وقت ينتظر الجميع إقرار موازنة 2020 التي لا بد أن تتضمن اصلاحات تنفيذاً لمؤتمر <سيدر> في مجلس النواب يناقش عبر لجانه المشتركة اقتراح قانون الانتخاب الجديد الذي تقدمت به كتلة التنمية والتحرير وهو ينص على اعتماد النظام النسبي وجعل لبنان دائرة واحدة. فماذا يقول نواب الأمة بهذا الخصوص؟

<الأفكار> التقت عضو كتلة <الجمهورية القوية> القاضي السابق نائب زحلة جورج عقيص داخل مكتبه في مدينة زحلة وحاورته في هذا الخضم بدءاً من السؤال:

ــ بداية لا بد أن نسألك كقاض سابق عن التعيينات القضائية الأخيرة وما إذا كنت راضياً عنها رغم تحفظ وزراء القوات اللبنانية عليها؟

- المسألة ليست عملية رضا للقوات أم عدم رضا عن الأسماء، بل نحن نتحدث بالطريقة وبالآلية، والأكيد ان تعيين رئيس مجلس القضاء الأعلى (القاضي سهيل عبود) كان ممتازاً وهو الشخص الذي يحق له أن يكون في هذا المنصب حسب الكفاءة والأقدمية والجدارة والملف الشخصي رغم ان كل الذين كانوا ينافسونه جديرون بتبوأ هذا المنصب، لكن تعيينه جاء منطقياً وفي المكان المناسب، والأمر ذاته بالنسبة للنيابة العامة التمييزية (القاضي غسان عويدات) وكذلك بالنسبة للمديرية العامة لوزارة العدل (رولا جدايل)، ونحن كان لدينا تحفظ على رئيس مجلس شورى الدولة (القاضي فادي الياس) لأنه جاء من خارج ملاك القضاء الاداري بل من ملاك القضاء العدلي. ونحن نعرف ان القضاء الاداري هو قضاء تخصصي ويستحسن أن يكون رئيس مجلس الشورى من عديد القضاء الاداري ولا نأتي بأحد من القضاء العدلي إلا إذا لم تكن لدينا كفاءة في القضاء الاداري ومجلس شورى الدولة. وفي هذا التعيين كان هناك شخص من قضاة مجلس الشورى يستجمع شروط الكفاءة والدرجة والعلم والنزاهة، لكن لم يعين وهو القاضي يوسف نصر، والأكيد انه ليس قريباً من القوات بل من جهة اخرى، لكن نحن هنا نتحدث من حيث منطقية التعيين وقانونيته وأحقيته. وبكل الأحوال فالرئيس الذي عين وهو فادي الياس مشهود له في القضاء العدلي بالنزاهة والكفاءة والعلم ولكن كان الأفضل أن يأتي الرئيس من عديد القضاء الاداري كما سبق وقلت.

ــ لكن هذه التعيينات اجمالاً أفضل من غيرها لاسيما أعضاء المجلس الدستوري أم ماذا؟

- أكيد، فهذه التعيينات أفضل من غيرها.

 

الأزمة المالية والاقتصادية!

 

ــ ما الذي يجري من اضرابات واعتصامات في قطاعي المحروقات والطحين وقطاعات أخرى بسبب ارتفاع سعر الدولار وفقدانه من السوق، وهل الأزمة مفتعلة لإرباك العهد واستهداف الحكومة أم نتيجة طبيعية للسياسات الحكومية؟

- لبنان يعاني من الدين العام منذ فترات طويلة، وفي تقديرنا ان مبلغ الـ90 أو حتى 100 مليار دولار وهو مجموع الدين العام وصل الى هذا المبلغ نتيجة الفساد والهدر وإلا لكان أقل بكثير لأنه في مقابل هذا المبلغ الكبير لم نشاهد أي خدمات، لا بنى تحتية جيدة ولا أي خدمات. وما يحصل اليوم هو نتيجة منطقية لسياسات حكومية عنوانها الأساسي عدم المحاسبة والفساد والمحاصصة والزبائنية، والمنطق الطائفي بحيث جعل كل طائفة تضع يدها على قطاع معين وتعتبره إمارة من إماراتها وان أمواله بدل أن تذهب الى الخزينة العامة يذهب جزء صغير منه الى الخزينة والجزء الأكبر لتمويل هذه الجهة أو تلك، بالإضافة الى وجود وضع متفجر في منطقة الشرق الأوسط، ناهيك عن الأزمات المالية التي تتفاقم في مناخ عدم الثقة، فهناك عدم ثقة عند الناس بالسلطة السياسية وهناك عدم ثقة عند الناس بالدولة وقدرتها على مواجهة هذه الأزمة المالية والاقتصادية، وكلما يزيد منسوب عدم الثقة كلما تتفاقم الأزمة، فهذه هي القصة التي تجعلنا نخشى أكثر من تفاقم الأمر.

ــ وكيف يكون الحل في تقديرك؟

- لا يمكن أن نخترع البارود في هذا الموضوع والحلول معروفة تبدأ أولاً بإقرار موازنة سريعة ضمن المهلة الدستورية وإلغاء بعض مزاريب الهدر منها وإقرار رزمة من الاصلاحات التي تدرسها حالياً لجنة الاصلاحات الوزارية وتتفرغ منها بشكل سريع جداً وتحديداً تكون هناك اجراءات جذرية في الكهرباء والجمارك والاتصالات وان تستكمل كل التشريعات الاصلاحية التي تصب في مكافحة الفساد ومنها قانون الصفقات العمومية واستغلال السلطة القضائية وقانون مكافحة الفساد في القطاع العام وإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، كل هذه الأمور تساهم في إنقاذ الوضع وتظهر للمجتمع الدولي ان لبنان بدأ فعلاً يشعر بخطورة الأزمة ويعمل على حلها وتعطي إشارة ايجابية بأن هناك طريقة جديدة لدى السلطة السياسية لإدارة المال العام ولإدارة القطاع العام والمشاريع العامة، وبالتالي فالثقة الاضافية من المؤكد أنها تسرع في الحصول على مساعدات مؤتمر <سيدر> وغيرها حيث من الممكن الحصول على مساعدات من دولة الامارات نتيجة زيارة الرئيس سعد الحريري لأبو ظبي مؤخراً ووعده ببعض المساعدات. فكل هذه الاجراءات من شأنها أن تعيد بعض الثقة المفقودة لدى الشعب ولدى المجتمع الدولي، وثانياً تضخ كمية من الدولارات في السوق اللبناني.

ــ وماذا عن أزمة الدولار وهل تعميم مصرف لبنان كاف أم انه حل جزئي ولا بد من اجراءات اضافية؟

- لن أقيّم السياسات المصرفية لمصرف لبنان الأخيرة، لكن السياق المنطقي يقول إنه عندما تستجدي دخول العملة الأجنبية من الخارج بمستويات مرتفعة من الفائدة فهذا يعطي رد فعل عكسياً لأنه يثبت ان سوق المال يمر بأزمة، وكلما رفعت الفائدة المبالغ فيها على الدولار كأننا نقول للناس اننا في أزمة وعلينا الحصول على الدولار، وآنذاك سيعمد المتمولون الى تهريب رساميلهم برغم ان النية هي جذب الرساميل الخارجية، إلا ان المفعول الواقعي لهذه السياسات يأتي عكسياً ويؤدي الى تهريب الدولار من لبنان لأن صاحب رأس المال شعر ان هناك أزمة مالية مقبلة ولذلك عمد الى تهريب دولاراته الى مصارف خارجية.

ــ وهل سياسة تثبيت سعر الليرة مفيدة في هذه الحالة أم دونها تكاليف بالغة؟

- هذا موضوع مالي وتقني ولست متخصصاً في هذا العلم، لكن ما يمكن قوله إنه آن الأوان لكي نعرف كم كلفت اقتصادنا مسألة تثبيت سعر صرف الليرة وعلينا أن نسأل أنفسنا أسئلة مصيرية بأن الاستمرار في هذا الدعم هو الحل الوحيد المتاح أم ان هناك حلولاً أخرى.

ــ وماذا عن أداء الحاكم رياض سلامة؟

- نحن نرى ان المجتمع الدولي يعرب بشكل واضح جداً عن ثقته القوية بالحاكم بلسان سفراء الدول الكبرى وعدد كبير من المنظمات الدولية، ناهيك عن الجوائز العالمية التي ينالها، ولكن مع الأسف فأنا سأعتبر ان ذلك صحيح وهو أكفأ رجل ولا يوجد بديل عنه لهذا المنصب، لكن وصلنا اليوم الى واقع لا بد أن نسأل: هل سياساته استطاعت أن تنقذنا وإذا أنقذتنا لسنوات طويلة هل لا تزال قادرة على ذلك؟!

مشروع الموازنة وامكانية الاستقالة!

 

ــ ماذا عن مشروع موازنة 2020 بعدما سبق لوزراء القوات أن تقدموا بورقة اصلاحات. فهل ستصوتون لصالحها أم تشترطون إنجاز الاصلاحات؟

- صحيح، فكل فريق طرح مسودة اصلاحات، ونحن سنشترط تضمين المشروع الاصلاحات وإلا لن نصوت لصالح المشروع وسنعارض الموازنة.

ــ معارضة من الداخل دون استقالة؟

- نحن نريد اصلاحاً من الداخل ونرى حالياً ان وجودنا في الحكومة يعطي نتيجة ايجابية ولو في جزء يسير من هذا الاصلاح الذي نتمناه، ومن الممكن أن يتغير هذا الواقع مستقبلاً، لكن اليوم نرى ان وجودنا في الحكومة أجدى من معارضتها الكلامية من الخارج ولكن في السياسة ليس هناك شيء نهائي وقراءتنا للموقف السياسي ولوجودنا ضمن اللعبة السياسية نرى انها مجدية أكثر من خلال وجودنا في الحكومة.

ــ وماذا عن الدعوة لحكومة اختصاصيين لإنقاذ الوضع التي دعا إليها الدكتور سمير جعجع؟

- الموضوعان منفصلان، فنحن قلنا إذا كانت هذه الحكومة التي سنبقى فيها ولا نفكر بالخروج منها، لم تنجح في الأداء ربما من المفيد أن نفكر بقيام حكومة مصغرة من الاختصاصيين هدفها أن تحدث صدمة ايجابية لدى المجتمع الدولي وبأننا أتينا بأناس متخصصين في الموضوع المالي والاقتصادي لإنقاذ الوضع بسرعة من خلال اعتماد الاجراءات أو التدابير المفيدة كي تخرجنا من الواقع المأزوم الذي نعيشه لأن الحكومة الحالية بكل تلاوينها السياسية لم تقدر أن تكون على مستوى تسارع الأحداث.

ــ هل لأنها حكومة وحدة وطنية والآراء فيها متعددة؟

- صحيح، نحن لا نلغي اللعبة السياسية والمجلس السياسي سيبقى يراقب هذه الحكومة وهذا دوره، لكن الحكومة المصغرة من اختصاصيين تتلاءم مع المرحلة ودقتها بدون الدخول في خلافات جديدة بين مكونات البرلمان.

ــ وهل رئيسها يكون غير الرئيس الحريري طالما انه غير اختصاصي بل رئيس كتلة نيابية؟

- هذا موضوع سياسي يتعلق بتفاصيل كبرى، فنحن كمبدأ نطرح حكومة الاختصاصيين كإحدى الحلول للأزمة طالما ان السلطة الموسعة الناتجة عن الديموقراطية التوافقية ليست قادرة على مواكبة الأحداث ولا يجوز تالياً الوقوف مكتوفي الأيدي بل لا بد أن نفكر في إحداث صدمة ايجابية وهذا هو البديل الذي نطرحه.

ــ ماذا عن قانون الانتخاب الذي يناقش داخل اللجان المشتركة وقدمته كتلة التنمية والتحرير وينص على جعل لبنان دائرة واحدة؟

- نحن قلنا موقفنا داخل اللجان المشتركة وفي الإعلام حيث لا نرى أي موجب لتغيير القانون الحالي الذي أقر عام 2017 بعد مخاض طويل وبعد سنوات حتى استطعنا أن ننتج قانوناً وافقت عليه كل القوى السياسية، وهو أنتج الى حد كبير تمثيلاً صحيحاً يعبر عن واقع وأحجام الكتل السياسية، ولا يوجد أي موجب لتغييره اليوم بل ان هناك حاجة لقراءة تجربة انتخابات 2018  وتطوير هذا القانون وتحسينه إن كان من خلال الأفكار المطروحة لجهة اعتماد <الميغاسنتر> أو البطاقة الممغنطة أو الكوتا النسائية، وتقوية وتفعيل دور هيئة الإشراف على الانتخابات. فكل تلك الأمور بحاجة للبحث ولكن أن نأتي بصيغة جديدة للقانون الانتخابي تغير من واقع التمثيل السياسي فهذا ما نرفضه بالإضافة الى التوقيت بالذات بالنسبة للواقع الاقتصادي والمالي المأزوم يجعلنا نقول إن الوقت ليس لتغيير قانون الانتخاب.

ــ تلتقون هنا مع التيار الوطني الحر الذي يرفض بدوره تغيير القانون الحالي؟

- التيار يلتقي معنا وليس نحن.

ــ أين أصبح <تفاهم معراب> أساساً؟

- نحن نتفق مع التيار في مسألة قانون الانتخاب وفي قضايا أخرى حتى بدون تنسيق.

ــ ألا تأخذ الأمور التي تتفقون عليها منحى طائفياً أحياناً؟

- ليس بالضرورة أن تأخذ المنحى الطائفي البحت، فنحن لا نحبذ ذلك ولكننا لسنا مقفلين لا على التيار الوطني الحر بشكل نهائي ولا على أي من حلفائنا الآخرين بل أعتقد ان أداء القوات اللبنانية بدأ يتوضح، فالتحالف السياسي في مكان ومسألة انقاذ وضع البلد وتحسين أداء الحكومة أمر آخر، وهنا نلتقي مع الآخرين بحيث لا يكون لدينا لا خصوم ولا حلفاء بل نحن مستعدون لمخاصمة أقرب حلفائنا في موضوع ادارة الدولة ومكافحة الفساد والاصلاحات..

ــ وتحالفون ألد الخصوم؟

ضحك وقال:

- لم يحصل ذلك بعد..