تفاصيل الخبر

عضــو بـلـديــــة طــرابـلـس رشــا سنكـــري تـــروي حكايــة زواجهـــا مــن أردنــي وقــرار ترشحهــا للبلديــة  

17/06/2016
عضــو بـلـديــــة طــرابـلـس رشــا سنكـــري تـــروي  حكايــة زواجهـــا مــن أردنــي وقــرار ترشحهــا للبلديــة   

عضــو بـلـديــــة طــرابـلـس رشــا سنكـــري تـــروي حكايــة زواجهـــا مــن أردنــي وقــرار ترشحهــا للبلديــة  

بقلم طوني بشارة

 

1

أصحاب إرادة وإصرار، اختاروا أن يعيشوا حياتهم بشكل طبيعي رغم إصابتهم بإعاقة في إحدى حواسهم، وقد تكون أغلب هذه الحواس مصابة، لكن ذلك لم يمنعهم ذلك من الوصول إلى أحلامهم وتحقيق نجاحات يطمحون إليها، فتحدوا الإعاقة وصارت أسماؤهم تلمع كالنجوم في السماء.

 تحدوا الحياة وأثبتوا للجميع ان الإعاقة ليست إعاقة جسد، ولكنها إعاقة وعجز في التفكير والإبداع، أما السعي وراء الأحلام فيجعل من الانسان شخصاً مبدعاً، هكذا علّمنا من تحدوا إعاقتهم وأوضحوا للجميع ان اليد السليمة لا تكون طليقة دائماً، والعين المبصرة لا تبصر الحياة على حقيقتها وتتجول في تفاصيلها على الدوام، فكثيرون لا يفرقون بين أجراس المحبة التي تقرع للصلاة والسلام، وبين هدير مدافع الرعب والإرهاب والعنف والترويع، فالإعاقة هي إعاقة الروح والعقل وليس الجسد، ولنكن على يقين بأن تلك المقولة ليست مجازاً أو تلاعباً لفظياً.

ننظر من حولنا فنرى ان منهم من وهبه الله حب القراءة والكتابة فأبدع في تأليف العديد من القصص والروايات التي أسرت قلوب وعقول قرائها، ومنهم من منحه الله أصابع ذهبية وأذناً موسيقية فترك لنا كنوزاً من النوتات الموسيقية، وغيره من عشق الفن والتمثيل فأصبح من أشهر مشاهير هوليوود، وغيرهم الكثيرون الذين لم يرتضوا بأن يكون مرضهم أو إعاقتهم حائلاً دون تحقيقهم أحلامهم وطموحاتهم فقرروا أن يتخطوا الصعاب، ليسطروا تاريخهم بحروف من ذهب، علماً إن كلمة «المعوّق» تُطلق على كل من يعاني من الإعاقات العقلية والجسدية والسمعية والبصرية والنطق كما هناك إعاقات سببها الأمراض المزمنة والحوادث المختلفة.

الإعاقة الجسدية دافع للإبداع

ومهما يكن من أمر فلن تكون تلك الإعاقات بأسبابها المتنوعة عائقاً حقيقياً في وجوه أصحابها ولن تحجم مسيرتهم عبر الحياة بل إن الكثيرين من أولئك انطلقوا بعقولهم وعلومهم وأفكارهم وآدابهم وثقافاتهم، وأظهروا للجميع بأن الإعاقة الجسدية لا تمثل لدى كثيرين من أصحابها سوى دافع للإبداع والإنجاز وتحقيق الذات، فابن عباس رضي الله عنه ترجمان القرآن وحبر الأمة كان فاقداً للبصر، ومثله الشاعر بشار بن برد، والأعشى، والزمخشري صاحب «الكشاف» في تفسير القرآن و«المفصل» في النحو كان مبتور الرجل، و<توماس أديسون> الذي اخترع الكهرباء كان أصم، ومثله <بيتهوفن> الذي أصبح واحداً من أعظم الفنانين، و<لويس برايل> مخترع حروف القراءة والكتابة للمكفوفين، والشيخ ابن باز رحمه الله، كلهم ذوو احتياجات خاصة، لم تمنعهم إعاقتهم من تحقيق ذواتهم وتسجيل بصماتهم في سجل الإبداع والإنجاز.

والخليفة الراشد رضي الله عنه كان به صمم وحول وبرص، ثم أصابه الفالج، وبالرغم من ذلك فقد كان من الفقهاء التابعين وعلمائهم في الحديث والفقه، عيَّنه عبد الملك ابن مروان والياً على المدينة عام 76هـ، وهنا أيضاً لا بد من ذكر الإمام الترمزي، صاحب <سنن الترمزي> المشهورة وأحد أصحاب الكتب الستة المشهورة في الحديث كان رحمه الله... مكفوفاً... ولكنه أوتي من المواهب والأخلاق ما جعله من كبار العلماء وبرع في علم الحديث وصنف عدداً من الكتب النافعة المفيدة من أهمها (سنن الترمزي) (الشمائل المحمدية).

رشا والزوج الأردني

فقهاء وأدباء ومخترعون ترك كل منهم بصماته في مجال اختصاصه، تحدوا الإعاقة وانطلقوا في الحياة وأثبتوا قوتهم ومقدرتهم على مواجهة التحديات، تعلموا وأنهوا تخصصهم، وبرزوا كأفراد ناشطين في المجالين العملي والانمائي، وخير دليل على ذلك ابنة طرابلس الأستاذة رشا سنكري التي أعربت عن فخرها بكونها ابنة فايز سنكري الذي يشكل بالنسبة لها مثالاً أعلى بقوته وصبره وتفاؤله وحسن إدارته، إذ تقول: التربية هي أساس كل إنسان، وأنا أؤكد وبنتيجة تجربتي الشخصية ان 80 بالمئة من قوة الفرد وإرادته وجرأته تعود إلى تربية الوالد والوالدة.

وعن سبب إصابتها بالإعاقة بعمر مبكر أجابت سنكري: بسبب لقاح فاسد ضد شلل الأطفال، أصبحت من ذوي الاحتياجات الخاصة ولم أكن قد أكملت عامي الأول بعد، وتمكنت وبسبب حنكة الأهل وجدارتهم من إخراج فكرة الإعاقة كلياً من رأسي، وسعيت لإكمال حياتي بشكل طبيعي ولم أشعر إطلاقاً بأنني مختلفة عن أشقائي وشقيقاتي السبعة (4 فتيات و3 شباب) بل تلقيت المعاملة نفسها التي تلقاها إخوتي مما يعني أنني اكتسبت ثقة تامة واستقلالية بكافة جوانب حياتي.

وحول تحصيلها العلمي تقول رشا سنكري:

- دخلت إلى مدرسة الروم الأرثوذكس عند حي الزاهرية في طرابلس، وتابعت فيها تحصيلي العلمي حتى الثالث ثانوي، ولم أشعر بأنني مختلفة عن صديقاتي، والفضل يعود للقيمين على المدرسة من أساتذة وإداريين وزميلات الذين عاملوني كأي تلميذة تسعى إلى النجاح حتى نسيت ان هناك أي إختلاف، ولكن بقي هناك عائق يعاني منه أغلب ذوي الاحتياجات الخاصة وهو صعوبة التنقل وصعود الأدراج داخل أي مدرسة غير مؤهلة.

 وتابعت قائلة:

- دخلت إلى <جمعية أصدقاء المعاقين> في لبنان الشمالي عام 1987 كمتطوعة وساهمت بمساعدة المكفوفين وأصحاب الإعاقة على الدراسة، ومن ثم دخلت إلى الجامعة اللبنانية (كلية الحقوق) ونلت إجازة في الحقوق ومن ثم تابعت دراستي في كلية الحقوق الفرع الأول ونلت شهادة دراسات عليا في القانون العام، وحالياً أعمل كمديرة مسؤولة لدى جريدة <التمدن> وأشغل منصب نائب رئيس <المنتدى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة> في لبنان الشمالي، وانني أتابع حياتي العملية بانتظام وأتعامل مع الموظفين وكل إنسان يقصدني بمودة واحترام وأجدّ أقصى ما يمكن في أي عمل أقوم به وهذا رضاء من الله.

وعن حياتها العائلية وكيفية تعرفها الى زوجها تقول سنكري:

- عام 1998 مثَّلت المنتدى بمؤتمر في عمان ــ الأردن وقد تعرفت خلاله على مهند المناصرة، وهو شاب أردني مجاز في العلوم السياسية وعلم الآثار، وكان يعمل في مجال العلاقات العامة لدى <مؤسسة فريدريش ناومان الألمانية> المنظمة للمؤتمر، ونشأت علاقة صداقة في ما بيننا امتدت لعام قبل أن تتوطد العلاقة وتتوّج بالزواج عام 2000، وانتقل مهند للإقامة بشكل نهائي في لبنان وهو يعمل حالياً في مجال التصميم الغرافيكي، ولدينا ابنتان ريما (14 عاماً) وليان (13 عاماً).

سنكري: ابنتاي تتمتعان بعاطفة عائلية متكاملة

في ما يتعلق بمدى تقبل زوجها وأولادها لفكرة كونها من ذوي الاحتياجات الخاصة تقول سنكري:

- زوجي هو من سعى لجعل علاقتنا تتطور من مجرد صداقة إلى علاقة حب وزواج، وقمت ومهند بدراسة الموضوع من جميع جوانبه ولم نقدم على خطوة الزواج إلاّ بعد ان قضينا على كافة العقبات التي من الممكن ان تعترض طريقنا، أما بالنسبة لإبنتيْنا فإن موضوع إعاقتي لا تتوقفان عنده بل تتقبلانه بشكل طبيعي من دون أي تعقيدات، وأنا صادقة وشفافة معهما واحترم دائماً رغبتهما في المعرفة والإستفهام عن اي موضوع، ومن ذلك جوابي على سؤالهما عن السبب الذي أدى إلى إعاقتي ــ وكانتا يومئذ في عمرٍ صغيرــ وعن سبب حملي لعكازتين وأوضحت لهما ان الغاية الرئيسية من استعمال العكازات هي المقدرة على التوازن في المشي والسير بشكل أسرع، وقد تمكنت وزوجي مهند من تربيتهما على القناعة الداخلية القوية بكل تفاصيل حياتهما، وهما تتمتعان بعاطفة عائلية متكاملة ومتوازنة.

رشا عضو البلدية

ــ نبارك لكِ فوزكِ بنتيجة 16779 صوتاً في إنتخابات عضوية المجلس البلدي في طرابلس، فما الدافع لخوضك هذه المعركة؟

- «المنتدى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة» رشحني لعضوية مجلس بلدية طرابلس تحت شعار «لنا حق بالمشاركة»، لأننا نؤمن أننا أصحاب قضية ونستحق فرصة لصياغة وصناعة القرار البلدي، دون أن نغفل أن واجباتنا متساوية مع حقوقنا كأي مواطن، ونعلم جيداً بأن إعاقتنا هي جهد ومثابرة وليست بإعاقة. إن العمل البلدي في كثير من جوانبه متابع لقضايانا، وإقرارها وتنفيذها على أرض الواقع يسهلان حياتنا اليومية، ومن هذا المنطلق سنعمل على تطبيق البنود التي يكفلها لنا القانون 220/2000، ومن هنا أتت حتمية أن يكون لنا قرارنا داخل المجلس.

وأضافت:

- كما أنني أرى من خلال عملي ومن خلال ما تولّد لدينا من تجارب سابقة، إن قضايا مدينتنا لها الأولوية وعلينا أن نعمل على تلبية أولويات المدينة وحاجات بديهية من حق المواطن في طرابلس الحصول عليها، خاصة في المناطق الفقيرة والمهّمشة والمغيَّب عنها الإنماء والحداثة.

ــ من ضمن برنامجك الانمائي لاحظنا تركيزك على القانون 220/2000، فما هي البنود التي ستسعين لتطبيقها؟

- سجل عندك:

ــ تأهيل المدارس والدوائر الحكومية والأماكن العامة إحتراماً وتسهيلاً لحاجاتنا.

ــ تأهيل مراكز الاقتراع حفاظاً على حقنا بالتصويت بكرامة.

ــ حماية المنحدرات الخاصة للأشخاص ذوي الإعاقة.

ــ تأهيل الأرصفة كي لا تكون عائقاً أمام حركتنا.

ــ تخصيص ممرات آمنة للكراسي المدولبة.

ــ دمج تلامذة ذوي الاحتياجات الخاصة بالمدارس العامة.

ــ توفير فرص عمل للأشخاص ذوي الإعاقة، منها مثلاً تأمين عمل لهم ضمن أكشاك موزعة بكل طرابلس، ونحن كمنتدى لدينا مئات الطلبات على هذه الأكشاك ما تزال في أدراج البلدية.

مشاريع خاصة بمدينة طرابلس

ــ هذا في ما يتعلق بمشروعكم لذوي الاحتياجات الخاصة، فما هو برنامج عملكم بالنسبة لطرابلس؟

- بالنسبة لطرابلس سنسعى ومن خلال مشاركتنا في البلدية إلى تحقيق الآتي:

ــ إستعادة ثقة المواطنين ببلديتهم.

ــ تنفيذ مشاريع طرابلس الانمائية بمواعيدها دون تأخير.

ــ إقامة متحف لحفظ تاريخ وذاكرة طرابلس وعدم تشويه آثارنا وتراثنا.

ــ تأمين النقل المشترك المؤهل.

ــ ضبط أي مخالفة وتعدٍ على الحق العام.

ــ تنظيم عملية رمي النفايات المنزلية ورفعها بأوقات محددة ليلاً وفرز النفايات من المصدر.

ــ الاعتماد على الطاقة الشمسية لإنارة كل شوارع المدينة.

ــ تجميل محيط نهر أبي علي وتحويله إلى عنصر جذب جمالي كما كان قبل طوفان 1955.

ــ تحرير الأرصفة من محتليها.

ــ إلزام الأبنية الحديثة بالمساحات الخضراء حتى على الأسطح.

ــ تزفيت كل طرقات وأحياء المدينة بطريقة عادلة.

ــ إلزام عناصر شرطة البلدية على ممارسة صلاحياتهم وتأدية واجباتهم.

ــ محاربة عمالة الأطفال والتسرب المدرسي.

ــ تحقيق تنمية عادلة ومستدامة لكل مناطق المدينة.

ــ تنفيذ مشروع تنمية منطقة التل حسب الدراسات المعدة لها.

ــ تغيير عقلية ممارسة العمل البلدي عبر دورات للموظفين والموظفات.

ــ تطوير جهاز الإطفاء وتحديث معداته.

ــ تفعيل مكتب إدارة الكوارث بدلاً من كونه مكتباً بطاولة وكراسٍ.

ــ التخلص من جبل مكب النفايات الذي يُطلق غازاته الملوثة وروائحه الكريهة.

ــ تخصيص ممرات آمنة للدراجات الهوائية.

ــ الحفاظ على نظافة جدراننا من غزو النعوات المخيف والملصقات باختلاف أنواعها.

ــ إطلاع المواطنين وبشفافية على مقررات المجلس البلدي عبر نشر مقررات جلساته عبر الإعلام.

ــ تفعيل مكتب الشكاوى في البلدية وإحياء اللجان الأهلية كحلقة وصل بين المواطنين والبلدية.

ــ تشغيل الإشارات الضوئية وتوعية المواطنين للالتزام بها.

ــ مراقبة سلامة ما نأكل وما نشرب.

ــ التعاون مع الإدارات المختصة لانجاح المعرض والمرفأ والمنطقة الاقتصادية.

ــ التواصل مع المرجعيات المعنية لتعيد لمدرجات الملعب الأولمبي جماهيرها.

ــ دعم وتقدير فناني ومبدعي مدينتنا.

ــ أفكار ومشاريع قيمة ولكن هل بإمكان 8 أعضاء من لائحة التوافق وأنت واحدة منهم، إقناع 16 عضواً من لائحة اللواء أشرف ريفي بأحقية المشاريع المذكورة سابقاً؟ - برأيي سنتوافق طالما ان الموضوع هو إنمائي بحت ولا يمت للسياسة بأية صلة، علماً ان أعضاء اللائحتين متقاربون من حيث الهدف، حتى إذا دخلنا بالاختصاصات التي يمتاز بها كافة الأعضاء نرى اننا نكمل بعضنا البعض وهدفنا الأول والأخير هو إنماء طرابلس.

ابنتاي رفضتا فكرة ترشحي

ــ علمنا ان ريما وليان رفضتا فكرة ترشحك لعضوية البلدية؟ فما سبب ذلك؟

- لأنه أثناء الحملة الانتخابية انشغلت عن ريما وليان مما أدى إلى رفضهما فكرة مشاركتي بالعمل البلدي، ولكنني وعدتهما بأنني سأعيد تنظيم وقتي بطريقة تمنع التداخل والتضارب بين العمل المهني والعمل البلدي والحياة العائلية، علماً إنني أعلم جيداً ان العمل الانمائي يتطــــلب مني تخصيص جزء كبير من وقتي من أجل تحقيق الغايــــة التـــي ترشحت على أساسها، ولكنني في المقابــــل أؤمــــن أن الإدارة الجيــــــدة هي مفتاح النجاح مهما كثرت المهمات.

ــ كلمة أخيرة؟

ــ أشكر كافة نواب ووزراء ومرجعيات طرابلس دون استثناء لإيمانهم بقضيتنا وتأييدنا التام بهذه الخطوة. وشكر خاص للدكتور عزام عويضة رئيس لائحة <لطرابلس> لتمسكه الشديد بترشيحي ضمن لائحته، أشكر المنتدى بشخص رئيسه الدكتور نواف كبارة لثقته وتشجيعي على خوض هذه التجربة، وذلك من مبدأ أنه من حقنا ان نتشارك في تحمل المسؤولية كما أن ذلك واجب علينا تجاه مدينتنا، والشكر لأهلي وأخوتي وزوجي ولزملائي في المنتدى وللصديق أنطوان حريكي، لمساندتهم لي جميعاً في كل مراحل حملتي الإنتخابية. والشكر الكبير لطرابلس ولكل من منحني صوته فكل هذا الدعم وكل هذه الثقة وكل هذه المحبة هي أمانة سأحملها تجاه مدينتي التي تستحق منا كل الصدق، كل الشفافية، كل الحب، والكثير من العمل الصادق النزيه. وأخيراً شكراً لمجــــلتكم الكريمــــة وخاصة للأستاذ وليد عوض الذي نحترم ونقدِّر.