تفاصيل الخبر

عضو اللقاء التشاوري الوزير السابق فيصل كرامي بدون مجاملة: الحريري مرشح قوي وأساسي وهذا أمر دستوري وسياسي لكنه لا يعطيه على الإطلاق صفة المفتي السياسي للسنّة!

20/12/2019
عضو اللقاء التشاوري الوزير السابق فيصل كرامي بدون مجاملة: الحريري مرشح قوي وأساسي وهذا أمر دستوري وسياسي  لكنه لا يعطيه على الإطلاق صفة المفتي السياسي للسنّة!

عضو اللقاء التشاوري الوزير السابق فيصل كرامي بدون مجاملة: الحريري مرشح قوي وأساسي وهذا أمر دستوري وسياسي لكنه لا يعطيه على الإطلاق صفة المفتي السياسي للسنّة!

بقلم حسين حمية

أكثر من 60 يوماً مضى على الانتفاضة الشعبية التي انطلقت في 17 تشرين الاول (اكتوبر ) الماضي والبلاد تعيش المخاض العسير لولادة حكومية يبدو انها ستكون قيصرية نظراً للخلافات القائمة بين الكتل النيابية حول النظرة الى المستجدات والتطورات، في وقت احترقت اسماء الوزيرين السابقين محمد الصفدي وبهيج طبارة ورجل الاعمال سمير الخطيب بعدما طرحت كبديل عن رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري الذي تسلح بغطاء المرجعية الدينية السنية وبعدم تجرؤ احد على منافسته ما جعله المرشح الاوحد لكي يكلف بترؤس الحكومة، انما الاكيد ان التأليف سيطول طالما ان التباين مستمر حول شكل الحكومة وما اذا كانت تكنوقراط كما يصر الحريري او تكنوسياسية كما تصر الاغلبية النيابية. فماذا يقول النواب المعنيون بالتسمية والتأليف؟

<الأفكار> حاورت عضو اللقاء التشاوري الوزير السابق فيصل كرامي حول الانتفاضة وتداعياتها والازمة الحكومية الناشبة، اضافة الى سر ما تعرض له منزله في طرابلس من هجمة من حشد من المتظاهرين قوبلت برد مماثل من قبل حراس المنزل وسقط جرحى نتيجة ذلك؟

وسألته بداية:

ــ بداية لا بد ان نسألك عن الحراك الشعبي المتواصل منذ شهرين. فهل ترى انه عفوي وبريء انطلق بسبب الفقر والضائقة الاقتصادية والفساد المستشري وغياب فرص العمل وسوء ادارة الدولة أم انه مسيس في جانب منه خاصة وانه تزامن مع اندلاع ثورات مشابهة في اكثر من 20 بلداً في العالم؟

- لا شكّ ان اللبنانيين لديهم كل العناصر الموضوعية التي كانت تنذر بانفجار اجتماعي وشيك قبل بدء الحراك الشعبي وبالتالي نعم إن الفقر والضائقة الاجتماعية والفساد المستشري وغياب فرص العمل وسوء إدارة الدولة وكل هذا التسيّب في إدارة البلاد وفي مواجهة التحديات وصولاً الى تبشير اللبنانيين بأنهم سيتحملون قرارات صعبة تتعلق بالضرائب، وبسواها من الإجراءات لمواجهة الأزمات المالية التي كانت تعاني منها الدولة قبل شهرين، كل ذلك يبرّئ الحراك الشعبي من أي اتهامات بأنه مفتعل او يتم تحريكه من الخارج، ولكن لا بدّ هنا من الإشارة إلى ان الشارع في لبنان شارع مكشوف وبالتالي فإن أي عمل يكون مسرحه الشارع معرّض لتدخلات داخلية وخارجية، ومنذ البداية حذرت من هذا الأمر وتحذيري لم يكن موجهاً للناس وإنما للسلطة، لكي تسارع في تلبية الحد الأدنى من مطالب الناس وتمنع احتمالات استثمار تحرك الناس العفوي وحرف الحراك الشعبي عن أهدافه المطلبية المحقة. الأمر الثاني هو التوقيت، والمستغرب ان عدة محللين وعدة مطّلعين قد ألمحوا إلى هذا التوقيت ما بين أيلول (سبتمبر) وتشرين الأول (اكتوبر) كموعدٍ لانفجار شعبي في لبنان ولأزمة كبرى يشهدها البلد وهو ما حصل فعلياً.

شعار <كلن يعني كلن> لم يكن صادقاً!

ــ في 17 و18 تشرين الاول الماضي نزل كل اللبنانيين من كل الاطياف والمناطق الى الشوارع وقطعوا معظم طرقات لبنان، لكن في اليوم الثالث لهذه الانتفاضة تبدل الوضع وبدأ البعض ينظر بريبة الى هذه الانتفاضة. فهل السبب في تقديرك هو العامل السياسي الداخلي مع ركوب بعض اهل السلطة موجة هذا الحراك اوالعامل الاقليمي والدولي لاسيما منها الاميركي والاسرائيلي مع صدور مواقف تثير الشك بوجود مخطط لإثارة الفوضى في لبنان؟

- كثيرون ممن نزلوا الى الشارع ليل الخميس في ١٧ تشرين الاول الماضي، كانوا فعلياً ينتفضون ويعبرون عن رفضهم للواقع المتدهور الذي وصلوا إليه في يوميات عيشهم، ولكن كان من الواضح أيضاً أنّ هذا الغضب الشعبي العفوي لن يستمرّ كذلك ولن يكون بوسعه أن يحمي انتفاضته، وخصوصاً حين جرى قطع الطرقات بأسلوب منظم ومدروس لا تتقنه الانتفاضات الشعبية العفوية والفجائية بل يوحي وبشكل مباشر بأن هناك من أعدّ له بعناية ودراية وخبرة. لكن هل تعرضت الانتفاضة الشعبية ومنذ بدايتها الى استثمارات داخلية وإقليمية ودولية؟ والجواب من المؤكد أنها تعرضت لذلك، وأن الأجندات كثيرة تبدأ من بعض الأجندات المتعلقة بالصراع على السلطة وبالنزاع بين بعض الأطراف والقوى الداخلية المشاركة في السلطة ولكنها تمتد أيضاً الى ما هو أخطر، حين يتعلق الأمر بتحميل الانتفاضة الشعبية ما ليس فيها وما لا يجوز ان يكون فيها، من أهداف ومخططات لها طابع إقليمي ودولي وتتصل بطبيعة توازنات القوى في لبنان في المرحلة الحاضرة ومحاولة تغيير المشهد او على الأقل محاولة استعمال لبنان كساحةٍ للتفاوض حول أمور لا علاقة لها بالمطالب الشعبية. ومن الطبيعي ان ما سمعناه منذ فترة من المسؤولين الأميركيين ومن الشخصيات الأميركية مثل <جيفري فيلتمان> وما يصدر أيضاً من تصريحات ومواقف من كبار مسؤولي الكيان الصهيوني، فإن كل ذلك يؤكد بأن هذه الانتفاضة الشعبية وللأسف الشديد نجح كثيرون في تحويلها إلى مطية، ولا أبالغ اليوم إذا قلت إن الحراك الشعبي وإن غضب اللبنانيين هو العنصر الأضعف في الشارع.

ــ كل الطبقة السياسية مسؤولة عن وصول البلد الى حافة الانهيار ولذلك طرح اهل الحراك شعار <كلن يعني كلن> ومع ذلك نرى ان استهداف المحتجين ينصب على فريق واحد من اهل السلطة دون الاخر لا بل تحول بعض الفاعلين في مجلسي النواب والوزراء الى منظرين لهذا الحراك وشارك انصارهم فيه ولم يتعرضوا لأي تشهير امام بيوتهم. فما سر ذلك؟

- ان شعار <كلن يعني كلّن> يمكن القبول به وتفهمه في إطار ان جميع من تولوا السلطة خلال العقود الأخيرة التي أدّت إلى هذه الانهيارات الكبرى هم في دائرة المسؤولية، كما ان شعار <كلن يعني كلن> يمكن ان يكون مفيداً لدفع اللبنانيين الى الخروج من البعد الطائفي والمذهبي والحزبي ولكن <كلن يعني كلن> لم يكن شعاراً صادقاً وهذا ما أظهرته الأيام، وبالفعل، فإنّ من المستغرب ان بعض الأطراف الفاعلة والأساسية في الحكم قد غابت وجرى استبعادها من موجات الغضب وتحديداً من موجات الشتائم والسباب التي نستنكرها ونرفضها عموماً، ولكن إعفاء هؤلاء من غضب الناس يحتمل كل الشبهات ويؤكد وللأسف الشديد ان هذا الشعار لم يكن موفقاً ولم ينجح ولم يطبّق أصلاً.

طرابلس عروس الثورة!

ــ ما سر طرابلس التي شاركت بقوة في الحراك ووصفت بعروس الثورة بعدما كانت توصف سابقاً بـ<قندهار لبنان>، وماذا عن هذا المزاج المتبدل وهل صحيح ان اموالاً تدفع من الداخل والخارج للنزول الى الشوارع؟

- اذا كان لبنان غاضباً ومستفَزّاً بسبب الأوضاع الاقتصادية والمعيشية فإن من حق طرابلس ان تكون الاكثر غضباً والأكثر استفزازاً وهي المدينة التي جرى إفقارها وتجويعها وتهميشها على مدى عقود، وبالتالي فإن المشاركة الفاعلة للطرابلسيين ولأهالي طرابلس في الحراك الشعبي وإن بدت للبعض مستغربة إلا أنها طبيعية جداً. وربما من الفضائل التي لا يمكن إنكارها التي تحققت بفعل هذه الانتفاضة الشعبية هو ان طرابلس استطاعت ان تنفض عن نفسها لقب <قندهار> لبنان لتصبح عروس الثورة. ولكن ما ينطبق على الساحات في كل لبنان ينطبق ايضاً على ساحة الثورة في طرابلس، فالتدخلات موجودة، وركاب الموجة كثيرون، لا بل أزيد على ذلك بأنني حذرت ومنذ الايام الاولى بأن الخطر الداهم لن يكون اقتصادياً ومالياً ومعيشياّ فقط بل هو خطر أمني، وفي حال استمر ترك الأمور على هذا المنوال فإن كل المؤشرات تقول إن الساحة الطرابلسية ستكون المسرح المثالي لهذا الخطر الأمني لا سمح الله. انا ليس لدي معلومات عن أموال تدفع من الداخل او الخارج ولكن لدي انطباع بسيط وهو ان الاموال ان كانت تدفع، لا تدفع للناس البسيطين الذين ينزلون للتظاهر وإنما تدفع لجهات أخرى ولديها بنك أهداف متنوع يبدأ بقطع الطرقات وبسب المرجعيات والرموز وربما لا ينتهي عند عقد ندوات في بعض خيم الحراك في ساحات بيروت التي تبشر وتروج للتطبيع مع العدو وهو ما حصل الاسبوع الماضي.

ــ وما سر الهجوم على دارتك والتلفظ بشتائم طاولت الشهيد رشيد كرامي وهل هو تصريحك ضد ما جرى مع المرشح للتكليف المعتذر سمير الخطيب في دار الافتاء، والا يؤكد ان الشارع يتحرك وفق اجندة سياسية لا علاقة لمطالب اهل الحراك بها؟

- من جهتي اعتبر ان الهجوم الذي تعرضت له وما رافقه من أعمال بشعة ومن شتائم إنما أعتبره صفحة انطوت وهو للمصادفة أتى بعد تصريحي المتعلق بالطريقة التي اعتذر بها السيد سمير الخطيب عن متابعة مشوار ترشحه من دار الفتوى ناقلاً عن سماحة المفتي كلاماً سياسياً اعتبرته مخالفاً للواقع السياسي والاهم انه مخالف للدستور. ولكن هذا لا يهم، الأهم ان ما جرى أمام بيتي لا يمتّ للحراك الشعبي بِصلة، هذا أمر أؤكد عليه وفق معلومات دقيقة جداً. ومن هنا أقول ان الانتفاضة الشعبية بريئة مما جرى امام بيتي، وان ما حصل هو عمل غوغائي لكنه يحظى برعاية معروفة، وكما قلت في مؤتمري الصحفي فإنني قد أدركت الهدف منذ البداية وعرفت ان المطلوب فتنة في طرابلس ومارست أقصى درجات ضبط النفس لمنع هذه الفتنة، ونجحت في ذلك والحمد لله. يبقى ان أكرر بأنني مسامح في الضرر الذي وقع عليّ بشكل شخصي، لكنني لست متسامحاً ولن أتسامح مطلقاً مع اي محاولة لجرّ طرابلس الى ما لا يشبهها والى منزلقات خطيرة، أرى من واجبي وواجب جميع السياسيين في طرابلس وجميع القوى الفاعلة التعالي عن الخلافات لحماية المدينة مما يخططون لها.

أزمة التكليف وظاهرة حرق الأسماء!

ــ بعد كل ما جرى خلال مشاورات التكليف من احتراق للمرشحين من الوزيرين السابقين محمد الصفدي وبهيج طبارة وبعدهما سمير الخطيب هل بات الرئيس سعد الحريري المرشح السني الاوحد والمفتي السياسي للسنة بفتوى روحية وسياسية وشعبية اختصرت الطائفة السنية وحسمت مسألة التكليف بحيث لا حاجة لكي يقوم النواب بواجبهم الدستوري في تسمية رئيس جديد للحكومة؟

- من المؤسف ان الرئيس الحريري اعتمد هذا الاسلوب في حرق الاسماء، ولكن وبعد ما جرى مع الوزير الصفدي ومع الوزير طبارة، بدا وكأنّ الرئيس الحريري غير قادر على استكمال النهج نفسه والطريقة نفسها مع سمير الخطيب،ما دفعه إلى توريط دار الفتوى في ما ليس لها وفعلياً في ما يسيء للدار ولموقع سماحة المفتي. ولكن ما حصل قد حصل والمرحلة هذه انتهت، اي مرحلة حرق الأسماء، ومن البديهي القول ان ما أشيع عن ان الرئيس سعد الحريري هو المرشح السني الأوحد قد يصحّ على المستوى السياسي ولكن ليس على مستوى الطائفة السنية، أي انّ الكتل الاساسية والكبرى التي تشكل الأغلبية في المجلس النيابي لا تخفي رغبتها بعودة الحريري الى رئاسة الحكومة وهذا يعني ان سعد الحريري هو مرشح قوي وأساسي، وهذا أمر دستوري وسياسي، لكنه لا يعطي للحريري على الإطلاق صفة المفتي السياسي للسنّة، ولا تجوز هنا أي فتوى روحية لا من سماحة المفتي ولا من سواه حول هذا الأمر. بكل الأحوال ان هذه المرحلة التي عشناها قد أساءت الى سياق دستوري والى آلية دستورية أساسية في اتفاق الطائف وفي الدستور اللبناني، تتعلق بالاستشارات النيابية الملزمة. وإنّي أجدد هنا بأنني رغم تفهمي للأسباب التي دفعت رئيس الجمهورية والكثير من القوى السياسية الى تأخير الاستشارات ومحاولة إتمام التأليف قبل التكليف إلا ان تفهمي هذا للمبررات وللأسباب التي دفعتهم الى ذلك لا يعني انني موافق على هذه الامور. كان الافضل اعتماد الدستور بنصه وروحه وشكله وبشكل حرفي دقيق. قلت ذلك حين يجب ان أقوله، واليوم لا داعي لكي أكرره كثيراً لأن الأيام أثبتت بأنّ المساوئ والسلبيات التي نتجت عن هذا التصرف هي اكثر من الإيجابيات، ولا شك بأن الدستور تعرض لنكسة كبرى، لكن علينا جميعاً العمل على إعادة الاعتبار للدستور وللآليات الدستورية.

ــ أزمة الدولار تكاد تودي بأموال اللبنانيين وتوصل البلد الى الافلاس، وهي بدأت عام 1992 أيام حكومة والدك المرحوم عمر كرامي الذي ووجه بثورة جوع ودواليب استقال على أثرها وكان ارتفاع الدولار والامساك بالسياسة المصرفية والمالية واتباع سياسة تثبيت سعر صرف الليرة الى يومنا هذا. فكيف تقرأ ذلك؟

- إنّ جزءاً من أزمة سعر صرف الليرة هو مفتعل لكنه انعكاس حقيقي للواقع المالي والنقدي وللسياسات المالية والنقدية الهشة التي اعتمدت مبدأ تثبيت سعر صرف الليرة لأسباب عديدة ولأغراض عديدة ليست كلها مشكورة ولا مجال للبحث فيها الآن، ولكن بما أنك تعود الى عام ١٩٩٢ والى ما سُمّيَ بثورة الدواليب في وجه حكومة الرئيس عمر كرامي مع ارتفاع مفتعل للدولار، حيث وصل سعر صرف الدولار الى ٣٠٠٠ ليرة لبنانية، للتذكير هنا فقط أقول إن عمر كرامي حين شكل حكومته الاولى كان الدين العام في لبنان دون المليون دولار وبالليرة اللبنانية وأنّ الثورة التي يُحكى عنها كانت كلها مفبركة وشارك فيها سياسيون ومصرفيون وأجهزة أمنية، ودعني أكشف لك سرّاً بأن تلك الثورة التي دعا إليها الاتحاد العمالي العام سمع بها رئيس الاتحاد العمالي آنذاك من التلفزيون. المهم أن ما حصل آنذاك كان استهدافاً لعمر كرامي وتمهيد الطريق أمام الحريرية السياسية ونحن اليوم ندفع الأثمان الباهظة لكلّ السياسات التي انطلقت من تلك الثورة المزعومة التي أخذت لبنان سياسياً ومالياً واقتصادياً واجتماعياً إلى مكان آخر.