تفاصيل الخبر

عدم الاتفاق على ممثل ”اللقاء التشاوري“ وإعادة توزيع الحقائب أطاحا بمبادرة عون... فتعثرت ولادة حكومة العهد الثانية!

28/12/2018
عدم الاتفاق على ممثل ”اللقاء التشاوري“ وإعادة توزيع الحقائب أطاحا بمبادرة عون... فتعثرت ولادة حكومة العهد الثانية!

عدم الاتفاق على ممثل ”اللقاء التشاوري“ وإعادة توزيع الحقائب أطاحا بمبادرة عون... فتعثرت ولادة حكومة العهد الثانية!


كل التفاؤل الذي ساد قبل أسبوع من حلول عيد الميلاد بقرب ولادة الحكومة الثانية في عهد الرئيس العماد ميشال عون تبدّد عشية العيد وعادت الأزمة الحكومية الى نقطة البداية في ما خص عقدة تمثيل النواب السنّة الستة الذين يدورون في فلك قوى 8 آذار والمدعومين بقوة من حزب الله، وتبخّرت بذلك كل الآمال التي رفعت لصدور مراسيم تشكيل الحكومة الجديدة قبل الأعياد، اذ ان كل المعطيات التي تكوّنت عشية عيد الميلاد تؤشر الى أن لا حكومة قبل الاعياد بحيث تمّ ترحيل الأزمة والحل معاً الى ما بعد رأس السنة... هذا إذا ذلّلت العقبات وإلا فلن تبصر الحكومة العتيدة النور.

ومع دخول الملف الحكومي مجدداً في دائرة المجهول، طرحت الأوساط السياسية بقوة تساؤلات عما إذا كان المقصود من توالي العُقد الحكومية عدم الوصول الى تشكيل الحكومة قبل بلورة الموقف من التطورات الإقليمية التي تحصل في دول الجوار اللبناني والتي تشهد هي الأخرى متغيرات سياسية. وفي هذا السياق تقول مصادر مطلعة على مسار تشكيل الحكومة إن انطباعاً بدأ يتكوّن لدى كبار المسؤولين أن لا رغبة حقيقية في ولادة الحكومة سريعاً في انتظار ما سوف يجري في سوريا، خصوصاً بعدما أعلنت الولايات المتحدة الأميركية قرار الرئيس الأميركي <دونالد ترامب> بسحب العسكريين الأميركيين من الاراضي السورية، ما يعني أن النفوذ الروسي في سوريا وانطلاقاً منها سوف يتعزز في الآتي من الأيام خصوصاً إذا ما حصلت تطورات ميدانية لاسيما في ما خص القسم الذي يعيش فيه الأكراد في سوريا ولم يتمكن النظام السوري من الوصول اليه بعد، مع بروز توجّه تركي بعدم السماح للأكراد في أن يكون لهم أي دور في الحرب والقتال والمواجهة، تواكبه رغبة تركية في ضرب الأكراد في سوريا تحسباً من توافقهم في الطلب بدولة مستقلة أو في أفضل الحالات اعتماد التجربة الكردية في العراق وعاصمتها في الاقليم مدينة اربيل.

من دخل على الخط؟!

قد تكون التحليلات التي سبقت لتبرير اسباب الانتكاسة في معالجة الملف الحكومي محقة أو مبالغاً فيها لا فرق، لكن الثابت الوحيد أن ثمة من دخل على خط المبادرة التي أطلقها الرئيس عون قبل أسبوعين ونجح في تعطيلها، في وقت تضغط الاستحقاقات الوطنية والاوضاع الاقتصادية والاقليمية مع تراجع مستوى التصنيف الدولي للوضع المالي. وكما في كل مرة، تتقاذف الأطراف المعنية بمعالجة الملف الحكومي الاتهامات فيضيع الرأي العام ويتعذر عليه معرفة الجهة الحقيقية التي تقف وراء التعطيل، وهذا ما حصل فعلياً الاسبوع الماضي بعد تعثر مسار المبادرة الرئاسية لإيجاد حل للعقدة السنية والتي قامت على تسمية النواب الستة لمرشح للتوزير من خارجهم على ان يختار الرئيس عون أحد الأسماء المرشحة ويرضى به أعضاء <اللقاء التشاوري>، وذلك في تجربة مكررة لما حصل لدى حل العقدة الدرزية حين أودع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لائحة ضمت أسماء لمرشحين، في المقابل وضع الوزير طلال ارسلان أربعة أسماء أخرى، فاختار رئيس الجمهورية اسماً كان من لائحة ارسلان، فقبل جنبلاط بالأمر لأنه أراد إنجاح التسوية التي قامت عليها مبادرة الرئيس عون في حينه.

مع العقدة السنية تكرّرت التجربة بعد المبادرة التي أطلقها الرئيس عون وأبلغها تباعاً للرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري وحزب الله وأعضاء <اللقاء التشاوري> أنفسهم والتي اسفرت عن وضع خمسة أسماء في عهدة رئيس الجمهورية الذي اختار جواد عدرا صاحب <الدولية للمعلومات> وهي شركة متخصصة في حقل الإحصاءات والاستفتاءات واستطلاع الرأي. وهنا وقع الإشكال، فالرئيس عون ومعه رئيس <تكتل لبنان القوي> الوزير جبران باسيل اعتبرا أن تسمية رئيس الجمهورية لمرشح سني سيكون من حصته الوزارية (4 وزراء) يعني أن هذا <الوزير - الكل> يفترض أن يكون في موضع رئيس الجمهورية والتكتل النيابي الموالي له. فيما رأى فريق <اللقاء التشاوري> أن هذا الوزير سيكون من حصة <اللقاء> وليس أية جهة أخرى، وأن الوزير المختار سيكون في جلسات العصف الفكري لـ<اللقاء> ويعكس التوجهات السياسية التي يعلنها فريق <الممانعة> على الساحة اللبنانية وحيال القضايا المتفاعلة من الخارج. وهنا وقع الخلاف حول وضع الوزير السني من خارج تيار <المستقبل> سرعان ما تطور الى سحب <اللقاء التشاوري> لاسم عدرا كممثل له في الحكومة، ما أثار مشكلة إضافية تتعلق بالنكوث الذي حصل في الاتفاق السياسي حول الوزير السني السادس لاسيما وانه أدى الى اعتبار الاتفاق مجمّداً على خط بعبدا - عين التينة، وخط بعبدا - بيت الوسط. وتروي مصادر تعمل على خط تشكيل الحكومة ان أركان <اللقاء التشاوري> شعروا بالاحراج عندما قيل لهم ان عدرا سوف يكون الى جانب تكتل الرئيس عون، وهو الذي اعتذر عن تصنيفه في هذا الموقع أو ذاك...

من يمثل <اللقاء التشاوري>؟!

وبعيداً عن الجدل حول الجهة التي أطلقت النار مؤخراً وأحدثت اضطراباً سياسياً ونقضاً لاتفاق سياسي تمّ بين الأقطاب المعنيين، فإن الواضح أن <اللقاء التشاوري> المدعوم من حزب الله سوف يزداد تصلباً في مواقفه ولن يتمكن حزب الله - أو ربما لن يريد الحزب - من الضغط على أركانه كما سبق أن حصل للقبول بتسمية عدرا ممثلاً عنهم، فضلاً عن <جو الفتور> الذي يسود العلاقات بين الوزير باسيل (وربما أيضاً رئيس الجمهورية) وحزب الله، والذي دخل على خطه ايضاً الرئيس نبيه بري الذي انتقد مراراً ما يحصل.

وفيما يبدو أن إمكانية إحياء مبادرة الرئيس صعبة المنال لكنها غير مستحيلة بهدف إعادة طرح اقتراح للحل يكون أكثر وضوحاً، برزت في اللحظات الأخيرة لولادة الحكومة مسألة لم تكن في الحسبان تناولت التعديل الذي كان قد أعد لتوزيع ممثلي الأحزاب والكتل على الوزارات والذي قيل ان الوزير باسيل هو الذي حرّكه، بعدما <اكتشف> بعد أشهر على الاتفاق على توزيع الحقائب بأن ثمة حقائب عادية مع وزراء <التيار> والرئيس أكثر من نوعية الحقائب المخصصة لبقية الكتل والاحزاب الكبيرة، على رغم ان التكتل يشكل اكبر كتلة نيابية يبلغ عدد الاعضاء فيها 29 نائباً. وحركت الاقتراحات التي قدمها الوزير باسيل ردود فعل متسارعة قبل ان <يعرفوا> في <اللقاء التشاوري> أنهم لم يعودوا وحدهم سبب التأخير في التشكيل. وسرعان ما رُفضت اقتراحات باسيل بإعادة توزيع حقائب الإعلام والبيئة والزراعة والصناعة والاقتصاد، وانطلقت الاتهامات تطاوله لجهة تعطيل الحكومة العتيدة، وهو ما نفاه الوزير باسيل في أكثر من مناسبة عارضاً لموقفه الذي يؤكد فيه على اهمية التوازن داخل الحكومة حتى تكون منتجة لا ميداناً للتقاتل والتناحر وتعطيل دور السلطة التنفيذية.

توزيع الحقائب يوقظ المطالب!

عند هذا الحد بدا أن وراء الأكمة ما وراءها، وان المقصود البقاء من دون حكومة، لأن عقدة <اللقاء التشاوري> يمكن حلها من خلال الطلب الى أعضاء <اللقاء> تسمية مرشح آخر غير عدرا من جهة، وإعادة الاستناد الى الاتفاق الاساسي لتوزيع الحقائب من دون افتعال أزمات إضافية من خلال تقديم طروحات جديدة حول هذا التوزيع. وعليه، فإن المسألة كما تقول مصادر سياسية مطلعة لم تعد من هو المرشح البديل لعدرا، ولا كيف ستوزع الحقائب، بل هي أزمة تتعلق بمبدأ تشكيل الحكومة، أي بوجود سلطة تنفيذية كاملة الأوصاف بدلاً عن حكومة تصرّف الأعمال منذ 21 أيار/ مايو الماضي تاريخ انتهاء ولاية مجلس النواب السابق وبداية ولاية المجلس الجديد، وهذا يعني استطراداً أن ولادة الحكومة مؤجلة الى ما بعد العام الجديد إلا إذا حصلت تطورات معينة تعيد الأولوية الى ولادة الحكومة من خلال <التسوية> التي طرحها الرئيس عون في مبادرته وأوكل الى المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم مهمة متابعتها مع <اللقاء التشاوري> وحزب الله.

وثمة من يرى أن واقع الأزمة الحكومية الراهنة ينطبق عليه قول الشاعر <كلما داويت جرحاً سال جرح>، إذ انه كلما وجدت حلول لعقدة ما برزت عقدة أخرى أشد ايلاماً من العقد السابقة ما يطيل أزمة البحث عن حل وبالتالي يبقى البلد بلا حكومة.

ويبقى أن الاعتراض على اعتبار الوزير السني السادس من حصة الرئيس عون لا يستهدف شخص رئيس الجمهورية بقدر ما يهدف الى رفض فكرة حيازة الرئيس عون وتكتله النيابي الثلث المعطل من خلال جعل حصتيهما مجتمعتين من 11 وزيراً، والإبقاء بالتالي على قاعدة الثلاث عشرات كي لا تكون لأي فريق القدرة على التعطيل أو محاولة فرض إرادة خارجية على تشكيل الحكومة تحدد الأعداد والحقائب على حد سواء!