تفاصيل الخبر

عبد الرحمن الراشد

29/08/2014
عبد الرحمن الراشد

عبد الرحمن الراشد

بقلم ابراهيم عوض

 

 

ربما يبدي البعض استغرابه أن أخصص «الموقف السياسي> اليوم للكتابة عن شخصية إعلامية بارزة تنقسم الآراء حولها بين معجب بها وناقم عليها أو مرتاب فيها. وثمة في الفريق الثاني من يذهب الى ذلك من الاتهامات التي تتفتق عنها مخيلة أصحاب نظرية المؤامرة.

الشخصية المعنية هنا هي الأستاذ عبد الرحمن الراشد مدير محطة <العربية> ووليدتها الجديدة «الحدث>، والذي شغل لسنوات رئاسة تحرير صحيفة <الشرق الأوسط> المعروفة الواسعة الانتشار.

ما يعنيني هنا ليس الدفاع عن الراشد، فهو يجيد هذا الأمر بنفسه، ولا أخاله بحاجة الى مساعدتي في هذا المجال. لكنني وجدت من باب الوفاء و<العشرة>، حيث عملت معه في لندن مديراً لتحرير مجلة <المجلة> السعودية إحدى شقيقات <الشرق الأوسط> في أواخر الثمانينات، بعد أن قصدتها زوجتي الحامل مع بداية الحرب اللبنانية، قبل أن أعود الى وطني الأم في العام 1994 مديراً للشركة السعودية للأبحاث والتسويق ناشرة <الشرق الأوسط> وأربع عشرة مطبوعة أخرى.

في ذلك العام كان رفيق عبد الرحمن الأستاذ عثمان العمير يتولى رئاسة <الشرق الأوسط>. وقد عمل الإثنان على افتتاح مكاتب لها في بيروت واختاراني لهذه المهمة. ولا أبالغ إذا قلت إن كلاً من العمير والراشد خصاني باهتمام ورعاية لن أنساهما ما حييت. إلا أن متابعة مسيرتي الصحفية مع الراشد من بيروت، بعد أن غادرنا الأستاذ العمير الى مشروعه <إيلاف>، الذي افتتح به عالم المواقع الإليكترونية الإخبارية، جعلني أتقرب منه أكثر لأكتشف الجانب الإنساني فيه، كما تعرفت الى حنكته الصحفية والأهم جرأته وإقدامه في طرق أبواب  المحظور أحياناً حتى داخل المملكة العربية السعودية الذي هو أحد أبنائها.

لن أستفيض في الحديث عن النجاحات و<السكوبات> التي حققتها <الشرق الأوسط> على أيامه وضربت مبيعاتها أرقاماً قياسية، ولكن أكتفي بالكشف عن أن الراشد كان أكثر المشجعين للانفتاح على سوريا خلال وجودها في لبنان لإدراكه بأن من يريد معرفة ما يجري في هذا الوطن الصغير عليه أن يذهب الى دمشق.

ومن هنا جاءت المقابلات الثلاث التي أجريناها مع الرئيس الدكتور بشار الأسد. أولاها كانت قبل رحيل والده الرئيس حافظ الأسد بأيام. وقد أرجأنا نشرها حينذاك الى ما بعد الانتهاء من تقبل التعازي. وقد حظيت باهتمام محلي وعربي ودولي كبير بعد أن اعتبرت بمنزلة <التعرف الأول> على سياسة وفكر رجل سوريا الجديد.

قلت إنني لن أدخل في تفاصيل تلك الفترة من عملي الصحفي تحت إدارة <أخي عبد الرحمن>، إلا أنني أذكر كلمات قالها وزير الإعلام السابق الصديق غازي العريضي في البرلمان جاء فيها <إن على من يرغب في معرفة رأي دمشق من هذه القضية اللبنانية أو تلك ما عليه إلا قراءة <الشرق الأوسط>.

اليوم ليس أوان محاسبة أحد ممن تجنوا عليّ وحاولوا إبعادي عن وظيفتي أكثر من مرة، لولا تصدي عبد الرحمن راشد لهم، وقبلهم عثمان العمير، علماً أن أحدهم كان مالئ الدنيا وشاغل الناس، وقد أفعل ذات يوم. لكن ما يهمني كما أسلفت قول كلمة وفاء بحق الراشد الذي أخالفه الكثير من القضايا وفي مقدمها الموقف من سوريا. فالرجل حدد خياره وهو حر فيه وما على المعارض له إلا أن يقارعه بالحجة والمنطق وبوسائل الإعلام المختلفة، لكن ما لا يمكن نسيانه على أيام الراشد ذلك الموقف النبيل حين أصبت بمرض في العام 1990 كاد يقعدني في المنزل ويشل حركتي، وقد اتصلت بي إدارة <المجلة> يومئذ تعلمني اضطرارها الاستغناء عني ما لم أزاول العمل بعد شهر كما ينص القانون على ذلك. إلا أن صوت الراشد جاء مدوياً بعد ذلك، حيث اتصل بي فور علمه بما فعلته الإدارة ليقول لي: <إسمع يا أبو رين، لا تهتم. إبقَ في منزلك وسيصلك راتبك إليك مدى العمر>.

بعد هذا الكلام المعبر أرى لا داعي لإضافة حرف...