تفاصيل الخبر

عائلة مزهر الهاربة من دمشق تروي مأساتها من قب الياس ونازحة في عرسال قررت تحصيل لقمة العيش عن طريق الحرام!    

24/06/2016
عائلة مزهر الهاربة من دمشق تروي مأساتها من قب الياس ونازحة في عرسال قررت تحصيل لقمة العيش عن طريق الحرام!      

عائلة مزهر الهاربة من دمشق تروي مأساتها من قب الياس ونازحة في عرسال قررت تحصيل لقمة العيش عن طريق الحرام!    

بقلم علي الحسيني

اتعبتهم-الغربة-والجوع

لا يعرفون للحياة لوناً ولا شكلاً محرومون من أبسط حقوقهم، حقوق العيش بكرامة ولو خارج وطنهم الذي تلتهب أرضه وسماؤه ناراً ودماراً وقتلاً وتشريداً، فويل لهم من موت لا يرحم ومن حضن عربي تخلّى عنهم ورماهم في خيم صيفها حريق وشتاؤها غريق. فأين يذهبون من موت يُحاصرهم ومن جوع يفتك بهم وبأطفالهم؟

أن تعد نفسك كصحافي بسبق صحافي لهو أمر مشروع تكفله لك حريّة تنقلك بين مخيمات النزوح في لبنان وتحديداً في البقاعين الأوسط والشمالي. تحذيرات توصيك بعدم الاقتراب من أوجاعهم ومُعاناتهم، فهم أناس كُتب عليهم الصمت والألم في كل أشهر السنة وصولاً إلى شهر الصوم فكيف بمن حُرم طعم النعمة خلال 11 شهراً، أن يتذوّقها في شهر أصبح فيه هو الضحية التي تُذبح كل يوم وليس في عيد الصوم فقط. تتأمل في وجوههم وتنظر في عيونهم، لتقرر بعدها ان تدخل في اعماقهم لتبحث عن زمن أنصفهم او عن رقعة فرح في حياتهم، لكنك لن تجد غير البؤس والجوع والقهر. انهم النازحون السوريون الذين يعيشون على حافة المجتمع وكأنهم عارٍ على هذه الدنيا، فلا أحد يسأل عنهم ولا عن أحوالهم ولا عن الايام والليالي التي يمضونها جياعاً. فقراء خيم النازحين من قب الياس الى عرسال، يجمعهم الجوع كما الانين الذي يخرج من الخيم في كل أوقات الصلاة وما بينها، ليبقى الليل فقط للأحلام بأيام جميلة مليئة بالخير والأمل، لكنها أيام قد تأتي وقد لا تأتي.

عندما تموت الرغبة في الحياة

البؤس والحرمان أصبحا صفة لازمة لأي مخيم نزوح سوري في لبنان، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الجوع والأمراض والحرمان. ولكن لا يعلم حال مخيمات البقاع الا من تفقدهم وسأل عن سكانه وسار من خيمة الى أخرى سواء في ليالي الشتاء العاصفة، أو تحت أشعة شمس حزيران/ يونيو مثلما هو الحال الآن. هنا تبكيك دمعة العجائز وينفطر قلبك لبكاء طفل يتلوى على ذراع والدته جوعاً وحراً ومرضاً من دون ان تتمكن من مده بلقمة تشتهيها له أو بجرعة دواء غابت عن لوائح الدعم الشهري بسبب نقص في ميزانية الأمم المتحدة. هكذا قيل لهم. فتبقى الأم تهّزه بين يديها حتى يغلبه النعاس ويستسلم لنوم عميق في مشهد يبدو وكأنه يلفظ انفاسه الاخيرة. هنا في هذه المخيمات الممتدة بين قرى البقاع وعند اطرافها، تسقط الانسانية وتموت الرغبة في الحياة. يتمنون لو انهم مقاتلون على جبهات الموت في بلادهم، أقله سيكون هناك اسباب موجبة ومحقة للموت. هذا ما تشعر به تماماً لدى دخولك الى خيمة عائلة مزهر الهاربة من مدينة دمشق ومن براميلها المتفجرة، فهنا تشعر وكأنك تقف على حافة العمر أو كأن الدنيا ستنتهي في اللحظة التي تقف فيها عند باب خيمة هذه العائلة التي تقابلك في كل مرة وكأنها المرة الأخيرة. هنا تقول الجدة، منذ ثلاث سنوات ولغاية اليوم، مات منا أربعة: طفلان واحد منهم غرق في النهر والآخر صدمته سيارة. كذلك مات زوجي وهو طاعن في السن، وماتت أيضاً ابنتي التي عجزنا عن مداواتها بعد اصابتها بمرض السرطان.

جدة-تروي-مأساة-العائلة

رحلة العذاب الواحدة

من مخيمات قب الياس الى مخيمات عرسال سوف تمر على العديد من المخيمات غير الرسمية والتي اقامها البعض على اراض خاصة تم تأجيرها من اصحابها لفترة محدودة. هنا لا يتغيّر حال الفقراء ولا يتبدل حتى مع تبدل الجغرافيا. في احد مخيمات عرسال المكتظ بالنازحين السوريين الذين ما زالوا يتوافدون سواء من سوريا أو من بعض المناطق اللبنانية، يطالعك الفقر بأنواع وألوان، واصعبها حكايات وروايات أبطالها فتيات ونساء بعضهن يزاولن مهنة الدعارة لمساعدة عائلاتهن، فكل يوم تجدهم في بلدة ومنطقة بحثاً عن رزق غير شرعي دفعهن العوز اليه. داخل احدى الخيم تندفع احداهن للكلام من دون حذر لتقول: نعم هناك بعض الامهات قررن البحث عن لقمة العيش عن طريق الحرام وفي بعض الاحيان بقبول من الزوج او بغض طرف منه، لكن الحقيقة الواحدة ان كل الدول الاسلامية مسؤولة عن الاوضاع التي وصلنا اليها وكل الحكام سوف يحاكمون يوماً امام الله وسوف يُسألون عن اموالهم وكيفية صرفها، ألم يوصِ الله بالفقراء؟.

وتقول السيدة نفسها: نحن لا نريد دروساً من الهيئات في كيفية تعلم النظافة ولا دروساً بتحديد النسل وتوزيع موانع للحمل على خيم النازحين رغم ان هذا يعتبر تعدياً على الحريات الشخصية، بل نريد اطعام اطفالنا الذين يموتون اما جوعاً وإما حرقاً او برداً. الله لا يسامح كل زعيم تآمر علينا ودمر بلدنا واليوم عرفنا قيمة سوريا ولذلك لم نعد نريد اي شيء سوى العودة الى ديارنا والموت بين أهلنا بعدما رأينا الذل بأعيننا هنا والكل يتفرج علينا.

هل تُغني الاغنية عن الجوع؟

داخل خيمة أخرى تقطنها عائلة الشامي، لا شيء يدل على الحياة سوى بكاء طفل في السنوات الاولى من عمره يكاد يلفظ أنفاسه الاخيرة من شدة الجوع. تحاول الوالدة ان تلهيه بأغنية من هنا او شربة ماء من هناك لكن الحجة هذه لم تعد تنفع مع طفل يُعاني من سوء التغذية منذ مجيئه الى هذه الدنيا. تبكي الام حالها وحال عائلتها، فتقول: والله العظيم ان الفقراء اكثر عطفاً علينا من الاغنياء، تشير بإصبعها الى زوجها واولادها وتقول: زوجي هذا مقعد ولدي ثلاثة أولاد. تعرض زوجي منذ سنة الى إصابة ادت الى توقفه عن العمل حيث كان يعمل في البناء، الظروف اليوم أصبحت صعبة فلا توجد فرصة أخرى له لنسد حاجات أطفالنا ورمقهم. نحن في شهر رمضان الخير والبركة لكن يبدو ان المسلمين يتلهون في أمور أخرى بعيدة عن ديننا وكتاب نبينا. تسأل: ما ذنب اطفالنا لكي يموتوا جوعاً وألماً؟ المسلمون الفقراء في العالم ينتظرون هذا الشهر ليأكلوا أنواعاً عديدة من الطعام يجلبها لهم الاغنياء، اما نحن فنشتهي الأرز والماء واذا تمكنا من تناول قطعة من الحلويات فإننا نشعر وكأن الجنة فُتحت لنا ابوابها. وهنا يتدخل زوجها المقعد ليقول: حكامنا يتلهون بكراسيهم وبكيفية توريث ابنائهم، تراهم متخمون من الاكل وتبدو عليهم مظاهر البذخ والترف أما نحن فننتظر الفرج من عند الله وهو بكل تأكيد سيأتينا يوماً ما.

عند طول خط سيرك وانت تتجه من نقطة الى أخرى وبرغم المسافات البعيدة والمُتعبة، تزداد يقيناً أن للصراحة وجه واحد وهو الحق، والحق هنا في مخيمات البقاع، أن الصلاة وحدها تتحول الى دواء، ووحده ذراع الام يصبح أرجوحة عمر يغفو عليه الاطفال بعدما سرقت أحلامهم وتحولوا الى مجرد ارقام على لوائح المؤسسات الاجتماعية والخيرية، فلا مساعدة تصلهم ولا أمل يعيد البريق الى عيونهم.

يحبون-الحياة-رغم-قهرها-لهم

ذل وقهر وموت في الغربة

يستفزك حجم صبر الناس في المخيمات. يروون لك حكايات تقشعر لها الابدان، ويحدثونك عن أنواع من الذل لكن بكبرياء. العمل في عرسال على قد الحال لا يكاد يكفي أهل البلدة المحاصرين نوعاً ما، فمنذ خمسة أعوام ولغاية اليوم لم يجد المهندس الزراعي زياد الاخرس عملاً في عرسال يعتاش منه مع عائلته وهو الذي يخشى على نفسه من الذهاب خارج حدود البلدة وتحديداً باتجاه بلدة اللبوة، فهناك بحسب اعتقاده من سيتعرف عليه وقد تكون نهاية حياته وذلك لأسباب يقول انها بدأت يوم نزح من القصير الى القلمون وبعدها الى عرسال من دون ان يدرك بأن الجيرة والصداقة اضافة الى التجارة التي جمعت بين أهالي القصير وأهالي قرى الهرمل قد تتحول الى عداوة وانتقام ومطالبة بقطع الرؤوس بسبب المواقف السياسية. وداخل المخيمات ستجد عشرات التلاميذ يدرسون داخل <هنغار>لا تتعدى مساحته المترين عرضاً والخمسة أمتار طولاً. وقد يصادف أن تحضر  وفاة رجل عجوز عجزت المفوضية التابعة للأمم المتحدة والجمعيات الأهلية عن تأمين دواء له ليموت بعيداً عن بلده وعن ثلاثة أبناء ما زال مصيرهم مجهولا. لكن رغم كل هذا القهر والعذاب والجوع لا بد وان يترك كلام كبار السن جزءاً ولو صغيراً من الامل داخل كل زائر، امل بأيام تحمل الفرح وموائد من الطعام حتى ولو خرج من المخيم من دون الصلاة لروح عجوز مات في الغربة.

من قال بأن لبنان خارج خط الفقر؟

لا يبالغ وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني رشيد درباس، حين يقول ان النزوح السوري هو اخطر ما واجه لبنان في تاريخه. لكن السؤال الابرز هو ماذا فعلت هذه الدولة كل تلك السنين قبل ان تطرأ قضية اللاجئين السوريين على لبنان؟. في دراسة كان أعدها المركز اللبناني للدراسات، تفيد ان اكثر من مليون ونصف المليون لبناني يعيشون تحت خط الفقر المطلق ونحو مئتين وخمسين الفاً تحت خط الفقر المدقع. ويؤكد تقرير التنمية البشرية للعام الصادر عن الأمم المتحدة ان ثلاثين بالمئة من اللبنانيين فقراء وثمانية بالمئة معدمون واللافت انه لا توجد في لبنان سياسة خاصة بمكافحة الفقر او سياسة اجتماعية عامة تتضمن خططاً للحد من الفقر، بينما تقتصر مقاربة الحكومة على اعتبار علاج المشاكل الاجتماعية نتاجاً فرعياً وحصيلة آلية للتدابير المتخذة لمعالجة المشاكل الاقتصادية والقائمة حالياً بوجه أساسي على التثبيت النقدي وإعادة اعمار البنية التحتية المادية. وتعطي سياسة الحكومة الاولوية للقضايا الاقتصادية على القضايا الاجتماعية، بحيث ان التعامل مع الفقر لا يتم على قاعدة كبح الأسباب والآليات المولدة له بل على قاعدة معالجة النتائج ووصف الفقر حالة قائمة ينبغي التخفيف من سلبياتها.

 هكذا تتوزع خريطة الفقر

مخيم-السوريون-مروا-من-هنا-في-عرسال

وتظهر خريطة توزع اللاجئين واللبنانيين الفقراء ان ثمة مليوني شخص يوصفون بأنهم تحت خط الفقر ويعيشون في 242 منطقة عقارية موزعة على كل لبنان من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب مروراً بسهل البقاع والعاصمة بيروت ومحيطها ويعيشون جميعاً وسط تدهور خطير وسريع على صعيد التوترات الاجتماعية والفقر بما يفوق قدرة الدولة والمؤسسات والبنى التحتية على تلبية الحاجات المتعاظمة. ويتوزع هؤلاء الفقراء بين 86 بالمئة لاجئين سوريين و68 بالمئة لبنانيين. لكن الاسوأ ان نسبة ارتفاع أعداد الفقراء في لبنان بلغت 61 بالمئة منذ العام 2011، ومن ابرز المناطق الاكثر فقراً، الضواحي الجنوبية والشرقية للعاصمة بيروت وطرابلس ووادي خالد واقصى مناطق عكار المتاخمة للمناطق السورية وعرسال وجرودها الممتدة الى القاع. كما تمتد الى ضواحي مدينة صور وصيدا اي المخيمات الفلسطينية المعروفة على انها أحزمة البؤس المدنية، اضافة الى بقع متفرقة في البقاعين الاوسط والغربي وبعلبك. ويبلغ معدل الفقراء فيها 49 بالمئة سوريين مقارنة مع 38 بالمئة من اللبنانيين الفقراء.

ويمتد فقرهم باتجاه بيروت

تارة تجدهم ينامون الارصفة وتارة اخرى تراهم يفترشون ما تيسر معهم من قطع وقماش بالية تحت الجسور فيصنعون من احلامهم وسادة للنوم ويُحيكون من صبرهم الواناً مشرقة تبشرهم بألوان الربيع الآتي. لا مكان محدداً لهم، يتوزعون بين المناطق بالتساوي، تراهم يجوبون الشوارع في وضح النهار وفي الليالي المظلمة يبحثون عن قوت يومهم بين النفايات وفي حاويات الزبالة، تتزايد اعدادهم بين يوم وآخر وإن سألت عن وجوه لم تعد تراها في الازقة او بين الزحام فهناك من سيخبرك ان من تسأل عنه قد مات جرّاء مرض او جوع لكن الفارق الوحيد بينهم وبين بقية الناس انهم يرحلون عن هذا العالم بصمت من دون أن يُحدثوا ضجيجاً حتى لكي لا يُزعجوا من لا يريد الاعتراف أن في لبنان فقراء ومساكين يُجاهدون على مدار الساعة في سبيل عائلاتهم وتأمين لقمة عيشهم.

مساحة كبيرة من الحزن توجد في داخل العجوز تكفي لأن توزع بالتساوي على العالم كله ومع هذا يشعر جميع من حولها بأن الايام المقبلة ستكون احسن وبأن فتات الخبز التي تجمعها ليلاً من الحاويات ومن أمام المنازل لتعقمها تحت الشمس وتصبح جاهزة للأكل بعد ان تبلل بالماء، سوف تتحول ذات يوم الى سفرة مليئة بأشهى أنواع الطعام.

تحرشات جنسية داخل المراحيض

واقع اللاجئين السوريين في لبنان يدمي القلب ويحزن العين، وما زاد في الطين بلة هو فقدانهم لأدنى حقوق العيش كلاجئين هربوا من الحرب في بلادهم، ليصبحوا على واقع مرير في بلد كان يفترض به أن يحتضنهم بكل إنسانية، فإذا به يتحول الى نقمة، والأصعب من ذلك هو ازدياد واقعهم صعوبة نتيجة حر الصيف وما ينتج عنه من امراض وأوبئة. وفي المخيمات لا يحصل الأطفال على حياة غذائية وصحية سليمة فنظافتهم شبه معدومة، لا قدرة لشراء اللحوم والدجاج إلا نادراً، لا إمكانية لتبديل الثياب وغسلها يومياً، كما أن المراحيض فهي موجودة خارج الخيَم فيضطر الأولاد للخروج كي يقصدوها وهذا يعرضهم في كثير من الاحيان الى تحرشات جنسية كونها مراحيض مشتركة. وقد وثقت جمعيات حقوق الانسان، اكثر من ثلاثين حالة تحرش قام بها كبار في السن بحق اطفال لم تتجاوز اعمارهم الثامنة، كما وانه من المعلوم ان العديد من العائلات يحرمون من الحصص الغذائية المقدمة من منظمة الأمم المتحدة وذلك لاعتبارات عدة منها: كبر العائلة بالاضافة الى إعمار الخبز-داخل-الخيمة-وبسمة-تفاؤلافرادها اذ ان هناك حالات يُعتبر فيها الفرد بأنه قادر على العمل والانتاج، ولذلك تُمنع عنه الحصص الغذائية، وهنا تلعب الوساطة دورها بين عائلة وأخرى.

ماذا عن الأمن؟

أما أمنياً فبات تنظيم وجود هؤلاء اللاجئين ضرورة، وفق عدد من المسؤولين اللبنانيين، خوفاً من انفجار الوضع الامني خصوصاً وانه يوجد حالياً 1400 مخيم عشوائي موزعة في المناطق اللبنانية تضم 18 بالمئة من اللاجئين في حين أن 82 بالمئة منتشرون في معظم انحاء لبنان، أي انهم يتغلغلون في النسيج اللبناني وهذا أمر يشكل في ذاته خطورة. بدوره ينفذ الجيش اللبناني يومياً مداهمات في هذه المخيمات اذ ان عدداً من الارهابيين يلجأون اليها، على غرار ما هو حاصل في مخيمات عرسال وحتى عكار اضافة الى المداهمات في بعض اماكن وجود سوريين في كل المناطق اللبنانية، وفي كثير من الاحيان يتم القاء القبض على ارهابيين وهم يُحاولون تهريب اسلحة وذخائر باتجاه الاراضي السورية لدعم الجماعات المسلحة وتحديداً تنظيم <داعش>.

تجاوز الخطوط الحمراء

بعد خمس سنوات من عمر الحرب السورية، المشهد هو نفسه. حرب مفتوحة على مصراعيها والمقاتلون يتوافدون من كل حدب وصوب. تهريب الاسلحة مستمر هو الآخر عبر الحدود الفالتة لجهة تركيا. قصف وقتل يومي يطال حياة الابرياء، في المقابل تشهد الدول المجاورة، حركة بناء مخيمات بطرق غير شرعية لا تخضع لشروط الدولة اللبنانية ولا لمنظمة الامم المتحدة. اطفال يربون على الجوع وعلى حب الانتقام، فكل منهم يُحمّل مسؤولية تهجيره لهذا الزعيم او ذاك القائد، لكن الحقيقة الوحيدة الراسخة في اذهانهم، انهم جياع ومرضى، فقد فقدوا بعضاً من اصدقائهم كان يلهون معهم بالأمس امام الخيمة وذلك نتيجة اصاباتهم بأمراض او سوء تغذية. الصدمة كبيرة اليوم وقد وصلت الى حد الهستيريا بعدما تجاوز الرقم المليوني نازح. لكن وحتى الساعة يبدو انه لا يوجد اتفاق دولي ولا محلي، على ان القضية تجاوزت الخطوط الحمراء، وأن لبنان اصبح مهدداً بتداعيات الملف إنسانياً وخدماتياً واقتصادياً وأمنياً وايضاً سياسياً.