تفاصيل الخبر

اعتراض على رسم خريطة لبنان بالكوكايين!  

09/10/2015
اعتراض على رسم خريطة لبنان بالكوكايين!  

اعتراض على رسم خريطة لبنان بالكوكايين!  

بقلم عبير انطون

صورة-4-من-الافتتاح <شي يوم رح فل> فيلم لبناني جديد يلقى اقبالاً كبيراً على شباك التذاكر منذ افتُتحت عروضه في الصالات السينمائية يوم الرابع والعشرين من الشهر الماضي بالتزامن مع أول أيام عيد الاضحى المبارك. هو الفيلم الثاني للكاتبة والمخرجة اللبنانية ليال راجحة زوجة المذيع فيني الرومي الذي لم يألُ جهداً لمساندة زوجته في إبراز العمل والترويج له بعد فيلمها الاول <حبة لولو> عن طفل مكتوم القيد..

القصة الجديدة واقعية بحسب المخرجة، شخصياتها أناس حقيقيون، والمواضيع التي تناولها العمل، وإن اعتبرها العديدون ممن شاهدوا الفيلم <جريئة زيادة>، فإنها من صلب يومياتنا بحسب راجحة، ولا يمكن التغاضي عنها.

فمن هو الذي <شي يوم رح يفل>، ولماذا؟ ما هي القصة؟ ماذا قال أبطالها وما علاقة الفنان ملحم زين بها؟

قصة حقيقية!

كالعادة، ومع العروض الاولى لأي فيلم، تعلو الانتقادات سلبيةً وإيجابية. في الليلة الاولى حيث المشاهدون مدعوون بغالبيتهم لا نسمع سوى المباركات والثناء والحديث للميكروفونات والصحافة عن <عالمية> العمل الذي تمت مشاهدته للتو، وإن كان ثمة من يتحفظ فإنه يكتفي بالقول إن التشجيع واجب للفيلم اللبناني مهما كان المعروض. يبقى شباك التذاكر من جانبه <بارومترا> اكثر دلالة وقد أظهر هذا ان فيلم <شي يوم رح فل> يحل اليوم في المرتبة الاولى لبنانياً، بمشاهدة 23242 شخصاً في اسبوعه الاول بعد حملة ترويجية واسعة له. فما هي قصة الفيلم الذي جذب بطله عادل كرم في <الافيش> المروج له كل العيون في جوّ هوليوودي واضح وخلفه الممثلة لورين قديح؟

 يرتكز فيلم <شي يوم رح فل> على قصة حقيقية لرجل خرج من سجن <كارانديرو> حيث التعذيب يبلغ مداه ويحاول ان يبني حياة جديدة له في البرازيل. ولأجل ذلك يعود أولا الى لبنان لاسترداد حقه من رجل اعمال أغراه في البرازيل وشده الى عالم التهريب وكان سبباً في سجنه. تجمعه الصدفة على أحد شواطئ بيروت بثلاث نساء لكل واحدة منهن حكاية جعلتها تهرب الى هذا المنتجع البحري حيث يجتمعن الآن.

 توني ماريا (جوي كرم) هي السيدة الاولى. تسترق السمع خلف الباب الى زوجها (بيار داغر) وضيف غريب (عادل كرم) وتكتشف ان ثمة علاقة عاطفية تربط بينهما فتترك على الأثر القصر الفخم الذي تعيش فيه الى جهة مجهولة، وتلتقي مصادفة بزميلتها من ايام الدراسة <الهام> ( الهام ابي راشد) التي تركت هي ايضاً خطيبها بعد ان عرفت انها مصابة بسرطان في الرأس ولم يبقَ لها سوى أسابيع قليلة في الحياة. تلتقي الشابتان على شاطئ البحر بسارية (لورين قديح) التي توفي زوجها بنوبة قلبية بعد ان أخبرته بخبر حملها، كاذبةً عليه هي المحرومة من الإنجاب بعد 15 عاماً من الزواج. ويدخل على حياة الشابات الثلاث طارق (عادل كرم) الرجل الغامض الآتي من أسرار كثيرة، فيوقعهن في شباكه الواحدة تلو الأخرى، هو الاب المتألم لابنة ابتعد عنها مقرراً الانتقام عندما تقع زوجة الرجل الذي أدخله السجن بين يديه.

 

عنصر المفاجأة!

 

أبقت ليال راجحة فترة التحضير للعمل من كتابتها وإخراجها سرية تماماً. لم تكن تريد الإفصاح عن اي تفصيل قبل ان تطرح الفيلم للعرض مرة واحدة، وذلك إبقاءً على عنصر المفاجأة وتتوقع بأن يحتل الفيلم المرتبة الاولى على شباك التذاكر لهذا العام. فالفيلم بحسب ليال، يطرح اكثر من موضوع وكل المواضيع فيه حساسة او فيها نوع من <التابو> بدءاً من الجنس الى المثلية والخيانة والشغف الجنسي والمخدرات، وعن هذه الاخيرة رسم الفيلم في احد مشاهده خريطة لبنان بـ<الكوكايين> لتشم كل واحدة من الشابات الثلاث إحدى المناطق..

هذه المواضيع التي اعترض عليها بعض المشاهدين على أنها لا يمكن ان تختصر لبنان كله، اعتبرها عادل كرم من قلب المجتمع اللبناني وتنقل صورة عنه. فلماذا نختبئ خلف اصبعنا؟ وعن الشخصية التي لعبها بإتقان قال: <طلبت من ليال راجحة أن تعرّفني بالشاب، وبالفعل التقيته وجلسنا معاً وهذا الأمر ساعدني أكثر في فهم طريقة تفكيره. طارق شخصية واقعية وحقيقية ويوجد الكثير مثلها في بلادنا>.

تمويل ذاتي..

<شي يوم رح فل> الفيلم الذي أنتجته ليال راجحة بنفسها من دون ان تطرق اي باب، عن ذلك تقول ليال: <المنتجون يعرفونني ومن يريد يمكنه الاتصال بي>. ومن فيلمها الاول <حبة لولو> تعلّمت الكثير. هنا ركزت بشكل أكبر على إدارة الممثلين وإبراز احاسيسهم، <لقد اشتغلت أيضاً على الكادر والصورة محاولةً المساواة بينهما>. وهي في اختيارها لعادل كرم أرادت له ان <يظهر بصورة جديدة غير مُعتادة وكان التحدي في ان أضعه في قالب جدي بعيداً عن الكوميديا التي عُرف بها>. اما جوي كرم التي تتعامل معها للمرة الاولى، فإنها <تلعب دوراً صعباً جداً>، فيما ستشكل الهام ابي راشد الوجه الجديد المفاجئ للجمهور. وعن بيار داغر، فإنها تعتبره قيمة مضافة للعمل وعنصر جذب كبير. وتبقى لورين قديح من فيلمها السابق العزيزة عليها لادائها المميز.

لورين قديح كانت قد بدأت سينمائياً بدور <جوليات> مع المخرج سليم الترك في فيلم <آخر فالنتاين في بيروت>، طلبتها ليال لفيلمها الاول وأعادت الكرة في فيلمها الثاني <شي يوم رح فل>. هذا الفيلم جعلها تُصاب بنوبة خوف <بانيك اتاك> ليلة افتتاح الفيلم، فتركت الصالة وسأل الجميع عن أسباب انسحابها. علت همسات بأن السبب هو الحذف من بعض مشاهدها، إلا ان لورين نفت الأمر تماماً مؤكدة: <عندما شاهدت نفسي بالدور والإطراء الذي سمعته، أُصبت بنوبة خوف كبيرة وهبوط في الضغط وآثرت ترك الصالة فوراً>.

لورين زادت وزنها عدداً من الكيلوغرامات لخدمة دورها كامرأة تعشق <الليدي مادونا> (التي كان لها ظهور محبب في الفيلم)، لا يشغلها سوى الطبخ. هي سيدة ساذجة بسيطة تدير مطعماً بسيطاً على البحر، تعي صورة-5-ليال-راجحة-وعادل-كرمالحياة فجأة وتكسر خجلها وتتغلّب عليه في استسلام منها لعواطف جديدة عليها بعد ان اكتشفت ان زوجها المتوفي لم يكن رجل أحلامها.

اسألوا المنتجين!

 

الممثل القدير بيار داغر، لعب دور <مازن> رجل الاعمال المثلي الجنس. مُشاركته في فيلم <شي يوم رح فل> اثارت لدى الجميع السؤال عن غيابه عن الشاشة الصغيرة حيث المسلسلات الدرامية الغزيرة. لما سألته مجلة <الافكار> عن الاصداء حول دوره، وهو ليس سهلاً في مجتمعاتنا العربية أجاب:

 - للصراحة انا لا أتابع الأصداء لأنني مُنشغل نوعاً ما عن الصحافة وما كُتب فيها حول الفيلم. لا أتكل كثيراً على الاصداء ليلة العرض لأنها تحمل الكثير من المجاملات، وما يهمني هو رأي الجمهور طبعاً ورأي النقاد المحترفين. بالنسبة لدور المثلي جنسياً، فإنني لا أراه بهذه الغرابة حتى ولو كان كذلك في العالم العربي. اخترته لأنه يحمل جديداً ويشكّل تنويعاً في مسيرتي التمثيلية الطويلة.

وعن رأيه الشخصي بموضوع المثليين والمطالبة بحقوقهم في الوطن العربي ولبنان اليوم بعد ان أصبحت حقوقهم هذه محفوظة في الجيوش الغربية بينها الجيش الاميركي مؤخراً، يجيب داغر:

- اذا كان الأمر في جينات الشخص اي في تكوينه البيولوجي فهل بيده حيلة؟ قد تكون للبعض ميول أُنثوية وأنا لا ألومهم بالطبع، اما اذا كانت للاستغلال والمنفعة الشخصية فهو حتماً أمر مرفوض>.

وعن اسباب غيابه عن الساحة الدرامية للمسلسلات يجيب داغر عن السؤال:

- أتمنى من الصحافة الكريمة ان لا توجه السؤال لي، بل الى المنتجين والقيّمين على المسلسلات، مستدركاً: <ربما صدر مني في الماضي كلام لم يعجب البعض، فأنا عندما اتخذت قراري منذ عشرين عاماً وذهبت الى سوريا للتمثيل فيها شاركت بأكثر من احد عشر عملاً مميزاً، بينها ما كان مع المخرج الكبير نجدت أنزور. حينئذٍ كنت أهاجم الدراما اللبنانية وبشكل خاص النص اللبناني، ربما هذا ما أزعج بعض الكتّاب والمنتجين مني. الا ان الأمور تغيرت اليوم، ودارت عجلة الكتّاب والمنتجين ولم تعد الاسماء عينها>.

وحول عدم طلبه من قبل المخرج نجدت أنزور العامل بحيوية على الساحة اليوم وعدم مُشاركته في مسلسلاته الجديدة يقول بيار:

- لا يُمكن ان تُبنى حياة فنية على شخص واحد. لا أقول ان اي عمل لم يُعرض علي حالياً، ولموسم رمضان الكريم الماضي عُرض علي دوران اعتذرت عنهما، فأنا افضل المكوث بلا عمل على ان اتنازل عن مستوى معين، كذلك فقد عُرض علي عمل أردني، وآخر شاهدتموه وهو مسلسل جميل بعنوان <رسائل الياسمين> مع سلاف فواخرجي وغسان مسعود، الا ان الظروف الامنية في سوريا جعلتني اعتذر عنه لتصويره فيها.

وعما اذا كان <مازن> دوره الأخير مع ليال راجحة سيعيده الى الجمهور اللبناني مُجدداً يقول بيار:

 - الأمور مرهونة بأوانها، ولست ممن يسايرون ويرتادون المطعم او المقهى الذي يقصده الكاتب فلان أو المنتج علان. وأنا الآن بصدد التحضير لدورين: الاول في مسلسل لبناني <القحّ>، إذ انني أحرص للعودة الى المسلسلات اللبنانية، والمسلسل الثاني عربي.

 وبالعودة الى دوره في فيلم <شي يوم رح فل>، أكد داغر انه سبق ولعب الكثير من الادوار المركبة والاكثر صعوبة، <فأنا مثلت في افلام ايرانية حيث يتنبّه المخرج لكل شعرة في رأس الممثل> وفي فيلم <شي يوم رح فل>، كان التعامل رائعاً مع الجميع دون استثناء>.

 ولو طُلب من بيار انتقاد يدلي به حول العمل، فإنه يتمنى لو ان البنية الدرامية للفيلم كانت اكثر وضوحاً، <إذ كان النص بيحمل شغل أكثر> حتى تتوضح بعض الأفكار التي بقيت مبهمة عند الجمهور.

وعما اذا تحدث عن ذلك مع ليال اثناء التصوير أجاب:

- ربما تفاجأت ليال ببعض الأمور وبما رأته على الارض، او ربما لم تكن تعرف مقدرتي بالشكل الكافي، ذلك ان أعمالي جميعها كانت في الخارج.. فالأمر يتطلّب جلسة تشاور مطوّلة، وخطوة خطوة نتقدم بأعمالنا صورة-عادل-كرم-ولورين-قديحاللبنانية والسينمائية.

 

 تطور ملحوظ!

ما ختم به داغر اكده وزير الثقافة روني عريجي الذي شاهد العمل وأثنى عليه، إذ <تشهد السينما تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، لا سيما وأن الأفلام اللبنانية باتت تعبِّر عن واقعنا وترتبط بحياتنا اليومية. لذلك نراها تصمد بقوة في صالات العرض أمام أفلامٍ هوليوودية ذات إنتاجٍ سينمائي ضخم. وفيلم <شي يوم رح فل>، يحمل مواقف وبُعداً إنسانياً كبيراً، خصوصاً في نهاية الفيلم، رغم وجود مشاهد كثيرة مُضحكة>.

الموسيقى في فيلم <شي يوم رح فل> رائعة كتبها المؤلف الموسيقي ميشال فاضل وسجلها في مدينة <كييف> الروسية مع اوركسترا ضخمة، اما الاغنية الخاصة بالفيلم بعنوان <لما الحكي>، فكتبها الشاعر نزار فرنسيس وغناها جميل الصوت ملحم زين، ويُمكن القول انها كانت ركيزة اساسية ساهمت في انطباع أحداث الفيلم في الاذهان، فكما حال الابطال الذين <فل> كل واحد منهم الى مصيره السعيد او الحزين <سيفل> كل واحد منا يوماً ما الى مصيره مردداً مع ملحم:

<لما الحكي بيقلب بكي

ع مفرق الصدفة

رح التقي بعمري البقي

وزت الدني خلفي>.