تفاصيل الخبر

اعتماد الطبابة الصحية عن بُعد ضرورة في ظل جائحة الكورونا

30/09/2020
اعتماد الطبابة الصحية عن بُعد ضرورة في ظل جائحة الكورونا

اعتماد الطبابة الصحية عن بُعد ضرورة في ظل جائحة الكورونا

 

بقلم وردية بطرس

 

رئيس دائرة طب العائلة في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور غسان حمادة: بدأت الطبابة الصحية عن بُعد في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت منذ العام 2018 ولكن جائحة الكورونا سرّعت باعتمادها

[caption id="attachment_81525" align="alignleft" width="445"] الطبابة الصحية عن بعد.[/caption]

 الرعاية الصحية عن بُعد هي استخدام تقنيات المعلومات والاتصالات الرقمية مثل أجهزة الكمبيوتر وأجهزة المحمول للوصول الى خدمات الرعاية الصحية عن بُعد وإدارة الرعاية الصحية الخاصة بالمريض. وقد تكون هذه التقنيات التي تستخدمها من المنزل او تلك التي يستخدمها الطبيب لتحسين خدمات الرعاية الصحية او دعمها... ففي غضون أسابيع قليلة أعطت جائحة الكورونا دفعاً قوياً لتطور الطب عن بعد في أرجاء العالم بفضل التكنولوجيا المتطورة المتاحة للناس. وكانت هذه القفزة تحتاج الى سنوات لتتحقق في الأوقات العادية، وقد ساهم عزل نصف البشرية في المنازل والخوف من انتقال عدوى الفيروس في تعزيز الاستشارات الطبية عن طريق تطبيقات مكالمات الفيديو والهواتف الذكية. وفي لبنان بدأوا باعتماد الطبابة الصحية عن بُعد في العديد من المستشفيات وكانت مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت قد بدأت باعتماد ذلك حتى قبل جائحة الكورونا اذ بدأت به في العام 2018.

الدكتور حمادة: الكورونا سرّع باعتماد الطبابة الصحية عن بُعد

فكيف تتم الطبابة الصحية عن بُعد؟ وما هي الخطوات التي تتبع من قبل المريض؟ وغيرها من الأسئلة طرحتها (الأفكار) على رئيس دائرة طب العائلة في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور غسان حمادة وسألناه:

* الى أي مدى سرّعت جائحة الكورونا باعتماد الطبابة الصحية عن بُعد تفادياً لزيارة العيادات والمستشفيات إلا في حالات الطوارئ؟

- هذا صحيح جائحة الكورونا دفعتنا بهذا الاتجاه، وتم اتباع الطبابة الصحية عن بُعد في ظل انتشار فيروس كورونا المستجد. طبعاً عندما يرى الطبيب المريض وجهاً لوجه ذلك أفضل ولكن في ظل الجائحة تساعد التكنولوجيا بهذه الخصوص اذ يتوفر ذلك في الهاتف المحمول والذي كان بالأساس متوافراً منذ وقت طويل ، فقد كان المرضى يسألون الطبيب عبر الهاتف أموراً تتعلق بصحتهم. اذاً موضوع الطبابة الصحية عن بُعد ليس بأمر جديد ولكنه أصبح منتشراً أكثر بكثير من قبل بسبب التباعد الاجتماعي الذي فرضته جائحة الكورونا. ثانياً تقدم التكنولوجيا الجديد من خلال استعمال (الواتساب) او (الفيديو كول) او مكالمة فيديو ساعد بهذا الخصوص. اذاً المسألة ليست آنية لكن ربما يصبح ذلك جزءاً روتينياً من العلاج ومتابعة هذه الأمور مثلاً اذا كانت المريض لديه مشاكل بارتفاع الضغط وهو يتعالج عندي في العيادة وسبق ان عاينته مرات عديدة وأتابع وضعه منذ ان بدأ بزيارات روتينية للعيادة، وبالتالي هو ليس بحاجة لأن أفحصه من جديد فأطلب منه ان يتصل بي عبر مكالمة فيديو بعدما يفحص الضغط بواسطة الآلة التي أزوده بها فيعلمني عن نسبة ارتفاع الضغط لديه وأطرح عليه بضعة أسئلة لأتأكد من كل شيء وبأنه لا داع ان يقصد العيادة اي من خلال معاينة صغيرة يمكن ان يجريها الطبيب أثناء مكالمة فيديو. هذه هي التعديلات التي تجري لتشجيع أكثر بما يتعلق بالأمراض المزمنة والمتابعات الدورية عن بُعد بشكل أساسي وأسئلة النصح والارشاد مثلاً اذا كان الشخص يتبع حمية غذائية معينة يمكن مساعدته باستخدام مكالمة فيديو، والأمر نفسه بالنسبة لشخص يود ان يتوقف عن التدخين وبالتالي يمكن التحدث عن هذه الأمور التي هي شائعة أكثر.

وتابع:

- مع تقدم التكنولوجيا أكثر سيسمح باجراء المعاينات او العلاجات التي تُقدم عن بُعد أكثر. فمثلاً من خلال ماكينة في الهاتف المحمول او المعدات التي يضعها الشخص مثل الساعة يستطيع المريض ان يقيس نبضه او ضغطه او نسبة السكر في الدم. أي كلما تطورت الأمور وأصبحت متاحة في أيدي الناس تصبح المعاينات عن بُعد أكثر وأفضل. كذلك من خلال مكالمة فيديو يمكن تشخيص مشاكل جلدية اذ ممكن ان يصور المريض مكان المشكلة عبر الهاتف المحمول ويرسل لنا الصورة او يصوره اذا كانت كاميرا الهاتف تصوّر بشكل واضح مما يساعد على تشخيص الحالة. إذن سيصبح هناك مجال أكثر للحالات التي يتم علاجها عن بُعد او الحالات الطارئة وهي العدد الأقل منها، ولكن العدد الأكبر تكون حالات المتابعة للأمراض المزمنة والارشاد الصحي. ومع تقدم التكنولوجيا ستصبح الطبابة الصحية عن بُعد مستخدمة أكثر.

الحالات النفسية والمعاينة عن بُعد

وعن أكثر الحالات التي تُعاين عن بُعد يشرح الدكتور حمادة:

- أكثر الحالات التي تُعاين عن بُعد هي الحالات النفسية اي الارشاد وتحتاج للمتابعة. فمثلاً يقدر الطبيب ان يسأل المريض عن الدواء الذي يأخذه وبماذا يشعر وعلى أساسه يعرف وضعه النفسي. كما أن المريض يشعر بارتياح وهو يُعاين في بيته، وبطبيعة الحال مكالمة الفيديو تسهل الأمر لأن المريض يرى الطبيب أيضاً اي لا يسمع صوته فحسب بل يتفاعل معه من خلال الفيديو، فقبل أربع او خمس سنوات لم تكن مكالمة الفيديو متوافرة في تطبيقات الهاتف المحمول بينما اليوم أصبحت متوافرة وتُستخدم كثيراً في هذه الحالة.

الخطوات التي يتبعها المريض

[caption id="attachment_81524" align="alignleft" width="183"] الدكتور غسان حمادة : أكثر الحالات التي تُعاين عن بُعد هي الحالات النفسية أي الارشاد وتحتاج للمتابعة.[/caption]

* ما هي الخطوات التي تتبعونها باستخدام الطبابة الصحية عن بُعد سواء لمريض سبق ان تلقى معاينة طبية داخل العيادة من قبل او المريض الذي يتواصل معكم للمرة الأولى؟

- اذا سبق وأن زارنا المريض من قبل وتمت معاينته فذلك أسهل بكثي، اذ تسمح لنا التكنولوجيا بالتواصل معه. البرامج لدينا محمية ومغلقة ولذلك اذا كان المريض قد تعالج سابقاً لدينا يقدر ان يتصل برقم العيادة ويطلب أن نتابع السكر لديه مع الطبيب الذي سبق ان عاينه من قبل لأنه لا يريد ان يقصد العيادة في ظل جائحة الكورونا وبعدها يتم تحديد الموعد، وبدوره يقوم المريض بالضغط على الرابط عبر الفيديو ضمن الوقت المناسب له لاجراء المعاينة عن بُعد وكأنه يدخل الى العيادة اذ تعلمه السكرتيرة بأنه الآن في عيادة الطبيب الفلاني ويمكنه ان ينتظر للحظة لكي ينادوا الطبيب، وأثناء الانتظار بغرفة الانتظار عبر مكاملة الفيديو يسألونه في العيادة أسئلة لكي يملأوا الاستمارة الخاصة به وبعدها تبدأ مكاملة الفيديو بينه وبين الطبيب. واذا كان لدى المريض التطبيق على هاتفه المحمول يقدر ان يتصل مباشرة ويأخذ الموعد الذي يريده مع الطبيب الذي سيعاينه وبالوقت الذي يجده مناسباً له، واذا لم يقدر ان يجد الطبيب الذي سبق ان عاينه من قبل يقدر ان يضغط على زر في ذلك التطبيق ويطلب منهم الاتصال به ليحددوا الموعد المناسب له لكي لا ينتظر من يجيبه على الاتصال، وهذا يسهل أمور الناس. واذا لم يكن المريض قد زار عيادة الطبيب الفلاني من قبل يقدر ان يدخل الى موقع مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت او ان يتصل بالمستشفى ويطلب منهم الاتصال به وعندها يسجلون اسمه ورقم هاتفه وكل المعلومات للتأكد بأنه الشخص نفسه وعلى أساسه يحددون له موعد المعاينة.

حالات تستدعي زيارة العيادة أو المستشفى  

* ذكرت ان هناك حالات يكون سهل التعامل معها من خلال اعتماد الطبابة الصحية عن بُعد مثل الحالات النفسية او المشاكل الجلدية فما هي الحالات التي تتطلب زيارة عيادة المريض ولا يمكن معالجتها عبر الهاتف المحمول وما شابه؟

- طبعاً هناك حالات تستوجب معاينة المريض في العيادة او المستشفى. فمثلاً اذا اتصل المريض وقال إنه يشعر بضيق في التنفس وقد يكون ذلك بسبب توتر او مشكلة ربو او بالقلب الى ما هنالك، ففي هذه الحالة لا أقدر ان اقول للمريض سأعاينه عبر مكالمة الفيديو وما شابه فقد يكون الأمر خطيراً ولا يمكن حل المشكلة عبر الهاتف عندها أطلب منه أن يقصد أقرب مستشفى. وكما ذكرت في سياق الحديث يمكن معاينة حالات تتعلق بالضغط او الحالات النفسية او المشاكل الجلدية والأمراض المزمنة من خلال طرح بعض الأسئلة وتقديم الارشادات الطبية. ولكن اذا شعر المريض بضيق في التنفس لا يمكن ان نقول له اتصل وحدد موعداً لاجراء مكالمة فيديو لتشخيص الحالة، ففي هذه الحالة يكون عرضة لخطر اذا لم يقصد أقرب مستشفى.

* هل بدأتم في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت باعتماد الطبابة الصحية عن بُعد في ظل وباء الكورونا وماذا لمستم من خلال اعتماد هذه الطريقة بالمعاينة والعلاج؟

- في الحقيقة ان الطبابة الصحية عن بُعد موجودة في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت قبل جائحة الكورونا، اذ بدأنا بها منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2018 وذلك نظراً لتقدم التكنولوجيا والخدمات الطبية، فبعدما دخلت التكنولوجيا الى حياتنا أصبح من السهل اعتماد هذه الطريقة لاجراء معاينة طبية وما شابه، طبعاً كان الموضوع يسير تدريجياً وليس بشكل سريع اذ كانت تجري هذه العملية ببطء ولكن عندما بدأت جائحة الكورونا تم تسريع الموضوع أكثر وأجريت تعديلات للكثير من البروتوكولات للطريقة التي كان يُعمل بها اذ كانت هناك عقبات قانونية ومالية، وقبل جائحة كورونا كان هناك تردد بهذا الموضوع، فمثلاً نقابة الأطباء في لبنان كانت تشير الى أنه لا نقدر كأطباء ان نصف الأدوية عبر مكالمة هاتفية وما شابه لأنه ربما قد يقع خطأ ما، اي كان هناك تخوف من هذه المسألة ولكن الآن تغيّر الوضع وأصبح للطبابة الصحية عن بُعد فوائد بسبب جائحة الكورونا لأنه باعتماد هذه الطريقة تخف مخاطر الاصابة بفيروس الكورونا. والأمر الثاني متعلق بالشأن المالي اذ كانوا يتساءلون عندما يتصل المريض بالطبيب كيف سيتم دفع المعاينة وهل هي استشارة طبية او معاينة وما هي القيمة المقبولة التي يأخذها الطبيب كاستشارة هاتفية او استشارة عن بُعد، واذا تحدث الطبيب مع المريض لمدة ساعة هو الأمر نفسه اذا تواصل معه عبر الهاتف وقدم له الخدمة الطبية نفسها فكان يجري الحديث عن هذه الأمور كلها ليس في لبنان بل في العالم كله، وأيضاً كان السؤال المطروح هل شركات التأمين تقبل ان تغطي تكاليف المعاينة عن بُعد؟ اذاً كل هذه الأمور كانت تسير مرة وتتوقف مرة أخرى، ولكن مع بداية جائحة الكورونا بدأ الناس يطلبون اجراء الطبابة الصحية عن بُعد تخوفاً من الاصابة بفيروس الكورونا اذا قصدوا العيادات او المستشفيات بشكل متواصل كما كانوا يفعلون ما قبل الجائحة.

* ماذا عن المرضى هل يشعرون بارتياح من خلال الطبابة الصحية عن بُعد ام يفضلون المعاينة داخل العيادة او المستشفى؟

- لا شك ان اجراء المعاينة عن بُعد تسهل حياة المرضى أكثر بدل ان يقضي وقته على الطريق للوصول الى العيادة بسبب زحمة السير من جهة ومن جهة أخرى يستفيد من وقته خصوصاً الشباب منهم اذ بامكانهم ان يخضعوا للمعاينة الطبية عن بعد وهم في مكاتبهم لأنهم يحبون التكنولوجيا ويودون ان يستفيدوا من الوقت بهذه الطريقة، أما الكبار في السن فيفضلون ان يقصدوا العيادة لكي يفحصهم الطبيب ويطمئنون على صحتهم أكثر. طبعاً لا شيء يلغي العلاقة الشخصية من وقت لآخر اذ لا يكفي اعتماد الأمر على الهاتف اذ أقله يجب ان يكون قد عاينه الطبيب مرة او مرتين  عندها يمكن الطبيب ان يعاينه عن بُعد لأنه عرف حالة المريض، فمن الجيد ان يكون الطبيب قد فحص المريض من قبل في عيادته او المستشفى قبل اللجوء الى الطبابة الصحية عن بُعد. هذا هو المستقبل وكله بدأ في ظل الكورونا، ولكن طبعاً نقول دائماً ان المعاينة الأساسية والتفاعل الانساني مهم ولكن بسبب انتشار فيروس كورونا أصبحت هذه الطريقة تُعتمد في المستشفيات في لبنان وعلى الصعيد العالمي سيستمر الأمر بهذا الشكل اذ سيصبح نمطاً يُتبع، فعلى سبيل المثال اليوم حوالي 20 الى 25 في المئة من المعاينات الطبية تتم عن بُعد، وخلال 3 او 4 سنوات ستُنظم الأمور أكثر وكل الدول ستعتمد هذه الطريقة وطبعاً بفضل التكنولوجيا ستسير الأمور بشكل أحسن.