تفاصيل الخبر

عاشق الصحافة المتيم بلبنان!

04/07/2019
عاشق الصحافة المتيم بلبنان!

عاشق الصحافة المتيم بلبنان!

 

بين وليد عوض والصحافة قصة عشق لا تنتهي. الصحافة بالنسبة له أكثر من منبر وأعظم من منصة. هي حتى أهم من أن تكون السلطة الرابعة في النظام السياسي. الصحافة في عيون وليد عوض هي مهنة حب الناس والإضاءة على نجاحاتهم... فقط. هي مرآة لا تعكس إلا الجمال لأنها رسالة إنسانية قبل أن تكون سياسية أو إجتماعية أو إقتصادية.

منذ صغري وأنا أستغرب مواقفه المسالمة مع كل الأطراف وقدرته على إبقاء التواصل مع الجميع. كان يفسر لي ذلك بطرفته المعهودة: <أنا مصور معه آلة تصوير، الفلاش فيها لا يضيء إلا أمام انجازات الناس وجمالات المجتمع>.

مرات، لم أكن أفهم كيف ولماذا كان يمتدح في بوابة <مرحبا> هنا، بعض الشخصيات المختلف على مناقبيتها. ولم أكن أتفهم مرات أخرى مواقفه المحايدة إلى أبعد بل أصعب الحدود، حتى إن مقال وليد عوض الأسبوعي كان يلقب بميزان الصيدلي. وعندما كنت اسأله إن كان ذلك حرصاً منه أن لا يغضب أحداً، كان يهز برأسه مبتسماً ويقول: <لا مصلحة لأي صحفي في أن يهاجم فلاناً أو علاناً لمصلحة طرف آخر. فعندما يتصالح الطرفان ستكون الصحافة هي الخاسر الأول>.

لبنانية وليد عوض كانت بعيدة النظر، أبعد من كل الأحداث. يريد بقاء لبنان إلى الأبد فيأبى هو أن يغرق في حالة آنية مهما كانت إيجابية أو سلبية. لبنان هو البطريرك الحويك وحلف بشارة الخوري ورياض الصلح، هو واحة العروبة والرسالة التي تحدث عنها البابا <يوحنا بولس الثاني>.

من يقرأ كتابه <أصحاب الفخامة رؤساء لبنان> يلمس حب وليد عوض للبنان وفهمه لبلده من خلال أسلوب عرضه لمآثر رؤسائه.

تماهي وليد عوض مع الصحافة كان حاضراً كل يوم. لم يأخذها كمهنة ولا كمصدر دخل. بالنسبة له هذا مهم ولكنه ليس الأهم، فالصحافة هي الرئة التي يتنفس منها. في عام ٢٠١٦ أصيب بنزلة صدرية حادة استدعت ادخاله إلى غرفة العناية الفائقة لوضع قسطرة هوائية إلى رئتيه. كان غائباً تماماً عن الوعي ولكن يده اليمنى كانت تتحرك من اليمين إلى اليسار من دون توقف. تعجب الدكتور والممرضون من هذه الحركة لأن التخدير الذي خضع له ينوم كل شيء. ظنوا في البداية أن هناك ردة فعل عصبية غير طبيعية على المسكنات. ولكن عندما اقتربنا منه، والدتي وأخواتي وأنا، عرفنا أنه كان... يكتب. يمكن تخدير كل شيء عند وليد عوض إلا قلمه الصحافي. وهكذا ظل إلى آخر ساعة من حياته يكتب وحتى عندما صعبت الكتابة كان يملي مقاله على الممرض..

<أريد أن أموت مثل <موليير>، أي على مسرح الصحافة>.

<الشرف عند المرأة هو العفة أما عند الرجل فهو الوفاء>.

<لا تعارض البيئة التي أنت منها لأن إجماعها على أي شيء يعطيه شرعية>.

<لا طعم لأي نجاح تحصده في العالم إن لم تنجح في بلدك>.

<أرض لبنان لا تنبت المال ولكنها تنبت وسائل كسب المال>.

<مهما عملت في الخارج أبق على وجود لك في لبنان>.

<لا تنظر إلى الصحافة كمهنة تسول. هي قطاع يشبه إلى حد كبير دول العالم الثالث التي لا يمكن أن تعيش من دون دعم أو مساعدات>.

<أحب بيروت كل الحب ولكن إياك أن تنسى يوماً واحداً أنك من طرابلس>.

هذه بعض أقوال ومبادئ وليد عوض، والدي الذي رحل وترك بصمة وفاء في حب لبنان الخالص والصافي من أي مصالح، من خلال الصحافة.

أقل عربون وفاء لعظيم الصحافة اللبنانية أن تستمر مجلته وتوأم روحه <الأفكار>، حاملة اسمه وفلسفته الوطنية، فتبقى على الدوام طوافة،بحلل العصر، من دار إلى دار.