تفاصيل الخبر

عالم الآثار البريطاني البروفيسور ”روبرت كارتر“: هناك أدلة جديدة عن المسيحية المشرقية وآثار كنائسها في الخليج العربي خلال القرون الأولى من الاسلام!

01/03/2019
عالم الآثار البريطاني البروفيسور ”روبرت كارتر“: هناك أدلة جديدة عن المسيحية المشرقية وآثار كنائسها في الخليج العربي خلال القرون الأولى من الاسلام!

عالم الآثار البريطاني البروفيسور ”روبرت كارتر“: هناك أدلة جديدة عن المسيحية المشرقية وآثار كنائسها في الخليج العربي خلال القرون الأولى من الاسلام!

 

بقلم وردية بطرس

تحت عنوان <The Archeology of Beth Qatraya> ألقى عالم الآثار البريطاني في <كلية لندن الجامعية - قطر> البروفيسور <روبرت كارتر> محاضرة في <الجامعة الأميركية> في بيروت بدعوة من <مركز الدراسات العربية والشرق الأوسط> حول شواهد للمسيحية المشرقية والسريانية وآثار كنائسها والأديرة في الخليج العربي في بدايات الاسلام بدعوة من <مركز الدراسات العربية والشرق الأوسط> بالتعاون مع برنامج أنيس المقدسي للآداب في الجامعة. وتحدث أستاذ اللغة والأدب السرياني في <الجامعة الأميركية> في بيروت الدكتور ماريو قزح من <مركز الدراسات العربية والشرق الأوسط> عن اعمال التنقيب والبحث التي قام بها البروفيسور <روبرت كارتر> في الخليج العربي وقال: ان العمل الأثري والتاريخي على مدى السنوات العشر الماضية له تأثير كبير بفهمنا للمجتمعات المسيحية القديمة في الجزيرة العربية وجزر الخليج وهي منطقة تُعرف باسم <Beth Qatraya> <بيت قاطريه> وبالتحديد الاعتراف بأن هناك مواقع للكنائس المشرقية والتي تم التنقيب عنها في الكويت، وايران، والامارات العربية المتحدة، والسعودية في أواخر القرنين السابع والتاسع. وهذا الحديث سيبّين الخطوط العريضة للأدلة الأثرية لهذه المواقع وتاريخها، وبالتالي يلقي ضوءاً جديداً على فهمنا للعلاقات المسيحية الاسلامية المبكرة واستمرارية المسيحية في المنطقة بشكل تقليدي. وستتناول المحاضرة كذلك فجوة واضحة في الخريطة الجغرافية للمواقع المسيحية المعروفة في قطر، شبه الجزيرة العربية التي سُميت بها <بيث قاطريه>. وحتى الآن الأدلة لا تتكون الا من صليب متقاطع تم العثور عليه في موقع في وسط قطر ولم تظهر بقايا أثرية أخرى في الصحارى الشمالية، ومع ذلك فان قطر غنية بالمواقع للكنائس المشرقية والسريانية التي تعود الى القرنين السابع والتاسع والتي يظهر بعضها الميزات المعمارية والتشكيلية التي تشير الى وجود مجتمعات مسيحية، وتظهر أدلة على وجود الاسلام بحلول القرن التاسع في بعض الأماكن، وهي النتائج الأولى لمشروع مسح جديد يستهدف هذه المواقع والتي سيتحدث عنها البروفيسور <روبرت كارتر> في هذه المحاضرة، وهذا العمل وربما الحفريات المستقبلية ستوضح الحياة والهويات الدينية لسكان قطر في الفترة ما بين القرن السابع والتاسع.

 

البروفيسور <روبرت كارتر> والتنقيب عن الكنائس المشرقية في الخليج العربي!

 

وكان لـ<الأفكار> لقاء وحديث مع البروفيسور <روبرت كارتر> الذي يعمل في علم الآثار في شبه الجزيرة العربية، الخليج، ايران والعراق لأكثر من 25 عاماً، وله اهتمام خاص بعصور ما قبل التاريخ، التجارة البحرية، المسيحية المبكرة، وصيد اللؤلؤ، وعلم الآثار التاريخي لدول الخليج. وتشمل المشاريع الأخيرة اصول الدوحة وقطر، المشروع الذي يموله الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي والذي يستكشف التراث العمراني لقطر باستخدامه علم الآثار وتقنيات متعددة التخصصات، والمناظر الطبيعية، وهو مسح جديد لمواقع في شمال قطر من القرن السابع الى التاسع. وحالياً هو زميل بحث وبروفيسور في علم الآثار العربي والشرق أوسطي في قطر، الدوحة ونسأله عما دفعه للاهتمام بالبحث والتنقيب عن المواقع الأثرية للكنائس المشرقية في قطر فيقول:

- بالحقيقة لقد طُلب مني اجراء دراسة عن الفخار، وكان أحد زملائي وهو عالم آثار بريطاني أيضاً قد ذكر لي بأن هذا الفخار لا يعود لحقبة اسلامية، وكنت محظوظاً باجراء دراسة عن الفخار تحديداً في العام 2005 وقمت بنشرها في العام 2008. لقد كان زميلي على حق تماماً اذ كان اول من قال ان هذا الفخار لا يعود لحقبة اسلامية، وبدوري كنت اول من نشر ذلك بالتفاصيل. قد يكون من السابق لأوانه ان نتوقع كل شيء، فنحن لسنا متأكدين، هذه مفاجأة عالم الآثار وكذلك المؤرخ لأنني كنت أعتقد ان المجتمعات الاسلامية كانت هناك من قبل بسبب التوقعات التاريخية واستخدام اللغة العربية، ولكن أيضاً لأننا لا نفهم السيراميك المستخدم في ذلك الفخار، لذلك كان الأمر مثيراً للاهتمام لزميلي، اذ كان قد قام بعملية حفر أخرى للمنطقة في مكان ما لنفهم جيداً صناعة الفخار في تلك الفترة، وبالتالي حصلنا على معلومات جديدة لذلك نحن دائماً نغيّر آراءنا كعلماء آثار.

ــ بدأت بالبحث منذ العام 2005 ولا تزال، فهل تعتقد انك ستجد مواقع لكنائس مسيحية مشرقية في قطر؟

- أعتقد ذلك، مع هذا البحث الذي قمت بنشره، ولكنني لم أقم بأي بحث لبعض الوقت، لقد قمت بالتنقيب ونشر المادة المتعلقة بحقبة ما قبل التاريخ وفترة القرون الوسطى، ثم أعود اليها كوني اقيم في قطر، اذ أريد ان أجد الدلائل. وأعود الى هذا البحث جزئياً لأن اهتمامي بذلك يحفزني للعمل الجديد في الكويت والأماكن الأخرى وطبعاً في قطر كوني هناك، اذ انني بحاجة للحصول على المعطيات عن المجتمعات المسيحية قديماً في قطر.

ــ وكيف تتعامل معك الحكومة او الوزارات المعنية في قطر لتقوم بهذا البحث والتنقيب عن المواقع القديمة للكنائس المسيحية المشرقية في قطر وهل تتحدث عن ذلك في الاعلام في قطر؟

- ليس بعد، هذه المرة الأولى التي اتحدث فيها عن هذا الموضوع  في بيروت، هذا هو العرض الأول عن العمل الأخير الذي قمنا به في قطر، لأننا انتهينا منه منذ بضعة أسابيع. وبرأيي لن تكون هناك مشكلة من قبل حكومة قطر، اذ انه يتم تمويل هذا العمل من قبل صندوق البحوث القطري. وبما يتعلق بالتعاون مع الدكتور ماريو قزح من <مركز الدراسات العربية والشرق الأوسط> في <الجامعة الأميركية> في بيروت، فان الدكتور قزح يعمل على هذا الموضوع من خلال النص. بالطبع نحن لا نعرف ما هو الرد الذي سنحصل عليه عندما نذكر ذلك في وسائل الاعلام في قطر، قد يكون هناك بعض الردود السلبية من أولئك الذين لا يحبون التحدث عن التاريخ المسيحي العربي، ولكن قطر لا تمانع من الاعتراف بماضيها بشكل واضح جداً اذ لا تحاول اخفاء المعلومات الأثرية. وبالتالي أقدر ان انشر المعلومات التي جمعتها دون اي مشكلة. وأعتقد انه حتى السعودية ستكون منفتحة على هذا الموضوع في المستقبل. أقدر ان اضمن اذا ذهبنا للعثور على الكنائس والأديرة سنلقى دعماً من قبل الحكومة القطرية. والمتحف القطري سيهتم بالأمر للغاية كما الدولة القطرية. وبالتالي لا اعتقد انه سيكون هناك رفض او عدم القبول بالحديث عن هذه التنقيبات اذ ليس هناك مشكلة من قبل الدولة القطرية.

ــ وهل كان العمل صعباً في بدايات التنقيب؟

- حسناً المرة الوحيدة التي أدركت فيها ان هناك مشكلة في التنقيب عن مواقع الكنائس المشرقية القديمة في الجزيرة العربية هي في السعودية عندما اكتشفوا كنيسة الجُبيل ولم يُنشر عنها، كما لم تكن زيارة الموقع ممكنة حقاً لأنها كانت محمية ولكن

في الوقت نفسه لم يقوموا باخفاء المكان ولكن ليس لدينا منشورات عنها.

 ــ وهل تعتقد انه في السنوات المقبلة سيتمكن الزوار والسياح من زيارة مواقع الكنائس المسيحية؟

- آمل ذلك، فاذا اصبحت زيارة هذه المواقع مسموحة فسيكون ذلك مثيراً للاهتمام والدولة القطرية ستشجع الناس لزيارتها. وحتى الآن لم نتحدث عن هذه المواقع في وسائل الاعلام ولكن اعتقد عندما نقوم بذلك الناس سيبدون اهتمامهم بالمواقع الأثرية اياً كان نوعها في قطر، وطبعاً الجالية المسيحية التي تقيم في قطر كبيرة والدولة القطرية تبني الكنائس دون اي قمع.

ــ وما أهمية زيارة بيروت تلبية لدعوة <مركز الدراسات العربية والشرق الأوسط> في <الجامعة الأميركية> في بيروت للتحدث عن هذه المواقع المسيحية المشرقية وذلك للمرة الأولى وتحديداً في العاصمة اللبنانية؟

- لا شك انها زيارة مهمة خصوصاً ان الدكتور ماريو قزح يهتم بدراسة المسيحية المشرقية، والسريانية، وبالطبع بيروت لها أهمية كبيرة اذ لديها تاريخ عريق بما يتعلق بالمسيحية المشرقية والسريانية لذلك جذبني المجيء والتحدث عن هذه التنقيبات في <الجامعة الأميركية> في بيروت في هذه المدينة المميزة. وسنستمر بالبحث والتنقيب في الخليج العربي اذ لا نعلم ماذا سنجد خلال التنقيبات ولكننا ندرك ان تلك المواقع غنية وهي تعود لحقبات ما قبل الاسلام. وبالتالي لا يزال مبكراً انهاء هذه الأبحاث، اذ سنواصل عملنا وأبحاثنا للحصول على المزيد من المعلومات والأدلة عن السكان الذين عاشوا في الخليج العربي بما فيها قطر.

 

الدكتور ماريو قزح واللغة السريانية!

ونسأل أستاذ اللغة والأدب السرياني في <الجامعة الأميركية> في بيروت الدكتور ماريو قزح عن اهتمامه بالبحث حول الكنائس المشرقية السريانية في الخليج العربي فيقول:

- أهتم بهذه المواضيع كوني أستاذ اللغة السريانية في <الجامعة الأميركية> في بيروت اذ أدرّس اللغة السريانية منذ 2004، وهذه المادة هي جزء من الانسانيات اي ان الطالب ملزم بتعلم اللغة السريانية، كما يبدي الطلاب الأجانب اهتمامهم بتعلم اللغة السريانية، ولكن غالبية الطلاب هم لبنانيون اذ يرغبون بتعلم اللغة السريانية لمعرفة أسماء قراهم وبلداتهم باللغة السريانية، وكما تعلمين ان الأديب والصحافي والباحث اللبناني أنيس فريحة كان يدّرس في <الجامعة الأميركية>، اذ درّس اللغات السامية والحضارات القديمة في الجامعة، وأتقن عدداً من اللغات السامية مثل السريانية والكنعانية والأوغاريتية المكتوبة بالحرف المسماري. وانني اليوم أسير على الدرب الذي ساره انيس فريحة.

وتابع قائلاً:

- بالنسبة للعلاقات الاسلامية - المسيحية، فيهمني الموضوع لأنني مدير الماجستير في العلوم الاسلامية وجزء كبير منه يرتكز على تعليم العلاقات المسيحية - الاسلامية عبر التاريخ، من هذا المنطلق لا استخدم مصادر عربية فقط بل مصادر سريانية من القرن السابع والثامن، وأعرّف الطلاب على ان هذه العلاقات بدأت مع بداية الاسلام وكانت موجودة بكل الشرق الأوسط. اذ يرى الناس أحياناً ان شبه الجزيرة العربية ليست جزءاً من الشرق الأوسط او انتهت المسيحية فيها بالقرن السابع اي مع بداية الاسلام، ولكن عندما نرى اليوم عالم الآثار البريطاني البروفيسور <روبرت كارتر> يقول لنا ان المسيحية استمرت مئتي سنة بعد الاسلام فهذا دليل على ان العلاقات الاسلامية - المسيحية كانت جيدة، اذ كان هناك تواصل وتفاعل وليس كما رسخت الصورة في أذهاننا ان المسيحية كانت قد انتهت مع بداية الاسلام. يهمني أن يتعرف الطلاب على هذا التاريخ والتواصل الدائم بين الديانة المسيحية والاسلامية.

ــ وكيف بدأ التواصل بينك وبين البروفيسور <روبرت كارتر> في هذا الخصوص؟

- لقد تعرفّنا على بعضنا البعض من خلال الكتابات وتحديداً في العام 2011، ولكنني بدأت أركز على المسيحية في شبه الجزيرة العربية وقرأت العديد من المصادر. ومن هذا المنطلق اهتممت بمقالات ومنشورات البروفيسور <كارتر> وبدأنا نتواصل، ونساعد بعضنا بالأفكار، فالبروفيسور لا يعرف الدخول الى  اللغة السريانية الا من خلال الترجمات، ومن هذه الناحية كان هناك تبادل أفكار.

ــ وما أهمية الحديث عن هذه التنقيبات للمرة الأولى في بيروت؟

- بالنسبة الي كلبناني يهمني ان احصل على كل هذه المعلومات وان تُوضع بتصرف ليس الطلاب والأساتذة في <الجامعة الأميركية> في بيروت فقط بل على صعيد البلد أيضاً لأن لبنان بلد التواصل والتفاهم في الشرق الأوسط، وهذا يجب ان يكون دوره في هذا المجال، وليس فقط بالدراسات الأكاديمية ولكن بالعمل الثقافي أيضاً.

ــ في الوقت الذي نرى هناك صراعات وتدمير آثارات واليوم نسمع عن التنقيبات عن كنائس مشرقية سريانية في قطر، فما هو رأيك؟

- أتصور اننا نركّز على أصول الحضارات والأديان التي هي مبنية على السلام وليس على الدمار، فنحن لا نفكر ايديولوجياً ولكن في الوقت نفسه اذا أظهرنا هذه المعلومات ممكن ان يعيد الناس النظر بالصورة النمطية في أذهانهم عن الاسلام او عن المسيحية.

وختم قائلاً:

- شبه الجزيرة العربية لديها مئات اللغات والثقافات، ونحن نظن انها عربية فقط ولكن بالعكس هناك غنى باللغات والثقافات، وعندما نقول مئات اللغات فهي لغات قديمة مثلاً السريانية، واللهجة الآرامية، واللهجات العربية، واللهجات السامية المختلفة والتي اندثرت، ولكنها موجودة عن طريق المنقوشات وعن طريق الآثارات وبالتالي هناك غنى بشبه الجزيرة العربية يضاهي غنى وثقافة سوريا والعراق، والحكومة القطرية تعطي الاذن لنقوم بهذه الأبحاث والتنقيبات وتدعم أبحاثنا مما يعني انها منفتحة للفكرة وتنتظر منا ان نحصل على المعلومات والأدلة.