تفاصيل الخبر

”اعــــلان تــــونـس“ يـــــرفــض قــــــرارات ”تـــــرامـب“ بشــأن الجـــولان والقـــدس ويـتمســك بحــل الدولـتـيــن!

05/04/2019
”اعــــلان تــــونـس“ يـــــرفــض قــــــرارات ”تـــــرامـب“  بشــأن الجـــولان والقـــدس ويـتمســك بحــل الدولـتـيــن!

”اعــــلان تــــونـس“ يـــــرفــض قــــــرارات ”تـــــرامـب“ بشــأن الجـــولان والقـــدس ويـتمســك بحــل الدولـتـيــن!

استضافت تونس القمة العربية في دورتها الثلاثين على مدى يومي السبت والاحد الماضيين تحت شعار <قمة العزم والتضامن>، حيث شاركت الدول الـ21 اعضاء القمة ما عدا سوريا التي بقي مقعدها شاغراً بسبب تعليق عضويتها، وحضر معظم الملوك والرؤساء العرب ما عدا الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، والرئيس السوداني عمر البشير، وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، وسلطان عمان قابوس بن سعيد.

 وقد اعادت القمة تسليط الضوء على مختلف الأزمات التي تشهدها المنطقة العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية التي تصدرت الاهتمام، خاصة لجهة اجماع القادة العرب على رفض اعلان القدس عاصمة للكيان الغاصب وضرورة توفير الحماية اللازمة للشعب الفلسطيني ووضع حد للانتهاكات الإسرائيلية، حيث اكّد القادة ان ما يجمع البلدان والشعوب العربية أكثر بكثير ممّا يفرّقها، بفضل قوّة الروابط الحضارية العريقة والتاريخ والمصير المشترك، وعرى الأخوة ووحدة الثقافة والمصالح المشتركة، وأنّ استمرار الخلافات والصراعات في المنطقة، ساهم في استنزاف الكثير من الطاقات والإمكانيات العربية، وتسبب في إضعاف التضامن العربي وأثّر في الأمن القومي العربي، كما أتاح التدخل في شؤون المنطقة. كما اعتبروا أنّه من غير المقبول استمرار الوضع الراهن، الذي حوّل المنطقة العربية إلى ساحات للصراعات الدولية والإقليمية والنزاعات المذهبية والطائفية، وملاذات للتنظيمات الإرهابية التي تهدد الأمن والاستقرار والتنمية في بلداننا مع التشديد على أنّ تحقيق الأمن وتوطيد مقوّمات الاستقرار في المنطقة، يستوجب تكثيف الجهود لإنهاء كلّ أشكال التوتّرات والصراعات، والتركيز على معالجة أسباب الوهن ومظاهر التشتت، وأخذ زمام المبادرة في تسريع مسارات تحقيق التسويات السياسية الشاملة للأزمات القائمة، والتاكيد أنّ المصالحة الوطنية والعربية، تمثل نقطة البداية الضرورية لتعزيز مناعة المنطقة العربية وأمنها واستقرارها وتحصينها ضدّ التدخلات الخارجية.

ورحّب القادة بمبادرة الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي باختيار <قمة العزم والتضامن> عنواناً للقمة العربية الثلاثين، مع تأكيد حرصهم على مواصلة الجهود المشتركة، وفق رؤية موحّدة، من أجل تمتين أواصر التضامن العربي وتوطيد مقومات الأمن القومي العربي بمفهومه الشامل، بما يحفظ للدول والشعوب العربية الأمن والاستقرار، ويرتقي بأوضاعها الاجتماعية، ويعزز قدرتها على مواجهة التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية، ويضمن انخراطها الفاعل والإيجابي في منظومة العلاقات الدولية.

البيان الختامي وبنوده الـ 17

وقد تضمن البيان الختامي للقمة العربية او ما سمي <إعلان تونس> 17 نقطة تمثل ازمات المنطقة في فلسطين وسوريا واليمن وليبيا والعراق ولبنان وغيرها، حيث اكد القادة العرب على المكانة المركزية للقضية الفلسطينية في العمل العربي، حيث دانوا القرار الأميركي بالاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان، واعتبروه انتهاكاً خطيراً لميثاق الأمم المتحدة الذي لا يقر بالاستيلاء على أراضي الغير بالقوة، ولقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وأنه لا يغير الوضعية القانونية للجولان بوصفه أرضاً سورية احتلتها إسرائيل عام 1967 وليس له أثر قانوني، مؤكدين التمسك بالسلام خياراً استراتيجياً، وحل الصراع العربي - الإسرائيلي وفق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، والقانون الدولي، ومبادرة السلام العربية لعام 2002 بكل عناصرها، التي نصت على أن السلام الشامل مع إسرائيل وتطبيع العلاقات معها، يجب أن يسبقه إنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة منذ عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، واعترافها بدولة فلسطين وحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، بما فيها حق تقرير المصير وحق العودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين، وحل قضيتهم بشكل عادل وفق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 لعام 1948، مشيرين الى أن أي صفقة أو مبادرة سلام لا تنسجم مع المرجعيات الدولية لعملية السلام في الشرق الأوسط، مرفوضة، ولن يكتب لها النجاح.

وطالب القادة العرب بالعمل مع الأطراف الدولية الفاعلة لتأسيس آلية دولية متعددة الأطراف، تحت مظلة الأمم المتحدة، لرعاية عملية السلام، بما في ذلك الدعوة إلى عقد مؤتمر دولي لإعادة إطلاق عملية سلام ذات مصداقية ومحددة بإطار زمني، وعلى أساس قرارات الشرعية الدولية ومبدأ الأرض مقابل السلام وحل الدولتين، تفضي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، مجددين التأكيد على دعم وتأييد خطة تحقيق السلام التي قدمها الرئيس محمود عباس رئيس دولة فلسطين يوم 20/ 2/ 2018 في مجلس الأمن، مؤكدين اعتزام الدول الأعضاء اتخاذ جميع الإجراءات العملية اللازمة لمواجهة أي قرار من أي دولة تعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل أو تنقل سفارتها إليه، والعمل على رفض وإدانة أي قرار من أي دولة، يخرق المكانة القانونية

لمدينة القدس الشريف، بما في ذلك قرار الولايات المتحدة الأميركية الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارتها إليها، واعتباره قراراً باطلاً، وخرقاً خطيراً للقانون الدولي.

وجدد القادة العرب التضامن مع الجمهورية اللبنانية وتوفير الدعم السياسي والاقتصادي له ولحكومته ولكل مؤسساته الدستورية بما يحفظ الوحدة الوطنية اللبنانية وأمن واستقرار لبنان وسيادته على كامل أراضيه.

وبشأن التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية، أكد القادة أهمية أن تكون علاقات التعاون بين الدول العربية والجمهورية الإسلامية الإيرانية قائمة على مبدأ حسن الجوار والامتناع عن استخدام القوة أو التهديد بها، وادانوا سياسة الحكومة الإيرانية وتدخلاتها المستمرة في الشؤون العربية التي من شأنها تغذية النزاعات الطائفية والمذهبية، مؤكداً ضرورة امتناعها عن دعم الجماعات التي تؤجج هذه النزاعات وبالذات في دول الخليج العربية، ومطالبتها بإيقاف دعم وتمويل الميليشيات والأحزاب المسلحة في الدول العربية، خصوصاً تدخلاتها في الشأن اليمني والتوقف عن دعمها الميليشيات الموالية لها والمناهضة لحكومة اليمن الشرعية ومدها بالأسلحة، وتحويلها إلى منصة لإطلاق الصواريخ على جيران اليمن وتهديد الملاحة البحرية في مضيق باب المندب والبحر الأحمر.

وحول الوضع في سوريا، أكدت القمة الموقف الثابت بأن الحل الوحيد الممكن للأزمة السورية يتمثل في الحل السياسي القائم على مشاركة جميع الأطراف السورية، بما يلبي تطلعات الشعب السوري وفقاً لما ورد في بيان جنيف (1) الذي صدر في حزيران ( يونيو) 2018، واستناداً إلى ما نصت عليه القرارات والبيانات الصادرة بهذا الصدد، وبالأخص قرار مجلس الأمن رقم 2254 لعام 2015، ودعم جهود الأمم المتحدة في عقد اجتماعات جنيف وصولاً إلى تسوية سياسية للأزمة السورية.

وبشأن تطورات الوضع في اليمن، جددت القمة الالتزام بالحفاظ على وحدة اليمن وسيادته واستقلاله وسلامة أراضيه، ورفض التدخل في شؤونه الداخلية. وأكدت استمرار دعم الشرعية الدستورية برئاسة الرئيس عبد ربه منصور هادي، وتأييد موقف الحكومة اليمنية وتمسكها بالمرجعيات الثلاث: المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرار مجلس الأمن 2216 والقرارات الدولية ذات الصلة، أساساً للوصول إلى تسوية سياسية شاملة مستدامة في اليمن، مرحبة باتفاق استوكهولم المنعقد في كانون الاول (ديسمبر) الماضي كخطوة أولى تؤسس لسلام حقيقي دائم في اليمن.

وجدد القادة العرب الالتزام بوحدة وسيادة ليبيا وسلامة أراضيها ورفض التدخل الخارجي أياً كان نوعه، ودعم الجهود والتدابير التي يتخذها المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني لحفظ الأمن وتقويض نشاط الجماعات الإرهابية، وبسط سيادة الدولة على كامل أراضيها، وحماية حدودها والحفاظ على مواردها ومقدراتها، مؤكدين أهمية الحل السياسي الشامل للأزمة في ليبيا، ودعم المجلس للتنفيذ الكامل للاتفاق السياسي الليبي الموقع في مدينة الصخيرات بتاريخ 17/ 12/ 2015 باعتباره المرجعية الوحيدة للتسوية السياسية في ليبيا.

 

السبسي يفتتح القمة وعون يعرب عن قلقه

وكان الرئيس السبسي الذي تسلم رئاسة القمة من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز قد افتتح اعمال القمة واطلق عليها اسم <العزم والتضامن>، موجهاً الشكر للسعودية على ما قامت به من جهود مقدرة لخدمة القضايا العربية في المرحلة الدقيقة التي تمر بها الأمة، وقال انه من غير المعقول، أو المقبول أن تتحول منطقتنا لساحات الصراع الإقليمي والدولي، لافتاً إلى أن التحديات والتهديدات التي تواجه المنطقة أكبر من أن يتم التصدي لها بشكل فردي، مؤكداً أن تخليص المنطقة العربية من جميع الأزمات وبؤر التوتر حاجة ملحة لا تحتمل التأجيل، داعياً لإعادة تفعيل الآليات العربية لحل النزاعات، موضحاً أن الوضع في ليبيا لا يزال مبعث انشغال عميق باعتبار أن أمن ليبيا من أمن تونس، مذكراً بتقديم بلاده، بالاشتراك مع

مصر والجزائر، مبادرة للحل السياسي في ليبيا، مجدداً التأكيد العربي على أن هضبة الجولان السورية أرض محتلة.

من جانبه أكد رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون في كلمته امام القمة أن ما هو أخطر من الحروب التي اندلعت في بعض الدول العربية، المشاريع السياسية والصفقات التي تلوح في الأفق بعد سكوت المدفع، وما تحمله من تهديد وجودي لدولنا وشعوبنا؛ فشرذمة المنطقة والفرز الطائفي يمهّدان لمشروع إسقاط مفهوم الدولة الواحدة الجامعة لصالح كيانات عنصرية طائفية وفرض واقع سياسي وجغرافي جديد يلاقي ويبرر اعلان إسرائيل دولة يهودية، معتبراً أن القرار الأميركي الذي يعترف بسيادة اسرائيل على مرتفعات الجولان، لا يهدّد سيادة دولة شقيقة فحسب، بل يهدّد أيضاً سيادة الدولة اللبنانية التي تمتلك أراضٍ قضمتها إسرائيل تدريجياً، لاسيما في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم الشمالي من بلدة الغجر. والملكية اللبنانية لهذه الأراضي مثبتة بالوثائق والخرائط المعترف بها دولياً، وقال: اذا كنا راغبين فعلاً بحماية دولنا وشعوبنا والمحافظة على وحدتها وسيادتها واستقلالها، علينا أن نستعيد المبادرة، فنسعى مجتمعين الى التلاقي والحوار ونبذ التطرف والعنف، وتجفيف منابع الإرهاب.

وتطرق عون في كلمته إلى ملف النازحين السوريين في لبنان، فأعرب عن قلقه من اصرار المجتمع الدولي على إبقاء النازحين السوريين في لبنان رغم معرفته بالظروف السيئة التي يعيشون فيها ورغم معرفته بأن معظم المناطق السورية قد أضحت آمنة، ورغم معرفته بأن لبنان لم يعد قادراً على تحمل هذا العبء الذي يضغط عليه من كافة النواحي الاقتصادية والاجتماعية والأمنية.

 

الملك سلمان يشدد على عروبة الجولان

 

من جانبه أكد الملك سلمان بن عبد العزيز على مركزية القضية الفلسطينية وعروبة الجولان، وقال: ستظل القضية الفلسطينية على رأس اهتمامات المملكة حتى يحصل الشعب الفلسطيني على جميع حقوقه المشروعة وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، مجدداً رفض بلاده القاطع لأية إجراءات من شأنها المساس بالسيادة السورية على الجولان،مؤكداً على أهمية التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية يضمن أمن سوريا ووحدتها وسيادتها ومنع التدخل الأجنبي.

ورأى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن لا مخرج لأزمة الصراع العربي إلا بحل سلمي شامل وعادل، يعيد الحقوق إلى أصحابها، بحيث يحصل الشعب الفلسطيني على حقه في الدولة المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، وتعود الجولان المحتلة إلى سوريا، لتتحرر جميع الأراضي العربية المحتلة، ويتم طي هذه المرحلة المؤلمة التي استنزفت الأمة وطاقاتها لسبعة عقود، وتبدأ مرحلة السلام الشامل والعادل وإعادة البناء.

وتحدث السيسي عن الأزمات التي تفجرت منذ ثمانية أعوام في أكثر من بلد عربي، من سوريا... إلى ليبيا واليمن، وغيرها من الدول العربية، لتحمل أخطار التفكك والطائفية، والإرهاب الذي بات يهدد صلب وجود الدولة الوطنية ومؤسساتها في منطقتنا العربية، وقال ان الدم العربي لا يزال يراق في عدد من الأوطان العربية، بأيد عربية حيناً، وعلى يد إرهابيين أجانب وميليشيات عميلة لقوى إقليمية تسعى للتدخل في الشؤون العربية لإعلاء مصالحها أحياناً أخرى وسأل: ألم يحن الوقت

لتسوية عربية لتلك الأزمات... تحقن الدماء، وتحفظ دولنا، وتوقف الإهدار المستمر لمقدرات شعوبنا وثرواتها ؟

بدوره حذّر الرئيس الفلسطيني محمود عباس من خطوات أخطر من قبل الإدارة الأميركية في أعقاب قرارات الرئيس <دونالد ترامب> بشأن القدس ومرتفعات الجولان، وقال عباس: الآتي أخطر وأعظم من الولايات المتحدة، حيث ستقول لإسرائيل: ضمّي جزءاً من الأراضي الفلسطينية، وأعطي ما تبقى حكماً ذاتياً، وأعطي قطاع غزة دولة شكلية تلعب بها حماس، معتبراً ان تصرف إسرائيل كدولة فوق القانون ما كان ليحصل لولا دعم الإدارة الأميركية وهي التي اعترفت بالقدس عاصمة لإسرائيل، وهي السبب الأول والأخير، معرباً عن ثقته بأن محاولات إسرائيل لتطبيع علاقاتها مع الدول العربية والإسلامية لن تنجح ما لم تطبق مبادرة السلام العربية لعام 2002 من البداية إلى النهاية وليس العكس. فلا تطبيع إلا بعد إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية العربية.

يذكر ان القمة شهدت 4 مفاجآت، الاولى مشاركة الرئيس السيسي بعدما سبق أن اعلن عدم مشاركته، و كذلك مشاركة امير قطر الشيخ تميم بن حمد الذي غادر القمة على عجل بعد افتتاحها دون تفسير ومن دون إلقاء خطابه رغم ان الرئاسة التونسية قالت إنها كانت على علم مسبق بمغادرته وهو حضر إكراماً ومحبة للرئيس السبسي لكي تكتمل الصورة، كحال الملك سلمان الذي غادر بعده ايضاً لكن بعدما ألقى كلمته.

وعلى أي حال نجحت القمة من حيث التنظيم والإعداد ومن خلال تأكيدها على عروبة القدس وسورية الجولان والدعوة الحل الازمات في البلاد العربية، لكن تبقى العبرة في تنفيذ هذه القرارات وهذا هو الهم الاكبر ،حيث الامل يبقى في ترجمة <اعلان تونس> الى افعال وهنا المحك الحقيقي لنجاح القمة.