تفاصيل الخبر

إعلان اسرائيل التنقيب عن الغاز جنوباً "تحرش" بلبنان أم استدراج للمفاوضات؟

08/07/2020
إعلان اسرائيل التنقيب عن الغاز جنوباً "تحرش" بلبنان أم استدراج للمفاوضات؟

إعلان اسرائيل التنقيب عن الغاز جنوباً "تحرش" بلبنان أم استدراج للمفاوضات؟

[caption id="attachment_79376" align="alignleft" width="278"] البلوك اللبناني رقم 9 في المنطقة الاقتصادية الخالصة.[/caption]

 لم يكن الاجتماع الاستثنائي الذي عقد الاسبوع الماضي في مقر قيادة "اليونيفيل" في الناقورة برئاسة الجنرال "ستيفانو دل كول" وحضور وفد من ضباط الجيش اللبناني برئاسة منسق الحكومة لدى قوات الأمم المتحدة العميد الركن حسيب عبدو، ووفد من الجيش الاسرائيلي، اجتماعاً عادياً كالذي يعقد دائماً للبحث في الخروقات البحرية والجوية والبرية الاسرائيلية... ذلك ان الوفد اللبناني حمل معه تحذيراً من خطورة القرار الاسرائيلي بالتنقيب عن النفط والغاز في مناطق محاذية للحدود البحرية اللبنانية، ولاسيما في المنطقة المتنازع عليها، نظراً للتداخل الحاصل بين "البلوك رقم 9" في المنطقة الاقتصادية الخالصة والبلوك D الذي يقع في جزء اساسي منه في المياه الاقليمية الفلسطينية المحتلة. ولافتة كانت المواقف التي اعلنها الجنرال "دل كول" التي دعا فيها الاطراف المعنيين (اي لبنان واسرائيل) الى تجنب الانشطة التي يمكن ان يعتبرها الجانب الآخر استفزازية او التي من الممكن ان تتصاعد وتؤدي الى عواقب لا يمكن السيطرة عليها. لقــــد كــان الجنرال "دل كول" واضحــــاً من انه يقصـــد اسرائيل في حديثه عن "الانشطة الاستفزازية"، لأن لبنان الملتزم تطبيق القرار 1701 لم يلجأ يوماً الى خرقه، بل ان اسرائيل هي التي تخرقه باستمرار جواً وبراً وبحراً غير آبهة بمضمون القرار الدولي الذي يتمسك بوقف "الاعمال العدائية" على طول الحدود.

إسرائيل "تحشر" لبنان

 والواقع ان اعلان اسرائيل عن التنقيب عن النفط والغاز على الحدود المتنازع عليها لم يأت بنت ساعته، بل هي تحضر له منذ اشهر لكنها كانت تتريث في اطلاق العمل على امل ان تنجح الوساطة الاميركية في بدء مفاوضات بين لبنان واسرائيل لترسيم هذه الحدود منعاً لحصول اي مواجهات خلال التنقيب عن النفط والغاز. ولعل اسرائيل من خلال اعلانها هذا أرادت ان "تحشر" لبنان للقبول بمعاودة المفاوضات بالشروط التي تراها هي لمصلحتها، وهذا ما يرفضه لبنان جملة وتفصيلاً وأبلغه الى السفيرة الاميركية "دوروثي شيا" خلال زيارتها الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قبل اسبوعين. ومعروف ان خزانات الغاز تتداخل في قعر البحر. وهذا يعني ان اسرائيل عندما تسحب مخزوناتها في البلوك D ستسحب ايضاً من مخزونات لبنان في شكل خفي وبكميات يمكن ان تكون هائلة، وأما مأزق الــ 850 كيلومتراً مربعاً، وهو

[caption id="attachment_79378" align="alignleft" width="417"] الجنرال "ستيفانو دل كول" يدعو لبنان واسرائيل الى تجنب الأنشطة الاستفزازية[/caption]

مساحة المنطقة المتنازع عليها مع اسرائيل، فيبقى قنبلة جاهزة للانفجار. وغالبية هذه المساحة لا تقع في البلوك 9 او في البلوك 10، بل في البلوك 8 حيث تتسع كثيراً انفراجة الخط الذي رسمه الاسرائيليون في البحر، فتصبح قيمة الفارق عشرات المليارات من الدولارات، وفق تقدير الخبراء، وعليه فإن مباشرة الاسرائيليين استثمار المنطقة المتنازع عليها في البلوك 9، ستشجعهم على التوغل والاستثمار في المنطقة الاكثر اتساعاً، اي في البلوك 8، اذا لم تصدر عن لبنان ردة فعل رافضة.

 ويرى خبراء في السياسة الاسرائيلية ان الخلفيات الكامنة وراء قرار اسرائيل بفتح ملف التنقيب على النفط والغاز في المياه الحدودية، سوف يفتح الباب على مواجهة عسكرية بينها وبين حزب الله اذا ما تم هذا التنقيب قبل التوصل الى اتفاق لترسيم الحدود البحرية، ما يعني ان وراء القرار الاسرائيلي الكثير من الاسباب لعل ابرزها الاستفادة من حالة الضياع في الولايات المتحدة الاميركية نتيجة قرب موعــــد الانتخابـــات الرئاسية من جهة، وتوسع الاصابات بداء "كورونا" وارتفاع عدد ضحاياه. فالادارة الاميركية منشغلة في شؤونها الداخلية ما يجعل الوقت مناسباً لفرض أمر واقع على الحدود البحرية مع لبنان بحيث تضطر الادارة الاميركية العتيدة الى القبول به والانطلاق منه للبحث عن اي مخرج.

 كذلك فإن من الاسباب استغلال اسرائيل للتشدد الاميركي المتزايد في "معاقبة" حزب الله ومحور الممانعة التي ترعاه ايران خصوصاً بعد وضع "قانون قيصر" موضع التنفيذ. فمن خلال هذا "العقاب" في حق لبنان ( وليس حزب الله او سوريا فقط) سيكون لبنان مخنوقاً وغير قادر على استثمار البلوك رقم 9، وثمة من يرى ايضاً ان الاسرائيليين يرغبون في استغلال حال الاهتراء التي يمر بها لبنان وهي الاسوأ على الاطلاق من اجل فرض خيارات كثيرة على لبنان تبدأ بترسيم الحدود البحرية واستكمال رسم الحدود البرية من خارج "الخط الازرق"، وصولاً الى ملفات ساخنة لا تزال عالقة بين لبنان واسرائيل. ويرى الخبراء ان اسرائيل قد تجد من مصلحتها فتح مسارات التفاوض مع لبنان، فيما هو يعمل تحت ضغط الاوضاع الاقتصادية والمالية القاسية ويتحضر لمفاوضة الصندوق النقد الدولي للحصول على مقدار ولو بسيط من المساعدات خصوصاً بعد تعليق تسديد قيمة سندات "اليورو بوند" الى حامليها.

 وتقول مصادر رسمية إن "تحرش" اسرائيل بلبنان من خلال تحريك ملف التنقيب عن الغاز في الحدود البحرية لا يعني استطاعتها فعلاً البدء بأعمال التنقيب والتعدي على حقوق لبنان في مياهه الاقليمية المعترف بها دولياً لأن المقاومة ستخرق حالة "الستاتيكو" القائمة على طول الحدود منذ سنوات وستتحرك للدفاع عن الحقوق اللبنانية فتدخل المنطقة اذ ذاك في مواجهة تصعيدية قد يكون من السهل معرفة متى تبدأ، لكن لن يكون من السهل قطعاً معرفة متى ستنتهي...من هنا، تجهد الديبلوماسية الاميركية في تحريك ملف المفاوضات حول الترسيم البحري وان كانت لم تحصل بعد على جواب لبناني نهائي، لاسيما وان الملف في عهدة الرئيس نبيه بري بالتنسيق مع الرئيس عون والرئيس حسان دياب، لكن الثابت ان اي مفاوضات لا تقوم على الحؤول دون مد يد اسرائيل على المياه اللبنانية لن يكتب لها النجاح، وهذا ربما ما تدركه الادارة الاميركية وتريد أن تبدأ المفاوضات للوصول الى حل وسطي!.