بثلاث شخصيات مختلفة تهلّ علينا دارين حمزة في شهر رمضان المبارك. جمالها العربي الصارخ توازيه أناقة حضورها الممتع على الشاشة كما في اللقاء معها. الفنانة التي درست التمثيل والاخراج في الجامعة اللبنانية وأكملت دراساتها العليا في جامعة <وستمنستر> البريطانية فضلاً عن دورات تمثيلية في الولايات المتحدة الاميركية تتصيّد الادوار المركبة والعميقة، او تلك التي تحمل نفساً كوميدياً لذيذاً كما في <غزل البنات>. البطولة المطلقة للعمل، لبنانياً كان ام عربياً، باتت حقاً لها، ذلك ان مسيرتها الفنية تنوعت في مروحة أدوار فيها الجريء لا بل الجريء جداً كما في فيلم <اوتيل بيروت>، الى <بتول> في مسلسل <الغالبون> حول المقاومة، وشولا كوهين، وابنة الضابط الاسرائيلي في فيلم <33 يوماً> التي تهولها المجازر التي يرتكبها والدها و<نجاة> اخت صباح في مسلسل <الشحرورة> وغيرها، وصولاً مؤخراً الى التمسك بالمعتقدات الدينية والعادات والتقاليد الى حدّ الترهب كما في مسلسل <أحمد وكريستينا> من انتاج <مروى غروب>.
فماذا تقول دارين عن هذا الدور؟ ولماذا وافقت على مشاركتها وهي أساسية انما مقتضبة في مسلسل <العراب ــ نادي الشرق>؟ وماذا عن تعاونها سينمائياً مع الالمان؟
يا رب ولد!..
على ابواب الشهر الفضيل، كان لقاء>الافكار> مع دارين وفنّدنا الادوار الجديدة بدءاً بقصة الحب المحرم بين <أحمد وكريستينا> على قناة <الجديد>. وسألناها:
ــ ستكونين <رحيل>وللاسم دلالة دينية، هل سيكون ذلك ايضاً في المسلسل الجديد وهو من عنوانه يدل على اختلاف في الطوائف؟
- أنا في المسلسل <رحيل> العمة الصغيرة لكريستينا (الفنانة سابين)، أعيش في ضيعة مسيحية. تدور القصة حول شاب وصبية من ديانتين مختلفتين تجمعهما قصة حب، وانذر نفسي لخدمة الكنيسة وتنظيفها على اثر نذر تعهدت به حتى يرزقني الله بولد. الشخصية حلوة، حنونة وشفافة تعيش وفق مبادئ دينها، وتعارض فكرة الزواج المختلط فتؤثر على ابنة أخيها وتتخذ مواقف في هذا الصدد.
ــ ما الذي شدّك الى قبول الدور، وكيف حضّرت الشخصية؟
- هو جديد من نوعه بالنسبة لي ولم اقدمه سابقاً. احببت هذه <الرحيل> الصادقة مع نفسها. وتحضيراً للدور، دخلت بعض الكنائس وتعرفت الى الطقوس التي تجري فيها علماً انها ليست غريبة علي، فأنا تلميذة مدارس انجيلية واعرف الكثير عما في الكتاب المقدّس.
ــ شخصياً، اعتقد ان موقفك لا يتفق مع موقف <رحيل> من الزواج المختلط...
- على الاطلاق. انا مع الزواج المختلط، وأؤيد الزواج المدني، ولا مانع من الزواج بأجنبي. شخصية الانسان وصفاته تبقى الأساس. الدين بالنسبة لي هو المعاملة.
ــ وهل يتحقق نذر رحيل وترزق بالولد؟
- (تضحك).. تابعوا المسلسل لتكتشفوا.
ــ انت ممن يؤمنَ بالقوة الخارقة؟
- طبعاً. هناك قوة اكبر منا وننذر أنفسنا لها. وهناك ما ورائيات لا نفهمها او ندركها كلها.
زواج..بالسر!
ــ ننتقل الى دورك في مسلسل <العراب ــ نادي الشرق> من اخراج حاتم علي وهو غير <العراب> الذي يخرجه المثنى صبح ويشارك فيه المطرب عاصي الحلاني، والمسلسلان يعرضان في رمضان. اولاً، لماذا هذه الهجمة برأيك على قصة <العراب> العالمية عربياً؟
- هذا ليس بأمر جديد. منذ مدة، قدم اكثر من مخرج شخصية صلاح الدين بمقاربة مختلفة. قد يكون ذلك توارداً في الافكار او تحفيزاً للمنافسة.
ــ الى أي من <العرّابين> ستكون الغلبة من حيث نسبة المشاهدة برأيك؟
- بالطبع ستكون المنافسة قوية. لكل من المخرجين رؤيته الخاصة والمشاهد سيحكم.
ــ أية شخصية تتقمصين في <العراب>؟
- أنا <جمانة>، الحبيبة والزوجة الثانية لجمال سليمان (بدورالعراب)التي اقترن بها في السرّ. جمانة هذه تبرز الجانب الرومانسي في شخصية العراب القاسية والمتسلطة. في الجزء الاول، اطل كضيفة شرف. أما في الجزئين الثاني والثالث، فإن الشخصية تتطور ويتسع حضورها اذ انها تغرم به جداً الى حدّ ما يمكن وصفه بالحب الأعمى حتى انها مستعدة للموت في سبيله... لطالما شعرت بالرغبة في العمل مع المخرج المتميز حاتم علي.
ــ ومتى يعرض الجزءان المتبقيان؟
- في شهر رمضان الكريم للسنوات المقبلة.
ــ ألن ينسى المشاهد الاحداث والشخصيات من سنة الى أخرى؟
- لا، فهناك الاعادات على القنوات المختلفة. الامر عينه بالنسبة للأفلام التي تنتج اكثر من جزء لها في فترات متباعدة.
ــ تحدثت عن اطلالة كضيفة شرف، ألم يحن بعد دور البطولة المطلقة؟
- بلى. لكن الظروف تلعب أحياناً دوراً في ما يمكن ان نختاره، بسبب ارتباطنا بمشاريع أخرى، و لا ضير في اطلالات لائقة وحضور في أكثر من مسلسل.اليوم هناك <رحيل> و<جمانة> في الموسم عينه كما انني منهمكة بأكثر من عمل فني جديد.
ــ لنعد الى <رحيل> من اخراج سمير حبشي.هل جاء هذا الدور رداً على دور المغنية اللبنانية زهى حرب في فيلم <بيروت اوتيل> لدانيال عربيد وقد كان جريئاً جداً للمشاهد العربي؟
- على الاطلاق، فأنا لا اختار اي دور على هذا الأساس. كل شخصية تشكل نموذجاً موجوداً في المجتمع، هناك <زهى> وهناك <رحيل>. هدفي هو التنويع في الشخصيات والتحدي يكمن في ما لم اشخصه سابقاً كما ان الفيلم حينها منع لأسباب سياسية وليس لغيرها.
الثلاثة..بنجاح واحد!
ــ سمير حبشي مخرج لبناني مبدع. بم يتميّز عن حاتم علي، وعن المثنى صبح وكنت قد لعبت تحت ادارته سابقاً؟
- سمير حبشي يعمل على التفاصيل. لا يفوته أي منها مهما كان دقيقاً وهو يعمل جداً على الممثل، ربما لأنه أكاديمي أيضاً واستاذ في الجامعة اللبنانية.اما المثنى صبح فهو شخصية لذيذة، طموح جداً ويعمل على النص ّ والممثل، وسبق وعملت معه في مسلسل <الدوامة> في دور <ناديا النجمي> وهي شخصية نصفها سوري ونصفها الآخر فرنسي. كانت المرأة التي تحلم بأن يصبح المجتمع السوري متطوراً كما في فرنسا. لكنها تقع في حب الإنسان الغلط وتدور في <الدوامة>.
وتزيد دارين:
- من جانبه، فإن المخرج حاتم علي عميق جداً، قليل الكلام، شديد الدقة ايضاً، يرسم الدور جيداً فيفهم الممثل ما يريد.اعماله تشهد له. احب التعامل معه لشخصيته الجدية. ان التعاون مع المخرجين الثلاثة الذين ذكرتهم يغني الممثل جداً.
ــ تجتاح الساحة اليوم الاعمال العربية المشتركة، والخلطات بين جنسيات الممثلين ويختلف الرأي بشأنها. ما رأيك فيها؟
- المهم ان تكون منطقية وسليمة. في <العراب>، ألعب دور شخصية سورية وأتكلم بلهجتها، وأعتز بأن المخرج اختارني علماً انه كان بالإمكان اختيار ممثلة سورية للدور تجيد اللهجة. ليست شخصية <لبنانية> في <تركيب سوري>. لقد تعلمت اللهجة السورية وأتقنتها، وهي أصعب من اللهجة المصرية إذ تتضمن الفواصل في الكلام والحركات من الضم والكسر الى غيره، وان قربها الى اللهجة اللبنانية يجعل الفوارق بسيطة وبالتالي أصعب، بخلاف المصرية البعيدة عن اللهجة اللبنانية.
ــ نحن على يقين بأن اتقان اي لهجة لن يكون صعباً عليك وسبق وتكلمت بالعبرية والايرانية وغيرها...
- صحيح، ولدي تقنيتي الخاصة في هذا المجال. انا لا اكتب الكلمات بلغة أعرفها وأقوم بتردادها لأنها تفقد الكثير من الروح التي فيها، انما اطلب من بنت البلد الاصلية، الايرانية مثلاً ان تقرأها امامي واسجلها ومن ثم اعيد بالنبرة نفسها وبذلك يبقى الاحساس المطلوب فيها.
بالحلال!..
ــ نصل الى <واو بيروت> وهو مسلسل جديد من نوعه من حيث القصة وطريقة عرضه للمشاهد. ماذا عن تفاصيله؟
- سيعرض <واو بيروت> عبر <العربي> وهو تلفزيون قطري جديد يبث من لندن،يفتتحون به الموسم الاول من رمضان عبر شاشتهم، ويشاركني فيه حسان مراد وهو من كتابة واخراج فادي نصر الدين. تدور الحكاية حول شخصين يعيشان حالة حب شاعرية وسط دخان يتصاعد ودواليب تحترق في بيروت، وفي ظلّ أزمة اقتصادية خانقة تعيشها المدينة وهو مسلسل واقعي جديد في طرحه، يشبه بيروت جداً.
ــ بين الادوار الثلاثة التي حدثتنا عنها، أيها الاقرب اليك وأي منها تحرصين على متابعة المشاهد لها؟
- جميعها غنية وجديدة ولا اكرر نفسي في أي منها. انها فعلاً مميّزة.
ــ وفي السينما، ما هو جديدك؟
- فيلم بعنوان <الحلال> يعرض قريباً من كتابة أسد فولادكار واخراجه،وهو من انتاج الماني بالمشاركة مع شركة <الصبّاح>اللبنانية ويدور حول ثلاثة <كوبلات> يحلون مشاكلهم الزوجية بالحلال اي بحسب تعاليم الدين الاسلامي. الفيلم اجتماعي ــ كوميدي يلعب فيه دور زوجي الممثل رودريغ سليمان واتوقع له نجاحاً كبيراً اذ لم يسبق للجمهور أن شاهد على منواله.
ــ وما الذي دفع الألمان الى المشاركة بانتاجه وهو بعيد عن عالمهم؟
- لقد أحبّوا النص، اعجبوا بفكرة الحل الاسلامي بالحلال ودعم السينما اللبنانية، وسوف يعرض الفيلم في أكثر من مهرجان. اما الفيلم الثاني، فإن تصويره سيكون في ايلول (سبتمبر)المقبل وهو من انتاج <لايزر فيلم> واشارك فيه انتاجاً وبطولة واسمحوا لي بعدم الافصاح عن تفاصيله الآن.
ــ ألن نراك على خشبة المسرح خاصة في الأعمال المعاصرة التي تقتبس وتلبنن في العديد منها؟
- لا للأسف إذ لـــــيس مــــــن وقــــــت كــــــافٍ للمســـــرح علمــــــاً انني خريجــــة مسرح وبنت هــــــذا العـــــالم وانــــا احبــــــه.ينصبّ تركيزي اليوم على السينما ومن بعدها التلفزيون.
ــ في النهاية، نبارك لك بالتكريم من الجامعة اللبنانية <عربون تقدير على النجاحات التي حققتها دارين حمزة في السينما والتلفزيون>.
- أشكركم جداً واضم صوتي لشعار الحملة <نحن نحب الجامعة اللبنانية>، وادعم ايضاً حملة <ما في شي ناقص> الإنسانية لتشجيع وترسيخ مبدأ المساواة مع ذوي الأطراف المبتورة.