تفاصيل الخبر

"فاغنر".. مُرتزقة للقتل خارج الحدود

28/06/2023
"فاغنر".. مُرتزقة للقتل خارج الحدود

الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين "و صديقه الخائن قائد "فاغنر" ،"يفغيني بريغوجين"

 

بقلم علي الحسيني

 

في خطوة مُفاجئة وغير متوقّعة ولا مدروسة أيضاً، وجّهت مجموعة "فاغنر" العسكريّة الخاصّة، فوهة بنادقها إلى الخلف وتحديداً باتجاه القوّات الروسية رأس الحربة في الحرب على أوكرانيا وذلك بتصريح مُفاجئ لقائد "فاغنر" ،"يفغيني بريغوجي" صعّد فيه من نبرة خلافه مع كبار الضباط العسكريين في روسيا، ورافضاً لأول مرة مبررات الرئيس الروسي" فلاديمير بوتين" الأساسية لغزو أوكرانيا حيث أشار إلى أن حلّ الوقت الّذي يمكن فيه للدّماء أن تُراق. لذلك، وإدراكًا منّا للمسؤوليّة الكاملة عن حقيقة أنّ الدّماء الرّوسيّة ستُراق على أحد الجانبين، كتائبنا تستدير ونغادر في الاتجاه المعاكس للمعسكرات الميدانيّة وفقًا للخطّة.

التمرّد ينتهي قبل أن يبدأ!

بعد إعلان "بريغوجين" تمرّده على الشرعيّة الروسية، خرج  العديد من التصريحات والتحليلات السياسية العالمية لتؤكد أن ما حصل هو مُجرّد تنسيق بين قائد "فاغنر" والرئيس الروسي هدفه الإلتفاف على القوّات الأوكرانية في العديد من المناطق الحدودية، إلّا أن البعض الأخر كشف عن خلافات كبيرة كانت وقعت بين" بريغو جين "وقادة روس على خلفيّة تقاعسهم عن مدّه بالسلاح المطلوب لمواصلة الحرب ضد القوّات الأوكرانية، لكن يبدو أن حسابات قائد المجموعة المُسلحة، لم تكن على مُستوى آماله إذ سُرعان ما عاد وأمسك" بوتين "بزمام الأمور في لحظة حرب حاسمة تخضوها بلاده منذ 16 شهراً في أوكرانيا، من خلال تمكّنه من إستيعاب ما يجري على الأرض سياسياً، لكن بحزم عسكري أيضاً من خلال توعّده بسحق المُتمردين على الدولة واتهام " بريغوجين" بالخيانة والشروع في تمرد مسلح وتوجيه طعنة في ظهر روسيا.

في أوّل تعليق له بعد الإنقلاب العسكري، أعلن" بريغوجين" أن هدفه ليس إنقلاباً عسكرياً بل مَسيرة نحو العدالة،وقال: لقد أرادوا حلّ "فاغنر" لكنّنا تقدّمنا خلال 24 ساعة، وبقي أقلّ من 200 كيلومتر إلى موسكو، وخلال هذا الوقت، لم تنزف قطرة واحدة من دماء مقاتلينا.

 "بريغوجين " مع بعض عناصره 

أسباب تمرّد" بريغوجين"

أبرز التحليلات التي علّقت على تمرّد قائد "فاغنر"، وضعت هذا التحرّك المُفاجئ في خانة الضغط على الدولة الروسية إذ أنه وبحسب العقود بين قائد المجموعة المًسلّحة والدولة الروسية، أنه في الأوّل من الشهر المُقبل يتوجّب على جميع أعضاء ما تسمى "بوحدات المتطوعين" أن يوقعوا عقوداُ لإخضاعهم لسيطرة وزير الدفاع الروسي" سيرغي شويغو"، حيث تهدف موسكو لإحكام سيطرتها على القوات الخاصة التي تحارب معها في أوكرانيا، مقابل حصول المقاتلين المتطوعين على جميع المزايا والضمانات التي تحصل عليها القوات النظامية، بما في ذلك تقديم الدعم لهم ولعائلاتهم إذا أُصيبوا أو قتلوا، وكانت قوات "أحمد" التي يرأسها الزعيم الشيشاني "رمضان قاديروف "قد قامت بتوقيع عقد مماثل مع وزارة الدفاع الروسية، فيما رفض قائد "فاغنر" التوقيع على نفس البنود.

وتُشير التحليلات إلى أنه لم يكن" بريغوجين "على علاقة جيدة مع وزارة الدفاع الروسية، و بدأت مظاهر التوتر بينه وبين "شويغو "بالظهور للإعلام منذ ثلاثة أشهر بعدما رُفضت نداءاته المُتطرّرة لتزويده بسلاح نوعي. ويبدو أن" بريغوجين" كان يعلم بخطط وزارة الدفاع التي تهدف لتكبيل قرارات وتحركات "فاغنر"، والسعي لإخضاعها وعناصرها لشروط وأوامر القيادة العسكرية الروسية، وهو ما دفعه لإطلاق تصريحات متكررة بدأها منذ ثلاثة أشهر وخلال معركة تحرير "باخموت"، تضمنت هذه التصريحات انتقادا لاذعا لأداء وزير الدفاع الروسي وصلت حد المطالبة بعزله.

إنتهاء التمرّد!

المؤكد، أن التمرّد الذي قاده رئيس مجموعة "فاغنر" العسكرية الخاصة ، والذي شغل العالم طوال يوم كامل، قد انتهى بمغادرة مؤسس القوات روسيا وانتقاله إلى مينسك، بعد وساطة قادها رئيس بيلاروسيا" ألكسندر لوكاشينكو". وقد كشف المتحدث باسم الكرملين "دميتري بيسكوف"، أبرز نقاط الاتفاق بين الرئيسين " بوتين "و" لوكاشينكو"، وذلك في إطار وساطة مينسك لإنهاء التمرد المسلح عبر عملية تسوية، وقال إن مقاتلو "فاغنر" الذين لم يشاركوا في التمرد سيوقعون عقودا مع وزارة الدفاع، ولن تتم مقاضاة المقاتلين الآخرين.

وأبرز النقاط التي تضمنها الاتفاق:

ـ بعض مقاتلي "فاغنر" ممّن رفضوا منذ البداية الانخراط في  حملة" بريغوجين"، ستتاح أمامهم إمكانية الانضمام لصفوف القوات المسلحة الروسية والتعاقد مع وزراة الدفاع لن يخضع هؤلاء لأي مُلاحقة قانونية.

ـ عودة قوات شركة "فاغنر" إلى معسكراتها.
ـ الجزء الذي لا يرغب في العودة إلى المقار والمعسكرات يوقع اتفاقيات مع وزارة الدفاع الروسية.
ـ إغلاق القضية الجنائية بحق" بريغوجين" وسيغادر إلى بيلاروسيا.

 الحرب مستمرة

 

ما هي نوع العلاقة بين" بوتين "و"بريغوجين"؟

لطالما كان "بريغوجين "حليفا وثيقا للرئيس" بوتين "وقويت شوكته تحت قيادته، أولا كرجل أعمال ثري ثم كزعيم للمرتزقة. وتكبد مقاتلو" فاغنر "خسائر كبيرة في الأوراح، في معارك السيطرة على باخموت شرقي أوكرانيا، والتي استمرت شهورا ولم تتحقق بالكامل. وألقى "بريغوجين "باللوم على كبار الضباط العسكريين في نقص الذخيرة، وتجلى ذلك من خلال مقاطع مصورة وتعليقات صاخبة على وسائل التواصل الاجتماعي، كشفت عن إخفاقات وانشقاقات في الجيش الروسي في أوكرانيا.

مجموعة "فاغنر" ودورها العسكري

هي منظمة روسية شبه عسكرية، وصفها البعض بأنها شركة عسكرية خاصة (أو وكالة خاصة للتعاقد العسكري) حيث شارك مقاتلوها  في صراعاتوحروب مختلفة، بما في ذلك العمليات في الحرب الأهلية السورية على جانب الحكومة السورية، وكذلك في الفترة من 2014 إلى 2015 في الحرب في دونباس في أوكرانيا لمساعدة القوات الانفصالية التابعة للجمهوريات الشعبية دونيتسك ولوهانسك المعلن عنها ذاتيا. وتتمتّع فاغنر بنوع من الاستقلالية على الرغم من انها تابعة لوزارة الدفاع الروسية أو مديرية المخابرات الرئيسية متخفية، والتي تستخدمها الحكومة الروسية في النزاعات التي تتطلب الإنكار، حيث يتم تدريب قواتها على منشآت وزارة الدفاع.

في تشرين الأوّل (أكتوبر) 2018، تم إنشاء قاعدتين عسكريتين روسيتين في بنغازي وطبرق، شرق ليبيا، لدعم المشير خليفة حفتر الذي يقود الجيش الوطني الليبي في الحرب الأهلية في ذلك البلد. وقيل إن القواعد أقيمت تحت غطاء مجموعة" فاغنر" وإن العشرات من كبار عملاء مديرية المخابرات وأفراد القوات الخاصة كانوا يعملون كمدربين ومنسقين في المنطقة.

كما أُبلغ لأول مرة عن وجود مقاولين عسكريين خاصين في سوريا في أواخر تشؤين الأول ( أكتوبر) 2015، بعد شهر تقريباً من بدء التدخل العسكري الروسي في الحرب الأهلية في البلاد، عندما قُتل ما بين ثلاثة وتسعة عسكريين خاصين في هجوم بقذائف الهاون شنه المتمردون على موقعهم في محافظة اللاذقية. وأفادت الأنباء يومها أن مجموعة" فاغنر "كانت تعمل لدى وزارة الدفاع الروسية بالرغم من أن الشركات العسكرية الخاصة غير قانونية في روسيا.