تفاصيل الخبر

تفجير جسر القرم اعلان حرب بلا قواعد يفتح "صندوق باندورا" الروسي

12/10/2022
تفجير جسر القرم اعلان حرب بلا قواعد يفتح "صندوق باندورا" الروسي

جسر القرم  بعد الانفجار فيه

 

 دخلت الحرب الروسية الأوكرانية  المندلعة منذ في 24 شباط(فبراير) الماضي مرحلة جديدة من الصراع  المفتوح على كل الاحتمالات   وبدون بلا قواعد  بعد التفجير الذي طاول  جسر القرم  الاستراتيجي الذي يربط الأراضي الروسية بشبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا الى أراضيها  عام 2014 ،  والذي سبق ان افتتحه الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" عام 2018  بعدما بدأ العمل لإنجازه عام 2015 ، حيث اعتبرا القادة الروس ان  هذا التفجير ارهابي ، وهو  ليس مجرد تحد، بل إعلان حرب بلا قواعد، مؤكدين ان عدم الرد بالشكل المطلوب والمناسب على هذا العمل، سيجعل مثل هذه الحوادث تتكرر في الكثير من الأحيان، بينما  أبدى مستشار الرئيس الأوكراني"فلوديميرزيلنسكي"ابتهاجه بالحادث الذي اعتبره  بداية،  لكنه لاحقاً اتهم  طرفاً روسياً  بالمسؤولية، مطالباً الغرب برد قوي على روسيا  .

فقد  أدى انفجار كبير صباح  يوم السبت الماضي  نجم وفق الرواية الروسية عن شاحنة مفخخة إلى تدمير جزء من جسر القرم، المنشأة الأساسية ورمز ضم شبه الجزيرة، ولحقت أضرار بجسر الإمداد الرئيسي للقوات الروسية الذي يبلغ طوله 19 كلم ويضم طريقاً برياً ومساراً للقطارات، وأمر الرئيس الروسي"فلاديمير بوتين" على الفور  بتشكيل لجنة حكومية للوقوف على ملابسات الحادث.

وأظهرت لقطات تم تداولها عبر الإنترنت انفجاراً قوياً مع مرور عدة عربات عبر الجسر من بينها شاحنة تشتبه السلطات الروسية في أنها كانت مصدر الانفجار.

وبحسب المحققين، أسفر الهجوم الذي وقع في الصباح الباكر عن مقتل ثلاثة أشخاص: سائق الشاحنة ورجل وامرأة كانا في سيارة قريبة وقت الانفجار وتم انتشال جثتيهما من المياه.

وأعلنت سلطات القرم بعد الظهر  استئناف حركة المرور للسيارات والحافلات على المسار الوحيد على الجسر الذي ظل سليماً  مع إجراءات تفتيش كاملة ولاحقاً، استؤنفت حركة القطارات على الجسر.

 

وقالت لجنة التحقيق إنها تأكدت من هوية صاحب الشاحنة المفخخة، وهو من سكان منطقة كراسنودار في جنوب روسيا، موضحة أن التحقيقات جارية، موضحة ان الانفجار أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص هم سائق الشاحنة ورجل وامرأة كانا في سيارة قريبة وقت الانفجار وتم انتشال جثتيهما من المياه، موضحة ان القوات الأوكرانية الخاصة تقف وراء التفجير ، وأن مواطنين من روسيا ودول أجنبية ساعدوا القوات الأوكرانية في التحضير للهجوم، كاشفة ان الشاحنة التي استخدمت في التفجير انطلقت من بلغاريا، مروراً بدول أوروبية، فيما قالت صحيفة "نيويورك بوست" الأميركية، إن أحد سكان مدينة كراسنودار الروسية، وهو" سمير يوسوبوف"، هو مالك الشاحنة التي نفذ بها الهجوم، مشيرة الى انه يبلغ من العمر 25 عاماً، ل وهو م يكن على متن الشاحنة عندما وقعت عملية التفجير، حيث كان قريب له يستخدم المركبة.

وقد أوضح" يوسوبوف" أنه لا علاقة له بحادثة الجسر، حيث كان عمه يعمل على الشاحنة وقت الحادث لنقل البضائع، مؤكداًأنه لم يسمع أي شيء عن عمه ويدعى "ماخير" بعد الانفجار، علما بأن الأخير كان ينسق عملية نقل البضائع من خلال موقع إلكتروني.

حرب مفتوحة بلا قواعد

ولا يختلف  اثنان أن عملية التخريب التي طاولت الجسر وما يحمله من رمزية لروسيا، أتت لتصعيد الصراع ونقله من مرحلة الفعل لردات الفعل من قبل روسيا ، وأكدت بما لا يقبل الشك ان أوكرانيا  تريد  توسيع رقعة الصراع نحو دخول حلف "الناتو " في صراع مباشر مع روسيا  ، الامر الذي قد يتطور الى خرب شاملة بين روسيا والغرب عموماً بعد خول الدول المجاورة لروسيا والمنتمية لحف " الناتو" في الحرب ضد روسيا ، ما يهدد بحرب عالمية ثالثة  يكون السلاح النووي خاضراُ فيها بقوة ، خاصة مع التهديد بإستعماله  ،   بينما ترى روسيا ان التفجير الإرهابي رسالة تصعيد جديدة تشكل  تجاوزا جديدا للخطوط   الحمراء، ولا بد من الرد عليها، حتى ان صحيفة "Global Times "الصينية نقلت عن خبراء محليين قولهم إن تفجير جسر القرم يفتح "صندوق باندورا" فيما يتعلق باستهداف مواقع ومنشآت البنية التحتية المدنية، معتبرة ان ذلك سيدفع العالم بأسره إلى الاصطدام بتهديدات أمنية متزايدة.  

وفي حديث للصحيفة" قال كوي هنغ"، الباحث في مركز الدراسات الروسية بجامعة شرق الصين التربوية، إن الأضرار التي لحقت بجسر القرم وعمليات التخريب في خطوط "السيل الشمالي" هي أعمال "مشوبة بالإرهاب"، وتعتبر إشارة إلى أن  بعض الأطراف تخرق القواعد وتتجاهل أخلاقيات السلوك العسكري مما يؤدي إلى تأجيج للنزاع لاحقا.

ووفقا له فإنه على المدى القصير، سيتصاعد الصراع وسيصل العداء بين البلدين إلى حدوده القصوى. وطبعا عندما يصبح تخريب البنية التحتية الأساسية المدنية بمثابة قاعدة في هذا الصراع، فهذا يعني أن العالم بأسره سيواجه مخاطر أمنية متزايدة.

تحذيرات روسية صارمة

 

وكان الرئيس " بوتين"، قد سبق واعلن أن الاستخبارات الأوكرانية خططت للهجوم الإرهابي على جسر القرم ونفذته، وأن الهجوم استهدف موقعا حساسا في البنية التحتية الروسية،  وقال في اجتماع مع رئيس لجنة التحقيق الروسية" ألكسندر باستريكين": "ما من أدنى شك في أنه هجوم إرهابي استهدف تدمير موقع حساس في البنية التحتية الروسية".

وسأل "بوتين": "هل المخططون والمنفذون والعملاء تابعون للاستخبارات الأوكرانية؟"، فأجاب "باستريكين "أن مواطنين من روسيا، ودول أجنبية ساعدوا الاستخبارات الأوكرانية في التحضير للهجوم، كاشفاً ان جهاز الأمن الفيدرالي الروسي حدد هوية مدبّري الهجوم الإرهابي على الجسر ، ووجهة الشاحنة التي استخدمت في التفجير، حيث انطلقت من بلغاريا، ومنها إلى جورجيا، ثم إلى أرمينيا، قبل أن تصل إلى أوسيتيا الشمالية في روسيا، وتابعت مسيرها نحو إقليم كراسنودار جنوب غرب روسيا المحاذي للقرم.

 وقد حذر " بوتين،" السلطات الأوكرانية من مغبة تكرار الهجمات الإرهابية على الأراضي الروسية، وهدد في مستهل اجتماعه بالأعضاء الدائمين لمجلس الأمن القومي برد صارم وقاس على أي هجمات إرهابية على الأراضي الروسية، مؤكدا على أن موسكو من المستحيل أن تترك جرائم نظام كييف دون رد.

وقارن" بوتين" السلطات الأوكرانية بالجماعات الإرهابية قائلا:  لقد وضعت كييف نفسها على قدم المساواة مع أكثر الجماعات الإرهابية الكريهة ، مشيرا إلى أن النظام في كييف لطالما استخدم الأساليب الإرهابية منذ فترة طويلة، حتى أنه حاول تدمير خط أنابيب "السيل التركي" لنقل الغاز الروسي، علاوة على المحاولات المتكررة لتنفيذ هجمات إرهابية على منشآت الطاقة الروسية، بما في ذلك ما قامت به الأجهزة الخاصة الأوكرانية بالفعل من تنفيذ 3 هجمات إرهابية ضد محطة الطاقة النووية في مدينة كورسك الروسية، وهو ما أدى إلى تقويض خطوط الجهد العالي للمحطة. ونتيجة للهجمة الثالثة تضررت 3 خطوط في وقت واحد، إلا أنه قد تم القضاء على الضرر الحادث في أقصر وقت ممكن، ولم يسمح بعواقب وخيمة.

إضافة إلى ذلك، تم ارتكاب عدد آخر من الهجمات الإرهابية ومحاولات لارتكاب جرائم أخرى ضد منشآت الطاقة الكهربائية والبنى التحتية، وهو ما تم إثباته من خلال الأدلة الموضوعية، بما في ذلك شهادات المقبوض عليهم أثناء تنفيذ هذه الهجمات الإرهابية.

وخلص" إلى إطلاق صواريخ بحرية وبرية طويلة المدى عالية الدقة بناء على اقتراح من وزارة الدفاع، ووفقا لخطة هيئة الأركان الروسية، ضد مرافق الطاقة والقيادة العسكرية والاتصالات في أوكرانيا، مؤكداً على أنه إذا ما استمرت محاولات شن هجمات إرهابية على الأراضي الروسية، فستكون ردود روسيا صارمة وتتوافق في نطاقها مع مستوى التهديدات التي تشكلها هذه الهجمات على روسيا

 بدوره شدد نائب رئيس مجلس الأمن الروسي "دميتري مدفيديف" على ضرورة تفكيك كامل للنظام السياسي في أوكرانيا، لأنه يشكل تهديدا لروسيا الاتحادية، وكتب على قناته في تيلغرام:  لا شك في أن الدولة الأوكرانية في تشكيلتها الحالية مع النظام السياسي النازي الذي يقودها، تظل تشكل تهديدا مستمرا ومباشرا وواضحا لروسيا، لذلك، بالإضافة إلى ضرورة حماية شعبنا وحماية حدود البلاد، فيجب أن تتضمن تدابيرنا المستقبلية، في رأيي، التفكيك الكامل للنظام السياسي لأوكرانيا .

 من جانبه علّق رئيس جمهورية الشيشان" رمضان قديروف"  على القصف الروسي الأخير لمواقع حيوية في وسط وغرب أوكرانيا،  وقال إن "زيلينسكي" يشتكي من قصف كييف ومدن أخرى،  وسأله :  وهل اعتقدت أيها المفغل "زيلينسكي"، أن ذلك مسموح لك وممنوع على الآخرين؟. 

وتابع "قديروف": "لقد حذرناك، يا" زيلينسكي"، من أن روسيا لم تبدأ بعد بشكل جدي وحقيقي بالعمل، لذا توقف عن العويل والاشتكاء كشخص رخيص، بل من الأفضل لك الفرار، أهرب قبل أن تحلق القذائف وتصل. اركض يا "زيلينسكي "اركض باتجاه الغرب دون النظر للخلف.

         الرد الروسي يستهدف كييف وغرب البلاد بالصواريخ

وجاء الرد الروسي السريع أولا بإصلاح الجسر وعودة الحركة فيه الى طبيعتها وتأمين امن النقل فيه، وثانياً  من خلال تصعيد الضغط العسكري الى حد الحرب ضد أوكرانيا بعدما كانت مجرد عملية خاصة  ، والمبادرة الى تعيين  قائ جديد   للعميلة العسكرية في أوكرانيا هو الجنرال "سيرغي سورافيكين".

 وقد   بدأ القصف الروسي لكل المناطق الأوكرانية بما في ذلك العاصمة  كييف  ، حيث  تصاعدت أعمدة دخان في المدينة بعد وقوع انفجارات في منطقة شيفتشينكوفسكي وسط العاصمة، وقد استهدفت الصواريخ   بنية تحتية حساسة في المدينة وخلفت إصابات، وسقطت صواريخ في شارع فلاديميرسكايا، حيث يقع مقر جهاز أمن الدولة، كما يقع بالقرب منه مكتب الرئاسة الأوكرانية.

وأعلنت سلطات  اوكرانيا وقف حركة المرور في مترو الأنفاق في المدينة، وقالت أن جميع محطات المترو ستستخدم كملاجئ.

ونشر الرئيس " زيلينسكي" لقطات فيديو تظهر آثار القصف الروسي في كييف، وقال أن صافرات الإنذار لا تهدأ في جميع المدن الأوكرانية ، مناشدا المواطنين البقاء في الملاجئ.

وأفادت وسائل إعلام أوكرانية بسماع دوي انفجارات في مناطق متفرقة من البلاد، بينها دنيبروبيتروفسك (وسط) وخاركوف (شمال شرق) وجيتومير وتيرنوبل وخميلنيتسكي ولفيف (غرب) وأوديسا (جنوب).

وأفادت السلطات في بعض المقاطعات الأوكرانية بحالات لانقطاع التيار الكهربائي وإمدادات المياه بعد هجمات صاروخية روسية.

كما استهدف القصف الروسي مدينة كريفوي روغ، مسقط رأس الرئيس" زيلينسكي"، التي تعرضت لقصف صاروخي أسوة بكثير من المدن الأوكرانية الأخرى.

وأكدت السلطات في كييف وخاركوف وسومي (شمال) وجيتومير وخميلنيتسكي وتيرنوبول وإيفانو-فرانكوفسك ولفوف (غرب) وأوديسا ونيكولايف (جنوب) ومقاطعات أخرى، تعرض مناطق فيها لضربات صاروخية أستهدفت معظمها مواقع البنية التحتية الحيوية ما أدى الى وقف تشغيل العديد من محطات الطاقة الحرارية، وانقطاعات في الكهرباء وإمداد المياه ومشاكل بالإنترنت.

وأعلنت السلطات عن توقف مترو الأنفاق في كييف وخاركوف عن العمل تماما، فيما حذرت شركة السكك الحديد الأوكرانية من تأخيرات محتملة في حركة القطارات في الاتجاه الغربي بسبب الأضرار التي لحقت بشبكة الكهرباء.

في الخلاصة نحن امام حرب مفتوحة قد تتطور في أي لحظة الى مواجهة بين روسيا والغرب وتقود الى حرب عالمية تستعمل فيها كل أسلحة الدمار الشامل  بما يهدد البشرية جمعاء ،    لكن الأكيد ان روسيا لن تكتفي بضم الشرق الاوكراني كله  ، خاصة بعد الإعلان الروسي الرسمي على انضمام المقاطعات الاوكرانية الأربع الى روسيا ، وهي دونيتسك ولوغانسك وزاباروجيا وخيرسون  بعد الاستفتاء الشعبي الذي جرى فيها    ، بل ستعمد روسيا الى تفكيك النظام السياسي الاوكراني القائم حاليا بعد القضاء عليه عسكرياً  واقصاء  رموزه  من النازيين الجدد وعلى رأسهم  "زيلنسكي" لاستيلاد نظام يقبل بالشروط الروسية  وبواقع  التغييرات الجديدة السسياسية  منها والجغرافية  التي احدثتها هذه الحرب الطاحنة .