أبدت مصادر وزارية قريبة من <8 آذار> مخاوف من أن يؤدي عدم الاتفاق على آلية العمل داخل حكومة الرئيس تمام سلام بعد عطلة عيد الفطر المبارك، للعودة الى اعتماد صيغة <الموافقة الاستثنائية> التي أوجدها الأمين العام السابق لمجلس الوزراء الدكتور سهيل بوجي خلال فترة تصريف الأعمال في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي والتي استمرت 11 شهراً لم ينعقد خلالها مجلس الوزراء سوى مرة واحدة. وتقضي هذه الصيغة بأن يمنح رئيس الحكومة موافقته على موضوع ما يُفترض أن يُعرض على مجلس الوزراء لدرسه واقراره، على أن يصار لاحقاً على عرضه في أول جلسة تعقدها الحكومة فيصدر إذ ذاك قرار بالموافقة على <سبيل التسوية> لأن الإجراء الذي حظي بـ<موافقة> رئيس الحكومة الاستثنائية يكون قد أنجز.
وتعتبر المصادر نفسها ان السابقة التي اعتمدت في حكومة الرئيس ميقاتي فرضتها استقالة الحكومة وبدء مرحلة تصريف الأعمال واضطرار الوزراء الى بت عدد من المواضيع التي تعتبر <طارئة> أو <ملحة>، لكن الواقع ان الصيغة التي يُفترض أن تُطبق على الأمور <الطارئة> و<الملحة>، طُبقت عملياً على سائر الشؤون التي كانت تحتاج الى موافقة مجلس الوزراء، كبيرة كانت أم صغيرة. إضافة الى ذلك، فإن اعتماد هذه الصيغة تم في ظل وجود رئيس الجمهورية الذي كان <يوافق> استثنائياً مع رئيس الحكومة فيحلان عملياً محل مجلس الوزراء <موقتاً> الى حين انعقاده من جديد. أما اليوم ــ تضيف المصادر نفسها ــ فرئيس الجمهورية غير موجود ما يعني ان <الموافقة الاستثنائية> ستحمل توقيع رئيس الحكومة وحده، وهو أمر لن يقبل به وزراء <8 آذار> لأن في مثل هذه الحالة يختصر رئيس الحكومة مجلس الوزراء بكامله ويمارس صلاحيات رئيس الجمهورية وحده خلافاً للدستور الذي نقل صلاحيات الرئيس في حال الشغور الى مجلس الوزراء مجتمعاً.
وتؤكد المصادر نفسها ان صيغة <الموافقة الاستثنائية> التي لا سند دستورياً أو قانونياً لها، ستزيد الأمور تعقيداً إذا ما تم اعتمادها لأي سبب كان سواء اقتصر استعمالها على الحالات الطارئة أو على الحالات العادية لأن تصنيف الحالة سيكون إذ ذاك استنسابياً للأمانة العامة لمجلس الوزراء بالتنسيق مع رئيس الحكومة وحده، بعد التشاور مع الوزير المختص الذي سيطلب الحصول على هذه الموافقة، لاسيما وان <التجارب> السابقة في حكومة الرئيس ميقاتي لم تكن مشجعة في هذا الاتجاه، وعندما عرضت المواضيع لاحقاً على الحكومة السلامية بعد تشكيلها لـ<تسويتها> تم ذلك من دون أي نقاش أو بحث، بل أتت <التسوية> شكلية، مما كرّس ــ في رأي المصادر نفسها ــ واقعاً ادارياً وقانونياً ودستورياً غير سليم، وبالتالي فإن معاودة اعتماد هذه الصيغة ستعيد تكرار التجربة نفسها.
وفيما اعتبرت مصادر <8 آذار> ان التلويح باعتماد <الموافقة الاستثنائية> يندرج في إطار <التهويل> و<ممارسة الضغط> على وزراء العماد عون و<تكتل التغيير والاصلاح>، رأت مصادر حكومية معنية ان <احباط> هذا الأمر إذا ما حصل، يكون بالعودة الى تفعيل جلسات مجلس الوزراء وعدم تعطيلها بصرف النظر عما ستكون عليه الآلية الجديدة لعمل مجلس الوزراء، ولا يكفي إبداء <المخاوف> من الصيغة الاستثنائية بل العمل على منع اعتمادها خصوصاً في هذه الظروف التي تتطلب توافقاً من مكونات مجلس الوزراء كافة.
تجدر الإشارة الى ان وزراء عدة أبلغوا رسميين وسياسيين وأصحاب مصالح راجعوهم في مسائل تعنيهم تتطلب موافقة مجلس الوزراء، ان لا داعي للقلق من عدم انعقاد مجلس الوزراء، لأن صيغة <الموافقة الاستثنائية> جاهزة للاعتماد والتطبيق بعدما <نجحت> خلال 11 شهراً من فترة ما بعد استقالة حكومة الرئيس ميقاتي، في تسيير شؤون البلاد من دون أن تلقى أي اعتراض من أحد، وصدرت في ظلها الكثير من القرارات التي سُويت لاحقاً بموجب مراسيم مكتملة الأصول بالنسبة الى تلك التي تحتاج الى موافقة مجلس الوزراء. أما <المراسيم العادية> فتم اصدارها من دون اللجوء الى <الموافقة الاستثنائية> لأنها تحتاج الى توقيعي رئيس الجمهورية والحكومة والوزير (أو الوزراء) المختص (أو المختصين)، في حين ان الشغور الرئاسي حوّل الوزراء الـ23 <أوصياء> على صلاحيات الرئيس وممارسين لها مجتمعين.. ومنفردين!