تفاصيل الخبر

٥٠٠ مـلـيــار دولار بـانـتـظــار لـبـــنـان بـيــن الـبـحـــر وسـوريـــــــا  

13/01/2017
٥٠٠ مـلـيــار دولار بـانـتـظــار لـبـــنـان بـيــن الـبـحـــر وسـوريـــــــا   

٥٠٠ مـلـيــار دولار بـانـتـظــار لـبـــنـان بـيــن الـبـحـــر وسـوريـــــــا  

بقلم خالد عوض

2-(1)

هناك نضوج سياسي ملفت في أداء كل مكونات العهد وكأننا في بلد آخر غير لبنان أو ربما كنا في الفترة الماضية في بلد آخر غير الذي كان يجب أن نكون فيه.

مجلس الوزراء ينعقد بجدول أعمال مثقل ولكنه يتناوله بندا بندا ويخرج بقرارات واضحة، التعيينات تمر بسلاسة، الوفاق السياسي الذي أدى إلى انتخاب رئيس جمهورية يظهر في كل شاردة أو واردة، الخطاب الإعلامي أصبح شبه متجانس حتى بتنا نحتار عندما نقرأ أو نسمع معظم الأخبار حول هوية ناقلها وانتمائه السياسي.

أدام الله الود والمحبة بين الجميع عسى أن يكون ما نراه مسارا مستداما وليس من ضرورات التحضير للانتخابات النيابية.

لا شك في أن مصدر هذا التعاضد الحكومي يكمن في شخصية الرئيس عون وهيبته وفي حاجة الجميع بلا استثناء إلى بعضهم البعض لإنجاح الانتخابات النيابية بأقل الخسائر، كما أن الكلفة المالية للخلاف السياسي إن حصل في بداية هذا العهد لا يمكن أن يتحملها البلد، لأنه من الصعب أن نصدق أن عصا سحرية قلبت الجميع فتحولوا إلى ملائكة في السياسة وقدوة في العمل الوزاري وأمثولة وطنية في النزاهة ومحاربة الفساد.

من المهم أن لا ينسى هؤلاء، ومعظمهم مرشحون، أنهم تسببوا في السنوات الماضية بخسائر كبيرة للبلد وعلى كل المستويات بحيث لن تنفع بضعة شهور من العمل الجدي لمحو كل آثار الماضي. ولا يظنن المرشحون العتيدون أن للناخب ذاكرة ضعيفة وأن صندوق الانتخابات يترجم عمل الشهور القليلة التي تسبق تعليق الصور على الجدران وينسى كل ما قبل ذلك.

البلد تحمل خسائر بالمليارات وأزمات بيئية وإجتماعية وكساداً اقتصادياً أثبتت هذه الحكومة بالذات ووزراؤها أنه كان بالإمكان تفاديها كلها ببعض من الوعي الوطني، المتجلي اليوم بأحلى صوره.

ما نشهده اليوم هو إتفاق سياسي واضح المعالم بإبقاء الطاقم السياسي نفسه على رأس السلطة في البلد، مع محاولة جماعية لتكبير قالب الجبنة حتى تكبر معه الحصص.

ما المطلوب إذا؟ وكيف نستفيد من مرحلة الوفاق المستجد لتأسيس قواعد اقتصادية متينة تحول البلد إلى لؤلؤة الشرق الأدنى، ومرفأ المنطقة، ومصرفها الأول، ومركز الإبتكارات التكنولوجية العربية، والمكتب الخلفي 2-(2)المفضل للشركات العربية والعالمية المهتمة بالغاز والنفط في المتوسط وبإعادة الإعمار في سوريا والعراق؟

لو لم تكن هناك فرصة اقتصادية كبيرة للمنطقة، ما كان العالم كله ليتدخل ولا يزال في حروبها. لذلك من البديهي الإستنتاج أن هناك فرصة اقتصادية هائلة للبنان في الأعوام العشرة المقبلة بغض النظر عن التطورات العسكرية والسياسية في السنوات الثلاث الآتية. والانتخابات النيابية ستفرز شكل القيادة السياسية وبالتالي الاقتصادية للمرحلة المقبلة التي ستكون مرحلة التأسيس للبنان ٢٠٣٠ وحتى ٢٠٥٠. لا يهم كم من المسيحيين سيصل بأصوات المسيحيين أو العكس. المهم من سيصل من كل طائفة، وهل هو مؤهل للإبحار بلبنان إلى بحر من الفرص الاقتصادية التي لم تمر عليه منذ تأسيس هذا البلد؟

بين حجم تقديري للثروة الغازية والنفطية بأكثر من ٢٠٠ مليار دولار وكلفة إعادة اعمار سوريا  التي لن تقل هي أيضا عن٣٠٠ مليار دولار، يجد لبنان نفسه محاطاً بفرصة اقتصادية ومالية فريدة من نوعها ومن الصعب أن تتكرر.

من سننتخبهم بعد شهور هم الذين سيحددون من يقود السفينة اللبنانية وكيف في محيط الفرص الاقتصادية التي تحيط بها. المهم أن يتيح قانون الانتخاب الجديد إيصال من يمكنهم إدارة الملف الاقتصادي السمين والثمين بأقل كلفة سياسية وأكثر مردود مالي.

أما إذا توافق جميع الموجودين في السلطة اليوم على قانون انتخاب لا يسمح لغيرهم أن ينجح في العبور إلى المجلس النيابي المقبل، فسينطبق علينا وعلى اقتصادنا كلام <ألبرت اينشتاين>: لا يمكن حل المشاكل بالتفكير نفسه (بالاشخاص أنفسهم في حالة لبنان) الذي استخدمناه عندما خلقناها.