مع حلول الذكرى الثامنة لحرب تموز (يوليو) 2006، أبدت اسرائيل مخاوفها من تزايد كميات الصواريخ المتطورة التي يملكها حزب الله، والتي حصل على بعضها من سوريا وروسيا ــ وفق المصادر الاسرائيلية ــ التي اكدت حصول الحزب على صواريخ <كروز> الروسية المتطوّرة وقام بنشرها في مواقع متقدمة من الحدود اللبنانية ــ الاسرائيلية. ونقلت عن ضباط إسرائيليين أنّ الحزب نشر هذه الصواريخ التي يصل مداها إلى 300 كلم ويُمكنها أن تضرب كل الساحل الإسرائيلي على البحر الأبيض المتوسط.
وأكّد ضباط في القوات البحرية الإسرائيلية أن <الحزب حصل على نظام الدفاع الساحلي <P-800> الذي تبيعه روسيا لسوريا>، موضحين أنّ <صواريخ P-800> هي نسخة مطوّرة من صواريخ كروز <ياخونت>. وأشار قائد القاعدة البحرية في حيفا إيلي شارفيت إلى أنّ <هذه الصواريخ المتطوّرة باتت بيد حزب الله>. وأضاف: <نحن نتحضّر لها>.
وقال مسؤولون إسرائيليون إنّ <حزب الله نشر <ياخونت> في العام 2013 أي بعد عام من حصول البحرية السورية على <P-800>، مشيرين إلى أنّ <الجهود التي بذلتها إسرائيل من أجل منع إدخال أي سلاح من سوريا الى لبنان كانت ناجحة جزئياً>.
وقال الضباط إنه <يتم تدريب القوات البحرية لإفشال أي تهديد بالصواريخ من حزب الله أو سوريا ضد إسرائيل>، لافتين إلى <احتمال أن يستخدم الحزب <ياخونت> من أجل ضرب مرافق الغاز في شرق البحر المتوسط>.
وانشغلت الاوساط الامنية الاسرائيلية بالمعلومات التي ذكرت ان سوريا تقوم بتدريب عناصر من سرايا الصواريخ في حزب الله على استخدام اسلحة متقدمة مضادة للدبابات و للطائرات...، ومشيرة في الوقت نفسه الى ان هذه التدريبات تجري على الأراضي السورية والإيرانية ، وقد جرى تأهيل عشرات المقاتلين على تشغيل صواريخ ارض جو متقدمة.
فحزب الله وفق المعلومات الاسرائيلية استطاع أنْ يزيد من قدراته العسكرية ثلاثة أضعاف منذ انتهاء حرب تموز (يوليو) 2006 بين الحزب وإسرائيل، وإنّ القوّة الناريّة للحزب تضاعفت ثلاث مرات منذ عام 2006، وبات يمتلك الآن 43 ألف صاروخ من مختلف الأنواع، كما بيّن أنّ الحزب يمتلك حاليًا صواريخ قادرة على الوصول إلى أقصى المدن الإسرائيلية الجنوبية مثل عسقلان، وبئر السبع.
وقال الجنرال في الاحتياط، <متان فلنائي>، إنّ حزب الله تمكن من تأسيس أكبر شبكة صواريخ في العالم، وهذه الصواريخ المتطورة موجهة جميعها لضرب الدولة العبريّة، فإنّ تمكن حزب الله من تحقيق هذا الإنجاز مرده الدعم المادي والمعنوي من الجمهورية الإسلاميّة الإيرانيّة التي تواصل إمداده بالأسلحة والصواريخ المتطورة، ولا تألو جهدًا في زيادة ترسانته العسكرية بشكل كبير.
هاجس الصواريخ
<.... الاسرائيليون ومنذ حرب تموز (يوليو) 2006 يتابعون بقلق موضوع إمتلاك حزب الله لصواريخ بعيدة المدى تهدد الكيان الصهيوني..>، هذا ما اشار اليه محمود. ع. وهو مساعد لمسؤول عسكري في حزب الله ، خلال حديثه مع <الافكار>، مضيفاً: <ان صواريخ الحزب باتت تشكل هاجساً دائماً للمؤسسات العسكرية في اسرائيل، وهي بالنسبة لنا السلاح الفعال الذي من خلاله استطعنا تحقيق خلق قوة ردع وحماية وتوازن رعب>، وهذا ما أكده الأمين العام السيد حسن نصرالله، عندما قال في شباط (فبراير) 2007: <لدينا أسلحة من الانواع والكميات كافة وبقدر ما تريدون... نحن لا نقاتل اعداءنا بسيوف من خشب>.
الأسلحة الكيماوية
وأعربت إسرائيل عن قلقها من <احتمال نقل كميات من الأسلحة الكيماوية التي تملكها سوريا إلى حزب الله الحليف القوي لنظام الأسد>، في ظل ما أوردته التقارير الأمنية عن قيام الحزب بنقل صواريخ متطورة وأسلحة فعالة من مخازنه السرية في سوريا الى لبنان، خوفاً من تطور الاوضاع الامنية السورية، وسقوط هذه المخازن في أيدي الثوار والمعارضة.
وذكرت أوساط اسرائيلية نقلاً عن مصادر في وزارة الدفاع في تل ابيب أنّ عناصر الوحدات الصاروخية الخاصة في حزب الله تجري تدريبات تحاكي انتشاراً سريعاً للصواريخ البعيدة، وتعد «نقاط إطلاق» تسهّل عملية اطلاقها باتجاه اهداف في اسرائيل، وانّ حزب الله <يريد نشر صواريخ يصل مداها إلى اربعمئة كيلومتر>.
وأكدت الأوساط نفسها : <ان هناك قلقاً كبيراً يسود قيادة الجيش الاسرائيلي من مغبة امتلاك <حزب الله> لصواريخ روسية الصنع الأكثر تطوراً والمضادة للدبابات من نوع <RPG-30>، وهي من الصواريخ التي تستطيع تفجير الدبابات الإسرائيلية الأكثر تحصيناً في العالم من نوع <مركفاه سيمان4>.
والصاروخ <RPG-30> تم اعداده بشكل فني مدروس، بحيث قبل أن يتم إطلاق الصاروخ يسبقه إطلاق صاروخ وهمي يسبب تشغيل وخربطة المنظومة الدفاعية المركبة على الدبابة ، مما يسهل الأمر لهذا الصاروخ بإصابة الدبابة بسهولة.
تدريبات في ايران
المخاوف الاسرائيلية يؤكدها قيام الحزب بتدريب وحدات من عناصر سرايا الصواريخ في ايران بشكل دائم، وتجري التدريبات في الصحراء الايرانية، باشراف خبراء من الحرس الثوري الايراني( قوات القدس)، واضافة الى هذه التدريبات يخضع المقاتلون لدورة عسكرية متقدمة بحيث يقيم العناصر في ملاجىء محصنة وتتولى طائرات قصف هذه الملاجىء بقنابل صوتية تحدث دوياً كبيراً بقصد جعل المقاتلين يعتادون على التأقلم مع اجواء الانفجارات والقنابل والصواريخ، عدا عن التدريبات الكلاسيكية .
واشارت مصادر خاصة لـ<الافكار> الى انه بحلول العام 2010 امتلك حزب الله كميات من الصاروخ <الباليستي> قصير المدى <أم 600> سوري الصنع والاصل، وهو نسخة لصاروخ <فاتح-110> الايراني، بحيث بات قادراً على حمل رأس حربي يبلغ وزنه 1,100 <باوند>، ويصل مداه الى اكثر من 150 ميلاً ، وهو مزود بنظام توجيه ذاتي يسمح بالضرب ضمن 500 ياردة من هدفه كحد اقصى.
حسب المعلومات الاسرائيلية ان صواريخ <ام 600> ادخلت الى لبنان في النصف الاخير من عام 2009 ، ويسمح مدى هذا الصاروخ لحزب الله بنشره شمال المنطقة الحدودية الخاضعة لسلطة قوات <اليونيفيل>.
مصفاة <عسقلان> في المرمى
وأكد الخبير العسكري السابق في حركة <فتح> حسن حمود للافكار في هذا المجال، انه في حال قرر حزب الله على سبيل المثال ضرب مصفاة عسقلان، يمكنه إطلاق مثل هذا الصاروخ من جنوب بيروت، وفي حال قرر ضرب اهداف محددة في تل ابيب، فان بإمكانه اطلاق صواريخ <ام600> من أماكن سرية في وادي البقاع وشماله....
ويؤكد مصدر قريب من حزب الله ان الحزب استفاد كثيراً من تجربته الناجحة في حرب تموز (يوليو) 2006، عندما قصف بصاروخين من طراز <C-802 > من صنع صيني، السفينة الاسرائيلية (ساعر5) التي كانت ترابط في البحر قبالة الاوزاعي، وهذا ما دفعه للعمل على تطوير قدراته الدفاعية البحرية، من خلال تدريب مجموعات من السرايا البحرية في قاعدة بندر عباس في ايران، وعبر حصوله من ايران على صواريخ مضادة للسفن بعيدة المدى تفوق نظام صاروخ (C-802 نور)، والصواريخ الجديدة تتمتع بهندسة عكسية، اكبرها صاروخ <رعد>، المستند الى صاروخ <سيلكوورم ايتش واي-2> الصيني الصنع، وهو قادر على حمل رأس حربي بوزن 700 باوند لمسافة 225 ميلاً، وبات حزب الله قادراً على استهداف السفن الاسرائيلية قبالة الساحل الجنوبي لفلسطين، من مواقع إطلاق بعيدة شمال الحدود....
صواريخ تطلق من على الكتف
ووفق تقرير امني غربي في بيروت اطلعت عليه <الافكار> ان كوادر في حزب الله تعمل ضمن اطار <سرايا الدفاع الجوي>، وتواصل تدريباتها على نظام صاروخ <جيكو أس آي-8> المتنقل، المضاد للطائرات والموجه بالرادار، في الوقت الذي تلقى فيه الحزب نظام صواريخ <غرينتش أس آي -18> ــ المضادة للطائرات، والتي تطلق من على الكتف، وهذه الصواريخ ما هي الا نسخة اكثر تطوراً من <غروس أس آي 18>، وصاروخ من طراز <ميساغ- 2> الذي يطلق من على الكتف المصنع في ايران، اضافة الى كميات من صواريخ <كاتيوشا> المتطورة .
حزب الله: لا نفي ولا تأكيد
أوساط في حزب الله لم تؤكد ولم تنفِ لـ<الافكار> صحة هذه المعلومات، لأنها تترك الموضوع يأخذ مجراه في مجال الحرب النفسية التي اتقنها الحزب . الا ان أحد الضباط العسكريين في الجيش اللبناني اعتبر انه وبمجرد امتلاك حزب الله لمثل هذه الصواريخ، فان ذلك يعني ارتفاع مستوى التهديد بالنسبة الى الطائرات الإسرائيلية التي تخترق الاجواء اللبنانية، وخصوصاً المروحيات التي تحلق على ارتفاع منخفض، وطائرات الاستطلاع من دون طيار، وهذا يؤدي حتماً الى تغير مسار العمليات العسكرية.
واضاف الضابط: <ان المخابرات العسكرية الاسرائيلية تهتم اهتماماً جدياً بمعرفة ما اذا كان حزب الله يمتلك فعلاً مثل هذه الصواريخ المضادة للطائرات، لان ذلك يهدد قوتها العسكرية التي تعتمد بشكل خاص على سلاح الطيران، ومن شأن هذه الصواريخ قلب مسار اي معركة..>.
شرارة: عدوان عابر وطبول حرب
بعيداً عن التعمق في ما اذا كان حزب الله يملك انواعاً متطورة من الصواريخ، فإن البعض يعتبر ان طبول الحرب تقرع ولو بصوت غير مسموع ، واسرائيل تستعد لخوض جولة جديدة من الاعتداء على ارضنا ، وبرأي امين العلاقات الخارجية في مجلس النواب بلال شرارة <ان اسرائيل تسعر الحرب على حدود الجولان بين الجيش السوري والمسلحين وتعلن نقطة معبر القنيطرة سوريا والجزء المحتل من الجولان منطقة عسكرية وتدير بالوقت عينه مناورات جديدة في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة وتنفذ القوات الاسرائيلية عدواناً فاضحاً على لبنان بخرق خط الهدنة عند منطقة رأس الناقورة، وسبق ذلك اعتداءات في منطقة الوزاني وغيرها اضافة الى الخروقات الجوية والبحرية المستمرة، فمن ينتبه لذلك ويعرف بماذا تفكر اسرائيل في غمرة الانشغالات الدولية والعربية عن لبنان وعن سوريا وعن فلسطين؟ ومن يوجه مواقع المسؤولية اللبنانية للانتباه الى ان اسرائيل دخلت على خط المسألة السورية لتحرر حدود كيانها في عملية استباقية من الاخطار المحتملة وتبني منطقة عازلة وآمنة أو شريطاً حدودياً وتلوح بعدوان عابر لخطوط الهدنة مع سوريا للضغط على لبنان من حدود مزارع شبعا الى سلسلة الجبال الشرقية؟ هذا في صلب المشهد الشرق أوسطي المتداخل دون ان ننسى موقع القضية الفلسطينيـة في نظام المنطقة وهنا وهذا ما يجري على حدود وطننا الجنوبية. >
استنفار للحزب
المعلومات الخاصة لـ<الافكار> تؤكد ان حزب الله قام منذ مدة بنقل وحدة الجليل ووحدة النصر من سوريا الى الجنوب اللبناني، ووضعها في حال استنفار دائم، فضلاً عن حشود غير ظاهرة لمقاتلين من الوحدات العسكرية الاخرى في المقاومة، تخوفاً من قيام العدو بشن حرب خاطفة ومباغتة على لبنان، في ظل التطورات الدراماتيكية التي تشهدها سوريا والعراق، وفي ظل الحالة الامنية المتردية في لبنان وما يتبعها من انقسام شعبي حول دور المقاومة وسلاح حزب الله .
وكان عدد من المحللين والخبراء العسكريين قد توقفوا باهتمام أمام ما تكشفه وسائل الإعلام الاسرائيلية في كل مرة عن استعدادات تقوم بها القيادة العسكرية في الدولة العبرية لحرب خاطفة محتملة <لحماية اسرائيل من صواريخ حزب الله التي باتت تهدد عمق الكيان الاسرائيلي ومرافقه ومنشآته الحيوية>.
واذا كانت اسرائيل تواصل استعداداتها العسكرية ومناوراتها، فان أوساطاً امنية اكدت ان <حزب الله> من ناحيته يعيش ايضاً حالة استنفار دائمة، فالحزب ــ وفق الاوساط الامنية ــ واصل دوراته العسكرية لكوادره في لبنان وتمكن من اعداد آلاف المقاتلين تم توزيعهم على الثغور والمواقع، وتمكن من انشاء فصائل وسرايا رديفة تتمركز في الخطوط الخلفية، وتلقى آلاف الصواريخ المتطورة المضادة للطائرات والبعيدة المدى وصواريخ شاطئ ــ بحر... فضلاً عن قيامه ببناء تحصينات متطورة، ونصبه صواريخ ــ تردد انه استقدمها مؤخراً من مستودعاته في سوريا ــ بعد اندلاع الثورة الشعبية فيها، وانشأ اكثر من غرفة عمليات في اكثر من منطقة مجهزة بأحدث أجهزة الاتصال والتنصت والتشويش ، ووضعت قيادة الحزب سيناريوات عدة للمواجهات المحتملة مع العدو، تتضمن مواجهة عمليات الانزال، والتسلل، والدخول البري.