تفاصيل الخبر

400 ألـــف مـســنّ فـــي لـبـــــنـان مـــع يـومـهــــم الـعــالـمـــــي...

09/10/2015
400 ألـــف مـســنّ فـــي لـبـــــنـان  مـــع يـومـهــــم الـعــالـمـــــي...

400 ألـــف مـســنّ فـــي لـبـــــنـان مـــع يـومـهــــم الـعــالـمـــــي...

بقلم وردية بطرس

SAM_6936  لمناسبة اليوم العالمي للمسنين، أين لبنان من حقوق كبار السن؟ وما هو مصير كبار السن بعد التقاعد؟ فمن مبادىء الأمم المتحدة المتعلقة بكبار السن والمعتمدة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة: الاستقلالية، المشاركة، الرعاية، تحقيق الذات، الكرامة... فأين لبنان من كل هذا؟ تظهر الدراسات ان نسبة كبار السن في لبنان تصل الى حدّ الـ 10 بالمئة من إجمالي عدد السكان اي حوالي 400 ألف مسن. فما هو وضعهم على الصعيد الاجتماعي والصحي؟ واين حقوقهم؟

وبمُناسبة اليوم العالمي لكبار السن الذي أعلنته الجمعية العمومية للأمم المتحدة في العام 1990، والذي اعتمدته منظمة الصحة العالمية في أول تشرين الأول (اكتوبر) من كل عام، نظمت دار العجزة الاسلامية بهذه المناسبة ورشة عمل تناولت حقوق كبار السن، وذلك برعاية وزير العمل والشؤون الاجتماعية رشيد درباس ممثلاً بالمدير العام بالانابة السيدة رندة ابو حمدان.

ولقد أوضح رئيس عمدة دار العجزة الاسلامية الدكتور محمود فاعور في كلمته عن دور الدولة في العناية بالمسنين، قائلاً:

- انها تساهم جزئياً في نفقة اقامة المرضى من خلال وزارتي الصحة والشؤون، كما تساهم بعض المؤسسات الأخرى الدينية والأهلية في بعض النفقات، وتشكل التبرعات التي يقدمها المحسنون الجزء الأكبر من موازنة هذه المؤسسات، ومنها دار العجزة الاسلامية التي تشكل هذه المساعدة نسبة 60 بالمئة من موازنتها السنوية. ان التقصير كبير جداً على الصعيد الحكومي.

13 اختصاصياً فقط!

وعن حقوق كبار السن يشرح الدكتور فاعور:

- من حقوق كبير السن ان يعيش في المنزل العائلي محاطاً بأفراد أسرته في جو من الاحترام والتقدير والمحبة، الا ان التغييرات الديموغرافية والاجتماعية أجبرت كبير السن على الالتحاق بمؤسسة الرعاية خوفاً من الوحدة وعدم القدرة على التصرف العقلي والجسدي. ان طب الشيخوخة هو اختصاص جديد في عالم الطب اذ كان طبيب العائلة في الماضي يهتم بصحة المسنين وأمراضهم، وكان الأطباء يتجهون عموماً الى اختصاصات تنسجم مع تطلعاتهم وكفاءاتهم، وقليل منهم كان يهتم بطب الشيخوخة الذي أصبح حاجة ملحة، اذ ان في لبنان 13 اختصاصياً وهو عدد غير كافٍ للاهتمام والعناية بهذا العدد الكبير من المسنين في مراكز ومؤسسات العناية والرعاية.

وتابع قائلاً:

- كما في طب الشيخوخة كذلك الحال في مجال التمريض، فالتخصص في هذا المجال شبه معدوم والحاجة اليه تتعاظم، وستشكل هذه المسألة عقبة كبيرة أمام العناية بالمسنين العجزة. لذلك يجب وضع خطة لتدريب مقدمي الرعاية الصحية والعقلية ومساعدتهم بكل ما يتعلق باحتياجات المسنين. ونأمل ان تقوم نقابة الممرضات والممرضين بعقد دورات تدريبية لتمكن المشتركين فيها من القيام بالمهمات في هذا المجال الذي يتطلب ادراكاً ومعرفة وحسن استخدام لوسائل المعالجة. وعلى ما اعتقد فان الجامعة اللبنانية تقوم بالتعاون مع مستشفى عين وزين باعداد برامج للماستر في الشيخوخة. وهناك أيضاً في الجامعة اليسوعية توجه في هذا المجال لم ير النور بعد لعدم توفر مرشحين لهذا التخصص. ان الاحصاءات العالمية تبين الى ان حاجة العالم الى متخصصين في رعاية كبار السن تتجاوز الـ 13 مليون متخصص.

SAM_6941

بو حمدان ونشاط المسنين

 

وبدورها تحدثت السيدة رندة بو حمدان المديرة العامة بالإنابة ممثلة وزير الشؤون الاجتماعية عن وضع كبار السن في لبنان قائلةً:

- يُقال ان سر العبقرية هو ان تحافظ على روح الطفولة والشباب حتى في سن الشيخوخة، بمعنى آخر ألا نفقد الحسّ للعمل والعطاء والمشاركة، لأن ذلك لا يعرف عمراً ولا يقف على عتبة السن مهما بلغ. وفي الأرقام يشكل كبار السن في لبنان حوالي 10 بالمئة من مجموع السكان، ويستمر 14 بالمئة منهم بالعمل حتى بعد بلوغهم السن التقاعدية، ليشكلوا بذلك 4.5 بالمئة من نسبة العاملين في لبنان. وهذه الأرقام ان دلت على شيء فهي تدل على ان كبار السن يمثلون طاقة انتاجية ينبغي تثمينها والبناء عليها في المجتمع، كما ينبغي النظر اليهم على اعتبار أنهم شركاء أساسيون في عملية التنمية الاجتماعية. فالشيخوخة مرحلة جديدة يجب تهيئة الظروف الملائمة لاستثمار ما توفره من فرص بفضل الخبرة والحكمة والمعرفة المتراكمة، لنقل هذا الارث الى الأجيال الشابة والتعاون والتكامل لصنع حاضر ومستقبل أفضل. والسؤال المطروح اليوم، ما هي الفرص التي نهيئها لكبارنا في لبنان؟ ما هي الخيارات التي سنرسم على أساسها مستقبل أبنائنا وشيخوختهم؟ فالطب تطور بشكل ملحوظ ما انعكس ايجاباً على اطالة أمد الحياة لكن التحدي الأكبر يكمن في ضمان ان يأتي طول العمر متلازماً مع ضمان حقوق كبير السن، فأين نحن من هذا التحدي؟

وتتابع السيدة رندة بو حمدان:

- انسجاماً مع مبادىء الأمم المتحدة المتعلقة بكبار السن المعلنة عام 1991، وتوصيات الجمعية العالمية الثانية للشيخوخة في مدريد سنة 2002، أنشأ لبنان آلية وطنية لمتابعة قضايا كبار السن والعمل على تأمين حقوقهم، هي الهيئة الوطنية الدائمة لرعاية شؤون المسنين، يشكلها ويرئسها وزير الشؤون الاجتماعية وهي المرجعية الوطنية لكل ما يتعلق بقضايا كبار السن في لبنان. وقد عملت الهيئة وأشرفت على تنفيذ العديد من البرامج الهادفة ضمن الامكانات المتاحة. اما على مستوى التقديمات المباشرة لكبار السن، فقد انتهجت وزارة الشؤون الاجتماعية منذ سنوات طويلة سياسة الشراكة مع مؤسسات القطاع الأهلي لتأمين الكثير من الخدمات عبر علاقتها التعاقدية مع أكثر من 220 مؤسسة وجمعية أهلية وهيئة دينية تؤمن العديد من الخدمات النهارية والمقيمة لكبار السن.

وعلى الرغم من الحاجة الملحة الى دعم هذه التقديمات كماً ونوعاً للنهوض بالحاجات الفعلية للمواطنين، فإن الازدياد المضطرد في الأعداد السنوية للعقود يبشر بامكانات هائلة، اذا ما تكاملت تقديمات هذه المشاريع، مع ما توفره مراكز الخدمات الانمائية التابعة مباشرة للوزارة على امتداد المساحة الجغرافية للبنان، من خدمات لهذه الشريحة في سبيل تحقيق أهداف التنمية البشرية المستدامة وفي مقدمها التأمين والرعاية الصحية لكبار السن في لبنان. كل ذلك لا يلغي الحاجة الملحة الى العمل على المستوى التشريعي والقانوني وضمان حصول كبير السن على حقوقه الاقتصادية والصحية والاجتماعية كاملة. وذلك لا يتحقق الا من خلال التعاون والتكامل بين مختلف الجهات المعنية على المستوى الوطني. ان الانجاز الحقيقي يكمن برأينا في احترام كرامة كبار السن وحقوقهم، وذلك يبقى مسؤولية جماعية تحتاج الى الكثير من الجهود وحشد الخبرات والطاقات.

SAM_6954وعلى هامش ورشة العمل تحدثت <الأفكار> مع الدكتور محمود فاعور رئيس عمدة دار العجزة الاسلامية وسألناه عن أهمية الاحتفال باليوم العالمي لكبار السن في لبنان؟ فقال:

- نحن في الأساس في دار العجزة الاسلامية نهتم بكبار السن منذ سنوات طويلة، وبدأنا نحتفل باليوم العالمي لكبار السن في لبنان منذ خمس سنوات. فكبير السن يجب ان يتمتع بكامل حقوقه. فأين نحن اليوم من الدول المتقدمة التي تؤمن للمسن بيتاً مجانياً للسكن مزوداً بكل أنواع الراحة وتؤمن له العناية الصحية الكاملة بدون اي مقابل، كما ترسل أسبوعياً من يهتم بنظافة البيت ومن يصطحب المسن الى التسوق ومرة في الأسبوع الى ناد للمسنين لقضاء يوم كامل للترفيه؟ كما تؤمن للمسن بطاقة تخوله استعمال وسائل النقل مجاناً. هناك تقصير ونقص في الاهتمام بكبار السن في مجتمعنا لا تعد، اذ يكفي ان نذكر بأن نسبة عالية من المسنين لا يملكون فرصة اللجوء الى مراكز العناية. وان التقصير كبير جداً وعلى جميع الأصعدة الحكومية والأهلية والعائلية.

ــ وما هي أهداف ورشة العمل؟

- نتمنى ان نخرج من هذه الورشة بتوصيات عملية تساهم في تحقيق الأهداف المنشودة. أولاً بقاء المسن في عائلته، تأمين الرفاهية له والترويج للاحتفال بيوم الجد والجدة بهدف الترابط بين أجيال العائلة، ولاكتمال رعاية كبار السن يجب ان تكون العناية الطبية والتمريضية المتخصصة متوفرة تماماً. ثانياً: تحقيق الذات والتمتع بالشخصية والكرامة. ثالثاً: الضمان الصحي والمعيشي. رابعاً: تأمين بطاقة المسن. خامساً: الأمن الاجتماعي على النفس والمال وكل ما يعرض المسن للخطر.

ــ وما هو عدد كبار السن في لبنان؟

- ان نسبة كبار السن في لبنان تصل الى حدّ الـ10 بالمئة من إجمالي عدد السكان اي حوالي 400 ألف مسن، 10 بالمئة اي 4,000 منهم، من المسنين العاجزين الذين تستضيفهم دور العناية بالمسنين والعجزة. وهناك نواد لكبار السن لها طابع الرعاية النهارية لمساندتهم ومساندة عائلاتهم لكي يستمروا في العيش في منزلهم الأسري تماهياً مع قرار الهيئة الوطنية لشؤون المسنين في لبنان، والتي أُنشئت في العام 1998 بناءً على توصيات الأمم المتحدة. ويقوم المجتمع الأهلي بالقسط الأكبر من هذه الرعاية من خلال ما يزيد عن 53 مؤسسة أهلية في لبنان تقوم على خدمة جميع فئات المسنين المرضى والأصحاء.

الدكتور نجا

 

 ونسأل الدكتور نبيل نجا المدير الطبي في مستشفى دار العجزة الاسلامية عن حقوق كبار السن فيقول:

- إن دار العجزة الاسلامية هي مؤسسة رائدة لرعاية كبار السن منذ أكثر من ستين سنة. يجب ان تتوافر الحقوق الدنيا لكبار السن في لبنان، فنحن لا نطالب بالحقوق القصوى بل الحقوق الدنيا. فأساس المجتمع مبني على ترابط العائلة، وكبار السن هم صلة الوصل بين أبناء العائلة، وبالتالي اذا لم نهتم بكبار السن ولم نحافظ على العائلة نخسر الكثير. واذا لم نسعَ الى الاهتمام بكبار السن سيصبح المجتمع اللبناني مثل المجتمع الغربي، حيث يُبعد كبار السن عن عائلاتهم ويقضون بقية حياتهم في دار العجزة، مع العلم بوجود أبحاث في الغرب حول كيفية الحفاظ على الترابط العائلي. وفي لبنان، حقوق كبار السن مهدورة على كل الأصعدة سواء على الصعيد الصحي ام الاجتماعي ام الاقتصادي. مع العلم أن المُسن ليس عاجزاً فكرياً وذهنياً، لا بل يمكن ان يكون كبير السن محركاً اقتصادياً وفاعلاً إيجابياً. لهذا يجب العمل من أجل تأمين حقوق الرعاية الصحية لكي نحافظ على كبار السن. فمن حقوق كبار السن الرعاية، والترابط العائلي، والحماية الاجتماعية والاقتصادية والقانونية، وضمان الشيخوخة  بعد التقاعد وغيرها من الأمور.

SAM_6951ــ ان عدد اختصاصي طب الشيخوخة قليل في لبنان، فهل تشجعون طلاب الطب للتخصص بمجال طب الشيخوخة؟

- هذا صحيح ان عدد اختصاصي طب الشيخوخة قليل، اذ هناك حوالي 13 اختصاصياً وهو عدد غير كاف للاهتمام والعناية بالعدد الكبير من المسنين. وهناك حاجة لمتخصصين في طب الشيخوخة في لبنان، علماً انه طب المستقبل، ولهذا نشجع جيل الشباب للتخصص في هذا المجال لتحويل فئة كبار السن الى طاقة ايجابية. وأعني هنا انه عندما نحافط على صحة كبير السن سيتمكن من العيش بحالة جيدة، وبالتالي يمكن الاستفادة من خبرته وكفاءته بعد سن التقاعد، كما يحصل في دول الغرب حيث يُستعان بالأشخاص بعد سن التقاعد لتقديم الاستشارات في الشركات او المؤسسات او المصارف ليستفيدوا من خبراتهم المهنية. ونحن نقيم حملات بهدف التوجيه حول أهمية التخصص في طب الشيخوخة. ويتميز القرن الواحد والعشرين بازدياد شريحة كبار السن نسبة الى الشرائح العمرية الأخرى نتيجة عوامل عدة. وقد بلغت هذه الشريحة حوالي 10 بالمئة من مجموع السكان في لبنان دون ان يكون هناك سياسة صحية واجتماعية واضحة موجهة اليهم.

حوري وكرامة كبير السن

 

ونسأل مدير مستشفى دار العجزة الاسلامية المهندس عزام حوري عن أهمية الاحتفال باليوم العالمي لكبار السن في لبنان، فيقول:

- طبعاً لهذه المناسبة أهمية كبيرة، مع العلم ان كبار السن في لبنان لا يحظون بالرعاية كما يجب. فيجب ان تُصان كرامة كبير السن وذلك من خلال توفير السكن والرعاية الاجتماعية والصحية. ولهذا نسعى ان نرفع الصوت عالياً لكي يحظى كبار السن في لبنان بكامل حقوقهم. وهنا دور الاعلام مهم أيضاً لتسليط الضوء على هذه المسألة لأن كبير السن يقدر ان يكون انساناً فاعلاً في مجتمعه حتى بعد سن التقاعد، فيمكن الاستفادة من خبرات كبار السن وبذلك يشعروا بأنهم منتجين حتى لو تقاعدوا، فكم من الشركات في دول الغرب تستعين باستشارات كبار السن مستفيدة من خبراتهم وكفاءتهم، وهذا أمر مهم وضروري. لا شك ان هناك مؤسسات تعتني بكبار السن ولكن نحتاج للمزيد، لأنه كما ذكرنا سابقاً ان نسبة كبار السن تصل الى 10 بالمئة وهي ليست نسبة ضئيلة. كما ان ذلك لا يكفي بل يجب التعاون مع القطاع الرسمي وبخاصة البلديات، وهنا نطرح تساؤلات عديدة: أين البلديات من كبار السن؟ وهناك العديد من الأمور يجب ان تهتم بها ايضاً الدولة بما يتعلق بكبار السن في لبنان، فمثلاً اين هو قانون ضمان الشيخوخة؟ وغيره من الأمور التي يحتاجها كبار السن؟ يجب ان تتكاتف الجهود من قبل الجهات المعنية لتوفير الرعاية للمسنين.