تفاصيل الخبر

 4 مهمات أساسية أمام السفير البابوي الجديد في لبنان: ”تنقية“ العلاقات الثنائية وتعزيز ”الشراكة“ الكنسية و”ضبط“ الأداء الرهباني وتفعيل الحوار المسيحي ــ الاسلامي!

29/06/2018
 4 مهمات أساسية أمام السفير البابوي الجديد في لبنان: ”تنقية“ العلاقات الثنائية وتعزيز ”الشراكة“ الكنسية  و”ضبط“ الأداء الرهباني وتفعيل الحوار المسيحي ــ الاسلامي!

 4 مهمات أساسية أمام السفير البابوي الجديد في لبنان: ”تنقية“ العلاقات الثنائية وتعزيز ”الشراكة“ الكنسية و”ضبط“ الأداء الرهباني وتفعيل الحوار المسيحي ــ الاسلامي!

السفير البابوي الراعيمع تقديم السفير البابوي الجديد في لبنان المونسنيور <جوزف سبيتاري> أوراق اعتماده الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يوم الثلاثاء الماضي في قصر بعبدا، تطوى صفحة ملتبسة من العلاقات بين لبنان والكرسي الرسولي، لتفتح صفحة جديدة يأمل كل من لبنان والفاتيكان أن تعود الى صفائها كما كانت لسنوات خلت شكت خلالها الدوائر البابوية من خلل في التعامل والتعاطي، علماً ان العلاقات بين لبنان والفاتيكان كانت متميزة عبر التاريخ لأن للبنان مكانة خاصة في الحاضرة الكاثوليكية لاعتبارات عدة أبرزها كون هذا البلد ملتقى الحضارات مسيحية واسلامية، ويضم مكونات من الطوائف المختلفة ما يجعله، حسب رأي الكرسي الرسولي نموذجياً.

السفير البابوي الجديد الذي تأخر وصوله الى بيروت زهاء ثمانية أشهر، أتى حاملاً معه رسالة من الأب الأقدس الى اللبنانيين تؤكد اهتمام البابا بالاستقرار في لبنان وبأن يبقى ــ كما أراده البابا القديس الراحل <يوحنا بولس الثاني> ــ وطن الدور والرسالة. ولعل ما يمكن أن يسهل مهمة السفير الجديد كونه من جزيرة مالطا التي بدأ تاريخها منذ ثلاثة آلاف عام مع وصول الفينيقيين إليها، الأمر الذي يقيم شراكة تاريخية بين لبنان ومسقط رأس القاصد الرسولي الجديد.

وتحدثت مصادر روحية ان أمام السفير البابوي الجديد مهمات عدة، بعضها سياسي وطني، والبعض الآخر روحي وتنظيمي، والبعض الثالث يرتبط مباشرة بالحوار بين الأديان انطلاقاً من الدور الذي تلعبه الفاتيكان في التواصل مع الطوائف الاسلامية وتشجيع حوارها مع الطوائف الأخرى. وهذا يعني ــ حسب المصادر نفسها ــ ان أمام المونسنيور <سبيتاري> أكثر من مهمة عليه أن يتولاها خلال وجوده في بيروت.

<تصحيح> العلاقات الثنائية...

أولى هذه المهمات، إعادة المياه الى مجاريها بين لبنان والكرسي الرسولي بعدما <تعوكرت> لأشهر خلت بعد أزمة تعيين سفير اتهم بانتمائه الى الماسونية، ثم تعيين سفير آخر أحيل الى التقاعد بعد أربعة أشهر من تقديمه أوراق اعتماده، إضافة الى التأخير في تعيين سفير أحيل قبل تسمية النائب فريد الياس الخازن سفيراً لدى الكرسي الرسولي. وفي هذا السياق تقول المصادر الروحية ان التأخير المتعمد في انتقال السفير البابوي الجديد الى مركز عمله في لبنان كان رداً على التأخير في تعيين سفير أصيل للبنان في الفاتيكان الذي <أطلق سراح> المونسنيور <سبيتاري> بعدما تبلغ تعيين النائب السابق الخازن. وقد حاول لبنان <تصحيح> العلاقة مع الكرسي الرسولي حين سارع الى تكليف السفير اللبناني السابق في <الأونيسكو> الدكتور خليل كرم القيام بمهمة ديبلوماسية على رأس البعثة اللبنانية لدى الكرسي الرسولي الى حين <جهوزية> السفير الجديد الخازن الذي يتوقع أن يلتحق بمركز عمله خلال الأسابيع القليلة المقبلة بعدما مهّد له السفير كرم الأجواء الملائمة ليكون مرحباً به لدى الفاتيكان.

ويتوقع المعنيون ان تترجم عودة المياه الى مجاريها بين لبنان والكرسي الرسولي من خلال زيارة يتوقع أن يقوم بها مسؤول بابوي رفيع الى بيروت خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة حاملاً رسالة دعم بابوية للمسؤولين اللبنانيين تركز خصوصاً على الموقف اللبناني من ملف النازحين السوريين، لاسيما وان وزير خارجية الفاتيكان المونسنيور <كالاغار> كان وجه إشارات ايجابية حيال الموقف اللبناني من ملف النازحين ترك صدى مريحاً لدى الادارة الديبلوماسية اللبنانية.

ثاني هذه المهمات، تتعلق بالعلاقة بين الكنائس الكاثوليكية الشرقية والكرسي الرسولي لجهة إعادة رسم أسس هذه العلاقة لمزيد من <الشراكة> بين هذه الكنائس والدوائر الفاتيكانية بعدما لاحظت روما ان بعض <التفلت> حصل في هذه <الشراكة> خصوصاً لجهة إدارة شؤون هذه الكنائس وأوقافها من دون الحصول على أذونات مسبقة من الدوائر المعنية في مجمع الكنائس الشرقية واستطراداً الادارة البابوية. ذلك ان المطلعين يقولون ان تقارير وردت الى روما عن اقدام بعض القيمين على إحدى الكنائس الكاثوليكية في لبنان على التصرف بأملاك عائدة لهذه الكنيسة من دون الحصول على اذن مسبق من الدوائر البابوية، وقد تكرر هذا الأمر مرات عدة. ويتوقع ان يتولى السفير الجديد عملية <تصحيح> بعض ما يسميه الكرسي الرسولي <ممارسات خاطئة ومتسرعة> لأن التفويض المعطى للمونسنيور <سبيتاري> متعدد الوجوه والفعالية.

 

... و<ضبط> أداء الرهبانيات

ثالث هذه المهمات يرتبط بأوضاع الرهبانيات الكاثوليكية عموماً والمارونية خصوصاً التي تشكو الفاتيكان من حصول ممارسات <منفرة> دفعت بالكرسي الرسولي الى التدخل لعزل هيئات رهبانية قبل انتهاء ولايتها، وتعيين هيئات جديدة حيناً بقرار بابوي مباشر، أو بـ<تركيب> مجالس جديدة للرهبانيات المشكو منها مع المحافظة على الانتخابات الرهبانية ولو بالشكل. وفي هذا الإطار تصف المصادر المطلعة مهمة السفير البابوي الجديد بـ<الاصلاحية> لإعادة هذه الرهبانيات الى <الصراط المستقيم> من خلال فرض رقابة مباشرة على أداء مجلس الرهبانيات و<عزل> بعض الرهبان من مواقع المسؤولية عند الضرورة. و<الانتهاكات> المسجلة في هذا الإطار تتناقض مع نذور العفة والتقشف والمظاهر المادية التي تقوم عليها أساساً مبادئ العمل الرهباني. ويتحدث المطلعون عن وجود تقارير تمتلئ بها أدراج الدوائر الفاتيكانية عن ممارسات لبعض الرهبان بعضها موثق بالأدلة الثبوتية التي وصلت أحياناً الى أدلة بالصوت والصورة!

ويبدو ان سياسة ضبط عمل بعض الرهبانيات سيتولاها السفير الجديد مباشرة بمعاونة طاقم روحي سينتقل من الكرسي الرسولي الى بيروت في <زيارات> رسولية غايتها الأولى والأخيرة إبراز تشدد الكرسي الرسولي في أي خلل يمكن أن يحصل في المستقبل، إضافة الى التحقيق بحوادث و<ارتكابات> بعضها غير مادي فقط، لاسيما وان البابا <فرنسيس> بات يتشدد في محاسبة رجال الكهنوت الذين يرتكبون ممارسات تتناقض مع تعاليم الكنيسة، وقد عُرف بعض هذه الممارسات و<أبطالها>، وأُبقي البعض الآخر بعيداً عن الإعلام.

الحوار المسيحي ــ الاسلامي

 

رابع هذه المهمات يتعلق بالحوار المسيحي ــ الاسلامي، وانفتاح الكرسي الرسولي على الطوائف الأخرى، ولاسيما منها الطوائف الاسلامية، انطلاقاً من تشجيع البابا <فرنسيس> للحوار بين الأديان السماوية الاسلامية والمسيحية على حد سواء، وهو الذي عزز الدائرة المعنية بهذا الحوار في الكرسي الرسولي. وستتجلى مظاهر الاهتمام البابوي، بسلسلة لقاءات ينوي السفير الجديد القيام بها مع المرجعيات الاسلامية بعد ان تسلم الرئيس عون أوراق اعتماد السفير الجديد وبات بامكانه القيام بالزيارات البروتوكولية التي يجريها عادة السفراء الجدد. ولن يكون من الصعب على السفير البابوي الجديد القيام بهذا التواصل طالما ان الجهات المعنية قد توافقت على تسهيل مهمته وهو الذي مارس عملياً تنظيم لقاءات حوارية في عدد من الدول التي خدم فيها.

في أي حال فإن لبنان على أبواب مرحلة متجددة من العلاقة مع الفاتيكان الذي اختار بعناية سفيره في بيروت وأوفده في مهمات دقيقة وحساسة قد لا تكون سهلة عليه بادئ الأمر، لكن طالما انها إرادة البابا، فإن من الصعب على أحد <التمرد> على توجهات الأب الأقدس أو تجاهلها. ولأن سمعة السفير البابوي <سبيتاري> قد سبقت وصوله فإن <المشاغبين> على مهمته قد ينتهي بهم الأمر بأن يصبحوا <مشاركين> في تحقيق ما أتى من أجله. وان غداً لناظره قريب!