تفاصيل الخبر

4 أسباب دفعت عون الى استخدام المادة 59 من الدستور لأول مرة: حتمية التمديد إذا اكتمل النصاب ورفض تجاهل رئيس الدولة وعدم تشاور رئيس المجلس معه وتقارير عن ضرب الاستقرار!

21/04/2017
4 أسباب دفعت عون الى استخدام المادة 59 من الدستور لأول مرة: حتمية التمديد إذا اكتمل النصاب ورفض تجاهل رئيس الدولة  وعدم تشاور رئيس المجلس معه وتقارير عن ضرب الاستقرار!

4 أسباب دفعت عون الى استخدام المادة 59 من الدستور لأول مرة: حتمية التمديد إذا اكتمل النصاب ورفض تجاهل رئيس الدولة وعدم تشاور رئيس المجلس معه وتقارير عن ضرب الاستقرار!

 

 

A--Bلم يكن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يرغب في استعمال حقه الدستوري الذي ضمنته له المادة 59 لجهة تأجيل انعقاد مجلس النواب الى حد لا يتجاوز شهراً واحداً، لولا تضافر عدة أسباب دفعته الى اتخاذ هذه الخطوة قبل ساعات قليلة من حلول ليل الأربعاء 12 نيسان/ أبريل 2017. والذين كانوا على اطلاع على خطوة الرئيس عون عاشوا معه ساعات من القلق حول ما يمكن أن يتركه هذا القرار من مضاعفات لاسيما على علاقة رئيس الجمهورية برئيس مجلس النواب نبيه بري، لاسيما وأن الرئيس عون هو أول رئيس يستعمل هذا الحق الدستوري منذ العام 1926، على رغم أن الذين تناوبوا على رئاسة الجمهورية كانوا يتجاوزون نص المادة 59، ومنهم من استعمل حقه في حل مجلس النواب لاسيما الرؤساء بشارة الخوري وكميل شمعون وفؤاد شهاب. أما في مرحلة ما بعد <اتفاق الطائف> فلم <يقترب> أي رئيس من المادة 59 على رغم <المواجهات السياسية> التي وقعت بين الرؤساء الياس هراوي وإميل لحود وميشال سليمان والكتل النيابية بالمفرق أو بالجملة.

وحده الرئيس عون لجأ الى المادة 59 وهو يدرك أبعاد هذه الخطوة، لاسيما وقد سبق له أن استخدم أيضاً صلاحياته الدستورية في عدم توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة الى انتخابات نيابية تجري وفق <قانون الستين> النافذ، وذلك بعد ما وصله المرسوم مقروناً بتوقيعي رئيس الحكومة ووزير الداخلية، فلماذا أصرّ الرئيس عون على تطبيق المادة 59 من الدستور؟

مصادر مواكبة لذلك اليوم <التاريخي> في حياة اللبنانيين السياسية، أكدت لـ<الأفكار> أن الرئيس عون طبق المادة 59 من الدستور لأسباب عدة.

حتمية حصول التمديد

 

السبب الأول: أدرك رئيس الجمهورية أن انعقاد مجلس النواب في 13 نيسان/ ابريل وعلى جدول أعماله اقتراح القانون الذي تقدم به النائب نقولا فتوش بالتمديد للمجلس سنة كاملة تنتهي في 18 حزيران/ يونيو 2018، سيؤدي حتماً الى حصول التمديد ولو نال الاقتراح أكثرية 33 صوتاً، أي نصف الأكثرية الموصوفة (64 نائباً) زائداً واحداً، لأن الكتل التي كانت ستشارك في جلسة التمديد، يمكن أن تؤمن هذا العدد من الحضور ومن المقترعين المؤيدين للتمديد، وربما أكثر، وهذا يعني أن الرئيس سيكون إذ ذاك أمام خيار بين امرين: إما القبول بالتمديد، وهذا أمر مستحيل بالنسبة الى الرئيس عون، أو رد القانون الى مجلس النواب لإعادة درسه ضمن مهلة لا تتجاوز خمسة أيام لأن اقتراح القانون اقترن بصفة المعجل المكرر التي تعطي لرئيس الجمهورية مهلة خمسة أيام لاتخاذ القرار في صدده، فيعود مجلس النواب ليصوّت عليه ولو بالأكثرية العادية، أي 65 صوتاً ويصبح نافذاً حكماً. وفي هذه الحال لا يعود أمام الرئيس إلا استعمال حقه الدستوري بالطعن بالقانون بعد نشره في الجريدة الرسمية، أمام المجلس الدستوري. إلا أن للرئيس عون تجربة قاسية مع المجلس الدستوري منذ أن كان رئيساً لتكتل التغيير والإصلاح، ورئيساً للتيار الوطني الحر، حين طعن بقانوني التمديد الأول والثاني لمجلس النواب، فعطل السياسيون في المرة الأولى المجلس الدستوري وحالوا دون انعقاده بالضغط على ثلاثة من أعضائه، ورد المجلس في المرة الثانية الطعن تحسباً من حصول فراغ في المؤسسة التشريعية الأم أي مجلس النواب، على رغم إقراره في مطالعة غير مسبوقة بعدم دستورية التمديد.

 

لماذا تجاوز الرئيس؟

السبب الثاني: شعور الرئيس عون أن ثمة من يريد إحراج رئيس الجمهورية، وربما <كسره> من خلال التمديد لمجلس النواب، مع علم هؤلاء أن الرئيس يعارض بشدة التمديد، وأعلن ذلك مراراً أمام جميع زواره، لبنانيين كانوا أم عرباً أم أجانب، إضافة الى التزامه في خطاب القسم إجراء الانتخابات النيابية على أساس قانون انتخابي جديد. ومع ذلك فإن هذا <البعض> - كما يقول قريبون من الرئيس عون - تمادى في <استفزاز> رئيس الجمهورية ومحاولة <حشره في الزاوية>، وهو ما لم يقبل به الرئيس عون في تاريخه السياسي وقبل ذلك في حياته العسكرية. وقد أدرك رئيس الجمهورية - كما يقول القريبون منه - إن <اللعبة> سوف تتجاوز مسألة التمديد لمجلس النواب الى تكريس واقع قديم في التعاطي مع رؤساء الجمهورية لاسيما بعد <اتفاق الطائف>، ما يحدث خللاً أساسياً في الثوابت الوطنية المحددة في <وثيقة الوفاق الوطني>، لاسيما لجهة الفصل بين السلطات وتوازنها وتعاونها في ما بينها. وقد شعر الرئيس عون ان ثمة من يعمل على إحداث خلل كبير في التوازن بين السلطات لجهة تغليب السلطة التشريعية على سلطة رئيس الجمهورية وصلاحياته، واستطراداً على السلطة التنفيذية التي يمثلها رئيس الحكومة ومجلس الوزراء. وهذا الواقع يرفض الرئيس عون تكريسه مهما كانت النتائج والمضاعفات لأن فيه الكثير من هيبة رئيس الدولة لجهة كونه رمز وحدة البلاد.

 

<فتور> وعدم تشاور

 

أما السبب الثالث فهو مرتبط الى حد ما بالسبب الثاني، ويتصل بالعلاقة <غير الطبيعية> التي تسود بين الرئيس عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري والتي <تتجلى> خصوصاً في أداء وزراء حركة <أمل> من جهة، ومداولات مجلس الوزراء من جهة ثانية، إضافة الى <تاريخ> غير مريح من التجاذبات بين الطرفين. ويقول القريبون من الرئيس عون إن الرئيس بري أكثر في المدة الأخيرة من توجيه <الرسائل المشفّرة> حيناً و<الواضحة> أحياناً لرئيس الجمهورية مرفقة بتعليقات سياسية و<لطشات> إعلامية لا تصح بين رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي. وقد بلغت ذروة هذه الرسائل وحدّتها قبل أيام من الدعوة لانعقاد مجلس النواب من خلال تسريبات من هنا وتعليقات من هناك حول <تراجع> رئيس الجمهورية عن خيار النسبية وتأييده المختلط، ثم عودته الى النسبية تبعاً لما يطرحه وزير الخارجية جبران باسيل. وبدا أن الفتور في العلاقة بين الرئيسين انعكس توقفاً عن الاجتماعات الأسبوعية التي كان يعقدها رئيس المجلس مع رئيس الجمهورية في قصر بعبدا للتداول في الأوضاع العامة في البلاد. وفي هذا السياق، تقول مصادر مطلعة ان الرئيس بري لم يزر قصر بعبدا منذ تشكيل الحكومة والتقاط الصورة التذكارية، سوى مرة واحدة فقط تلبية للدعوة الى العشاء الذي أقامه الرئيس عون تكريماً للرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال زيارته للبنان، على رغم أن أحداثاً كثيرة استجدت كانت تفرض تشاوراً مباشراً بين الرئيسين.

إلا أن أكثر ما ازعج الرئيس عون هو لجوء الرئيس بري الى تحديد موعد الجلسة النيابية وإدراج بند التمديد لمجلس النواب من دون التشاور معه في الموضوعين على رغم أن الرئيس بري يعرف موقف الرئيس عون من مسألة التمديد، وكان الأجدر به أن يتصل برئيس الجمهورية ويتشاور معه في هذا الموضوع الحساس والأساسي في الحياة السياسية اللبنانية، إلا أن <أبو مصطفى> لم يفعل مفضلاً ان يعرف رئيس الجمهورية موعد الجلسة وأحد أبرز بنود جدول أعمالها من الإعلام!

 

معطيات أمنية مقلقة

والسبب الرابع الذي دفع بالرئيس عون الى تطبيق المادة 59 من الدستور كان شعوره بأن الأوضاع الأمنية ستشهد اضطرابات لاسيما بعد الدعوات التي صدرت للإضراب والتظاهر والمسيرات من جهات متناقضة سياسياً، فضلاً عن عودة <الحراك المدني> من جديد، والمخاوف الجدية من أن يتسلل أحد الى التظاهرات والتجمعات ويقدم على أعمال مخلة بالأمن يمكن أن تطيح بالاستقرار وتورط القوى الأمنية في مواجهة مع مندسين يتضرر فيها متظاهرون آمنون وتقع الواقعة بين الشعب والقوى الأمنية التي كانت لها قيادات جديدة يخشى أن يتم تحميلها مسؤولية ما قد يحصل.

وفي المعلومات المتوافرة لـ<الأفكار> في هذا السياق، أن مسؤولاً أمنياً رفيعاً أبلغ الرئيس عون ان التقارير الأمنية تحذر من اندساس مخربين في صفوف المتظاهرين، ولجوئهم الى أعمال شغب واعتداءات واستهداف القوى الأمنية من جيش وقوى أمن داخلي، وتحطيم زجاج المتاجر والسيارات وغيرها من اعمال الشغب التي تنقل التحرك الشعبي من مكان الى آخر... وقد قيّم الرئيس عون مع المسؤول الامني هذه المعطيات وخلص الى ضرورة الحؤول دون تمكين المتربصين شراً بالبلاد من تحقيق أهدافهم واستغلال الاعتراض السياسي لأعمال تخريبية. وهذا ما شجع الرئيس عون على إعطاء الأولوية للاستقرار الأمني الذي يبقى فوق كل اعتبار، لأنه يدرك أن الرئيس بري لم يكن في وارد تأجيل الجلسة، على رغم أن المعطيات الأمنية السلبية المشار إليها أعلاه وصلت ايضاً الى رئيس المجلس في اليوم نفسه، وربما قبل أن تصل الى بعبدا.

هذه الأسباب الأساسية دفعت بالرئيس عون الى اتخاذ قراره المزدوج: مخاطبة اللبنانيين من خلال رسالة مباشرة وجهها عبر الإعلام المرئي والمسموع شرح فيها أسباب استعماله للصلاحية المحددة في المادة 59، وتوجيه رسالــــــة خطيـــــــة الى الرئيس نبيـــــه بــــــري وصلت الى الأمانــــــة العامــــــة لمجلس النواب بعد ربع ساعة من انتهاء الرئيس عون من توجيه رسالته الى اللبنانيين. فنزع بذلك رئيس الجمهورية فتيل تفجيرين: الأول تفجير الحياة السياسية من خلال إبقاء الحوار للاتفاق على القانون الانتخابي، والثاني تفجير الاستقرار الأمني الذي لم يهتز مع الإلغاء الفوري للدعوات الى التظاهر والاعتصام والمسيرات السيارة.