تفاصيل الخبر

24 فنانــــاً محليــــاً وعالميـــــاً الــى الفضــــاء الـــــواسع بشعـــــار ”صمـــــــود واصــــــــــرار  خلال معـــــــرض حديقــــــة الصنائـــــــع

14/10/2016
24 فنانــــاً محليــــاً وعالميـــــاً الــى الفضــــاء الـــــواسع  بشعـــــار ”صمـــــــود واصــــــــــرار  خلال معـــــــرض حديقــــــة الصنائـــــــع

24 فنانــــاً محليــــاً وعالميـــــاً الــى الفضــــاء الـــــواسع بشعـــــار ”صمـــــــود واصــــــــــرار  خلال معـــــــرض حديقــــــة الصنائـــــــع

 

بقلم عبير انطون

5-(2)-------2

<صمود واصرار> عنوان اكدت عليه حديقة الصنائع في بيروت من خلال اعمال 24 فنانا لبنانيا ودوليا ارادوا مع <جمعية آرت ان موشيون> التي تنطلق باكورة اعمالها من خلال هذا المعرض ان يخرج الفن المعاصر من جدارن الغاليريهات والمعارض الى المساحات العامة في لبنان فيملؤها جمالا وافكارا مترجمة عبر منحوتات وتجهيزات ومجسمات وغيرها من الفنون المعاصرة تحملنا معها الى عالم جديد مبتكر.. فكيف تحولت حديقة الصنائع أو <حديقة رينيه معوّض> الى متحف في الهواء الطلق؟ وهل ستنتقل الخطوة الرائدة الى غيرها من المساحات العامة؟

منظمات المعرض رانيا طبارة ورانيا حلاوي مع المديرة الفنية ريا فرحات يشرحن الفكرة واهمية الرؤية المشتركة للفن المعاصر من خلال دوره الحاسم في مجتمعاتنا من اجل <التوعية وخلق قوة متماسكة>:

تقول رانيا طبارة:

- جمعنا فنانين من الشرق الاوسط وشمال افريقيا لعرض اعمالهم المرتبطة بالاهمية التاريخية لحديقة رينيه معوض (الصنائع) والتي اطلق عليها اسم الرئيس بعد الهجوم الذي اودى بحياته في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام 1989. تقع الحديقة في قلب بيروت ولها رمزيتها الخاصة في العاصمة اذ اضحت هذه الحديقة رمزا للصلابة والتضامن والملاقاة. اخترناها كجمعية ايمانا منا بجعلها ساحة للابداع والابتكار وتطوير الاحلام والمخيلات الخلاقة.

 تاريخياً، تم انشاء حديقة الصنائع في العام 1907 ابان الحكم العثماني، وهي تعتبر واحدة من اكبر الحدائق في العاصمة اللبنانية. في العام 2012 تم اغلاقها ليعاد افتتاحها بعد عامين من التجديدات فتمت زراعة الاشجار والزهور واعيدت الحديقة الى وظيفتها الاصلية كمنتدى للحوار والتواصل. استوحينا عرض الاعمال فيها تحت شعار <الصمود والاصرار> مع باقة من الفنانين الحديثين والمجددين، بحيث يقوم الفنانون 5-(6)-----4 العالميون المختارون بتنفيذ اعمالهم في الموقع متفاعلين مع الممارسات الفنية المحلية والمواد الموجودة في المنطقة.

وتزيد رانيا طبارة باسم المنظمات للمعرض:

- أما جمعيتنا <ارت ان موشيون> فهي جمعية غير ربحية تهدف الى تشجيع الحوار الثقافي عبر الفن في الأماكن العامة، وهي تهدف الى تشجيع جميع اشكال التعبير الفني في سياق لبناني، بحيث يجري ارساء تبادلات مع هيئات فنية دولية لتشجيع اللقاءات مع الافراد المحليين وجعل الفن في متناول الجميـــــع. فنحن نهدف اولا الى تعزيز الفن عبر اعـــــادة احيائـــــه في الفضاءات العامة، لذلك اردنا ان تنخـــــرط اعمال الفنانين المشاركين في حوار مساحة عامة تعبق بالتاريخ، وهو الحدث الاول الذي يمثل قيم الجمعية وطموحاتها، وهو في الوقت عينه استثمار للاماكن العامة ودعوة للناس لرؤية الاعمال الفنية والتفاعل معها.

 

العالم هنا!

 لينا غطمة قامت بتنظيم سينوغرافيا المشروع وهي حائزة على جائزة الهندسة المعمارية وتتبوأ شركتها مكانة مهمة في عالم الهندسة، ومن بين التصاميم التي انجزتها <المتحف الاستوني> و<برج reaimenter massena المستدام>، وكان عملها لافتاً فعلاً.

 على امتداد 22 الف متر مربع، تنتشر الاعمال الفنية لمعرض <الصمود والاصرار> ما بين المنحوتات والمنشآت والفيديو والتصميم والاداء. الفنانون المدعوون اشتغلوها بايديهم تماما كما الصناعيين الذين اتخذت منهم حديقة الصنائع اسمها كدلالة على الابداع والحرفية. <صمود واصرار> يأتي في صميم تساؤلاتنا كلبنانيين اليوم، وعليه ارادت المنظمات التأكيد على ان المصالحة ما بين الماضي المؤلم والحاضر الفوضوي ممكنة. الفنانون الاربعة والعشرون تنوعوا في اعمالهم كتنوع حديقة الصنائع بكل ما ومن فيها. عبد الرحمن كتناني (فلسطين) يقدم في المعرض جذع شجرة زيتون واسلاكاً شائكة، <آدا يو> (كازاخستان) قدم <هذيان> بالمعدن والخشب والرمل، محترف بقجة (لبنان) قدم المعدن المقولب وقماش بقجة منجد، كاثي فيديز (بلجيكا) عرضت في الصنائع بيتا جليديا للانقاذ، شوقي شوكيني (لبنان) بقي <بلا عنوان> في عمله من البلوط والخشب، غالب حويلا (لبنان) قام بورشة عمل في الخط العربي، غسان زرد (لبنان) عمل بالخشب والمعدن على <الطوطم>، هناء مالالله (العراق) تناولت <المخاطر البيولوجية>، فيما قدم همام السيد (سوريا) <مواطن الصفر>، لتسأل كارين ديبوزي (فرنسا) <ماذا يحصل> من خلال منحوتتها، وقد قدم لطفي الرمحين (سوريا) ثنائيا تجريديا من الفولاذ المقاوم للصدأ.

 اما الفنانون الاثنا عشر الآخرون فتتوزع اعمالهم ما بين <اعمدة الحكمة السبعة> مع مروان رشماوي (لبنان)، <النفق> مع مصطفى علي (سوريا)، <مقاعد النحت> مع نبيل حلو (لبنان)، <مخو. . وين مخي> من رخام <بورتو نيرو> مع رنده نعمة (لبنان)، <الملعقة> من البرونز الخام مع <توماس هاوسياغو> (المملكة المتحدة)، وتعرفنا مع <فيكا كوفا> (هولندا) الى <قوى العالم ــ هي>، اما <كزاندر سبرونكن> (هولندا) فقدمت زهرة من الحديد المطروق، فيما <كزافيه فيلان> (فرنسا) اشتغل مجسمه <يورغو> من الالومينيوم، اما يازان حلواني (لبنان) فقال <اناديكم> عبر القوارير. ومن المواد المحلية ايضا تستقر في المعرض <ارض الاطايب الدنيوية> من الطحين والفولاذ والنار لزينة حمادي (لبنان)، و<الصبار> لزياد عنتر (لبنان) من الباطون والالياف. كذلك في المعرض منحوتتان كبيرتان لفتتا الانظار، الاولى لمحترف <يوك يوك> الفرنسي والاخرى لنانسي دبس حداد، ما جعل> الافكار> تتوجه الى مبدعيهما وتسأل عنهما كنماذج جميلة عما هو معروض.

5-(16)--------1 

 بيت الورق.. و< نينتي>!

 

يقول النحات <لويس> عن قبته الكبيرة من ورق الجرائد:

- هو عمل يضم مجموعة من المهندسين تحت اسم محترف <يوك يوك> العامل في فرنسا وعاصمتها، ونقوم فيه بتصميم وبناء الانشاءات والتجهيزات والاعمال الهندسية المعمارية المختلفة. انا نحات واعمل مع الفريق. صممنا العام الماضي مجسما من خيطان الصوف كسياج لحماية ارض معينة، وقد تمت دعوتنا الى لبنان على اثره. فجديدنا اننا لا نعمل في المواد الصلبة فقط، انما نستخدم ايضا المواد المعروفة بانها غير دائمة وسريعة العطب. ولاجل المعرض في عاصمتكم الجميلة اردنا ان نقدم مشروعا رائدا وجديدا بمواد محلية وغير صلبة، ولأجل ذلك ترون اننا استخدمنا اوراق الصحف اللبنانية وجعلنا منها بيتا يمكن الايواء اليه، وهذا المسكن يشكل منحوتة في الوقت عينه، وهو بالتالي يجمع الافادة منه الى العمل الفني.

ويزيد <لويس> بالفرنسية:

- اخترنا الصحف البنانية لانها من المواد المحلية كما ذكرت ولانها تعني لنا كأوروبيين من حيث الخط العربي الذي ندرجه في اطار <الغرافيكس> ما يعطيه بعدا فنيا. ولتحقيق هذا المجسم كنا بحاجة الى الفي ورقة صحيفة وربما اكثر، وقد عملنا عليه نحن الاشخاص الاربعة المسؤولون عنه لسبعة ايام عاونا فريق من المتطوعين اللبنانيين ايضا وهم من طلاب الهندسة. يظهر هذا البيت على شكل قبة، او ربما بيت الثلج (ايغلو)، ويعتقد من يراه انه سهل الانجاز الا ان صعوبته واهميته تكمنان في التقنية المستخدمة لانجازه ورفعه بهذا الشكل.

ــ وماذا عن عوامل الطبيعة كالهواء والماء وغيرهما؟

- ستضيفه جمالاً على جمال، فإذا ما امطرت الدنيا فان اوراقه ستتبلل طبعا ومن ثم تعود لتجف ما يجعلها اكثر تماسكا وصلابة، فهذا المجسم ــ البيت ــ المنحوتة يعيش ويتأقلم مع عوامل الطبيعة حتى انه يتمايل باوراقه مع نسمات الهواء كأنه يهلل في الريح كما ترون.

جارته نانسي دبس حداد قدمت لـ<الافكار> منحوتتها بدورها قائلة:

- تعرفت بالصدفة الى رانيا وزميلاتها وتبادلنا الحديث فعرفن انني اصور واقوم بالنحت ايضا. قدمت لهن مشروعي للمعرض بناء على طلبهن واعجبن به. هذا المشروع خاص جدا اطلقت عليه اسم <نينتي> وهي الهة عند السومريين وتعتبر سيدة الحياة. اردت ان اصمم شيئا اعبر فيه عن امس حاجاتنا نحن اللبنانيين في ظل الاوضاع التي نعيشها، والتي تتطلب اعجوبة للانقاذ وتصميما على مساعدة الآخر وعونه مهما كانت الاوضاع مزرية، فكانت <نينتي> وهي ثنائية كما ترون. الاولى من دون يدين، تزنرها المسامير واعني بها الصعاب والعذاب، والاخرى التي تملك يدا واحدة تعبر عن انسان يحاول المساعدة على الرغم من ظروفه الصعبة هو ايضا، فيساعد اخاه الانسان حتى النفس الأخير، وقد جعلت قضبان الحديد امواجا واردت بها موجات تحمل رسائل.

5-(13)--------3وتزيد النحاتة بعد ابتسامة رسمها وجود طفلين ارادا التقاط صورة امام هذا <المخلوق العجيب> بالنسبة اليهما:

- عملت عليه طيلة اربعة اشهر، الواح الحديد واحدا واحدا، ومن ثم قمت بطلائه. يمكن ادراج العمل في خانة التجهيز او النحت وهو يتجه نحو فن المساحة العامة لانه كبير جدا فهو لا يناسب كثيرا الغاليري مثلا. لقد درست فنون التصوير التي نلت اجازة فيها واتجهت صوب النحت كهواية في غاليري في باريس حيث كنت اعمل قبلها في ميدان المجوهرات. شجعني صديق على خوض غمار النحت، قلقت من الخطوة في البداية الا ان الاصداء الايجابية اعطتني دفعا في هذا المجال. هذه ليست المرة الاولى التي انجز فيها منحوتة فقد سبق واقمت معرضا الا ان <نينتي> تعتبر الاكبر. افرح عندما ارى الناس تتفرس في المنحوتة وتتصور بقربها وتحتضنها كأنها صديق، فالجمهور بحاجة لرؤية الاشكال الجديدة البعيدة عن الكلاسيكيات المعروفة. اما اذا صمم احدهم شراءها فعليه ان يعرف انها تحوي حوالى الطن واكثر من الحديد وقد كلفت ناحتتها حوالى 38 الف دولار.

  

ورشة قائمة..

تستقبل العاصمة المعرض بالترحاب ويزوره الرواد بكثافة ويستمر في فتح ابوابه حتى الرابع والعشرين من تشرين الأول (أكتوبر) الحالي.. كذلك فقد استقبله لبنان رسميا من خلال وزير الثقافة ريمون عريجي الذي رأى أن <هذه التظاهرة الفنية الراقية تضفي على حديقة الصنائع نكهة حضارية ــ فنية ــ ثقافية، تحتاج إليها العاصمة، والتي تظهر ان الفن ليس ثقافة فقط، بل هو متكامل ايضا مع اعمال المجتمع>.

ولا يكتفي المعرض بالعرض بل ينظم مناقشات عامة تحرص على تسليط الضوء، من خلال اللقاءات مع الفنانين والخبراء من الفن المعاصر، على الانجازات المحلية وتأثيرها على المشهد الفني الاقليمي والدولي، بينها مثلا تنظيم ورش عمل حول دمج الخط العربي في الفن المعاصر، وورشة عمل حول الهندسة المعمارية.

والى الخطوة المقبلة لجمعية <ارت ان موشون> تتوجه جميع الانظار..