تفاصيل الخبر

10 آلاف بين محكوم وموقوف رهن التحقيق يستفيد ثلثهم من عفو خاص أو إخلاء سبيل!

09/04/2020
10 آلاف بين محكوم وموقوف رهن التحقيق يستفيد ثلثهم من عفو خاص أو إخلاء سبيل!

10 آلاف بين محكوم وموقوف رهن التحقيق يستفيد ثلثهم من عفو خاص أو إخلاء سبيل!

[caption id="attachment_76741" align="alignleft" width="359"] الرئيس ميشال عون...قرار العفو الخاص في يده[/caption]

  وزيرة العدل ماري كلود نجم تبدي هذه الأيام تفاؤلاً بامكانية الوصول الى حلول عملية تخفف من الاكتظاظ في السجون اللبنانية تفادياً لوصول وباء "كورونا" إليها مع ما يعني ذلك من كارثة صحية لن يكون في مقدور الدولة مجابهتها لاسيما وأن أعداد المساجين ليست بقليلة وإصابة أحدهم بالداء يعني حكماً الفتك بالسجناء. فالى جانب قرارات اخلاء السبيل التي بدأت تصدر قبل أسبوع والتي شملت عشرات الموقوفين، يجري العمل على انجاز مشروع عفو خاص يتم إعداده حالياً ويشمل مئات المحكومين الذين شارفت مدة محكوميتهم على الانتهاء، على رغم أن البعض يرى أن الحل الأمثل لأزمة السجون لا يتحقق إلا من خلال عفو عام يقره مجلس النواب. وفيما تؤكد الوزيرة نجم أن العمل جار على تكوين ملفات المحكومين الذين قد يشملهم مشروع العفو الخاص في حال إقراره والذي يصدر عن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون حصراً، فإن التنسيق قائم مع مديرية السجون في قوى الأمن الداخلي لتكوين ملفات تتضمن إفادات السلوك وخلاصات الأحكام ليصار بعدها الى إحالتها الى لجنة العفو الخاص ثم النيابة العامة التمييزية قبل أن يوقع رئيس الجمهورية المرسوم ويصبح نافذاً. وتعتبر وزيرة العدل أن رفع أعداد المخلى سبيلهم ــ في حال أبصر المشروع النور ــ سيكون تدريجاً بدءاً من الذي تبقى من محكوميته شهر ثم شهران الى 4 و5 و6 أشهر، ويمكن الذهاب لاحقاً الى أبعد من ذلك بعد التشاور مع رئيس الجمهورية.

 إلا ان مصادر مطلعة أبلغت "الأفكار" أن وجهة نظر الرئيس عون تختلف عما أشارت إليه الوزيرة نجم من حيث مدة المحكوميات وفرص الاستفادة من العفو الخاص، ذلك أن الرئيس عون يرى أن القاعدة التي يفترض أن تعتمد لمنح العفو الخاص، هي النسبية، بمعنى أن يمنح العفو الخاص لمن أمضى نصف سنوات محكوميته مثلاً أو ثلثها، أي أن يكون أمضى في السجن فترة زمنية تشكل عقوبة له على ما اقترفه من جرم، وبذلك يتساوى الجميع عندما تعتمد النسبية، بدلاً من اعتماد عدد الأشهر أو السنوات مثلاً، علماً أن الرئيس عون كان أبلغ المعنيين أن العفو الخاص يمنح لمرتكبي الجنح وليس الجناية، إضافة الى طبيعة الجرم الذي ارتكبه، فمن قتل عسكريين أو قام بأعمال ارهابية أو نفذ جرائم يندى لها الجبين لا يمكن أن يشمله العفو الخاص مهما كانت الاعتبارات، مع مراعاة الجوانب الانسانية والاجتماعية لمئات السجناء. وفي تقدير مصادر قضائية أن هذا التدبير استثنائي في ظرف استثنائي فرضته خطورة وباء "كورونا" وسرعة انتشاره في أماكن التجمعات وحيث يبلغ الاكتظاظ حداً كبيراً.

أرقام عن أعداد السجناء والموقوفين !

[caption id="attachment_76742" align="alignleft" width="330"] وزیرة العدل ماري كلود نجم تبدي تفاؤلاً بامكانیة الوصول الى حلول لتخفيف اكتظاظ السجون[/caption]

 وفي هذا الإطار تظهر الأرقام خطورة الوضع في السجون اللبنانية الموزعة على عدد من المناطق، فضلاً عن النظارات في مخافر وفصائل قوى الأمن الداخلي والجيش والأمن العام. وتشير الأرقام الى أنه في سجون لبنان ونظارات قصر العدل 7750 سجيناً نصفهم في 25 سجناً تابعاً لقوى الأمن ونظارات قصور العدل الست في كل محافظة. ويرتفع العدد حكماً عند احتساب الموقوفين في مخافر قوى الأمن والأمن العام والجيش حيث لا أرقام دقيقة بعد، وإن كان الرقم التقريبي يشير الى 2500 موقوف، ما يرفع عدد الأشخاص المحرومين من حريتهم (سجنا، موقوفون...) الى 10 آلاف شخص، بينهم ما نسبته 51 بالمئة من الذين صدرت أحكام في حقهم، والباقي من الموقوفين من دون محاكمة بعد. وبين السجناء 78 سخصاً تتجاوز أعمارهم الـ65 سنة، إضافة الى وجود 300 سجن في سجن رومية المركزي أحوالهم الصحية سيئة. ويشير تقرير عن أوضاع السجون أن عدد هؤلاء 7750 سجيناً في وقت لا تتسع السجون الى أكثر من 3500 ما يجعل نسبة الاكتظاظ تفوق 220 بالمئة. وهنا تبرز المشكلة الرئيسية في السجون التي تعتبر بيئة مغلقة تعاني من ازدحام شديد وانعدام التهوئة الطبيعية وظروف صحية صعبة تجعل امكانية انتشار "كورونا" كارثة صحية محققة.

وتشير مصادر قضائية الى أن العمل يرتكز على تخفيف الاكتظاظ من خلال اعتماد أولوية لاطلاق السجناء بدءاً من الذين يعانون من أمراض مزمنة، ثم كبار السن، ومدمني المخدرات (وليس مروجيها)، فالأحداث، ثم الموقوفين الذين تخطت مدة توقيفهم العقوبة التي يمكن أن تنزل بهم، وصولاً الى المحكومين الذين لم يبق لمحكوميتهم إلا فترة وجيزة، والمحكومين الذين انتهت مدة عقوبتهم ولا يملكون مالاً لتسديد الغرامة، ثم الموقوفين المحكومين بجنح قليلة الخطورة على المجتمع. وتضيف المصادر أن الخطوات التي بدأتها وزارة العدل للحد من نسبة الموقوفين، تقوم على حصر التدقيق في حالات الضرورة القصوى، ثم إطلاق آلية للاستعاضة عن المثول والاستجواب والاحضار بالتواصل الكترونياً عبر "الفيديو كول" أو "الواتساب" وغيرهما من الوسائل المتوافرة. وبعد ذلك تعطى الأولوية لمن يقدم طلبات إخلاء سبيل عبر الهاتف بالتعاون مع نقابة المحامين، فضلاً عن حظر الزيارات مؤقتاً الى السجون تفادياً لمخاطر الاحتكاك بين السجين وأفراد عائلته.

 وتلحظ خطة وزارة العدل العمل على خفض العدد قدر المستطاع للوصول الى رقم يمكن للسجون استيعابه وهو يوازي 3711 شخصاً في السجون غير الموقوفين في مخافر قوى الأمن والأمن العام والجيش. وتطبيقاً لذلك سجل الأسبوع الماضي إخلاء سبيل 223 موقوفاً من أصل 732 في سجون الشمال وعكار، كما تم استجواب 18 حالة ترك 7 منهم. أما في بيروت فقد أخلي سبيل 145 موقوفاً من أصل 486. وتتوقع المصادر القضائية أن يتم إخلاء سبيل نحو 3 آلاف سجين وموقوف ممن لا يشكلون خطراً على المجتمع. أما عدد الذين يمكن أن يشملهم العفو الخاص فيناهز 630 محكوماً بينهم 111 محكوماً معفياً من الغرامة.

ويعاني القضاة من غياب الملفات الالكترونية للمحكومين والسجناء ما يجعل من الصعب معرفة تفاصيل دقيقة عن ظروف محاكمتهم والمهل الدقيقة المتبقية لهم في السجن وغيرها من المسائل التي تحتاج الى معالجة في المستقبل، علماً أن الوقت يدهم راهناً ولا بد من إجراءات سريعة لتفادي مضار الاكتظاظ لاسيما وأن في سجن رومية فقط 1316 موقوفاً و2379 محكوماً أي ما مجموعه 3695 نزيلاً في السجن المركزي الذي يستوعب أكثر من طاقته، ما يحتم الاسراع في إيجاد الآلية التي تخفف من نسبة الاكتظاظ فيه.

 ويرى متابعون أن العفو الخاص الذي يبقى قراراً في يد رئيس الجمهورية ليس بديلاً عن العفو العام، لكن الأخير غير متاح تحقيقه الآن وإن كان يصفه الحقوقيون بـ"الحل الأمثل" في الظروف الصحية التي يمر بها لبنان.