بقلم وردية بطرس
طبيب الأورام الدكتور "ناثان بينيل": على الجميع اتقاء المرض بتجنّب تعريض الرئتين للمواد المسرطنة
ينشأ سرطان الرئة شأنه شأن بقية أنواع السرطانات عندما يصيب الخلل والاضطراب الفعاليات الطبيعية لانقسام الخلايا وتكاثرها وهو الأمر الذي يفسح المجال لحدوث نمو غير طبيعي وخارج عن السيطرة لبعض تلك الخلايا بحيث تنمو تلك الخلايا لتكون ما يشبه الكتلة او الورم. وتجدر الاشارة الى أن أي نمو غير طبيعي يتكون في الجسم ويبدأ باجتياح أو غزو الأنسجة والأعضاء المجاورة له ويبدأ بالانتشار في أجزاء أخرى من الجسم أو اذا تميز ذلك التكتل أو الورم بالقابلية على العودة والنمو مجدداً بعد استئصاله فيسمى عندئذ ورماً خبيثاً أو سرطانياً.
وقد يستهلك سرطان الرئة سنوات عدة لكي يتطور ويظهر كمرض. ويعد تدخين السجائر أكثر عوامل الخطر شيوعاً التي تؤدي للاصابة بسرطان الرئة، والكثير من الأفراد الذين يتعرضون لدخان السجائر أو يستنشقون مكوناته ينتهي بهم الأمر الى حدوث تغييرات غير طبيعية ومزمنة في الرئتين ويمكن لتلك التغييرات أن تتسبب في نشوء أورام سرطانية تنمو داخل الرئة. وقد لوحظ أن 25 في المئة من المجموع الكلي لحالات سرطان الرئة في عموم العالم يتم تشخيصها واكتشافها في أفراد لم يسبق لهم أن دخنوا السجائر. أما السبب الكامن وراء اصابة هؤلاء الأفراد بهذا المرض فليس معروفاً على وجه التحديد. ووجد أيضاً بأن فردين من بين كل ثلاثة أفراد من المصابين بسرطان الرئة تبلغ أعمارهم أكثر من 65 سنة. ومن المعلوم أيضاً أن الفئة العمرية الأوسع ممن يتم تشخيص اصابتهم بهذا المرض هي فئة 70 عاماً.
سرطان الرئة أكثر الأمراض الخبيثة شيوعاً في العالم
يُعتبر سرطان الرئة أكثر الأمراض الخبيثة شيوعاً في مختلف أنحاء العالم، حيث يتم تشخيص أكثر من مليون حالة منه سنوياً، وتشير الاحصائيات الى أن أعداد الذين يتوفون بسبب سرطان الرئة يشكلون أكبر نسبة بين المتوفين نتيجة أنواع السرطان الأخرى سواء أكانوا من الرجال أو النساء. ويتم تشخيص فرداً واحداً من بين كل 14 فرداً ولدوا حديثاً بسرطان الرئة والقصبات الهوائية في مرحلة ما في حياتهم بغض النظر عن نوع جنسهم.
وبشكل عام يبدأ القلق والشك من احتمال اصابة فرد ما بسرطان الرئة عندما يتم ملاحظة نتائج غير طبيعية تظهر عند فحص ودراسة الصور الشعاعية المأخذوة لمنطقة صدر الفرد المعني مثل صور الأشعة السينية والتصوير المقطعي المحوسب أو عندما يكون المرض قد وصل مرحلة متقدمة بحيث تبدأ بعض أعراض المرض بالظهور مثل السعال وضيق التنفس وآلام الصدر والشعور بالتعب وفقدان الوزن.
وتتطلب عملية تشخيص مرض سرطان الرئة أخذ عينة أو خزعة وتحليلها أو استئصال قسم من خلايا أو نسيج الكتلة أو الورم المشكوك بأمره. ومن الممكن أخذ الخزعة المطلوبة بواسطة المنظار المزود بكاميرا ويتم ايلاجه عبر القصبات الهوائية وذلك ضمن اجراء يُسمى تنظير القصبات والشعب الهوائية أو يمكن استخدام ابرة خاصة يتم ادخالها عبر الجلد وصولاً الى موضع الورم في الرئة. وأما في حالة عدم نجاح هذه الاجراءات الطبية فيتم اللجوء الى التداخل الجراحي بهدف تحقيق عملية التشخيص بالشكل المطلوب. وهكذا فان أخذ الخزعة ودراسة تركيبها تغدو عملية ضرورية للتأكد من وجود السرطان من عدمه وكذلك لتحديد نوع سرطان الرئة لدى المريض.
طبيب الأورام الدكتور "ناثان بينيل" السجائر السبب الأول للاصابة بسرطان الرئة
بداية يؤكد طبيب الأورام الدكتور "ناثان بينيل" أن غير المدخنين عرضة كما المدخنين للاصابة بسرطان الرئة ويقول:
يعدّ تدخين السجائر السبب الأول للاصابة بسرطان الرئة. لذا أحذّر من أن التدخين السلبي والتعرّض للأسبستوس أو غاز "الرادون" ووجود تاريخ عائلي مرضي، كلها عوامل قد تؤدي الى الاصابة بهذا المرض. الكثير من الناس يظنون أن سرطان الرئة ينجم عن تدخين السجائر فقط، ولا يعتبرون أن مرضى سرطان الرئة هم مثل غيرهم من مرضى السرطان الآخرين كالمصابين بسرطان الثدي مثلاً. فالغالبية العظمى من الأشخاص الذين يموتون بسبب سرطان الرئة يكونون قد أقلعوا عن التدخين قبل مدة طويلة من تشخيصهم بسرطان الرئة. وللأسف يعتبر البعض أنها وصمة عار كبيرة مرتبطة بالاصابة بسرطان الرئة، لأن غالبية الأشخاص الذين يموتون بسببه اما مدخنون أو مدخنون سابقون. ان تعريض الرئتين للمواد المسرطنة يمكن أن يؤدي الى الاصابة بسرطان الرئة، لذا ندعو الجميع الى اتقاء هذا المرض. يعدّ دخان التبغ من أكثر المواد بعثاً على الادمان، ومع أن كثيراً من الناس يصبحون مدمنين في سن المراهقة فما من أحد يستحق أن يموت بسرطان الرئة سواءً أكان مدخناً أم لا.
أفتك أنواع السرطان أقلها تمويلاً
وعن صعوبة الحصول على التمويل يشرح:
يعدّ سرطان الرئة وفقاً للصندوق العالمي لأبحاث السرطان، ثاني أكثر أنواع السرطان شيوعاً في العالم. ولكن الباحثين يستصعبون الحصول على التمويل اللازم لاجراء الأبحاث الكفيلة بايجاد علاج له بسبب وصمة العار المرتبطة به. ان للتمويل العام علاقة وطيدة بالرأي العام، والرأي العام لا يدعم سرطان الرئة مثلما يدعم ما يسمى ب "أمراض السرطان غير مثيرة للملامة"، مثل سرطان الثدي أو سرطان البروستات. لكن هذه الأنواع من السرطان لديها أيضاً عدد أكبر بكثير من الناجين الذين يمكنهم دعم حصولها على التمويل.
دراسة "جامعة نورث وسترن"
وعن دراسة "جامعة نورث وسترن" في الولايات المتحدة:
وجدت الدراسة أن نقص التمويل اللازم لمكافحة أنواع السرطان الشائعة، مثل سرطان الرئة قد يؤثر سلباً في الأبحاث وتطوير الأدوية وعدد الموافقات الصادرة عن ادارة الغذاء والدواء، فيما يختص بأمراض السرطان ضعيفة التمويل.
لا يوجد عدد كاف من الناجين من سرطان الرئة للمطالبة بالتغيير، وحتى القلّة من الناجين غالباً ما يلومون أنفسهم، لذلك هناك نسبة أقل من الناجين المستعدين لسرد قصصهم. وبالرغم من صعوبات التمويل فقد أحرز الطب تقدماً في تشخيص سرطان الرئة وعلاجه ومن ذلك الاختبار الجيني.
أنواع عديدة من سرطان الرئة
وعن أنواع عديدة من سرطان الرئة يقول:
ان ثمة أنواعاً عديدة من سرطان الرئة بحيث أن الاختبارات الجينية ساعدت الباحثين على تطوير علاجات تستهدف أنواعاً معينة من الخلايا السرطانية. من شأن العلاجات المعتمدة على نظام المناعة والتي يصبح فيها الجهاز المناعي مهيأ لمهاجة الأورام، مساعدة مرضى سرطان الرئة على العيش لفترة أطول. وقد تمت الموافقة على عدد من هذه العلاجات لأنواع أخرى من السرطان. كما أن الكشف عن سرطان الرئة باستخدام فحوصات التصوير المقطعي المحوسب منخفض الجرعات، والتي تساعد على تحديد الاصابة في مرحلة مبكرة وأكثر قابلية للشفاء قد قلّلت أيضاً من الوفيات الناجمة عن سرطان الرئة.
الوقاية من سرطان الرئة
وعن الوقاية من سرطان الرئة يقول:
بينما لا يمكن الوقاية من جميع أنواع سرطان الرئة، بوسع الأفراد اتخذا بعض الاجراءات التي قد تقلل من أخطار الاصابة مثل الاقلاع عن التدخين، لأن منافعه تتجاوز التغييرات الخارجية، واذا توقف المدخن عن التدخين لمدة 10 سنوات فان خطر اصابته بسرطان الرئة سيقلّ الى حوالي مستوى نصف خطر الوفاة لدى المدخن، الا أنه بوسع الناس تجنّب التعرض للمواد الكيميائية مثل "الأسبستوس" و "الرادون" أو تقليله. لهذا أشجع الناجين من سرطان الرئة ولا سيما الذين لم يدخنوا مطلقاً على الدعوة لاجراء أبحاث حول هذا المرض، والاعلان عن التقدم المحرز في شأنه وهذا مهم للجميع، لا للمدخنين وحدهم.