بقلم وردية بطرس
تضاعف عادة احتمالية الاصابة بالتسمم الغذائي في فصل الصيف، نظراً لارتفاع درجات الحرارة والرطوبة، وانتقال أنواع من الأمراض عن طريق الغذاء الملوث، حيث تزداد نسبة تعرض الأغذية للتلف. فالتسمم الغذائي من أهم المشكلات الصحية التي يمكن أن تصيب الانسان في أشهر الصيف، حيث يزداد في هذه الفترة من السنة مع ارتفاع درجات الحرارة تلوث الطعام بالجراثيم، لأن الجراثيم تتكاثر بشكل أسرع في الأجواء الدافئة والرطبة.
وتؤكد الدراسات أن أحد أنواع البكتيريا تؤدي الى عدد كبير من حالات التسمم الغذائي، وهو السبب وراء النوع الأكثر شيوعاً من أمراض الجهاز الهضمي، وان العلماء حصروا البكتيريا الرئيسية المسببة للتسمم الغذائي. فتلوث الغذاء يعد من أكثر الأسباب التي تسبب التسمم الغذائي، ويحدث عادة بسبب عدم طهي الطعام جيداً، خصوصاً اللحوم ،وعدم تخزين الطعام بشكل جيد، وحفظ الطعام المطبوخ من دون تبريد فترة طويلة، وتناول الطعام الذي لمسه شخص مريض أو كان على اتصال بشخص مصاب بالاسهال والقيء، بالاضافة الى انتقال التلوث حيث تنتشر البكتيريا الضارة بين الطعام والأسطح والمعدات. وقد يحدث تلوث متبادل على سبيل المثال عند اعداد الدجاج النيء على لوح التقطيع، وعدم غسله وتعقيمه جيداً قبل استخدامه لتقطيع الخضار، حيث تنتشر أنواع البكتيريا الضارة من التقطيع السابق، ناهيك عن الخضراوات والفواكه الملوثة والأغذية الحيوانية غير المطهية.
الدكتور سامر خليفة وأعراض التسمم الغذائي
فما هي أعراض التسمم الغذائي؟ ولماذا تكثر حالات التسمم الغذائي في فصل الصيف، وغيرها من الأسئلة طرحتها "الأفكار" على الاختصاصي في أمراض الجهاز الهضمي الدكتور سامر خليفة ونسأله:
* ما هي أعراض التسمم الغذائي؟ وهل تظهر الأعراض نفسها لدى جميع الناس؟
- أعراض التسمم الغذائي هي: التقيؤ، ألم في البطن، الاسهال، ويُضاف اليها عارض آخر وهو الشعور بالدوخة. وأحياناً يحدث تنميل في بعض الأطراف ولكن حدوثها أقل بكثير. وعادة التسمم الغذائي يحدث بعد ساعات من تناول الطعام الذي سبب هذا التسمم، وهناك حالات تحدث بعد أيام وقد تكون بعد ساعات، علماً بأن فرقاً بين التسمم الغذائي و "Gastroenteritis"
او التهاب المعدة والامعاء الذي يحدث بعد أيام رغم ان الأعراض هي نفسها عند الاصابة بالتسمم الغذائي والتهاب المعدة والامعاء. فمثلاً اذا كان الشخص يحضّر الكريما وهو مصاب بالتهاب في اصبعه فاذا جرح اصبعه وتواجدت بكتيريا "Staphylococcus"
على يده فتنتقل البكتيريا الى الطعام، وهناك 30 في المئة من الناس لديهم بكتيريا "Staphylococcus"
في الأنف، وبالتالي اذا عطس على الكريما التي يحضّرها من ثم تركها خارج الثلاجة لمدة ثلاث ساعات عندها تقدر هذه البكتيريا ان تتكاثر وتخرج السموم، فاذا تناول منها الشخص حتى لو طُبخت فلن تزول عنها سموم هذه البكتيريا، لذا بعد مرور ساعة الى 6 ساعات من تناولها يبدأ الشخص بالتقيؤ، واجمالاً يتحسن وضعه خلال 24 ساعة.
التسمم الغذائي في فصل الصيف
* ولماذا يحدث التسمم الغذائي في فصل الصيف أكثر من بقية الفصول؟
- يحدث التسمم الغذائي في فصل الصيف أكثر من بقية الفصول، لأنه في هذا الفصل ومع ارتفاع درجات الحرارة تتكاثر البكتيريا أكثر على الأسطح. فعلى سبيل المثال اذا بقي الطعام على الطاولة لأكثر من ساعة وكانت درجة الحرارة ما فوق 32 درجة بهذه الحالة هناك خطورة ان تتكاثر البكتيريا ويؤدي ذلك الى حدوث المشاكل، وبالتالي تزداد حالات التسمم الغذائي في فصل الصيف أكثر. وليس فقط في فصل الصيف بل خلال فترات الأعياد عندما تُعد أطعمة كثيرة ويجد الناس انه تبقى طعاماً كثيراً بعد الأعياد فيحتفظون به، وبالتالي يعرّضون أنفسهم لتسمم غذائي اذا تناولونها بعد يومين او ثلاثة أيام، وبهذه الحالة تكون قد تكاثرت البكتيريا داخل الأطعمة. لهذا نرى حالات التسمم الغذائي بعد الأعياد وغيرها.
علاج التسمم الغذائي
* كيف يُعالج التسمم الغذائي؟ وهل يستدعي الأمر الدخول الى المستشفى بكل الحالات؟
- عند حدوث التسمم الغذائي فلا حاجة للدخول الى المستشفى حيث يقتضي الأمر بمرور 24 ساعة، فتزول المشكلة دون الدخول الى المستشفى. فمعدل الشخص العادي الذي يُصاب بالتسمم الغذائي في أوروبا هو بين مرتين الى ثلاث مرات في السنة، وبالنسبة لعلاج التسمم الغذائي فأولاً يجب تنظيف المصران بألا يتناول الشخص الطعام لمدة تتراوح من 6 الى 8 ساعات لأنه بالأساس يعاني من التقيؤ فلن يتمكن من تناول الطعام. وأهم ما في العلاج هو ترطيب جيد اي اذا كان الشخص متقدماً في السن وصحته جيدة يقدر ان يتحمل فيشرب السوائل، ولو كان وضع الشخص دقيقاً أكثر او صغار السن فيقدروا أن يأخذوا مثل محلول الجفاف الفموي اي محلول المصل لأنه يحتوي على "بوتاسيوم" و "صوديوم"، والسكر الذي يحتاجه الجسم ويدخل الماء الى الجسم. وبحال اذا لم يدخل الماء الى جسم المريض ولم يتبوّل كفاية، ويكون لون البول غامقاً، ويمر أكثر من ست ساعات بدون ان يتبّول، واذا كانت الحرارة مرتفعة جداً فوق الأربعين درجة، واذا ظهر دم في البراز، عندها عليه ان يتوجه الى طبيبه لتوجيهه أكثر.
ويتابع:
اذاً ليس كل مريض مضطر ان يقصد الطبيب الا في الحالات التي ذكرتها. وأهم ما في الأمر معالجة الجفاف، وأيضاً يقدر ان يعالج الغثيان من خلال تناول الأدوية، وبالنسبة للمغص فبامكانه تناول مضادات لتقلص المصران للتخلص من المغص، وبالتالي يتناول المريض هذه الأدوية لتخفيف الانزعاج من ثم يبدأ يتناول الطعام بعد 6 او 8 ساعات ولكن بدون دسم ولا حليب وبلا خضراوات وفاكهة اي الامتناع عن تناول هذه الأنواع من الأطعمة، كما يقدر ان يتناول الرز واللحوم ولكن بدون دسم. كما يقدر ان يتناول الموز والتفاح لأنهما يساعدان في هذه الحالة.
* للأسف في لبنان يتناول الناس أطعمة ملوثة، فهل ذلك يساعد على مقاومة الجراثيم والبكتيريا عندما تدخل الى الجسم بعد تناول أطعمة ملوثة؟
- ليست هناك دراسات تذهب بهذا الاتجاه، ولكن نعرف أن بعض الجينات تجعل الأشخاص يلتقطون بكتيريا "السالمونيلا" أكثر من غيرهم، لأنه بالنهاية كل الأطعمة فيها بكتيريا ولكن اذا تخطى معدل البكتيريا مستوى معيناً عندها يُصاب بالتسمم الغذائي. ولهذا يُوضع الطعام في الثلاجة، وأيضاً يجب طهي الطعام بشكل جيد لكي تصبح نسبة البكتيريا قليلة، ولكن هناك أشخاصاً اذا تناولوا كمية قليلة يتعرّضون للتسمم الغذائي أكثر من غيرهم. فهناك 40 في المئة من الناس يتضررون من تناول الطعام خارج المنزل اي في المطاعم والباقي يتضررون من تناوله في البيت، اي التسمم الغذائي ليس محصوراً بفئة دون غيرها اي الجميع معرض له.
حفظ الطعام وانقطاع التيار الكهربائي
* كيف يتم حفظ الطعام لا سيما مع انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة في لبنان خصوصاً أننا في فصل الصيف ودرجات الحرارة مرتفعة جداً ارتفاع؟
- يتعلق الأمر بتحضير الطعام، قد تكون البكتيريا موجودة على الأكل او بداخل الأكل يعني قد تكون موجودة في التراب مثل "السالمونيلا" او الفيروسات الأخرى، وبالتالي يجب غسل وتعقيم الخضراوات والفاكهة بشكل جيد، طبعاً الأفضل ان تُعقم الخضراوات والفاكهة من خلال نقعها بالملح والخل، او يمكن تعقيمها بالكلور العادي او بالصابون البلدي. ثانياً على سبيل المثال عند اخراج الأمعاء من الدجاج بواسطة ماكينة فيكون بداخلها بكتيريا، لذا عند القيام بذلك تنتقل البكتيريا "السالمونيلا" اذا تم تقطيع الدجاج على لوح القص من ثم قطّع الخضار، كما هو معروف عند طهي الدجاج على درجة حرارة تزول البكتيريا ولكن عند استعمال السكين واللوح نفسهما تنتقل البكتيريا من الدجاج الى الخضراوات النية أثناء تقطيعها وعندها تدخل الى الجسم عند تناولها، وتسبب التسمم الغذائي ونسمي هذه الحالة التلوث المتبادل، وبالتالي على الشخص التنبه لهذا الأمر عند تحضير الطعام، فاذا كان الشخص الذي يحضر الطعام مريضاً او اصبعه مجروحاً او اذا عطس فبهذه الحالات تنتقل بكتيريا "Staphylococcus" الى الطعام، لذا فاذا كان مريضاً لا يجب ان يطهي الطعام.
ويتابع:
أهم ما في الأمر غسل اليدين قبل تحضير الطعام، وأيضاً يجب وضع اللحوم والدجاج في مستوعبات بلاستيكية او زجاجية في الثلاجة لفصلها عن الطعام النيء مثل الأجبان وغيرها. فهذه الطرق الوقائية ضرورية لحفظ الطعام في الثلاجة بطريقة صحية لمنع انتقال البكتيريا من اللحوم والدجاج الى الأطعمة المحفوظة بداخل الثلاجة. كما يجب طهي الطعام بشكل جيد، وتسخين الطعام يساعد اذا لم يكن طازجاً. وطبعاً الطعام لا يجب ان يبقى خارج الثلاجة لأكثر من ساعتين، ويجب تنظيف البراد كل اسبوعين بالماء والخل او بالماء و"الأودجفيل" لأن هناك بكتيريا تعيش على الأطعمة داخل الثلاجة. واذا لم يكن الشخص واثقاً من المطعم الذي يتناول فيه الأفضل يجب الا يأكل طعاماً نيئاً فيه. وطبعاً الأهم هو غسل اليدين سواء قبل تحضير الطعام او قبل تناول الطعام، لأنه تتواجد البكيتريا على اليدين وليس في الطعام فقط مما يسبب التسمم الغذائي، وأيضاً اذا سلّم الشخص على أحد وتناول الطعام دون ان يغسل يديه فيلتقط الفيروس ويسبب له التسمم الغذائي، بالتالي من الضروري غسل اليدين.