خلال الزيارة التي قام بها نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب مع ثلاثة من زملائه النواب الى الولايات المتحدة الاميركية للمشاركة في احد المؤتمرات، حرص بو صعب على الالتقاء بـــ " صديقه" الوسيط الأميركي" اموس هوكشتاين " الذي تشارك معه في انجاز اتفاق ترسيم الحدود البحرية الجنوبية والتوقيع عليه قبل ايام من انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون مع نهاية شهر تشرين الاول( اكتوبر) الماضي، وخلال اللقاء كانت استعادة لمسار المفاوضات وما اعتراها من صعوبات على اكثر من صعيد تم تذليلها في النهاية نتيجة ضغط اميركي على الجانب الاسرائيلي، وتشاور وتنسيق بين لبنان وفرنسا والولايات المتحدة. لكن الحديث سرعان مع تطرق الى ضرورة الاسراع في وضع خطة العمل التي رسمت في حينه موضع التنفيذ لاسيما وان لبنان شعر ان ثمة برودة في تنفيذ التعهدات التي كان تلقاها خلال المفاوضات. وتقول المعلومات ان بو صعب خرج من لقاءاته مع "هوكشتاين" بانطباع ان الادارة الاميركية عازمة على الوفاء بالتزاماتها تجاه لبنان في ما خص مرحلة ما بعد ترسيم الحدود البحرية الجنوبية وان اتصالات ستجري بين واشنطن وباريس للاسراع في تنفيذ ما اتفق عليه لاسيما وان لبنان لفت الى ان اسرائيل باشرت عمليا الاستفادة من امتدادات حقل "كاريش" في وقت لا يزال لبنان ينتظر بدء عمليات الحفر لاكتشاف الموقع الذي سيتم استخراج الغاز منه في حقــــل " قانا" اي في " البلوك رقم 9" في المنطقة الاقتصادية الخالصة في جنوب لبنان.
عاد بو صعب... والمسح البيئي انجز
وما ان عاد بو صعب الى لبنان حتى ابرزت وسائل الاعلام ان عمليات المسح البيئي في " البلوك رقم 9" تمت على مدى ثمانية ايام متتالية تحضيرا لعمليات التنقيب بواسطة السفينــــة " جانوس 6" وذلك بالتعاون مع شركة " توتال انيرجيز"، وان المعطيات اظهرت ان " الحقل واعد جدا" وفق ما اعلن وزير الطاقة والمياه وليد فياض بعد زيارة قام بها مع زميله وزير الاشغال علي حمية ووزير البيئة ناصر ياسين مع مسؤولين من هيئة ادارة قطاع البترول وآخرين من شركة " توتال انرجيز"، تفقدوا خلالها السفينة " جانوس 6" واطلعوا على النتائج الاولية لعمليات المسح البيئي الذي يعتبر الخطوة التنفيذية الاولى من ضمن الخطوات التي يجب اتباعها قبل التنقيب في الوزارات المعنية وشركائها اي كونسورتيوم "توتال" الفرنسية و" ايني" الايطالية و" قطر انيرجي" القطرية. وقد تركت معطيات السفينة "جانوس6" ارتياحا في الاوساط اللبنانية ولدى الشركات المعنية بعمليات التنقيب الامر الذي دفع بأوساط ديبلوماسية الى اعتبار ان ما قامت به سفينة المسح البيئي هو الخطوة العملية الاولى بعد توقيع اتفاق الترسيم ذلك ان المسح البيئي ضروري لمعرفة طبيعة تكوين البلوك 9 الذي ستجري فيه عمليات الإستخراج والتنقيب لاحقاً. كما أن الأثر البيئي مطلوب كذلك للحصول على ترخيص أو رخصة بيئية من الدولة اللبنانية، وتحديداً من وزارتي البيئة والطاقة، تحسّباً لأي طارئ بيئي قد يحدث أثناء عمليات الحفر، على أن يتبع ذلك الخطوة الأبرز وهي استقدام شركة "توتال إنرجيز" المشغّلة، الحفّارة لبدء أعمال الحفر. وفُهم من المواقف بعد الجولة الميدانية بأنّ هذه الأخيرة ستصل الى لبنان، بشكل مبدئي، في أواخر الصيف، أي في أيلول(سبتمبر) أو في تشرين الأول (أكتوبر) المقبلين، علماً بأنّ تزايد الطلب على الحفّارات عالمياً يصل اليوم الى 95 %. وتأتي "جانوس 2" للمرة الثانية الى لبنان، بعد أن كلّفتها "توتال إنرجيز" بإجراء مسح بيئي في البلوك 4 الواقع قبالة سواحل البترون، وأخيراً في البلوك 9، وقد غادرت مرفأ بيروت مباشرة بعد الزيارة التفقدية الى مرفأ مرسيليا في فرنسا. وتشمل عمليات المسح البيئي إنزال كاميرات الى أعماق البحر في المنطقة البحرية أي في البلوك 9، والتقاط الصور لمعرفة طبيعة التكوين البيئي، فضلاً عن قياس الأصوات، وما الى ذلك من أمور تقنية. وقد قامت سفينة "جانوس 2" على مدى 8 أيام بهذه المهمّة، لتحيل بعد ذلك الدراسة البيئية الى تحالف الشركات. كما الى الدولة اللبنانية الممثّلة بالوزارات الثلاث المعنية. على أن تقوم وزارة البيئة بمراجعة هذه الدراسة من قبل الاختصاصيين، وتضع الخطط للإدارة البيئية لتخفيف أي مخاطر أو أضرار على التكوين البيئي مع بدء عمليات الحفر، والقيام بالضوابط البيئية التي لا تؤخّر هذه العمليات. الحفر متوقع في تشرين الاول.
وعن العروض لاستقدام الحفّارة الى لبنان، ذكرت المعلومات، أنّ هناك خمس شركات قد تقدّمت بعروض، وستعمل شركة "توتال إنرجيز" على فضّها خلال الأيام المقبلة، لاختيار الشركة الفائزة من بينها، وتحديد موعد استقدام الحفّارة لبدء عمليات الحفر في "حقل قانا" في البلوك 9 على أنّه من المرجّح أن يكون التاريخ في تشرين الأول(أكتوبر) المقبل، نظراً لتقلّص مسألة توافر الحفّارات الشاغرة لدى شركات النفط العالمية. ولهذا ستختار الشركة التي ذات الخبرة الواسعة والتي بإمكانها استقدام حفّارة في أقرب وقت ممكن وبكلفة غير مرتفعة، علماً بأنّ تحالف الشركات قد رصد مبلغ نحو 115 مليون دولار من أجل حفر البئر في "البلوك 9". وأشارت الأوساط الى أنّه يبدو حتى الآن، أنّ الطريق سالكة أمام عمليات بدء الإستخراج والتنقيب في البلوك 2، مع تأكيد المعنيين بأن لا معوقات دولية أمام هذه العمليات، وأنّ ثمّة قرارا دوليا للسماح للبنان بالقيام بعمليات الإستخراج والتنقيب، وأن الأعمال ستستمرّ تِباعاً، وأنّه ليس من أي موانع أمام "توتال" بل هي تعمل بكلّ حرية وفق الخطّة الشاملة الموضوعة. لماً بأنّ بعض المراقبين ما زالوا يخشون من مدى قرب أو تلاصق حقلي "كاريش" و"قانا" في المنطقة البحرية، ومن عدم استفادة لبنان من ثروته الغازية قبل 4 أو 5 سنوات على أقلّ تقدير، في الوقت الذي تسبقنا فيه اسرائيل بمراحل في هذا المجال. ولا أحد يعلم إذا ما كان الغاز قد ينفد خلال هذه الفترة الفاصلة، فإذا كان الإسرائيلي يقوم بعمليات شفط الغاز بضغط عالي جدّاً، لا يُمكننا معرفة من أين يحصل عليه، أمن حقل "كاريش" أم من حقل "قانا"؟ ولهذا عندما يحين موعد سحب الغاز من قبل كونسورتيوم الشركات من " البلوك 9 " لا ندري إذا ما كانت كميات الغاز قد أصبحت ضئيلة خلافاً لما هو متوقّع. من هنا ضرورة وجود مؤسسات فعلية تعمل على مواكبة ومراقبة ما يحصل فعلياً في هذا القطاع، لا سيما من العدو الإسرائيلي عند الحدود اللبنانية البحرية.