تفاصيل الخبر

الإتفاق السعودي ـ الحوثي.. هل بدات الحرب السياسية؟

19/04/2023
الإتفاق السعودي ـ الحوثي.. هل بدات الحرب السياسية؟

هل انتهت الحرب في اليمن؟

 

بقلم علي الحسيني

 

بدأ الإتفاق الإيراني ـ السعودي، ينعكس إيجاباً في أحد اهمّ الجوانب فيه والمتعلّق بحرب اليمن والتي بدأت تضع منذ فترة أوزارها على إيقاع التهدئة التي كانت حصلت مع بدء المشاورات الثنائية واللقاءات السريّة بالتنسيق مع رئيس الوزراء العراقي السابق مُصطفى الكاظمي. والأبرز في تهدئة الساحة اليمنية، عملية تبادل الأسرى التي إنطلقت بين المملكة العربية السعودية والحوثيين والتي تشمل إلى جانب أسرى من جماعة الحوثيين، أسرى حلفاء الحكومة  من سعوديين وسودانيين وغيرهم بالإضافة إلى وزير الدفاع السابق اللواء محمود الصبيحي واللواء ناصر منصور هادي، شقيق الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي.

تطوّر على الساحة اليمينة

المؤكّد، أن تطورات كثيرة وهامّة سُجّلت على الساحة اليمنية في شكل متسارع منذ توقيع الاتفاق السعودي – الايراني في بكين بحيث أجرى وفد سعودي برئاسة السفير محمد آل جابر محادثات في العاصمة اليمنية صنعاء مع رئيس المكتب السياسي لجماعة أنصار الله الحوثيين مهدي محمد المشاط، تناولت سبل إحلال السلام في اليمن والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بشكل دائم الأمر الذي يؤكّد أن طبخة التسوية السياسية للنزاع الذي مزّق البلاد منذ سنوات، وُضعت على نار حامية لا بل إنطلقت واللقاء السعودي – الحوثي المباشر بوساطة عمانية، يُعتبر من ابرز المؤشرات التي تدل على تقّدم قطار الحل.

وبحسب مصادر سياسية معنية بملف الأزمة في اليمن، فقد وافق أعضاء مجلس الرئاسة اليمني على تصور سعودي بشأن حل الأزمة اليمنية، بعد مباحثات سعودية حوثية برعاية عُمانية استمرت شهرين في مسقط. ويقوم التصور السعودي على الموافقة على هدنة لمدة 6 أشهر في مرحلة أولى لبناء الثقة، ثم فترة تفاوض لمدة 3 أشهر حول إدارة المرحلة الانتقالية التي ستستمر سنتين، يتم خلالها التفاوض على الحل النهائي بين كل الأطراف. كما ستتركّز المحادثات على معاودة فتح الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون ومطار صنعاء بشكل كامل، ودفع رواتب الموظفين العموميين وجهود إعادة البناء، وإطار زمني لخروج القوات الأجنبية من البلاد.

ويُذكر أن رئيس مجلس إدارة وكالة الأنباء اليمنية "سبأ" المؤيدة لحركة أنصار الله الحوثية  نصر الدين عامر، قد اعتبر أن المفاوضات الأخيرة التي دارت بين جماعة الحوثي والسعودية، لم ترتكز على هذا التصور السعودي أبداً، فقد كان الملف الإنساني على رأس كل الملفات الأخرى، وأحرزنا تقدما ملموساً به يرضى جميع الأطراف، مؤكداً أننا سنشهد في القريب العاجل مفاوضات جديدة مع الطرف السعودي، ما يعني إمكانية تجديد الهدنة والتفاهم على مرحلة ما بعد الهدنة، التي ستمهد للسلام الشامل وإنهاء الحرب.

 الصليب الأحمر ينقل اسرى حوثيين

الكلام عن السلطة يغيب وإيران المُستفيد الأكبر!

تُشير مصادر يمنية إلى أن ما كُشف من بنود حول التسوية في اليمن حالياً، يكاد ينحصر بما هو تقني، في حين يغيب الكلام عن طبيعة السلطة ومكوناتها وآليات المشاركة فيها. فاليوم يجري الحديث عن تجديد الهدنة وتثبيت وقف إطلاق النار لستة أشهر أو أكثر، مع توسيعها إنسانياً بما يكفل رفع القيود عن المطارات والموانئ، وصرف الرواتب وعودة تصدير النفط، واستمرار تبادل الأسرى. وهذه الإجراءات الإيجابية، لاسيما من الناحية الإنسانية، غالبا ما تأتي كمرحلة ثانية في الاتفاقات، بعد توافقات حول السلطة، لكنها، تحضر هذه المرة كأولوية، على الرغم من أن وضعا مثل اليمن، يتطلب نقاشا حول نظام يخفف من التناقضات، ويتيح تمثيلا سياسيا للمتحاربين، الذين يتقاسمون البلاد حاليا، انطلاقا من قانون الحرب، وبمعزل عن السياسة.

وتشير المصادر إلى أن جماعة الحوثي التي تحكم قبضتها على العاصمة، حيث مؤسسات الدولة، تسيطر على حوالي 25 في المئة من أراضي اليمن، ويعيش تحت سلطتها 15 مليون نسمة. في المقابل تسيطر الحكومة على 60 في المئة من المساحة الجغرافية للبلاد، بمعدل سكاني يقارب الـ12 مليون نسمة. أما ما تبقى أي 15 في المئة، فيخضع لسلطة المجلس الانتقالي الجنوبي، حيث يعيش 3 ملايين نسمة.

وتُضيف: إن إيران غالبا ما تستغل، في الدول التي تخلق نفوذا فيها، بساطة الطروحات حول شكل الحكم وتمثيل الجماعات سياسيا، فتوسع حضورها عبر جماعة لديه سردية مظلومية ويتطور وعيها سلبا نحو السيطرة على الدولة بالقوة والعنف، هذا ما حصل مع الحوثيين في اليمن، ومع "حزب الله" في لبنان. السعي لسدّ هذه الثغرة، إذا أخذ في الاعتبار لدى الحديث عن التسويات، قد يساعد على إضعاف إيران، عبر إعادة الجماعات التي تعتمدها كروافع لنفوذها إلى أحجامها الطبيعية. وهذا يتطلب، طرح الجماعات الأخرى رؤيتها لبلد يراعي الحساسيات المختلفة الجهوية والقبلية والطائفية، والتوصل بعد نقاش، لصيغة مقبولة للجميع.

 اسرى حوثيون لدى القوات الجنوبية

 

جدل عبر مواقع التواصل!

وفيما  كانت المُناقشات جارية بين الطرفين السعودي والحوثي، أعرب نشطاء سياسيون يمنيون عن غضبهم مع انتشار أخبار طلب السعودية بأن تكون وسيطاً حيث اتهموا السعودية بالاعتداء علي بلادهم منذ بدء عاصفة الحزم في عام 2015 وتنفيذ آلاف الغارات عليها. كما وألقى ناشطون يمنيون بأصابع الاتهام على السعودية عن مسؤوليتها في الدمار الذي حل على اليمن.

من جهة أخرى، أكد سعوديون أن الرياض تدخلت بطلب من الحكومة الشرعية اليمنية ودعماً لها ومن الطبيعي أن تكون وسيطاً في المحادثات الحالية وبانها تريد الخير لليمنيين وتمد يدها بالسلام والخير إذا ما أرادوا ذلك. كما حذرون سعوديون من خطر الحوثيين، ورأوا أن الاتفاق قد يوقف خطرهم مؤقتاً فقط وليس بشكل دائم.

والمعروف، أنه في آذار(مارس)2015، أطلق تحالف عسكري من تسع دول عربية، شكلته المملكة العربية السعودية، وأسمته بـ"التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن   عملية جوية واسعة ضد أهداف متعددة للحوثيين في العاصمة صنعاء، ومحافظات أخرى تخضع لسيطرة الجماعة. وأوضح التحالف يومها، أن تدخله جاء بناء على طلب من الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، لاستعادة الشرعية في اليمن، عقب سيطرة جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء، ومعظم محافظات الشمال اليمني والزحف نحو المحافظات الجنوبية.

وبحسب الأمم المتحدة، فقد أودت الحرب في اليمن حتى أواخر عام 20121 بحياة 377 ألف شخص، كما ألحقت خسائر بالاقتصاد اليمني تقدر بـ126 مليار دولار وبات 80% من الشعب اليمني بحاجة إلى مساعدات إنسانية.