لا جديد رئاسيا خلال شهر نيسان (ابريل) الجاري، ولا في شهر ايار ( مايو) المقبل، واذا كان هناك من جديد فالارجح ان يظهر في شهر حزيران ( يونيو) بعدما تكون " استوت" كل الاتصالات المحلية والاقليمية والدولية ووصلت الى خيار محدد، اما رئيس جديد سيكون رئيس ادارة الازمة في انتظار الحلول الاقليمية في دول المنطقة التي تشهد مواجهات عسكرية، واما لا رئيس لان فصل الصيف سيكون فصل العطل والمزيد من الاتصالات الى ان يحل الخريف علّ يحمل معه تباشير رئاسية. هذا التوصيف هو لمسؤول سابق رفيع عايش الاستحقاقات الوطنية كلها وابرزها الاستحقاقات الرئاسية وهو، من موقع المراقب غير المعني مباشرة بالاستحقاق الرئاسي يورد ملاحظاته هذه بكثير من الالم لانه يعتبر ان الايام تمر ولبنان الغارق في ازمة اقتصادية خانقة وغير مسبوقة يقترب خلالها من الانهيار التدريجي، في وقت لا تلتقي قياداته السياسية على موقف موحد لانتخاب رئيس جديد للجمهورية يدخل، ولو جزئيا، روحا متجددة الى البلاد ويوقف " بوسطة" الانهيار قبل ان يحصل الارتطام الكبير.
ولعل ما يجعل تعطيل انتخاب رئيس الجهورية واقعا قائما هو استمرار القيادات اللبنانية على موقفها، فالمعارضة مستمرة، في الجزء الاكبر منها على الاقل، في دعم ترشيح النائب ميشال معوض الذي حصل في الجلسة الانتخابية الاخيرة على 37 صوتا، وذلك على رغم قناعة الجميع بان فرص وصوله الى الرئاسة اصبحت معدومة. وفيما لوحظ خروج رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عن هذا التوجه عبر طرح مبادرة تتضمن عددا من الاسماء تم تجميد هذه المبادرة، تصر الكتل النيابية الاخرى على البقاء خلف ترشيح معوض في مواجهة " الثنائي الشيعي" وحلفائه الذين يتمسكون برئيس تيار " المردة" سليمان فرنجية، وذلك خوفا من خسارة المعركة في ظل عجز قوى المعارضة عن الاتفاق على مرشح بديل على رغم كل الجهود التي تبذل في هذا الاطار والتي شهدت في المرحلة الاخيرة بعض التراجع. صحيح ان النائب معوض لم يعلن رسميا انسحابه من المعركة، لكنه وضع هذا الانسحاب في تصرف داعميه اذا ما وجدوا ان هذا الانسحاب يسهل عملية الانتخاب ويمكنهم من الاتفاق على مرشح آخر له حظوظ اكبر في الفوز. ويؤكد نائب حليف لمعوض ان الاخير كان يتجه لاعلان انسحابه رسميا، لكن بعض القوى السياسية الداعمة له تمنت عليه عدم القيام بهذه الخطوة قبل الاتفاق على مرشح بديل ما من شأنه ان يظهر وكأنه خسارة للمعركة، مشيرا الى ان معوض نفسه كان اعلن ان المعركة الانتخابية ليست شخصية بل سياسية وانه سوف يدعم اي مرشح يلبي مطالب المعارضة ويتم الاتفاق عليه. وفي قناعة هذا النائب الحليف لمعوض، بان جهود المعارضة التي تراجعت خلال الاسابيع الاخيرة، ستعود لتنشط بعد الاعياد للبحث والاتفاق على مرشح بديل يحصل على 65 صوتا في الانتخابات وليس واردا الانتقال من معوض الى ..... لا احد!
انسحاب معوض في مقابل انسحاب فرنجية
في المقابل، يلتقي حزبا "القوات اللبنانية" و"الكتائب اللبنانية" على التمسك بالمواصفات التي يتمتع بها معوض لتكون أساساً لاختيار أي مرشّح بديل وبالتالي التراجع عن دعم معوض، لا سيما في ظل رفض الفريق الآخر البحث بأي اسم بديل عن فرنجية. ومع تأكيد "القوات" التمسك بترشيح معوض، يبدو أن قرار تراجع المعارضة عن هذا الترشيح رهن بالتوصّل إلى خيار ثالث، إضافة إلى ما سيكون عليه سلوك الطرف الآخر لجهة دعم فرنجية. وفي هذا الإطار، يقول مصدر كتائبتي بان الحزب ليس متمسكا بترشيح معوض الذي كان واضحاً بعدم تمسكه بهذا الترشح، "بقدر ما نحن متمسكون بالمواصفات التي يفترض أن يتمتّع بها الرئيس وأبرزها أن يكون سيادياً ويعمل على الإصلاحات، ويكون قادراً على إدارة الملفات الاقتصادية". ويضيف: "لم يكن ترشيح معوض هو المشكلة، خاصة أنه منفتح على البحث بكل الخيارات، كذلك هناك شخصيات عدة تنطبق عليها هذه المواصفات لكن ترشيحها لن يغيّر من الواقع شيئاً في ظل رفض الطرف الآخر البحث في بديل، والدليل رفضه أسماء المرشحين الذين طرحهم الحزب الاشتراكي". ويعتبر المصدر الكتائبي أن الأهم يبقى توحّد المعارضة والاتفاق في ما بينها للوصول إلى رؤية موحدة لمقاربة الاستحقاق الرئاسي، مع إقراره بأن المهمة ليست سهلة نتيجة اختلاف التوجهات، لكنه يقول: "اتفاق المعارضة على أمور عدة أبرزها رفض التشريع في ظل الفراغ الرئاسي من شأنه أن يؤسس لتفاهم أكبر حيال الاستحقاق".ولا تختلف مقاربة "القوات" لترشيح فرنجية عن "الكتائب"، لجهة التمسك بمعوض لانه يجسد مواصفات المرحلة المقبلة التي يحتاج خلالها لبنان لرئيس يضعه على سكة الإصلاح والتغيير المطلوبين، لأن المرحلة الاستثنائية تتطلب هذه المواصفات لرئيس لا يخضع للأمر الواقع ويطبق الميثاق والدستور، ويحافظ على وثيقة الوفاق الوطني بروحيتها وحرفيتها». ويقول احد نواب " القوات" انه "إذا كانت هناك إرادة للوصول إلى تسوية، لدينا شروط في طليعتها أن يكون المرشح نموذجاً عن معوض، واضحاً بخلفيته السيادية والإصلاحية لبناء دولة"، ويؤكد: "من يتحدى ليس من يتمسك بمعوض إنما من يريد فرض وقائع مخالفة للمرحلة المقبلة التي تتطلب الإنقاذ، إذ إن المشكلة ليست بمجرد طرح أسماء ما دام أن الفريق الآخر لا يزال يتمسك بمرشحه، بحيث يظهر وكأن المعارضة تبحث عن أسماء لحرقها». وعن سبب عدم السير بمبادرة «الاشتراكي» يقول هذا النائب: «الاشتراكي يحاول القول إنه يجب الذهاب بمرشح جديد لكنه أيضاً اصطدم بمحور الممانعة المتمسك بشروط لم تتناسب يوماً مع طبيعة لبنان، فكيف اليوم بعدما أثبتت أنها غير قادرة على إدارة الدولة وهي التي أوصلت لبنان إلى الانهيار".
وتلتقي الاحزاب المسيحية على رفض اتهامها بتعطيل الانتخابات الرئاسية ذلك ان " التيار الوطني الحر" يرى ان لا ناقة له ولا جمل في التعطيل الذي تتحمله تكتلات نيابية متمسكة بترشيح النائب معوض، فيما تكتلات " الثنائي الشيعي" متمسكة بترشيح فرنجية وتعمل على تأمين 65 صوتا له علما ان هناك استحالة لتأمين هذه الاصوات، لذلك دعا " التيار" الى التفتيش عن اسم ثالث في اطار نقاش وطني للتوافق على اسم يحظى بمواصفات تتمثل بلم الشمل ويكون مسيسا ومنفتحا وقادرا على اخراج البلد من الوضع الذي يمر فيه، ويقول مصدر في " التيار" ان الاحزاب المسيحية ولاسيما " التيار" لا تعطل الاستحقاق اما من يعطله فهو الذي يتشبث بمرشحه لتأمين مصالحه الشخصية واهدافه السياسية على حساب مصلحة الوطن. ويلتقي مصدر من " حزب الوطنيين الاحرار" مع " التيار" بان الاحزاب المسيحية ليست وراء التعطيل اذ ان غالبية نواب هذه الاحزاب ( ما عدا " التيار" و" المردة") انتخب نوابها زميلهم النائب معوض" لكننا لن نقبل ان يفرض علينا " الثنائي الشيعي" المرشح سليمان فرنجية لانه سيكون تكرار لمرحلة الرئيس مشال عون". ويضيف المصدر لا نريد شخصا آخر من فريق " الممانعة" في قصر بعبدا، وتفرض علينا اسماء هجينة لن نقبل بها، وذلك لا يعني اننا نعطل ما دمنا نسير وفق اللعبة الديموقراطية من خلال دعمنا لمرشحنا، والمشاركة في جلسات الانتخاب"، عازيا التعطيل الى ان فريق الممانعة يريد الاستفادة من الوقت الضائع اقليميا بعد الاتفاق الايراني- السعودي، " ليقوم بما يحلو له من تعطيل او تمرير مرشحه فرنجية لايصاله الى قصر بعبدا ولكننا لن نقبل بهذا المعطى مهما كان الثمن، لان هذا الفريق يدرك سلفا ما ينتظره من عقوبات دولية". اما " القوات اللبنانية" فترفض القول ان الاحزاب المسيحية تعطل الاستحقاق الرئاسي، او هذه العبارة، " لاننا معارضة وطنية وليست مسيحية، ونعمل للبلد وسيادته ووحدته، ولم يسبق لحزب " القوات" ان عطل اي استحقاق دستوري، فمن يعطل هو " حزب الله" ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، وكذلك التيار الوطني الحر بدليل ما فعلوه في كل جلسات الانتخاب التي كان قد حددها رئيس المجلس بحيث ينسحبون عند كل دورة انتخابية ثانية، بينما كنا مع الحلفاء والاصدقاء نؤدي دورنا على اكمل وجه، وفي الاطار نفسه يقول حزب الكتائب انه يمارس اللعبة الديمقراطية والدستورية ولا تعطل الاستحقاق الرئاسي الذي يتحمله الرئيس بري وحزب الله و" التيار الوطني الحر".