وضع ملف مصرف لبنان على نار حامية مع اقتراب موعد انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في 31 الحالي، وضاقت الخيارات امام المعنيين ، حيث لم هناك مجال سوى ان يتم تعيين حاكم جديد طالما ان التمديد لسلامة غير وارد بسبب رفض غالبية القوى لهذا الخيار ولخضوعه لتحقيقات بالفساد والاثراء غير المشروع امام المحاكم اللبنانية والدولية ، لكن هذا الخيار يواجه برفض القوى المسيحية التي ترفض التعيين في غياب رئيس الجمهورية ، خاصة وان التعيين يتطلب أكثرية الثلثين في مجلس الوزراء ،وهذا غير متوفر طالما ان وزراء التيار" الوطني الحر" يقاطعون ومعهم الوزير عصام شرف الدين وان وزيري " المردة" زياد المكاري وجوني القرم سيقاطعان الجلسة التي تقررت يوم الخميس الماضي لهذا الغرض، ليبقى الخيار الأوحد وهو ان يتم الالتزام بقانون النقد والتسليف الذي ينص في مادته الـ 25 عن أنه" في حالة الشغور في الحاكمية تؤول المهام الى نائب الحاكم الأول إلى حين تعيين الحاكم البديل" ، لكن هذا الخيار بدوره اصطدم بجملة عوامل مانعة منها رفض نائب الحاكم الأول وسيم منصوري تسلم المنصب لسببين : الأول انه سمع كلاماً خلال زيارته الولايات المتحدة لم يستسغه لاسيما عندما سئل عمات سيفعله اذا تعرض الرئيس نبيه بري على سبيل المثال او أي متمولين شيعة لتحقيقات مالية ولاتهامات لها صلة بالمصرف المركزي وبتهريب الاوال الى الخارج وما شابه ، وأصيب بـ"نقزة" جعلته يرفض كلياً ان تؤول صلاحيات الحاكم اليه ، والثاني انه طلب ورفاقه الاخرين بشير يقظان، سليم شاهين وألكسندر مردايان ، توفير الغطاء القانوني الذي يسمح لهم بإقراض الحكومة من مصرف لبنان في سبيل التمكن من الإنفاق الحكومي الضروري والملحّ (رواتب، ادوية…) كما والتدخل في سوق القطع لاستقرار سعر الصرف، بعدما سبق ان وضعوا خطة نقدية ومالية متكاملة واشترطوا تنفيذها تحت طائلة تقديم استقالاتهم ، حيث ان هذه الخطة لا يمكن تطبيقها قبل 1/8/2023 ما يستدعي وضع خطة طوارئ للحفاظ على الاستقرار النقدي وتأمين صرف الرواتب وفقاً لسعر" صيرفة"، ولذلك التقى رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي يوم الاثنين الماضي بحضور نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي ووزير المالية يوسف خليل، مع نواب الحاكم الأربعة ، لثنيهم عن الاستقالة، مطمئناً إياهم بأن الحكومة ستطلب من مجلس النواب إصدار التشريعات والقوانين التي يطلبون.
كما عاد ميقاتي واجتمع معهم يوم الأربعاء الماضي للغرض ذاته ، واعلن بعدها الوزير الخليل ان الجو يميل حتى الآن الى عدم الاستقالة.
وتحسباً لأي طارئ اعلن المكتب الاعلامي لوزارة العدل في بيان يوم الأربعاء الماضي ، ان الوزارة" تتحضر للتقدم بطلب تسمية مدير موقت لدى قضاء العجلة الإداري أمام مجلس شورى الدولة، وذلك في ضوء ما يمكن ان يستجد من تطورات خلال اليومين المقبلين، وتفادياً لأي فراغ يصيب مركز حاكمية مصرف لبنان ،وتأميناً لسير المرفق المالي والنقدي".
وعقد مجلس الوزراء جلسة يوم الخميس الماضي بعدما وجّه الرئيس ميقاتي دعوة إلى الوزراء لعقد هذه الجلسة لدرس الوضعين المالي والاقتصادي ولمناقشة كل الخيارات المتعلقة بهذا الملف ومن ضمنها وضع الحاكمية بعد سلامة والفرص المتاحة لتعيين حاكم جديد بعدما سبق ان دعا الرئيس نبيه بري صراحة الى تعيين حاكم جديد، وقال في حديث لقناة "الحرة"، أنه اتفق والرئيس ميقاتي، على عقد جلسة لمجلس الوزراء لتعيين حاكم جديد لمصرف لبنان.
ورد بري على من يقول إن تعيين حاكم ليس من صلاحيات حكومة تصريف الأعمال فتساءل: "هل نحن في ضرورة أكثر من التي نعيشها؟ إذا لم يكن هذا تصريف أعمال فماذا يكون؟". وشدد على أن "الضرورات تبيح المحظورات".
وعن صعوبة عقد جلسة لمجلس الوزراء في ظل مقاطعة التيار" الوطني الحر" لجلسات حكومة تصريف الأعمال، قال بري: "من الصعب عقد هكذا جلسة، لأنه لا بد من مشاركة التيار" الوطني الحر"، ولكن هذا هو الحل الوحيد".
ونفى بري نفيا قاطعا أن يكون قد طرح سابقا التمديد لسلامة ، وشدد على أن "لا مشكلة بينه وبين النائب الأول للحاكم وسيم منصوري"، مشيرا الى أنه "حاول تأمين قوانين خاصة لنواب الحاكم الأربعة تجيز لهم متابعة عملهم بعد شغور الحاكمية".
كما اكد فارس الجميل المستشار الإعلامي للرئيس ميقاتي انه لا صحة لأي كلام عن طرح التمديد لسلامة خلال الجلسة، وان موقف ميقاتي كان واضحاً بدعوة الوزراء إلى النقاش بشأن مسألة تعيين حاكم لمصرف لبنان ولا قرار مُسبق بذلك، مشيراً الى أن ميقاتي لا يرغب بإستفزاز أي مكوّن في هذا البلد ويعمل على تسيير شؤون الدولة عبر الحكومة في ظلّ الفراغ الرئاسي الذي يتحمل مسؤوليته مجلس النواب، كاشفاً أنه في حال عدم الوصول الى حل يوم غد أو عدم تأمين النصاب فإن ميقاتي سيدعو الى جلسة أخرى يوم الاثنين المقبل وليتحمّل كل طرف مسؤوليته .
كما ان سلامة قد أشار بنفسه في حديث تلفزيوني مساء الأربعاء الماضي انه "منذ سنة أعلن أن هذه آخر ولاية لي في مصرف لبنان، وبعد أيام سأطوي صفحة من حياتي، وخلال 27 سنة ساهم مصرف لبنان بإرساء الاستقرار والنمو الاقتصادي وتخفيف الفوائد"،
وعلى أي حال فقد طرحت في البازار أسماء لاختيار احدها حاكماً بدءاً من كريم سعيد ، وسمير عساف ، والوزير السابق كميل بو سليمان والرئيس السابق لجمعية المصارف جوزيف طربيه، لكن كما تبدو كل المؤشرات فإن نواب الحاكم سيستمرون بتصريف الاعمال حتى لو استقالوا لأن الحكومة سترفض هذه الاستقالة وبالتالي سيتم تسيير المرفق من خلال تصريف الاعمال كما حال الحكومة الحالية التي تصرف الاعمال بما فيها صلاحيات الرئيس .